العدد 4678 - الأحد 28 يونيو 2015م الموافق 11 رمضان 1436هـ

ما بعد «إيران بلا عقوبات»

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

تترقب دول الخليج يوم غد (الثلثاء 30 يونيو/ حزيران)، احتمال إبرام التسوية الدولية في الملف النووي الإيراني، وهو ما سيفسح المجال لبروز «إيران بلا عقوبات»، وما يستتبع ذلك من التمهيد لاتفاق إقليمي يهدف إلى رسم صورة مغايرة عن تلك التي اعتادت دول الخليج العربية (باستثناء سلطنة عمان) في نظرتها وتعاملها مع الجارة إيران. وكثيراً ما تختلف دول الخليج الست بشأن الإستراتيجية الإقليمية، إلا أنها جميعها - باستثناء عمان - تساورها شكوك إزاء نوايا إيران في المنطقة. فبالنسبة للبعض، تمثل إيران تهديداً لا يحتمل، وربما وجودياً، هذا في الوقت الذي يزداد الحديث عن فكرة بناء تحالفات بديلة من قبل دول الخليج تحل محل الدور الأميركي المتضائل في المنطقة، وتجسد ذلك بتشكيل تحالف بشأن اليمن، كما تم تنشيط التحالف بين بعض دول الخليج وتركيا فيما يتعلق بسورية.

ونشاهد حالياً زيارات مكوكية بين السعودية وكل من روسيا وفرنسا لمد جسور تحالفات جديدة، فيما يزداد الشعور بان أميركا خذلت حلفاءها التقليديين، مثل شاه إيران في 1979 وحسني مبارك في 2011، وهناك اعتقاد سائد بأن أميركا تتخلى عن حلفائها عندما تتغير المعادلات الاقليمية، وليس مستبعداً أن يتكرر هذا الأمر مع دول أخرى.

الاتفاق النووي مع إيران – في حال إبرامه – سينتج عنه تخفيف العقوبات، وهذا قد يعني عدم إمكانية كبح جماح طهران التي لا تتمتع حالياً بعلاقات حسنة مع الكثير من دول المنطقة، وكانت هذه العلاقات متوترة مع جيرانها العرب من دول الخليج منذ العام 1979. هذه العلاقة التي تثير ريبة وقلق دول الخليج ليست وليدة أحداث هذه الفترة وحسب، ولكنها تمتد إلى أبعاد سياسية وأخرى مذهبية. ولذا فإذا تم التوصل لاتفاق نووي بين طهران والدول الكبرى، فإن هناك احتمالاً لعودة العلاقات الاستراتيجية بين أميركا وإيران، وهذا يعتبر كابوساً بالنسبة لبعض دول المنطقة.

دول الخليج تتأهب حالياً لمواجهة مرحلة أخرى مع الجار الإيراني الذي قد يرجع ويلعب دوراً مؤثراً على مستوى المنطقة، وهو ما لا يحبذه الساسة الخليجيون وقيادات هذه الدول. وفي حال حدث ذلك، فإن هناك مناطق نفوذ وساحات ستتحرك فيها مختلف الأطراف الباحثة عن تعزيز النفوذ.

لقد أشار تقرير عن وكالة «رويترز» إلى أن «مثار القلق الأكبر هو ما تعتبره هذه الدول توسع إيران الشيعية في المنطقة والذي ترى أن من ظواهره دعم طهران للرئيس بشار الأسد في سورية وحزب الله في لبنان والفصائل الشيعية في العراق وجماعة الحوثي في اليمن». مضيفة: «باتت تصرفات دول الخليج العربية في الشهور الأخيرة نابعة من إحساس بأن إيران على أعتاب عودة». وقال المستشار الأمني الكويتي لدول مجلس التعاون الخليجي سامي الفرج: «سيعلق في الأذهان أن أوباما هو الرئيس الأميركي الذي أعاد العلاقات مع إيران. ولكن سيعلق في الأذهان أيضاً أنه الرئيس الأميركي الذي خسر حلفاءه التقليديين في المنطقة».

