العدد 4680 - الثلثاء 30 يونيو 2015م الموافق 13 رمضان 1436هـ

تغيرات جينية بسيطة حولت بكتريا الطاعون إلى كائن دقيق فتاك

كبدت بكتريا (يرسينيا بيستيس) الجنس البشري كما هائلا من البؤس والتعاسة على مدار قرون من الزمن إذ أبادت ما يقدر بنحو 200 مليون نفس ونشرت أوبئة مروعة إبان القرنين السادس والرابع عشر.

غير ان هذه الجرثومة لم تكن دوما بهذا القدر من الخطورة لكن العلماء أعلنوا أمس الثلثاء (30 يونيو/ حزيران 2015) أن تغييرات جينية طفيفة جرت قبل عدة قرون -تضمنت إضافة جين حدثت له طفرات فيما بعد- قد حولتها من كائن دقيق متوسط الخطورة إلى كائن فتاك.

تسببت بكتريا (يرسينيا بيستيس) في وباءين شرسين في التاريخ البشري : الأول هو طاعون جوستينيان في القرن السادس إبان حكم الامبراطور البيزنطي جوستين الذي أصيب بالمرض لكنه شفا منه والثاني هو طاعون (الموت الأسود). وتتسبب البراغيث والفئران فن نقل جرثومة المرض للبشر.

وأجرى الباحثون تجارب على الفئران والجرذان لرصد التغيرات الجينية الفتاكة التي طرأت على هذه البكتريا.

استخلص الباحثون سلالة قديمة من البكتريا لا تزال موجودة في العالم -تم عزلها من إحدى قوارض منطقة آسيا- وأدخلوها في جين يتسبب في إذابة جلطات الدم فيما أدت هذه العملية إلى إضافة قوة فتك جبارة للبكتريا تسببت في إصابة رئوية قاتلة.

أدت إضافة هذا الجين على مر العصور إلى تحويل بكتريا (يرسينيا بيستيس) من كائن مسبب للأمراض منها عدوى بسيطة في المعدة والأمعاء إلى نوع قاتل يسبب مرضا تنفسياً وبائياً شرساً يسمى الالتهاب الرئوي الطاعوني.

وجد العلماء أيضا أن طفرة معينة من نفس الجين -وهي طفرة موجودة في السلالات الحديثة من هذه البكتريا- مكنت الجرثومة من الانتشار داخل جسم الإنسان واختراق الغدد الليمفاوية له مثلما يحدث في مرض الطاعون الدبلي.

وقال عالم الميكروبيولوجيا بكلية طب شيكاجو في جامعة فاينبرج، وندام لاثيم، الذي أشرف على البحث الذي أوردته دورية (نيتشر كومينيكيشنز)- إن التقديرات تشير الى ان طاعون جوستينيان أباد من 25 الى 50 مليونا من البشر فيما أهلك طاعون (الموت الاسود) 150 مليونا على الاقل.

وأضاف لاثيم "تركت بكتيريا (يرسينيا بيستيس) بصماتها الواضحة على مسيرة الحضارة الانسانية".

وقال إن من الصعوبة بمكان ان نعرف على وجه الدقة متى أضافت هذه البكتريا -التي اكتسبت ثم فقدت جينات عديدة على مر الزمن- جين الطاعون الفتاك لكن "من المرجح ان يكون ذلك قد حدث منذ أكثر من 1500 عام على الأقل" ما يعني انه ربما يكون قد جرى قبل استفحال طاعون جوستينيان في القرن السادس الميلادي.

ومضى يقول "إنه أمر يجب ان نضعه في الحسبان ونحن ندرس البكتريا الأخرى المسببة للأمراض. الأمر لا يتطلب سوى حدوث تغير بسيط ثم قد نفاجأ على حين غرة بجائحة عالمية جديدة من نوع ما".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً