العدد 4614 - السبت 25 أبريل 2015م الموافق 06 رجب 1436هـ

إلى متى سيبقى البوفيه والطعام الوسيلة المسيطرة لإحياء الحفلات المملة؟

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

كيف للأفكار المُحَفزة أن تُحيي السهرات عوضاً عن تناول الطعام كوسيلةٍ اجتماعية للترفيه؟ سأكتب اليوم عن الفرح والبهجة وطريقة تفاعل مجتمعاتنا المحلية مع تبادل السهرات الاجتماعية، والتي باتت مملة بسبب محدودية تفاعل الأفراد معها مقارنةً بتفاعلاتهم مع التواصلات الاجتماعية، فالملل أو عدم وجود حافز آخر لمن يحضرها، غير تناول الطعام، والتخمة والسمنة التي تأتينا من مثل هذه الدعوات، والموائد مع الأحاديث المملة والمتكررة، ولماذا بدأ تعلق الإنسان يزداد مع التواصلات الاجتماعية وارتباطها بمدى الحرية التي تضيفها إليه من الواتس آب والفيس بوك والتويتر... الخ. وربما هي التي باتت تحجب البعض وتفضيل الوحدة على الاختلاط مع الآخرين في السهرات والتي لا يضطر معها إلى رؤية الأكل والمجاملات المزيفة.

وسؤالي: هل كنتم تواعدون أنفسكم بقضاء أمسية ممتعة وفرح من خلال دعوتكم إلى سهرة اجتماعية، وأنكم مستعدون للعطاء ولديكم الكثير من الكلام الذي تودون تبادله مع الآخرين، وأصبتم بخيبة الأمل، لتجدوا أنفسكم في موقع لا تُحسَدون عليه من الملل والضجر بعد المائدة الفخمة والمليئة بكل أنواع الطعام الدسم والمخيف للصحة. وبعدها لا تعرفون كيف ستمضون تلك السويعات المتبقية من السهرة وتشعرون ذلك في عيون وتصرفات البعض وبخيبة الأمل نفسها، إما بسبب سيطرة بعض المواضيع التافهة والتي قد تكون دينية أو اجتماعية تافهة أو السياسية في أيامنا، والتي تُثير الأسى، والذي يأخذنا فيه الحوار إلى طريقٍ مسدود ومخيف بسبب أوضاعنا المُتردية والصعبة، أو بسبب التجمع النسائي في بعض السهرات للتحدث في الشئون المنزلية البحتة ومشاكل العمالة المنزلية والأطفال والمضجر أيضاً.

وأود أن أضيف ملاحظة قد تهم الكثيرين وهي الاستعداد الداخلي للإنسان المُضيف أو المُستضاف أثناء الحفلة أو المناسبات ومدى الجهد الذي يبذل في العطاء للآخرين لإرضاء الأذواق والأفكار المختلفة ودوره الهام في إحياء وإنجاح أي حفل، ليس الأكل وحده، بل يجب تحريك المواضيع الحياتية مع إشراك الآخرين للتجانس للأجواء من إضافة الموسيقى المُبهجة أو الأغاني والرقص المنوع الكلاسيكي، أو بإلقاء الطرائف والنكات مع الألعاب الجماعية الخفيفة أو بطرح الأفكار المميزة الحياتية، ما تروح هذه عن النفس المكتئبة لشد الانتباه وتضفي البهجة والحميمية كما يحدث في الكثير من بلاد العالم والإقلال من المأكولات قدر الإمكان كي لا نساهم في زيادة السمنة والأمراض في مجتمعاتنا.

ولكن ما أراه غالباً في العديد من السهرات المحلية، سواء من الجنس الواحد أو المختلطة بعد وصول بعض المدعوين تراهم يتحركون بسلبية واضحة وعدم بذل أي جُهدِ حتى للمجاملة في السهرة، بل ويتوقعون بأن تنزل معجزة من السماء لترفه عنهم وتزيل همومهم، وقد يغادرون حالاً بعد تناول الطعام. ويبدأ هؤلاء في التفتيش عن وسيلة للهرب من مأزق عدم الانسجام والغربة (على رغم تواجدهم مع الأهل والأصدقاء) وبسحب التلفون واللعب بهدوء، لتغيير المزاج الذي أصبح تائهاً (ومش تمام) في مُحاولة للعيش في الخيال وإدخال عناصر من الشبكة بالحوار ويأخذ راحته في الحرية لاحتمال تلك السويعات إلى وقت تناول العشاء، متناسين أنهم أحد عناصرالملل في المكان ببعدهم وأنانيتهم بالطرح، وعدم وضع الجهد للاهتمام برغبات الآخرين.

