العدد 4614 - السبت 25 أبريل 2015م الموافق 06 رجب 1436هـ

معاناة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ألمحت الجهات الحقوقية الأهلية إلى أنها ستركز على طرح قضية السجناء في سجن جو المركزي في جلسات المراجعة الحقوقية المقبلة لملف حقوق البحرين في جنيف.

مجمع جو الواقع جنوب البحرين، يضم عدة سجون وعنابر، وربما يتسع لأكبر عدد من السجناء. وقد كان مسرحاً لحوادث مؤسفة بين السجناء وقوات الأمن، ومصدراً دائماً لشكاوى السجناء والأهالي على الدوام، من سوء المعاملة وإجراءات التضييق عليهم. ومن المفترض أن المعتقل بعدما يصدر ضده حكمٌ يتحوّل إلى سجين، وتنحو حياته باتجاه نمطٍ من الرتابة والاستقرار، وهو استقرارٌ يعتمد كثيراً على السياسات المتبعة وطريقة معاملة السجناء.

معاناة السجناء والأهالي وشكاواهم، كثيراً ما لا تجد آذاناً صاغية، فتستمر المعاناة وتستمر انتهاكات حقوق السجناء، والتضييق على أهاليهم، خصوصاً أثناء الزيارات الشهرية أو نصف الشهرية، فتتحوّل هذه الزيارات نفسها إلى مصدر إضافي للمعاناة، خصوصاً حين تنتشر أخبارٌ عن حدوث مناوشات أو مواجهات أو صدامات داخل السجن، وما يتلوها من أخبار عن ضرب وتعذيب وعقوبات.

في الجلسة التضامنية التي احتضنتها قاعة فلسطين بجمعية «وعد»، مساء الأربعاء (22 ابريل/ نيسان الجاري)، أتيحت للجمهور سماع شهادات الأهالي، الذين جاءوا من مناطق مختلفة من البحرين، آباء وأمهات وأخوات وزوجات، أكثرهم سردوا جانباً بسيطاً من تجاربهم ومعاناتهم، وقلقهم على أبنائهم وأخوانهم. كلماتهم كانت ثقيلة، تخرج مثل الكلمات المتقطعة، في عبارات قصيرة، كلها تدور حول القلق والخوف على مصير أبنائهم، الذين يُفترض أن يكونوا بيدٍ أمينةٍ تمثل الدولة، وجهة محايدة تتولى تطبيق القانون بنزاهة مع الالتزام بأقصى درجة من احترام حقوق الإنسان. فالسجين يجب ألا يتعرض للتعذيب أو الإجراءات التعسفية أو أشكال الانتقام بعدما يصدر ضده حكم القضاء.

إحدى المتحدثات أختٌ لسجين، وزوجةٌ لأحد المسقط جنسيتهم، شاهدت في المقطع المصوّر الذي تسرّب من داخل السجن، قريبها مغشى عليه، ولا يستطيع التنفس، فلجأت إلى التظلمات، فطلبوا منها نسخةً من الشريط، وسلمتهم نسخة لكن دون أن تصل إلى نتيجة. وبعد أسابيع من المنع تم السماح لهم بزيارته، واضطربت العائلة حين شاهدته هزيلاً فقد الكثير من وزنه، في وضع نفسي مضطرب، فانخرط الجميع في وصلةٍ طويلةٍ من البكاء.

سجينٌ آخر انقطعت أخباره عن عائلته لأسابيع، وكان يسمح له باتصال هاتفي لدقيقة واحدة فقط، ومن السهل جداً أن تكتشف التعب والإجهاد من الصوت، وحين صارحهم بأنهم مازالوا يتعرضون للتعذيب قُطع الاتصال. ويشكو الأب من أن الجهات المسئولة لم تسمح باستلام ملابس لابنه، حيث مازال يرتدي ملابسه الأولى، فكيف يمكن أن يبقى إنسان بملابسه لأسابيع دون تبديل أو استحمام؟ ويسأل: إلى متى سيستمر التعذيب؟

الأغرب من ذلك ما نقلته إحدى الأمهات المفجوعات من أن ابنها تعرّض للضرب المبرّح لأن أحدهم طلب منه أداء التحية العسكرية له فرفض باعتباره سجيناً وليس رجل أمن، وذلك قبل ساعة واحدة من موعد الزيارة. وهي حادثةٌ سُردت في محفلٍ عام، وسمعها المئات، وتداولتها وسائل التواصل الاجتماعي، ما يستدعي التحقيق الجاد من قبل وزارة الداخلية، للوقوف على مدى قانونية الطلب من سجينٍ أداء التحية العسكرية لضابط شرطة أو مخالفتها للقانون.