وعلى ما يبدو، فإن إشادة واشنطن علناً باتخاذ السعودية موقفاً أقوى على الساحة الإقليمية واستعدادها لتشكيل تحالفات يأتي ضمن فكرة أميركية تتحدّث عن تقاسم السعودية العبء، ولكنه يشير أيضاً إلى بدء انحسار اهتمام أميركا ونفوذها في المنطقة. ولو رجعنا إلى اللقاء السعودي – الروسي الأخير، فقد وقع البلدان اتفاق تعاون نووي في إطار اتفاقات أبرمتها الرياض مع قوى نووية ضمن خطط لبناء 16 مفاعلاً بغرض توليد الكهرباء. والسعودية التي ذكرت مراراً إن ما ستحصل عليه إيران في أي اتفاق يجري التوصل إليه سيكون تماماً ما ستستخدمه في برنامجها النووي، ألمحت إلى أنه إذا صنعت طهران قنبلة ذرية فلن يمضي وقت طويل قبل أن تحذو حذوها.

هذه الاستعدادات كلها تسبق مرحلة «إيران بلا عقوبات»، وهي مرحلة لا يعلم أحد ما ستؤول إليه، لأن المنطقة تعوّدت على ترتيبات منذ العام 1979 تقوم على عداء أميركي- إيراني يستفيد منه الخليجيون، ولكن إذا انتهى هذا العداء فإن الكثير من المعادلات الإقليمية قد تتأثر، وهذا ما يفسر جانباً من الأجواء المحمومة والمشتعلة حالياً في المنطقة.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4678 - الأحد 28 يونيو 2015م الموافق 11 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 11:07 ص

      رد على زائر 17

      ايران تعدم الارهابيين وتعدم مروج المخدرات وليس تعدم الابرياء بمثل ماتعدم الدواعش الابرياء والي اغدونهم باموال ..... ا صحه يانايم كله الي تسمع على ايران غير صحيح وارجو منك ان تثقف رووحك على الحقيقة العالم كله احارب ايران لانها واقفه ويه الحق الحق كل الظالمين يحاربون باسلحة فتاكه الله يهديك ونور على الحقيقة اقرا الحقيقة وراح تعرف ايران الاسلاميه والله يهديك

    • زائر 15 | 6:55 ص

      ايها السدج 3و2

      ايران بلد السلام والتعايش وليس ممول الى الارهاب الممول للارهاب هم العرب واتخدوا اموال البانزين لتمويل الارهاب وجميع العالم يشهد قاتل الله الجهل

    • زائر 17 زائر 15 | 8:01 ص

      ايران ودون الخليج واحد

      من قال لك ان ايران ليست دولة إرهاب. ..مثال شوف كيف تزج وتعدم الناس في السجون وخارجها.الفرق انك تعتبرها دولة سلام لكن الحقيقة مرة مثل هي مرة مع دولنا

    • زائر 14 | 6:52 ص

      ايران

      ايران دولة السلام ولا تحارب اله الارهابيين والغزات الامريكيه واليهوديه ولا عندهم اي نيه للهجووم على دول الخليج هم ير يدون النووى للطاقة وليس للحرب افهموا بئه اللهم انصر المسلمين على الغزات الارهابيين

    • زائر 13 | 6:29 ص

      شكرا على هذه القراءة

      اصحاب العقول المتصلبة ديدنهم دائما ردة الفعل الغرائزية بدون ان يفقهوا ما يقولون وهذه حقيقة من يطالب بحلف مع اسرائيل التي تحتل المسجد الاقصى وشردت الشعب الفلسطيني وحتلت الاراضي العربية بما فيها جزر السعودية(صنافير وتيران)وبعد كل هذا يقول ان على دين محمد.