أليس من الضروري أن يساهم الجميع في خلق الأجواء للفرح والانبساط؟ وما هي الوسيلة لإرضاء ذلك الضجيج الداخلي والهروب لنمتع أنفسنا وقضاء أوقات أجمل في هذه المجتمعات الخائفة والمتوجسة من التغيير من التفاعل مع الآخر، والتي مازالت تعيش على وسيلة الإغداق والغرق في تناول الطعام كوسيلةٍ مجردة للسهرات والتسلية. كان الله كفيلنا للتفاهم مع عقولنا أكثر من بطوننا وأن نتخلص من محنة الغرق على موائد الطعام، إلى متى سيبقى الغذاء المحور الرئيسي في كل أنشطتنا.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4614 - السبت 25 أبريل 2015م الموافق 06 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 6:05 م

      الاجواء الاصطناعيه للترفيه متأخرة جداً

      تشكرين دكتورة تعليق لمقالٍ رائع وتحليل في صميم المجتمعات الاتكالية والكسولة

    • زائر 12 | 5:53 م

      الاجواء الاصطناعيه للترفيه متأخرة جداً

      تشكرين دكتورة تعليق لمقالٍ رائع وتحليل في صميم المجتمعات الاتكالية والكسولة

    • زائر 11 | 5:50 م

      الاكل اولاً واخيراً

      اعجبني جداً التعليق التاسع نعم الضيوف لايهمهم كثيراً المضيف بقدر مايهمهم الاكل ومين يشوفون وحتى الاحاديث عفويه ولااحد يحاول يجيب موضوع مهم او تغيير نمطية مايدور والكل يتملص من المسؤليه عالم اناني وغريب الشكل ولايحسن التصرف في المناسبات الاجتماعيه فهى لم تتغير منذ قروون اكل وباىباى مع الاسف مما يتسبب في توقف المحتمع عن التقدم والتطور اجتماعياً وثقافياً وحتى المجاملة اصطناعيه

    • زائر 9 | 7:59 ص

      الواقع المر

      مرة و للجزم بالواقع قررت اجراء اختبار. دخلوا الضيوف واحدا بعد الاخر يحيون و يسألون عن الحال دون انتظار الرد. عندما اكتملوا دون ان أحدثهم و تجالسهم خرجت من البيت. عدت بعد ساعة و نصف متصورا بأنهم غاضبون من غيابي و تركهم. لم اجد احدا منهم. أكلوا و شبعوا و تَرَكُوا. تصورت لربما يتصلون بعد المغادرة معاتبين لتركهم. العجيب لم يدرك احد غيابي أبدا. لم يكن وجودي مهما. بل كان حضور السفرة اهم من اي شيئ اخر.

    • زائر 6 | 4:02 ص

      قد وقد

      قد تكون شبكات التواصل الإجتماعي ربطت بين من كان يبحث عن الترابط في الواقع ليجدضالته في الفضاء الإلكتروني الرحب ..بينما يصعب عليه ايجاد نفس الشخصيات بالواقع ..
      غير ان الواقع فعلا مزري ويحتاج لدراسه اسبابه للتغيير.

    • زائر 5 | 3:40 ص

      الواقع المر

      تصورت لو كنا اعمل جارسونا في مطعم لكانوا تحدثوا معي اكثر. مع ذلك فاني متاكد بأنهم و حين وفاتي سيحضرون دون دعوة و يقدمون ما يسمونه " الواجب". ثقافة الموت مسيطرة علي اللاوعي الاجتماعي. ليس
      لديهم واجب اتجاه الأحياء. عندما يسألوني لماذا لا تاكل ؟ أرد: زرتكم لأتكلم معكم و تكلموني. اشتكي لكم و تشتكوا لي. اسمع منكم خبر و أسمعكم مثله. احكي لكم نكتة و اتمتع بضحكتكم و اضحك لنكتتكم. يستغربون و يتصوروني مخلوقا غريبا.

    • زائر 4 | 3:34 ص

      الواقع المر

      منذ أعوام و انا غير قادر علي تناول لقمة واحدة او شرب كاس ماء عند ما ادعوا الي مساكن الأقرباء و الأصدقاء. السبب هو ما لاقيت من أعز الناس عندي. لا اراهم الا اذا دعوتهم للغذاء او العشاء. اجهز نفسي لقضاء ممتع معهم. يحضرون. يسلمون. يسألون عن حالي. قبل ان أرد يدخلون و يجلسون ينتظرون وصول الطعام. ياكلون و بسرعة يغادرون و هم يقولون: أكرمك الله.
      لا يتبادلون معي اي كلام. جميعهم من المترفين. لكن البطن و ملأها اكبر مهمة في حياتهم.

    • زائر 3 | 2:55 ص

      موضوع جيد

      الله يعطيك العافية

    • زائر 2 | 2:25 ص

      شعوب اتكاليه

      شكراً لهذا الكلام المميز نعم الكل يريد ان يتدلل على حساب الآخرين ونرى بان السهرات في معظم الاحيان تبدأ وتنتهي بالتُخمه وانواع الاكل ومن وين اشتريت هاي ومن وين اشتريت هذاك الصنف او مواضيع سياسيه بارده واذا جاءت حركه للرقص او الغناء للتسلية يستحي الكثيرون ولايتقدم احد لعمل اي تدخل ايجابي للفرح او لتغير نمطية الحياة مجتمع اتكالي وكسول ولايعرف كيف يفرح نفسه

    • زائر 1 | 1:00 ص

      التلفونات الذكية مملؤة باكثر مما ذكرت وزيادة ومو قاصرين لكن الزمن مقصر اي اهل الزمن

      مع إشراك الآخرين للتجانس للأجواء من إضافة الموسيقى المُبهجة أو الأغاني والرقص المنوع الكلاسيكي، أو بإلقاء الطرائف والنكات مع الألعاب الجماعية الخفيفة ،
      ويريد الناس كرامة وحقوق وحرية وكسرة خبز . وبذلك سترين الحركة والابداع والحيوية الدايمة وسترين انقلاب وتغيير تام ومدهش لا يصدق في حياة الناس كما الحيوية في الشعوب الاخرى ، وستبدي لك الايام اذا ما تغير الزمن ؟!

اقرأ ايضاً