العدد 4684 - السبت 04 يوليو 2015م الموافق 17 رمضان 1436هـ

رفقاً بهذه الأوطان

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حسناًً فعلت الصحف المحلية حين أجمعت على إبراز خبر الصلاة الموحّدة التي دعت إليها إحدى المؤسسات البحرينية الأهلية، في جامع عالي الكبير.

عناوين الصحف جاءت متقاربة أيضاً: «بحرينيون سنة وشيعة يرسمون مشهداً وطنياً بجامع عالي»، «البحرينيون صف واحد أمام الله والوطن»، «البحرين عصية على الإرهاب»، «جمعة تضامن ضد التطرف». كما جاءت العناوين الفرعية متشابهة أيضاً: أداء أبناء الطائفتين صلاةً موحّدةً تعكس روح الإسلام السمحة، ومتطوعون شيعة وقفوا لحماية جوامع السنة والعكس. وهو ليس بعيداً ولا جديداً على أخلاق شعب البحرين المسلم الكريم، وهذا هو الأصل الذي يجمعنا.

«الشرق الأوسط» السعودية، أبرزت الخبر على صفحتها الأولى أيضاً، ووضعته في إطار خليجي أكبر: «جمعة موحدة للسنة والشيعة في الكويت والبحرين». ولاشك أن مثل هذه النزعة الجديدة نحو تأكيد الوحدة وتجاوز الشقاق الأهلي هي موضع ترحيب من أغلبية شعوب المنطقة التي تريد أن تعيش كما كانت في وئام وسلام، بعيداً عن مشاريع الفتن والنزاعات الطائفية التي لا تنتهي.

هذا الاحتفاء الكبير بهذه الخطوة الرمزية المهمة، يجب ألا ينسينا واقعنا وما نرسف به من أغلال. فنحن بحاجةٍ إلى التأكيد على أن خلافنا ليس في «العبادات» وإنما في «المعاملات». فكلنا نصلّي ونصوم، ونحج ونعتمر، وخلافنا في قضايا الإدارة والسياسة، ومشاركة الشعوب في القرارات التي تمسّ حاضرها، وتحدّد مستقبل أبنائها.

إنها مسلماتٌ يتفق عليها الجميع، فالخليج بحيرةٌ إسلاميةٌ خالصةٌ، يعيش على ضفافها السنة والشيعة منذ القرن الهجري الأول، وهي من المناطق التي نادراً ما شهد تاريخها وقوع مجازر أو مذابح كبرى عبر القرون. هذه الروح النزّاعة للسلم، هي التي نراهن على استمرارها، مهما طغت الخلافات السياسية بيننا، مع ضرورة حصرها في نطاقها السياسي، وعدم إقحام الخلافات الفقهية والمذهبية القديمة في حياتنا، لحرف البوصلة وتضييع حقوق الشعوب في حياة حرة كريمة عادلة.

إن خلافنا اليوم ليس حول الصلاة ونواقض الوضوء ومبطلات الصيام، وأيهما أحق وأصح، فلكل مذهب إسلامي فقهه وعلماؤه وأتباعه، ولا يحقّ لأحدٍ أن يكفّر الآخر، أو يطالب بقتله واستباحة دمه وانتهاك حقوقه فقط لاختلافه في المعتقد، وهذه يجب أن تكون من الثوابت والمسلمات.

من الغريب أن نذكّر بمثل هذه البديهية في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، بعد مرور سبعة عقود على اعتراف أكبر هيئة إسلامية في العالم، الأزهر الشريف، في عصره الذهبي، بوجود سبعة مذاهب إسلامية على باب المساواة؛ وبعد مرور عقدٍ من اعتماد ذلك رسمياً في منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم أكثر من خمسة وخمسين بلداً مسلماً.

إن العاصفة اليوم تضرب الجميع، وعرّاب الفتنة «داعش» ينشر الفوضى ويعبث بمصائر الشعوب والدول، من الخليج والعراق والشام، إلى مصر وليبيا وتونس. وأغلبها دولٌ ذات أغلبية كاسحة من أهل السنة والجماعة، وضحاياه منهم يفوق ضحاياه من بقية المذاهب والأقليات.

في افتتاحية صحيفته الالكترونية الجمعة، قال عبدالباري عطوان إن الصلاة المشتركة لا تكفي لاستئصال أمراض الفتنة الطائفية العميقة، «ولنكن صرحاء ونعترف بأن الحكومات الخليجية، أو معظمها، صمتت على أعمال التحريض والشحن الطائفي طوال السنوات الماضية»، وغضت النظر عن جمع الأموال لدعم جماعات متطرفة على أمل التسريع بإسقاط النظام السوري، كما موّلت قنوات تلفزيونية يتربع على منابرها دعاةٌ تفنّنوا في تعبئة الرأي العام السني ضد كل ما هي شيعي، ولم نشاهد مطلقاً القنوات الرسمية الخليجية تشجّع على التعايش بين الطوائف، والتسامح مع الآخر. وأضاف: «لقد سمعنا عن تشريعات تحكم بالسجن عشر سنوات لصاحب تغريدة على «تويتر» تطالب بإصلاح سياسي، ولكننا لم نقرأ عن قانون واحد يجرم الفتنة الطائفية».