    • زائر 12 | 5:10 ص

      لن يحدث الإتفاق النووي و إن حدث كما نص تفاهم لوزان فهو خيبة لإيران

      قرأنا بنود تفاهم لوزان و عجبنا مما كان يتفاوض عليه الإيرانيون! يا لخيبتهم .. كل الحمل يقع عليهم و الغرب فقط عليه رفع العقوبات تدريجيا .. هناك رأيان، رأي يقول أن الإتفاق لن يحدث، بعد كل موعد نهائي سيحصل موعد نهائي آخر إلى أن تنتهي ولاية أوباما من دون أي اتفاق... رأي آخر يقول أن الإتفاق سيتم التوقيع عليه و لكنه لن ينفذ على أرض الواقع ... لأن الإدراة القادمة في أمريكا ستكون جمهورية و ستكون صارمة مع إيران لتنتهي المسألة لأن يكون الإتفاق حبر على ورق... و سيتبادل الطرفان الإتهامات بمن يقع عليه اللوم.

    • زائر 4 | 11:09 م

      متوهم من يعتقد أن الإتفاق النووي سينجح في الواقع

      1) أغلبية الكونغرس الأمريكي ضد الإتفاق النووي
      2) أغلبية مجلس الشيوخ ضد الإتفاق النووي
      3) التوقعات تشير إلى فوز الجمهوريين في انتخابات نوفمبر 2016
      4) أوباما سيوقع الإتفاق و لكن من سيتولى تنفيذه هو جيب بوش
      5) سيتلكأ الطرفان (ايران و الغرب) على من يقوم بالخطوة الأولى
      6) ستقوم إيران بحركات صبيانية منها اتهام المفتشين بالتجسس للغرب و هو ما سيعني نهاية الإتفاق
      7) من يعرف طبيعة الأمريكان يعلم تماما أنهم لا يغفرون ... عماد مغنية؟ بشار الأسد؟ معمر القذافي؟ أسامة بن لادن؟ ... الأمريكان يجهزون طبخة لإيران!

    • زائر 8 زائر 4 | 3:42 ص

      الاسلام اولا

      قال تعالى فئة قليله غلبت فئه كثيره باذن الله وقوة الله اكبر من قوة البشر ويعز من يشاء ويذل من يشاء

    • زائر 3 | 11:02 م

      من مصلحتنا كخليجيين التنسيق مع إسرائيل

      كخليجي أود أن يكون هناك تنسيق (حتى لو لم يكن معلن) مع إسرائيل لمجابهة الخطر الإيراني ... يجب استغلال التصريحات العدائية للقادة الإيرانيين ضد إسرائيل لإثارة الرأي العام الأمريكي المؤيد لإسرائيل (و اليهود لديهم قوة هائلة في أمريكا في الإقتصاد و الجامعات و الإعلام) ... إيران اليوم تعاني من نقص في السيولة (الإحتياطي الإيراني لا يتعدى 70 مليار دولار في حين أن الصندوق السيادي لأبو ظبي يتجاوز 773 مليار دولار) ... فليس من مصلحة إيران بقاء العقوبات و لكن سيتحتم عليها تغيير لهجتها تجاه إسرائيل.

    • زائر 5 زائر 3 | 2:50 ص

      إلى زائر 3

      عميل
      ماتخجل من نفسك وانت تنطق بهالكلام؟؟
      خير شر مافي قلبك خوف من الله ، عاد لا تشيل هم دول الخليج كلها عميلة لاسرائيل وبالعلن

    • زائر 9 زائر 3 | 3:46 ص

      زائر 5 ... أنا لست عميل لإسرائيل و لكنني أيضا لست مغفلا لأترك إيران تعربد.

      إسرائيل هي واقع شاء من شاء و أبى من أبى ... دولة عضو في أغلب المنظمات الدولية ... صمدت و انتصرت في كل الحروب التي خاضتها مع جيرانها ... من العبث الدخول في حرب مع إسرائيل لأن ذلك يعني الدخول في حرب مع أمريكا (و لذلك إيران جبانة لا تدخل في حروب مباشرة مع إسرائيل لأنها تخاف من أمريكا) .... في النهاية يجب علينا تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني و ذلك لن يكون بالحرب بالتأكيد، فالحرب أتت بنتائج عكسية. إيران تريد الإستحواذ على الشرق الأوسط بأكمله و هو ليس في مصلحة دول الخليج أو إسرائيل، و هنا يجب التنسيق.

