العدد 4661 - الخميس 11 يونيو 2015م الموافق 24 شعبان 1436هـ

من حق المواطنين أن تعرف مواقفهم

علي محمد فخرو comments [at] alwasatnews.com

مفكر بحريني

هناك قضايا عربية قومية كبرى لا يجوز التعامل معها من قبل الأنظمة السياسية في دول مجلس التعاون الخليجي دون معرفة مشاعر غالبية مواطنيها وتوجُّهاتهم تجاه تلك القضايا. ولما كنّا نعلم بيقين تام، أن تلك الأنظمة لن تقبل بإجراء استفتاءات علنية، تسبقها مناقشات مجتمعية حرة شفّافة، حول تلك القضايا، فإننا نعتقد بضرورة، على الأقل، استعمال وسائل استفتاء عيّنات ممثّلة لجموع المواطنين.

لكن يشترط، من أجل أن تكون هناك مصداقية لنتائج استفتاء العيّنات، أن تقوم بتلك الاستفتاءات مراكز بحوث أو مؤسسات متخصّصة كاملة الاستقلالية عن أية تأثيرات رسمية وغير رسمية.

نطرح ذلك بعد أن كثرت في الآونة الأخيرة المواقف الغامضة أو المختلف من حولها بشكل حاد، أو المتخطّية لخطوط حمر تاريخية أو المحمِّلة لأجيال المستقبل تبعاتٍ لن يكون بمقدورها حملها.

كمثال على ذلك دعنا نطرح السؤال التالي: هل يحق لأنظمتنا السياسية التعامل مع عدو الأمة العربية جمعاء، المغتصب لجزء عزيز مقدّس من وطنها، المشرِّد لملايين البشر من شعبها، أي العدو الصهيوني، دون معرفة مشاعر وتوجُّهات مواطنيها؟ هل من حقّ أيٍّ من تلك الأنظمة أن يقوم بعض من مسئوليها بالالتقاء بمسئولي النظام الصهيوني في داخل فلسطين المحتلة أو خارجها، أو أن تسمح لأنظمة الأمن في بلدانها التنسيق والتعاون مع مؤسسة الموساد وغيرها من المؤسسات الصهيونية التي تمارس أبشع صور الإضطهاد لساكني فلسطين من العرب؟

هل يحق لها أن تقوم بذلك سراً حتى ينفضح الأمر من خلال كبريات الصحف العربية أو الصهيونية ويتساءل المواطن في دول الخليج العربي: أليس من حقّي أن تكون لي كلمة في موضوع خطير كهذا، يمس صميم عقائدي السياسية والدينية وثوابتي الوطنية والتزاماتي القومية؟

بل يتساءل المواطن بحرقة: أية ضرورات، أمنية أو جيوسياسية، تلك التي تستدعي أن يجتمع شخص مقرّب من رئيس إحدى دول المجلس بممثًل للمجرم الصهيوني نتنياهو في واشنطن ليبحث معه سبل التعاون في المجالين الأمني والاقتصادي ضد هذه الدولة الإقليمية أو تلك؟ ألا يشاهد رئيس تلك الدولة يومياً على شاشات التلفزيون الدّم الفلسطيني وهو يسيل من بين أصابع ذلك المجرم الصهيوني؟

تلك الصورة العبثية المفجعة في التعامل مع عدو تاريخي لكل جزء من الوطن العربي ولكل فرد عربي، عدو يعمل ليل نهار لتمزيق هذه الأمة وإذكاء الصّراعات فيما بين مكوّناتها، تقابله عشرات الصور الأخرى التي لا يسأل المواطن عن مشاعره وأفكاره تجاهها.

هل نذكّر بصورة إقحام بعض دول المجلس نفسها في مشاهد الجهاد التكفيري البربري الممارس في كل أرض العرب، إقحام يشمل المال والأسلحة والتبنّي الإعلامي والسياسي، دون معرفة مواقف المواطنين من هذا الجنون العبثي، ودون معرفة مواقفهم من صرف البلايين من ثروات أرضهم البترولية في الانخراط في ذلك العبث؟

هل نذكّر بصور التعاون الحميميّة مع دول الغرب، وعلى الأخص أميركا، دون أخذٍ في الاعتبار تاريخها الأسود ضد كل قضايا الأمة الوحدوية أو التحررية، ومؤامرات أجهزة استخباراتها عبر السنين على كل ما يوحّد هذه الأمة أو ينهض بها من ضعفها وتخلُّفها؟

هل نذكّر بصور التبعيّة الاقتصادية للمؤسسات العولمية الكبرى، بصور الاستثمارات الخاطئة لصناديق أجيال المستقبل، بصور الضياع في الأولويات في حقول التنمية والخدمات الاجتماعية؟ القائمة طويلة.

ما يهمّنا هو التأكيد على الخطأ الفادح المضّر بالحاضر والمستقبل من جرّاء عدم التعرف على مشاعر وتوجُّهات وثوابت المواطنين بالنسبة للقضايا الوطنية المفصلّية، وبالنسبة لتحديد الأعداء والأصدقاء، وبالنسبة للدور الذي يجب أن تلعبه دول المجلس في حياة الأمة العربية وعبر أرض الوطن الكبير.

نحن واثقون أن ذلك سيكون في مصلحة الجميع، سواءً أكانوا من المواطنين أو المسئولين عن الأنظمة السياسية التي تتخذ القرارات دون معرفة ميدانية حقيقية لأفكار ومشاعر مواطنيها.

في اللحظة الحاضرة، وإلى حين تطوير مؤسسات المجتمع المدني وتطوير الحياة السياسية الديمقراطية في المستقبل، نحتاج لاستعمال وسائل استفتاءات العيّنات من جموع المواطنين لإعلام متّخذي القرار بما يدور في أذهان مواطنيهم تجاه مشاهد عربية وإقليمية ودولية أصبحت بالغة التعقيد والتشابك.

إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"

العدد 4661 - الخميس 11 يونيو 2015م الموافق 24 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 7:11 ص

      يعرفونها

      في الاغلب هم يعرفون توجهات شعوبهم فالشعوب و خاصة في هذا الزمان قادرة على ان تطرح رأيها رغم المخاطر
      و لكن المشكلة ان تقود الناس كما تقود قطيع غنم بل اسوأ
      فراعي الغنم يسوس غنمه للمرعى ذو الكلا و الماء
      و هؤلاء يقودون الناس للهاوية

    • زائر 3 | 2:04 ص

      والادهى والامرّ يا استاذنا العزيز انهم يحاربون من يحارب العدو الصهيوني

      وحتى يبخلون عليه بالدعاء وينتصرون ويدعون بالنصر والغلبة له اي (الكيان الصهيوني ) على من يحاربه من اخوانهم ، هنا الخلل في الامة والانظمة ، والآن يقفون مع داعش ضد ارادة الشعوب ، ما هذا الذي يحدث في امتنا ؟؟؟؟

    • زائر 2 | 1:44 ص

      اليمن

      كأنك كنت بتقول شي عن اليمن؟!!

اقرأ ايضاً