العدد 4635 - السبت 16 مايو 2015م الموافق 27 رجب 1436هـ

محاربة الأغذية غير الصحية كمحاربة التدخين والمُخدرات

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لقد أثبتت البحوث العلمية أن كثرة تناول المأكولات المشبعة بالدهون والنشويات والحلويات والسكاكر، تؤدي للسمنة المفرطة، وأن أضرارها جسيمة على الصحة العامة، ومع قلة الحركة والرياضة وبمرور السنوات تتراكم الدهون فيما بين أعضاء الجسم الداخلية والتي تتسبب في الأمراض العضوية المختلفة، ما تُقلل من حيوية الإنسان، كما وتعرقل الدهون حركة الأوكسجين عموماً، وقد يؤثر ذلك على نشاط العقل وقد يتسبب في الأمراض النفسية والاكتئاب.

ويُقال إن الأضرار الناجمة عن السُمنة تُعادل أضرارها التدخين من السجائر والشيشة أو تزيد، ويستدعي الأمر مُحاربتها بطُرقٍ خاصة، كما تُحارب تلك الموبقات. وقد راعت الدول المتقدمة الاهتمام بهذا الشأن لتحريك المجتمع للغذاء الصحي، وبكاملها بالتثقيف الصحي في الأجهزة الإعلامية ومدارسها وجامعاتها والإرشاد الموجه للنشء والكبار وللالتزام بالسُعرات الحرارية اللازمة للفرد يومياً، وعدم الإفراط في تناول الأطعمة الضارة وغير الصحية والتشجيع على الحركة والرياضة، وفتح النوادي الرياضية المجانية لذلك، لأن سلامة المواطنين من سلامة المجتمعات كما أنها تُقلل من النفقات العلاجية على المدى البعيد.

وأصبحت المطاعم (والكوفي شوبس) المنتشرة في بقاع العالم المُتقدم تُراعي ذلك، وباتت تتفنن في عمل الوجبات المُخفضة سعراً حرارياً والمُبتكرة خصيصاً لتلك الوجبات، (إنها بلاشك ق?فزة نوعية) وهامة جداً في الحقبة المقبلة، حيث إنه مع عصر الإلكترونيات وقلة الحركة والرياضة، والتهام الوجبات السريعة والتي تهيمن برُخص أسعارها وتواجدها أربعاً وعشرين ساعة، أصبحت الأخطار قائمة والأمراض مُنتشرة ومُخيفة، ومنها أمراض القلب ووفيات الشباب المُفاجئة.

وأذكر، حينما عشت في فرنسا لسنوات عدة (وكان ذلك منذ خمسة عشر عاماً)، حيث كانت بداية تقديم الوجبات مُخفضة السُعرات في بعض المطاعم، كما بدأ تحديدها في الوجبات الجاهزة والمُعلبات، ما أثار اهتمامي وإعجابي، وكانت القائمة تحوي وجبات مُتنوعة تحوي البروتينات والخُضراوات والفاكهة، وعلى رغم سُعراتها المحدودة، كانت لذيذة، ومُشبِعة

أدَرَكت المطاعم حينها أهمية هذا الأمر لتقديم هذا النوع من الوجبات لكسب الزبائن ولتساعدهم لرشاقة أجسامهم وسلامتها، وخاصةً أنهم يتناولون مُعظم الوجبات خارج البيت لانشغالهم الشديد.

وإذ أقارن ذلك بمطاعمنا و «قهاوينا»، أشعُر بالأسى والحُزن والتي لم تصل أنباء جهودهم في التغذية الصحية إلينا بَعد على رغم الزيادة الملحوظة في عدد المطاعم وتنوعها، ولكننا مازلنا في أسفل السُلم الغذائي (كمعظم تقدمنا العلمي والتكنولوجي)، الرديء والتي تُقدم أسوأ الوجبات الدسمة غير الموزونة، والتي لا تُبالي بأيٍِ من السعرات الحرارية، ومازلنا غافلين عن حقيقة التحرك الإيجابي للأكل الصحي، وأننا مازلنا نعيش القرون الماضية من الأكلات الدسمة من الأرز واللحوم والنشويات مع مطاعم المُعجنات والبيتزا المليئة بدسومة الأجبان والزيوت والمشروبات الغازية والعصائر المليئة بالسكر، ونختمها بالحلويات الملعونة، وأننا مازلنا نتعامل في أجواء بيوتنا ومع «عزائمنا» بالطريقة القديمة نفسها من نوعية الأكلات سواء طبخناها أو طلبناها من الخارج هي أيضاً مليئة بأضخم السُعرات.