إن الوضع يتطلب إصلاحاً عميقاً بعمق الخلل والانحرافات في أوضاعنا السياسية والإعلامية، وإصلاح مناهج التعليم التي تكفّر الآخر، ومعاملة المواطنين وفق قيم العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، واحترام حقوق الإنسان ومنع التمييز.

إننا في مواجهة العاصفة التي ستجتاح الجميع، مخيّرون –كما قال مارتن لوثر- بين «أن نحيا متعايشين كعقلاء، أو نفنى كأغبياء».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4684 - السبت 04 يوليو 2015م الموافق 17 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 1:13 م

      أشعر بالرعب من العاصفة القادمة على المنطقة... ام محمود

      ..هناك عواصف و رياح عاتية تشبه تسونامى اراها تقترب من دولنا الخليجية و العربية هي داعش و الهجمات التي من الممكن ان تقوم بها لتهز و تطير بالاوطان .. تكلمنا كثيرا عن الاخطاء من بداية الازمة قبل 4 سنوات و هذا النهج المدمر لضرب سوريا و حلفاؤها ومنهم ايران .... بين قوسين خلق هذه التنظيمات المتوحشة و جعل هذا الكم الهائل من الكراهية و الفتك بكل فرد ...او مسجد .... بالاضافة لاسباب أخرى تتعلق ...... .. الان لن تفيدكم الصلاة الموحدة و لا تغيير المناهج الامور خرجت عن السيطرة ل الاسف

    • زائر 16 | 9:39 ص

      الوحدة الوطنية لا تكلف أي شئ ولا تلغي أي مطالب عادلة

      والاكيد المكونين الرئيسيين العزيزين يشتاقون لهذا وبقية الأطياف هذه مسلمات فهل نعمل بصدق بيننا نحنوا المواطنين ولادخل للسلطة بهذا صدقوني إرجاع الثقة بيننا وإبعاد الشك هذا كفيل بحلحلة الأزمة اللقاء يجب أن يكون بين المواثرين في المكونين من جميع الاتجاهات وأي مطالب لايمكن أن تعدم الثقة بين أي شعب

    • زائر 15 | 9:30 ص

      لن انسى الطائفيين الين سبو مذهبي وطائفتي وكان ينعتوننا بالمجوس والكلب وغيرها من الكلمات البدئية وهي تنتمي الى ........

      اولا قبل ما تدعو الى صلاة جماعة بين الطائفتين انت اول .....تحتاج ...... من الطائفيين والدواعش والافكار الظالة

    • زائر 14 | 7:34 ص

      أسامة مهنا التميمي

      هذا الشخص الشريف جاء أكثر من مرة للصلاة في الدراز مع أخوته الشيعة وكادوا يضعوه بدل عيونهم وهو محل ترحيب من الجميع، إذا أردنا صلاة موحدة ليذهب كل منا للآخر بهذه الروح الوطنية الإسلامية وإلا فكله ديكور غير متناسق

    • زائر 13 | 7:26 ص

      بيت القصيد

      إننا في مواجهة العاصفة التي ستجتاح الجميع، مخيّرون –كما قال مارتن لوثر- بين «أن نحيا متعايشين كعقلاء، أو نفنى كأغبياء».

    • زائر 12 | 7:00 ص

      احسنت سيدنا

      الوضع فى البحرين لن يتعدل حتى اطلاق جميع الرمووز والشيوخ والمعتقلين والمعتقلات من السجون والجلوس على طاولة الحوار وان يكون الشعب مصدر السلطات والى لن يتعدل الوضع وراح تستمر الازمة والوضع الاقتصادى كل ما جليه فى الحضيض انصحكم ان تكفوا عن عنادكم وظلمكم للناس واعطاء الناس حقوقها وابعاد تفضيل الاجنبي على المواطن الشريف واحنه السنه والشيعة نريد حياة كريمة مثل باقي الدول الخليج والله يصلح الوضع

    • زائر 11 | 6:50 ص

      مقال واقعي

      لا لتمييع القضية. المشكلة ليست مذهبية. المشكلة العدل في الحكم وبيت اقصيد وثيقة المنامة

    • زائر 10 | 5:46 ص

      أي صلاة تفيد مادام هناك دعاة كراهية وتحريض

      ولا الف صلاة ما دام يطلع لنا ناس طائفيين يدعون علانية لعدم الصلاة وراء الامام لانه شيعي. هؤلاء دعاة فتنة وطائفية وكراهية.