أمٌّ أخرى تحدّثت عن ابنها الشاب الذي حُكم عليه بـ 15 عاماً، ومتهمٌ بـ 8 قضايا أخرى، وحين ذهبت لزيارته للمرة الأولى لم تتعرف عليه بسبب ما تعرّض له من «سوء معاملة» و«أذى جسدي كبير»، ولن نقول «التعذيب» لأن هذه الكلمة تجرح مشاعر بعض من يعنيهم أمر التعذيب بالسجون.

سؤالٌ أخير عن هذه الظاهرة التي باتت مرتبطة بالسجون في بلدنا البحرين: لماذا لا تتعرّف الكثير من عوائل السجناء على أبنائها في الزيارة الأولى؟ وهو سؤالٌ جوهري يستحق من الجميع محاولة العثور له على جواب.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4614 - السبت 25 أبريل 2015م الموافق 06 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 4:52 ص

      ياليت ياليت ونتمنى ان تجاوب الداخلية على هذا السؤاال الحقاني

      سؤالٌ أخير عن هذه الظاهرة التي باتت مرتبطة بالسجون في بلدنا البحرين: لماذا لا تتعرّف الكثير من عوائل السجناء على أبنائها في الزيارة الأولى؟

    • زائر 8 | 2:02 ص

      كلمة تعذيب تجرح المشاعر والجروح بأجساد المعتقلين نعتبرها تدليك ومساج؟

      الحين اصبحت كلمة تعذيب جارحة بينما الجروح بأجساد المعتقلين نعتبرها تدليك حتى يرضى عنّا الناس؟

    • زائر 7 | 1:52 ص

      لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .

      نفوض أمرنا لله وحده سبحانه , ولد أختي صغير ومن صوته تعبان نفسيا أنهم لا يقوون ع السجن الطويل , كان الله ف عونهم , وما يجري عليهم شيء فظيع , وللسجان يوم من الخالق يبشره بعذاب لا يطاق . الحرية للمعتقلين والمعتقلات يارب .

    • زائر 6 | 1:04 ص

      من أمن العقوبة اساء الادب.

      هي دولة الغانون في البحرين لا حساب ولا عقوبة على منتسبي الاجهزة الامنية وما يقال عن لجان تحقيق لا يسمع عن نتائجها احد ما هي الا للبهرجة الاعلامية. فمن امن العقوبة اساء الادب.

    • زائر 5 | 12:40 ص

      جريمة حرب

      هذه السلوكيات غير الإنسانية تعد جريمة حرب بالمعنى الدقيق
      في الحروب يعامل الأسرى والمقاتلون بالقانون حيث يجب توفير الأكل والشرب والملبس والمكان المناسب والعلاج وهذا موجود في الاتفاقيات الدولية
      ولذلك لن يفلا أي من المنتهكين من قبضة العدالة مستقبلا

    • زائر 4 | 12:24 ص

      انا والد احد السجناء بعد شهر من الاتصالات والتعذيب النفسي والمعاناة

      ذهبنا لزيارة الولد فعلا لم نعرفه ملامحه قد تغيرت برغم انه لم يكن اثنا احداث سجن جو ورحل وحضر بعد الاحداث ووضع في (الخيام ) ومن سوء الحظ جاءت العاصفة الرملية فزادته سؤ واسودادا ،واضافة لذلك شهر كاملا لم يبدل لباسه فاصابته حساسية في جسمة وكذلك هو يشكوا من قبل من الربو ، رايناه حالته تغيرت تماما ، والدته واخوته لما راوه جعلوا يبكون وهو يتجلد امامهم وتتكسر الكلمات في حلقه ولا يستطيع التفوه بكلمه حتى يخفف قليلا من المعاناة ، وهكذا بقية المساجين الذين التقينا بأهلهم في الزيارة ؟؟؟

    • زائر 3 | 11:30 م

      مسجد فيه خطبة جمعة في سجن جو

      طبعا للموظفين والسجانين لأداء الصلوات بس يوم الجمعة الخطيب في الصلاة يبدأ بكيل الشتائم وتكفير الشيعة وروافض ومجوس وطبعا السجانين وإداريي السجن هم من يتلقون هالكلام والشحن الطائفي ويصبونه على السجناء حتى بعض السجانين يقول لسجناء لما وقت الصلاة تحين ويقومون للصلاة السجان يقول لسجناء نفكر أنتم لستم مسلمين .

    • زائر 1 | 10:41 م

      ذهب لابناءه وقال ياريت لم اذهب

      رآهم اشباح الضرب واضح وتهديدهم بعقاب اشد ان تكلموا ماحدث لهو جريمة نتمنى ان يقدم مرتكبيها للعدالة من ضرب واذلال واهانات واخير العار على المنظمات الحقوقية الدولية الساكته على ماحدث ويحدث من انتهاكات جسيمة لمسجونين لايملكون القدرة على رد الأذى عن انفسهم

اقرأ ايضاً