ولقد صُعقت يومها أثناء زيارتي لإحدى المدارس، عندما رأيت أعداداً من الأطفال والذين تصعب حركتهم في الركض في دروس الرياضة بسبب ثقل أجسامهم وبطونهم، وذلك إما بسبب رمرمتهم في الأكل ومن دون ضوابط في المنزل، أو بالأجواء الُمحفزة لسوء التغذية مع أقرانهم في المدرسة وسوء (المقصف المدرسي).

وبسبب ذلك النوع من الغذاء غير الصحي لوحظ انتشار الأمراض العضوية ما بين الأطفال بكثرة مؤخراً من (أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول)... الخ.

وكلمة أخيرة أرجو من الدولة المساهمة في التثقيف الصحي الغذائي من خلال الإعلام الموجه وتشجيع أصحاب المطاعم ومكافئتهم لاستبدال بعض الأكلات بالوجبات قليلة السُعرات مع تنويعها ونشر ذلك في مقاصف المدارس والجامعات ومنع المأكولات المقلية والنشويات والعصائر المشبعة بالسُكر كي لا نخرج للحياة أطفالاً مُشوهين بالسمنة، والتي قد تُعقد حياتهم ويصعب تنزيلها فيما بعد.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4635 - السبت 16 مايو 2015م الموافق 27 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 9:16 ص

      كلام

      ليش مايكون هناك تطبيقات على المقاصف المدرسيه ومنع الوجبات الغير صحيه بدخولها للمدارس يد وحده ماتصفق نثقف ونتكلم ولكن التطبيق يختلف

    • زائر 7 | 8:59 ص

      رائعه اخرى من كتاباتك

      شيئ جميل ومخيف ان نعرف بان نعرف ضررها مثل التدخين على الجميع الشعب والدوله والمؤسسات الانتباه لذلك بوركت يداك في هذه الملاحظات الجميلة

    • زائر 6 | 8:56 ص

      رائعه غابت عنا

      موضوع عالمي وقدير بالقصى التقديرات الانسانية خاصة مقارنتك السمنه مثل التدخين واقول مثل المخدرات ايضاً ولكن مجتمعاتنا فعلاً فقيره بالمعلومات و بالانتياه لهذه الحساسية المفرطة والتي ذكرتها عن الغذاء السيئ المنتشر في كل زاوية من بلداننا وفقك الله وانشالله يتحقق جزء من امنياتك

    • زائر 4 | 8:56 ص

      رائعه غابت عنا

      موضوع عالمي وقدير بالقصى التقديرات الانسانية خاصة مقارنتك السمنه مثل التدخين واقول مثل المخدرات ايضاً ولكن مجتمعاتنا فعلاً فقيره بالمعلومات و بالانتياه لهذه الحساسية المفرطة والتي ذكرتها عن الغذاء السيئ المنتشر في كل زاوية من بلداننا وفقك الله وانشالله يتحقق جزء من امنياتك

    • زائر 1 | 3:43 ص

      هل الدولة المساهمة في التثقيف الصحي الغذائي

      أين دور قسم الأغذية؟ دوره برتوكولي رسمي شكلي فقط، و السوق يعج بما يضر الطلبة و الصغار

    • زائر 3 زائر 1 | 6:41 ص

      موضوع مهم جدا

      بارك الله في الكاتبة ويبدو انها حريصة على صحة اجيالنا وهو المفروض وعلى الجميع ان يتابعوا ويهتموا ببعضهم البعض .وأرى ان هذا الموضوع يحتاج الى وضع استراتيجية وطنية وخصوصا بعدما بلغت السمنة في البحرين قرابة 70بالمئة .الدولة تتحمل نصيبها المؤسسات والقطاعات الخاصة والاسرة .كل في مجاله .اكرر شكري لاهتمام الكاتبة بهذا الموضوع .

اقرأ ايضاً