العدد 4637 - الإثنين 18 مايو 2015م الموافق 29 رجب 1436هـ

البحرنة وفق مقاسات الليبرالية المتوحشة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تضمّنت تصريحات وزير العمل جميل حميدان الأخيرة الكثير من القضايا التي تمسّ حاضر ومستقبل آلاف البحرينيين، وتؤثر في الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وعلى رأسها «البحرنة».

الوزير حاول أن يكون دبلوماسياً بقوله إنه «شخصياً من دُعاة ومؤيدي البحرنة»، ولكن «ليس البحرنة القسرية التي تفتقد المرونة الكافية لمراعاة احتياجات أصحاب العمل». وما نعرفه أن البحرنة خيارٌ وطني، قامت عليه سياسات الدولة منذ أكثر من 35 عاماً، رغم عدم توافر الجدية الكاملة من قبل بعض الوزراء الذين تعاملوا مع الملف خلال هذه الفترة، لأن الموضوع شائك ومعقّد، إلا أن أحدهم لم يتطرّق إلى «مرونة كافية» أو «غير كافية». كما أن أحداً من المواطنين لم يفهم أن هناك «بحرنة اختيارية» وأخرى «قسرية»، وإنما الحديث دائماً عن سياسة رسمية وإجراءات قانونية، توفّر «الحد الأدنى» من الحماية لعمالةٍ وطنيةٍ، نزلت نسبة مساهمتها في السوق المحلي من 60 في المئة إلى حوالي 20 في المئة خلال العقود الثلاثة الأخيرة.

الوزير يعرف كما يعرف الجميع، أن هذه العمالة محارَبَةٌ في بلدها، ليس من اليوم بل منذ عقود، ولم تكن الدولة تقف إلى صفّها أو تهتم بتوفير حماية جدية لها، بل كانت العلاقة صداميةً في كثير من محطات العمل الوطني. فالنقابيون والعمال كانوا من أوائل الفئات التي تعرّضت للفصل والعقوبات والإجراءات القسرية، التي أدى بعضها إلى انفجار الأوضاع في بعض المراحل من تاريخ البحرين.

«البحرنة» اعتُمِدت في نهاية السبعينيات، حيث وفّرت الحد الأدنى من حماية حقوق العمالة الوطنية، وشهدت أنواعاً كثيرة من عمليات التحايل والخروقات للقفز عليها، من قبل أصحاب المصالح والشركات، ولم يجاهر أحدٌ بإعلان العداء لهذه السياسة إلا بعد أحداث فبراير 2011، التي كانت فرصة لتصفية الحسابات، نتج عنها فصل 6 آلاف مواطن من أعمالهم، من مختلف الوظائف والأعمال. حتى حين أُعلِن عن «إصلاحات سوق العمل» قبل ذلك بعشرة أعوام، لم يُطرح علانيةً التخلّي عن البحرنة، بل سُوّقت مقولات مموّهة من قبيل رفع تكلفة العامل الأجنبي لتتساوى تكلفته مع تكلفة العامل البحريني، وكان ذلك تضليلاًً واضحاً ومقصوداً للتغطية على ما يمكن أن يحدث، بدليل ما أثبتته الأوضاع، حيث أُغرِقت السوق بالعمالة الوافدة بعد تلك «الإصلاحات»، وبرزت ظاهرة «الفري فيزا»، التي يعاني منها الاقتصاد الوطني حالياً.

الوزير فجّر قضيةً كبيرةً حين قال: «لو تخلّينا عن البحرنة، فإنّ نصف البحرينيين العاملين في منشآت القطاع الخاص سيفقدون أعمالهم». وهو اعترافٌ ضمني بهشاشة ما تقوم به وزارة العمل، وشهادةٌ دامغةٌ على فشل 10 وزراء تعاقبوا على هذه الوزارة منذ الاستقلال، حتى أصبح أهم ما أنجزوه -البحرنة- هشيماً تذروه الرياح. بل إنه يكرّس الصورة السلبية للوزارة وعجزها في عمل أي شيء يحفظ مصالح العمالة الوطنية التي أصبحت في مهب الريح.