    • زائر 9 | 4:57 ص

      محاسبة أصحاب الفتنة ودعاة الكراهية

      المفروض يتم محاسبة من دعا لعدم الصلاة املوحدة وحرض على الطائفة الاخرى لانه داعية فتنة وتحريض على اكلراهية. متى سيحاسبونه هو وامثاله؟

    • زائر 8 | 3:41 ص

      للامانة ما حصل هو سذاجه

      أنا ادعو للوحده ولكن ليس بهذا الشكل الساذج. في البحرين وعلى مر السنين جمع بين الطائفتين من مقومات واسباب الوحده ما هو اكبر من مجرد صلاة موحده وفي النهاية وعندما تحول اختلاف سياسي بحت الى خلاف مذهبي بحت نضحت الانفس بما فيها من تخلف وحماقة عمياء. قال تعالى (وتحسبهم جميعا وقلوبهم شتى). الصلاة الموحده هي اداة فاعلة اتوحيد الامة السلامية ولكن هذا اعتمادا على خلفيات هذه الصلاة ولكم في الكويت مثال يحتذى به. خلاصة القول قبل ان نتطهر للصلاة فالنطهر قلوبنا من المرض, ولنعقل ما هو خلاف سياسي وديني

    • زائر 7 | 3:32 ص

      «أن نحيا متعايشين كعقلاء، أو نفنى كأغبياء» البعض يرىء هكذا

      «أن نحيا متعايشين كعقلاء، أو نفنى كأغبياء» البعض يرى هكذا نفنى كأغبياء عادي لاانه انسان جاهل حاقد طائفي غبي فالثانية تحلو له

    • زائر 6 | 2:53 ص

      عمان نموذجاً

      لماذا لا يتم اعتماد النموذج العماني الراقي في دول الخليج؟ يجب النظر لهذه التجربة والثقافة العمانية وروح التعايش الأصيلة في هذا المجتمع المسالم العزيز، ونشر ذلك في دولنا. يا جماعة لكم دينكم ولي دين. التكفير والاتهامات لا توصل لنتيجة وتخرب الأوطان. اسألو انفسكم لمصلحة من الفرقة والتناحر بين المسلمين

    • زائر 5 | 2:32 ص

      العمل في السياسة لايمكن ان يفرق كل شعوب العالم المتحضر تعمل بهذا

      ولم تحدث بينها أي فتنة لانها تعمل مشتركة ولم تجزىء نفسها ويوجد فيها أكثر من بلداننا ديانات ومذاهب والكل يتعبد على حسب معتقده ودور العبادة المختلفة قريبة من بعض وهذا أصبح معتاد في حياتهم الفرق نحنوا انشانا أحزاب دينية ومذهبية للعمل في السياسة ولم ننشرها على أساس المواطنة فقط ويشترك فيها الجميع

    • زائر 4 | 2:19 ص

      مايفيد

      صليتون مع بعض او كل واحد يصلي بروحه اهم شي كل واحد بعترف بالاخر ولا يقوم السني ويدعي انه من اهل الجنه وغيره لا او ان صلاته هي الاصح
      لا بد من تشريع قانون يمنع ان تكفر من قال لا اله الا الله ولا يتمسكون بفكر ضال يؤمن باتجسيم كعقيده

    • زائر 3 | 1:48 ص

      أحد النشطاء الالكترونيين قال

      في هاشتاق لن أصلي خلف إمام شيعي ؟؟ وقال أن مشايخ مذهبه لا يقرون بصحة صلاة الشيعة ولا صحة وضوئهم ؟؟ بينما المعروف عن علماء المذهبين يوجبون الصلاة موحدة وخصوصا عندما توحد الصف الاسلامي ؟؟ حقيقة لم نر هذا الا من أحد وقف ضد هذه الصلاة سواه ؟
      عموما سوف نصلي الجمعة القادمة عندما تقام الصلاة في مسجد لإخوتنا السنة ؟؟ للأسف قسمنا مساجد الله إلى شيعية وسنية ما هي إلا أسماء سميتموها

    • زائر 2 | 1:42 ص

      الصلاه الموحده

      الصلاه الموحده خطوه جيده ولكنها لا تكفي فعلا كما قال الكاتب الكبير عبدالباري عطوان لان مشاكل المنطقه ومن ضمنها البحرين هي مشاكل سياسيه بالاساس ..ان وجد الحل السياسي ستزول هذه الصراعات تدريجيا

    • زائر 1 | 1:27 ص

      كونوا واقعيين

      صحيح ان تمت الصلاة الموحدة على اكمل وجه ورسموا ملامح جميلة للتألف بين السنة والشيعة ... بس لنكن واقعيين بعض الذين صلوا مع بعضهم هم نفسهم من سبوا وسخروا من الطائفة الاخرى في السنوات الماضية

اقرأ ايضاً