العدد 4659 - الثلثاء 09 يونيو 2015م الموافق 22 شعبان 1436هـ

حضر النفط وغابت الحقوق

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

خلال الأسابيع التي سبقت انعقاد قمة «كامب ديفيد» ما بين الولايات المتحدة الأميركية ومجلس التعاون الخليجي في 13 - 14 مايو/ أيار 2015، تحركت مختلف الأطراف من دول ومنظمات وإعلام وغيرها للتأثير في مجرى ونتائج القمة التي لا سابق لها في العلاقات الأميركية الخليجية.

الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه استبق القمة بالترويج لأجندته للقمة من خلال لقاء صحافي لمدة ساعة مع كبير صحافيي «نيويورك تايمز» توماس فريدمان، وبث أيضاً تلفزيونيّاً، وأكّد على عدة نقاط، أهمها التمسك بالاتفاق النووي مع إيران، والتحذير من أن الخطر الأكبر على دول مجلس التعاون الخليجي ليس من إيران بل من داخل مجتمعاتها، التي تفرخ الإرهابيين بسبب إحباط الشباب، وغياب المشاركة السياسية.

منظمات المجتمع المدني الخليجية أرسلت رسائل بعضها معلن كرسالة المنتدى الخليجي لمنظمات المجتمع المدني، وغيرها غير معلن بسبب حساسية الأنظمة الخليجية لأية مبادرة مجتمعية مستقلة. كما أن كبرى المنظمات الحقوقية الدولية مثل «هيومن رايتس ووتش»، و«العفو الدولية»، و«حقوق الإنسان أولاً»، وجّهت رسائل إلى الرئيس الأميركي تحثه على إثارة قضايا حقوق الإنسان في الخليج في لقائه مع الزعماء الخليجيين، وقد تفاعلت صحف ووسائط إعلام أميركية كبرى مثل «النيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«سي. إن. إن» ووكالة «هفنجتن للأنباء»، مع هذه الأطروحات لمطالبة الرئيس الأميركي بضرورة حث الزعماء الخليجيين على الإصلاح، وإحداث تحولات ديمقراطية ووضع حدًٍ لانتهاكات حقوق الإنسان.

لكن المفاجأة وبعد كل ذلك، أن غابت مطالب الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان من البيان الختامي لقمة «كامب ديفيد». وقد حاول الرئيس أوباما التغطية على ذلك في لقائه الحصري مع «العربية». وفي نقاش مع دبلوماسي أميركي حول أسباب ذلك أجاب بأن ما جاء في البيان المشترك هو ما اتفق عليه، في حين أن القضايا مثل الإصلاحات والديمقراطية وحقوق الإنسان، كانت حاضرةً في مباحثات «كامب ديفيد»، خصوصاً في اللقاءات الثنائية، حيث تتباين أوضاع كل بلد ومتطلباته عن باقي البلدان، لكنها لم تشمل في البيان الختامي الاختلافات ما بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون في مقاربتها.

لاشك أن الجماهير الخليجية ونخبها السياسية والحقوقية أصيبت بخيبة أمل لغياب هذه القضايا عن إعلان «كامب ديفيد»، خصوصاً أن القمة وما قبلها وما بعدها تزامنت مع تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في عدد من دول الخليج.

هل هذه نهاية المطاف؟ بالطبع لا. فعلى رغم أنه كان بإمكان دول المجلس قطع الطريق على الضغوط الأميركية في هذا السبيل بالإقدام على مبادرات لا تكلفها شيئاً، ومن ذلك إطلاق سراح النشطاء السياسيين والحقوقيين، وإيقاف المحاكمات السياسية، والسماح للمنفيين في أصقاع الأرض بالعودة إلى أوطانهم، إلا أنها فوّتت هذه الفرصة كما العديد من الفرص.

لكن نضال الشعوب الخليجية ونخبها السياسية والحقوقية ليس رهناً بالموقف الأميركي ولا ببيان «كامب ديفيد»، بل إن موقف النخب السياسية والحقوقية ناقد بشدة للموقف الأميركي التلفيقي والذي يحتوي الكثير من التناقض بين الادعاءات والممارسة، فإذا كان من فائدة لقمة «كامب ديفيد» فهي نزع الأوهام من قبل النخب الخليجية بعدم المراهنة على الموقف الأميركي مع عدم إهماله، والتعامل مع العالم أجمع من موقع مشروعية هذا النضال من اجل غد أفضل، وأنه في المسار الطبيعي للبشرية الساعية وراء الحرية والديمقراطية والكرامة وحقوق الإنسان، وأنه يلقى التقدير من شعوب العالم والمنظمات الحقوقية الدولية بما فيها منظمات الأمم المتحدة، بفضل التمسك بالسلمية والوحدة الوطنية وقيم الحرية والاستنارة، على رغم كل العسف الذي يلحق بالمناضلين والنشطاء والمنظمات الحقوقية، واعترافاً بذلك نال بعض هؤلاء الرموز التكريم الدولي، بما في ذلك الحقوقي نبيل رجب.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4659 - الثلثاء 09 يونيو 2015م الموافق 22 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:02 ص

      الخلط بين العمل الحقوقي والسياسي

      إن من أشد الأخطاء التي يرتكبها حقوقيو اليوم هو (خلط الحابل بالنابل) أي خلط العمل الحقوقي بالسياسي، فأما ثانياً فإن المدعو نبيل رجب لم يسجن سابقاً ولا الآن إلا بسبب الأكاذيب التي ينشرها بشأن حكومة مملكة البحرين والحكومات الخليجية كما أنه حقوقي وليس سياسي ولكنه يخلط بين الأثنين ولا أعتقد أنه يعلم الفرق بين العمل الحقوقي والعمل السياسي..........

اقرأ ايضاً