«البحرنة» كانت الكلمة السحرية التي كان يتفاخر ويتباهى بها وزراء العمل في العقود الثلاثة الماضية، حتى لو لم يكن بعضهم يؤمن بها، إلا أننا أصبحنا في زمنٍ يتكلم فيه الوزير المختص بالعمل، عن نوع من البحرنة ذات مواصفات خاصة، بأن «لا تكون قسرية»، وأن تكون «مرنة»، وأن تكون «مرنةً بصورة كافية» و«مناسبة لاحتياجات ورغبات أرباب العمل»... لكي تكون مقبولةً في سوق تتحكم فيه قوانين الليبرالية المتوحشة.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4637 - الإثنين 18 مايو 2015م الموافق 29 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 25 | 12:10 م

      ما هي القوانين الليبرالية المتوحشة؟

      في نظري فقط يوجد اتجاهين للمستقبل. تحكم اكثر في السوق او حرية اكثر في السوق. تحكم اكثر سيشرد المستثمرين الى الدول المجاورة وسيعدم الثقة في سوق البحرين.
      المشكلة ان اكثر البحرينيين يفضلون الشغل في الحكومة لأنه اسهل والراتب اعلى في البداية. قانون البحرنة هو ضد الحوافز الموجودة في السوق. واي قانون يحاول تغيير طبيعة الانسان سيفشل في النهاية.

    • زائر 22 | 4:00 ص

      عبد علي البصري

      البحريني عمل في (خمام بلديه ) منضف في المستشفيات , في المجاري , فني كهرابئي , فبركيتر , فني اجهزه دقيقه , فني ادوات صحيه , فني اجهزه طبيه , فني ...... . كل تخصصات الطب شرطه , جنود طيارين يعني والله ويش ما تبون موجودين وبكفايه . بس البحريني اخرجوهم من قريتكم انهم اناس .......... .

    • زائر 18 | 3:08 ص

      رواتب خياليه

      ما يحدث في هيئة الكهرباء والماء لهو عجب العجاب..توظيف مصريين برواتب 2800 دينار وأجانب رجله والقبر لازالو موجودين ورواتب خياليه من 2000 دينار فأكثر ..بينما هناك في الهيئه من يستحق هذه الوظائف بترقيتهم وتدريبهم. ..بينما الأجانب حتي شهادات معظمهم مزور. ..وماخفي اعظم

    • زائر 21 زائر 18 | 3:35 ص

      حتى الأشغال صاروا أجانب

      أعمل في مصرف و أرى أن الكهربائيين و موظفي قسم الأشغال الذي كان حصرا على البحارنه صاروا مصريين و هنود و فليبينين و أردنيين و غيرهم . يا وزراء و مسؤولين تذكروا إن الخلود لله سبحانه و تعالى و أعملوا لقبركم على الأقل و الله على ما تعملون بصير.

    • زائر 17 | 3:07 ص

      بحريني مخلص

      عملت في إحدى الشركات و صاحب العمل وظف تقريبا 15 بحرينيا لأجل الفيزا وبعد حصوله على الفيزا أمر أحد المشرفين أن يتفنن في طرد و إستقالة الموظفين . ولكم تو بهرين

    • زائر 16 | 2:37 ص

      البحرنة تضرّ بالمتنفذين

      اقترح احد المدراء في مؤسسة ما على المسؤلين باستئجار شقق في بناية معينة ذات مستوى فاخر بدل من استئجار فلل مكلفة وبذلك تكون المؤسسة قد وفّرت الكثير من المال للمؤسسة وكان ذلك ضمن اقتراحات التطوير ولكن اتعرفون ما هو رد الادارة؟
      اذا اردت ان تأكل عيش من هذه المؤسسة فبلاش هذه المقترحات اتركها عنك هذا هو ردهم وهذا زبدة الكلام

