العدد 4600 - السبت 11 أبريل 2015م الموافق 21 جمادى الآخرة 1436هـ

احذروا الهاتف النقال على أبنائكم وبناتكم إنه الخطر الخفي

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

الأجهزة الحديثة الآي فون، آي پاد، آي پود على التوالي للاتصالات وللمشاهدة ولسماع الموسيقى، هذه جميعها أطلقت عليها ما يؤدي المعنى نفسه، ومعناها جميعاً باللغة العصرية الإنجليزية حرفياً هو (الأنا) أنا الأنانية في مردودها الشخصي. فكلمة (آي) تريد القول صراحةً ومن دون لفٍ أو دوران بأن هذه الأجهزة للاستعمال (الفردي الأنا هو الأهم) والتي توحي لمستخدميها أنها له وحده، والتي تشجع بانفراد الشخص بخصوصية مميزة في استعمالاتها من المحادثات المُنفردة بعيداً عن الأهل ولا يدرون عنهم صغاراً أو كباراً، وكيف لها أن تتعرف على سلوكيات هذا أو ذاك، وخاصة أن معظم العلاقات أصبحت هوائية وفي الغُرف الخاصة للچات عيني عينك، أو عن علاقة للزوجة عن زوجها أو من أغرم بمن، وأولئك الذين يدخلون الفراغ العاطفي ما بين الزوجين للتسلية بدايةً، ثم تبدأ رسائل التهديد للابتزاز المادي بعد أول استجابة، ثم تنقلب إلى الغَمّ والخراب والانفصال بين الزوجين، وكذلك للعلاقات الخطرة ما بين المراهقين في السنوات الحرجة أو الكذب في السن في العلاقات ما بين كبار السن والشابات للمراوغة للزواج، والتي تنتهي بالاعتداء الجنسي لهن في الشقق السرية باستغفال الأهل، وكم تسلمتُ من الرسائل (messages) على النقال مجهولة الهوية (تَعرض صداقة الفتيات والفتيان من مختلف الجنسيات والأعمار).

وخطورة الفضاء المفتوح والاختيار العشوائي والتي قد تكون الجريمة لأحد أطفالنا تُرسل إلى أرقام عشوائية علها تغمز الصنارة ما بين المتمللين بالفراغ والخواء الداخلي أو الوحدة لتجربة أي مغامرة في مجتمعاتنا المرفهة من المُدللين أو من العاطلين عن العمل أو المتقاعدين، وهُم كُثر، يقعون ضحيةً للشبكات العنقودية من عصابات الدعارة أو الإرهاب والابتزاز المادي والفضيحة التي توقع التائهين في المحظور).

كما تتسلل البرامج إلينا كالغول الجبار يكتسح أوقاتنا للتسلية والذي تسبب في انتشار الواتس آب والإنستغرام والفيس بوك والتويتر... الخ، والحبل على الجرار ولم يعد يتبقى من الوقت لدى الفرد كي يقول لأهله صباح الخير أو تصبحون على خير، والكل يَحتضن جهازه حتى ليلاً متوحداً وذهنه ما بين اللهو والچات مع الآخرين، سواء الخبثاء منهم أو الطيبون ممن لا ينفعون مجتمعاتهم ليرتقوا بمستواها، وكل همهم هو كيفية قتل الوقت إلى أشلاء والعيش العبثي وتزداد كلما كبروا، فهم يعيشون معنا لكنهم بعيدون بأفكارهم وتوجهاتهم الأشد خطراً، ومع انخفاض أسعار النقال التنافسية يتمكن الفرد بدينارين من الدخول إلى كل المواقع حتى المحظورة منها باشكالٍ من الحيِل والطُرق الملتوية (مصيبة العصر الكبرى) لنا جميعاً.

