العدد 4625 - الأربعاء 06 مايو 2015م الموافق 17 رجب 1436هـ

لنا الحكم دون العالمين أو القبر

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

هذا شطر بيت معروف بتصرف، وهو يعبّر عن حال العديد من الزعامات العربية، وآخرهم بالطبع عزت الدوري، نائب صدام حسين الذي قتل في اشتباك في منطقة حمرين شمال تكريت. كما يعيدنا هذا إلى مشاهد مرعبة من النهايات البائسة والتراجيدية لعدد من الزعماء العرب في العقود القريبة. أذكر منهم حسني الزعيم قائد الانقلاب العسكري في سورية الذي أطاح بحكم الرئيس المنتخب شكري القوتلي وانتهى بانقلاب الشيشكلي والإعدام، والزعيم عبدالكريم قاسم وهو يعدم أمام المشاهدين في التلفزيون إثر انقلاب 8 تموز (يوليو) 1963، لتدور الدوائر على قاتليه وفي مقدمتهم الرئيس العراقي الأسبق عبدالسلام عارف، والقادة البعثيين، أحمد حسن البكر الذي قُتل تسمماً. وبالطبع فإن الأشهر من بينهم صدام حسين، الذي أُسِر في خندق اختبأ فيه بعد حياة من الاستعراضات طولاً وعرضاً، لينتهي بحبل المشنقة.

ولا تنسى الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، أول رئيس عربي يصالح دولة الكيان الصهيوني رسمياً، برصاص خالد الاسلامبولي وهو في منصة الشرف يستعرض قواته في ذكرى حرب أكتوبر، وذلك في العام 1981. أما آخرهم فهو معمر القذافي الذي ملأ العالم صخباً بأطروحاته المضحكة المبكية، ورزح على صدور الليبيين لأكثر من أربعين عاماً، وبدّد ثروات ليبيا النفطية، وأفسد الكثير من الزعماء والقياديين السياسيين والمثقفين على امتداد العالم ترويجاً لنظريته الثالثة. حيث وجد مختبئاً أيضاً تحت جسرٍ في مصراتة، وجرى الإساءة إليه والانتقام منه بطريقة بشعة، انتهت بإعدامه.

هناك آخرون انتهوا نهاية مأساوية وإن لم يقتلوا، بل فرّوا بجلودهم ليعيشوا في المنفى ومنهم الرئيس العراقي الأسبق عبدالرحمن عارف، والرئيس اليمني الأسبق عبدالله السلال. وهناك من هم وراء القضبان وأشهرهم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الذي حكم مصر لأكثر من 30 عاماً، حوّل مصر خلالها إلى دولة تعيش في فقر ومهانة، وأشاع الفساد طولاً وعرضاً في جميع أوجه الحياة في مصر العظمية.