    • زائر 15 | 2:04 ص

      بحرنة رقم 3

      كنت اقوم في آخر شهر بعمل لتجهيز التقارير والحسابات الختامية وكان هذا العمل لا يستغرق من نصف ساعة الى ساعة بالكثير. تغيبت مرّة من المرّات لظروف قاهرة فأحضروا 2 من الأجانب لكي ينجزوا العمل ومن الصباح حتى المساء وهما يعملان وكل شخص يأتي يسألهما ما تصنعان قالا انما نحن في مهمة خاصة. وصلت في آخر الدوام ورأيت العجب فسكت وقلت دعهما يكملا يومهما في هذه المهمّة .
      عمل لا يستغرق نصف ساعة بيد موظف بحريني يقوم به 2 من الاجانب يوما كاملا هكذا تكون البحرنة
      طبعا الاخوة لديهم الكثير من القصص

    • زائر 14 | 1:48 ص

      اذا لم يحصل المواطن على حقوقه من بني جلدته فلا يتوقعها من الغريب

      للأسف الشديد في كثير من شركات القطاع الخاص العالمية الصغيرة والمتوسطة فرق شاسع بين البحرينيين وغير البحرينيين ابتداءا من المهام الوظيفية (لنفس المسمى الوظيفي والشهادات) مرورا بالدورات والتدريب وثم الترقيات ولا ننسى الزيادات والرواتب
      وفوق كل هذا كأنما هناك من يطلب من الشركات ان يبقى دور الموظف البحريني فقط للوصول للنسبة المسموح بها من البحرينيين وذل والموظف وإعطاءه مهام وظيفية لا تتعلق بخبراته او ومسماه الموظيفي وعندما يطالب بزيادة سنوية كما للأحنبي يقال له انك لا تريد ان تعمل فقط تفكر في الراتب!

    • زائر 13 | 1:43 ص

      بحرنة قصة رقم 2 اجنبي يزوّر اوراق فيحصل على وظيفة افضل

      قام احد الاجانب بتزوير اوراق لدى ... الذي كان يعمل به لصالح زوجته وبعد ان انكشف الامر فصل من ... وبدل ان يهجّر من البلد استقبله ...آخر في وظيفة افضل لماذا لأنه خادم مطيع للمختلسين والفاسدين من المدراء والذين انكشفت قضيتهم لاحقا. هذه هي البحرنة

    • زائر 12 | 1:41 ص

      لو بحرنت الوظائف بجد لعطلت الفلل وسأسرد لكم بعض القصص 1

      أجنبي في وظيفة مرموقة دخله ومزاياه تقارب 8,000 دينار في احد الوزارات. استلم مسؤولية القسم الذي يعمل فيه ذلك الاجنبي فلاحظ ان الأجنبي لا حاجة للوزارة بخدمته بالمرّة وتساءل ماذا يصنع هذا هنا؟ اجابوه بانه من اجل عين فلان المسؤول حتى لا تخلو فلّلته المؤجرة.
      المهم قام المسؤول المؤقت بفصل الاجنبي وعندما عاد المتنفذ صاحب الفلّة وهو مسؤول ايضا وجد اجار فلته انقطع سأل عن الاجنبي فقيل اقيل . فاستخدم نفوذه واعاد الاجنبي لعمله

    • زائر 11 | 1:35 ص

      اي بحرنة؟ يجيبون الأجنبي ... ما يفهم شيء ورأسا ياخذوه للتدريب

      قصص حصلت لي انا شخصيا رشحت لوظائف كانت وفق مؤهلاتي وفي كل مرّة يجلبوا الأجنبي ويعطوه مزايا عديدة وفي النهاية يطلع طبل يأخذوه للتدريب علّه يفلح