    • زائر 19 زائر 3 | 10:33 ص

      الجهل بالواقع و التاريخ

      لو سالت عن مصير الاستعمار و نهايته مثلا في عهد البرتغاليين او البريطانيين علي البحرين و المنطقة، لما تصور احدا نهايتهما. اسرائيل ليست الا قوة استعمارية ستزول كسابقاتها. الناظر للماضي و المستقبل يدرك ذلك. لا يمكن السيطرة و البقاء علي مهد الحضارات بواسطة شراذم العالم. اسرائيل زائلة و العاقل يتجه صوب الباقين و هم شعوب المنطقة. شاء من فهم و ابي من استغبي.

    • زائر 22 زائر 3 | 12:43 م

      إلى زائر 19 أعجبني جهلك بأبسط قواعد السياسة يا من نعتني بالجهل!

      أنا متأكد أنك لم تقرأ أي كتاب معتبر في السياسة ... يا هذا! إسرائيل ليست كالبرتغال و ليست كبريطانيا ... إسرائيل قوة أستيطانية و ليست قوة إستعمارية يا فلتة زمانك! هل تفرق بين الإستيطان و الإستعمار؟ بالتأكيد لا تفرق لأنك لا تفقه من أمرك شيئا! هناك 6 مليون يهودي اليوم في إسرائيل يعملون و يتزوجون و يأكلون في إسرائيل .... و لكن لم يكن هناك أكثر من بضعة آلاف من الجنود البريطانيين و البرتغاليين ... يا عبقري زمانك فهمني شلون راح تطرد هالـ 6 مليون يهودي من إسرائيل؟ عندك طائرات تشحنهم أول لأوربا؟

    • زائر 2 | 10:54 م

      احلم يا فقير بالجنة ... العقوبات ستزال خطوة مقابل خطوة

      المجتمع الدولي ليس بمغفل حتى يرفع العقوبات عن أكبر داعم و ممول للإرهاب (إيران) .... ستكون هناك خطوات أولية يجب على إيران القيام بها ... تفكيك مفاعل آراك ... توقيف التخصيب، تفتيش المنشآت الخ ... و سيقابل هذه الخطوات الإيرانية خطوات غربية تتمثل برفع العقوبات تدريجيا. على العموم الإتفاق لن يوقع قريبا (بالتأكيد هذا الشهر) ... لأن إيران تريد الممطالة للحصول على ورقة تلعب بها. أوباما ذاهب هو و إدارته الجمهورية و ما وقعه سينقل عليه خلفه الجمهوري جيب بوش و الأيام بيننا.

    • زائر 7 زائر 2 | 3:38 ص

      ناس وناس

      ماذا تسمي اتفاق سعوديه مع روسيه وفرنسه لبناء مفاعلات نوويه لها وحذو ايران وتقليدها في كل شيئ حرام على ايران وحلال على السعوديه

    • زائر 1 | 9:49 م

      مقال ممتاز

      لماذا نحن الخليجيين نعتير ايران بعبع اليس حري بنا ان نتحد كامه اسلاميه من الخليح لمصر لمغرب لباكستان لايران وتركيه لمواجهة الاعداء والاخطار والوقوف جنبا الى جنب

    • زائر 6 زائر 1 | 2:57 ص

      ليست بعبع

      لا نعتبرها كبعبع ( الا اذا انت تعتبر ذلك ) ولكن اين انت عن التصريحات القادمة من مسئولين ايرانيين كبار بخصوص البحرين !! تتحد مع دولة تتآمر عليك ويدعي كبارها بأن البحرين جزأ من ايران ،،صلي علي النبي

    • زائر 11 زائر 1 | 4:31 ص

      تحليل في محله

      شكرا لك كاتبتنا أستاذة ريم خليفة. والسؤال هو أن دول الخليج تعمل لصالح قواعد لعبة التحدي مع اكبر قوى.ولكن هذا التحدي إلى متى سيبقى ؟

اقرأ ايضاً