وهكذا نربي النشء من لحمنا ودمنا وهم يتأثرون بعادات من بلاد أخرى سقيمة لا تتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا فيبتعدون عن مجتمعاتهم أو بعلاقات غير سوية بسبب السموم النافذة. وأخيراً وإذ أعترف بالمهمة الصعبة التي نواجهها للمقاومة لكل هذا (bombadment) الغزو الخارجي المفتوح علناً وواجبنا للمُراقبة والحزم ومحاولة السيطرة بقدر الإمكان لما يدور حولنا بسبب انشغالنا أو بالإهمال غير المتعمد.

أما الحل الأمثل لهذه المصيبة الفضائية الحديثة، فيؤسفني القول إنه قد لا توجد هنالك حلول مثالية أو نهائية، سوى الرجاء من الله سبحانه تعالى بأن يُرشدنا إلى إقناع الأجيال بأن لا يستسلموا بالجلوس لهذه الأجهزة لساعاتٍ طوال، والانشغال بأشياءٍ على قيمة، لتنمية ملكاتنا ومهاراتنا اليدوية والعقلية والإبداعية عن السلاح الحضاري ذي الحدين، المُفيد والمدمر في آن واحد، وأن لا ييأس الآباء والأمهات من متابعة بيوتهم ووضع الضوابط والإشراف بقدر الإمكان، والأهم من كل هذا الحرص على أن يكونوا القدوة المثالية لأبنائهم، وكان الله في العون.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4600 - السبت 11 أبريل 2015م الموافق 21 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 10:21 ص

      احلى واعمق مقاله

      عزيزتنا دكتورة سهيله انا من خارج البحرين وتعجبني مقالاتك جداً فهي تماشي الواقع وتتمحور حول قضايانا الانسانيه ويبدوا انك بذكاؤك قد اكتشفت بأن السياسه وهم ومن يكتبون فيها معرقبون ومتعلقون بالقشه التي لا تُفيد لان القوى المسيطره اقوى من الجميع وهى التي تدمونا بافكارٍ قديمه وبالية شكراً الف مره لذكاؤك ونشاطك الانساني

    • زائر 4 | 1:55 ص

      مشكورة اختي

      لك جزيل الشكر.. يا ريت الكل يقرأ مقالك هذه الاجهزة غول.. سرطان..قليل عليها هذه الاسماء ...البيوت اختربت والقادم اعظم

    • زائر 3 | 1:34 ص

      هناك جانب خطير جدا

      في مايو 2011م صنفت منظمة الصحة العالمية الموجات اللاسلكية الراديوية والدقيقة ( wifi, 2G,3G,4G, wimax ,bluetooth, microwave ) بالأبراج والهواتف الذكية والأجهزة الرقمية اللوحية كمسبب لمرض السرطان لدى الأنسان بفئة 2B، والمعلوم أن كبار العلماء المستقلين يطالبون بتصنيفها كمسبب بفئة 2A.

    • زائر 5 زائر 3 | 9:37 ص

      تجربه مهمه

      عمل تجربه على تأثير الموجات اللاسلكية , وضع بعض حبوب النباتات في مكان يتعرض له الشمس وآخر يتعرض له فقط الموجات الراديو ( wifi, , bluetooth, microwave) اتضح ان لي تعرض اللموجات كان متشوه واما الي تعرض فقط الشمس كان طبيعي .

    • زائر 2 | 12:45 ص

      ام حسن

      كلام جميل ولكن أصبحت اللمات العائلية سلفي هنا وسلفي هناك ويوميات الناس باتت منتشره فى كل موقع وعلى مرئا ومسمع من الوالدين فظهرلنا اطفال لا تلهيهم اللعبه بل يصيح ويبكي ويعلوا صوته كل هذا حتى يفوز بنقال أحد أفراد الأسرة

    • زائر 1 | 11:30 م

      كلام مؤلم

      نعم ..رسالة صاحبة العمود تحتاج الي من يفهمها ويأخذ بحذرها الشديد علي مستقبل اجيالنا..لكن كيف نبدأ ذلك والعيب اصله فينا..نحن اولياء الأمور مدمنين ولاهين مع هذه الأجهزة..شكرا لصاحبة العمود علي رسالتها..

اقرأ ايضاً