    • زائر 9 | 1:07 ص

      ااؤيد هذا الكلام و بشدة لكوني احد ضحاياه

      استخفاف وزارة العمل بالعاطلين لدرجة انها تعرض وظائف لجامعيين في مصانع او قرطاسية ( مكتبة لبيع أدوات مدرسية كما سمتها الوزارة ) مساعد مدرس في مدرسة خاصة و اذا تم رفض الوظيفة يتم استبعاد العاطل من قائمة الوزارة و يحسب ان عدد العاطلين قد تقلص فأين حقوق العاطلين الجامعيين

    • زائر 10 زائر 9 | 1:29 ص

      مشاريع للبحرنة

      واضيف ايضا المشاريع التي رصدت لها ميزانيات ضخمة من اجل البحرنة واحلال المواطن محل الاجنبي كلها ذهبت ادراج الرياح هي والميزانيات التى رصدت لها..كمشروع عشرة الالاف متدرب في الثمانينيات ومشروع اخر في التسعينات ومشروع تمكين حالياً ...كلها تبدأ بزخم قوي ثم لا تلبث ان تخبوا وتنتهي...

    • زائر 7 | 12:58 ص

      جميع شعوب العالم تتبع إ ليبرالية التي لا تفرق بين شعوبها

      والبحرين انحرفة مع الأسف وصار كل شئ على المذهب وهذا بسبب من أسس جمعيات قائمة على هذا الأساس ولم يفكر بالتداعيات الخطيرة من وراء هذا العمل

    • زائر 6 | 12:41 ص

      البحرنة ليست وفق الليبرالية بل وفق المذهب

      هذا مع الأسف ما إوصلتنا آلية الجمعيات المذهبية هذه الاستراتيجية الخاطئة التي قسمت الشعب وقضت على الثقة بين المكونات وزرعة الكراهية وإزالة كل شئ جميل في الوطن واللف والدوران لا يفيد بل قول الحقيقة هي مفتاح الحل

    • زائر 4 | 11:50 م

      أصبت

      ضعف الرقابة من وزارة العمل على تطبيق البحرنة جعل الاجانب هم من يتحكمون في توظيف البحرينين ؟؟؟ للأسف منذ إنشاء هيئة إصلاح سوق العمل كل الوظائف مفتوحة للأجانب بما فيها قسم شؤون الموظفين HR في معظم الشركات أجانب فهل يعقل مدير توظيف أجنبي سيتفانى في توظيف البحرينيين ؟؟

    • زائر 5 زائر 4 | 12:30 ص

      صحيح اكثر الشركات يكون مدير الموارد البشرية اجنبي

      ويكون البحريني إن وجد كواجه او ممثل شكلي لهذا القسم في الوزارات فقط .

    • زائر 3 | 11:38 م

      ليست وزارة «شئون العمل» بل الأحرى هي وزارة «إحصاء أرقام العمل» ..

      هشاشة ما تقوم به وزارة العمل، وشهادةٌ دامغةٌ على فشل 10 وزراء تعاقبوا على هذه الوزارة منذ الاستقلال، حتى أصبح أهم ما أنجزوه -البحرنة- هشيماً تذروه الرياح..

    • زائر 2 | 10:25 م

      الكاسر

      يعرف الوزير قبل غيرة لو أراد إصلاح سوق العمل لخسر كرسيه لان التجار سوف يكونون له بالمرصاد عندنا مافيا لا يمكن محاربتها ولا فرض قوانين لا ترغب بتنفيذها

    • زائر 1 | 9:55 م

      يا استاد قاسم!!

      عزيزى استاد قاسم ماذا تنتظر من وزير ف هذه الحكومه ان يرد؟؟ وان رد ففضح نفسه ومنوظفه . وهؤلاء كلهم . ان ردوا على مقال ضدهم فضحوا الكل.

    • زائر 23 زائر 1 | 5:54 ص

      حتى لو استبدلناه.

      بوزير من المعارضه ما بيغير شي.كل واحد يدور مصلحته .الشعب وعى اكثر بعد الدوار .

اقرأ ايضاً