وهناك بالطبع الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح المحاصر في صنعاء بانتظار مصير مظلم هو وحاشيته. لكن هناك زعماء آخرون كانوا يمارسون الحكم باستبداد واستئثار وتشبث بالكرسي، إلى حد الخشية من أن مغادرتهم الحكم يعني إمكانية محاسبتهم، والاستثناء هنا الرؤساء اللبنانيون والرئيس السوداني سوار الذهب، ولذا كانوا يستخدمون أساليب القهر والإفساد لتأبيد حكمهم، حتى ينتهي الأمر نهاية مأساوية كما رأينا. لكن الوجه البشع الآخر للحكم العربي، هو التوريث، فالعديد من الزعماء العرب، وأنا هنا أتحدث عن رؤساء الجمهوريات المفترض أنهم منتخبون من الشعب، يعمدون إلى استخدام جميع الحيل والوسائل لتوريث الحكم لأبنائهم، وأمامنا أكثر من زعيم عربي، مثل صدام حسين وحافظ الأسد وعلي صالح والقذافي وحسني مبارك وآخرين. وباستثناء حافظ الأسد الداهية، الذي نجح في توريث ابنه بشار في حكم سورية الذي يفتقد إلى مهارات وخبرات والده، وها هو في ورطة كبرى. أما الآخرون فقد تسبّبوا بمسعاهم هذا في كوارث لشعوبهم وأبنائهم وأقاربهم وعائلاتهم. ولنتذكر هنا النهاية المأساوية لعائلة صدام التي انتهت بمقتل ابنيه عدى وقصي، وقبلها أزواج بناته، وانتهى الأمر بمن بقي من العائلة من النساء إلى المنافي، والأخوان إلى السجن. وكذلك الأمر بالنسبة للعقيد القذافي، حيث انتهى الأمر ببعض أبنائه إلى الموت، وبآخرين مثل سيف الإسلام إلى السجن، وبقية الأولاد والبنات والزوجات إلى المنافي. أما ابنا حسني مبارك، جمال وعلاء، فدخلوا السجن إلى جانبه، حيث تعرض الثلاثة للمهانة لأكثر من ثلاث سنوات. أما عائلة زين العابدين بن علي فقد تشتتت في المنافي، حيث انفصل عن زوجته، وتفرّق الأحباب. ويمكننا الاستطراد في المآسي التي حاقت بهذه الدول والأسر. لكن المؤلم أننا كعرب لم نتعلم من مآسي أسلافنا. واليوم وباستثناء لبنان الذي هو بدون رئيس لأكثر من عامين، وتونس الواعدة بالتعددية، والمغرب حيث تكرس نظام حكومات التناوب في ظل ملكية دستورية مقبولة، والعراق حيث توازن قلق للسلطات الثلاث، فإن بقية البلدان العربية فتعيش حالات التنافس والصراعات الداخلية، أو التسلطية، وكلها لم تأخذ العبرة من انتفاضات الربيع العربي التي عبّرت بوضوح عن مطالب ملايين العرب، بالتغيير والإصلاح الشامل، ووضع حد لعقود من الاستبداد والتسلط والظلم والإفقار والتمييز، وتحقيق الحرية والكرامة والعدالة للجميع.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4625 - الأربعاء 06 مايو 2015م الموافق 17 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 7:02 ص

      للمرة الثانية يتم زج حكام سوريا مع الطغاة

      ان حشر اسم فخامة السيد الرئيس بشار الأسد ووالده القائد الراحل فخامة السيد الرئيس حافظ الأسد مع أسماء الحكام العرب الطغاة والمستبدين لن يغير من الحقيقة شيئ ولن يغير نظرتنا لسوريا وقادتها

    • زائر 7 | 6:12 ص

      استادى

      انهم لايريدوون حكم الاسلام هم جنوود الشيطان اخدو على عاتقهم ضرب الابرياء والمسالمين لارضاء سيدهم امريكا ونسو الله وانا اقول اليهم انتم الخسرانين ونحن راح نفووز فى الاخرة وانتم ياظلام مصيركم انتم تعرفونه ؤين راح اترووحون خلوا امريكا تشفع اليكم يووم القيامة

    • زائر 6 | 4:05 ص

      شكرا

      اللهم اني بلغت

    • زائر 5 | 2:36 ص

      ان لاعذر من تحلل وانسلخ من قيمه ومبادئه

      الكثير الكثير من مدعين الثقافة استداروا وانسلخوا من قيمهم الانسانية وراموا طريق اسهل للوصول لمبتغاهم للاسف واضحوا يرون الباطل حقا والشر خيرا وهم من هلكوا الامة بشعاراتهم الزائفة واصبحوا في هوى الاموات يرثون المورث ويتسلقون اعتاب المناصب بلا اكتراث لشعب وامة ومجتمعات

    • زائر 4 | 2:08 ص

      المسلسل مستمر

      لن تختلف الأحداث كثيراً

    • زائر 3 | 1:18 ص

      لا تستعجل

      المسلسل ما انتهى .. للحين باقي كم حلقة وانشوف من ينتصر في النهاية .

    • زائر 2 | 10:53 م

      احم احم

      عمكّ اصمخ

اقرأ ايضاً