العدد 4685 - الأحد 05 يوليو 2015م الموافق 18 رمضان 1436هـ

التسامح

نبيل حسن تمام comments [at] alwasatnews.com

طبيب بحريني

التسامح - حسب تعريفات «ويكيبيديا» - هو الشعور بالرحمة والتعاطف والحنان. والتسامح هو أن تفتح قلبك وأن لا يكون هناك شعور بالغضب ولا لوجود للمشاعر السلبية لأي شخص أمامك. والتسامح هو أن تطلب السماح من نفسك أولاً ومن الآخرين.

التسامح في اللغة من السماحة: السين، والميم، والحاء، أصل يدل على السلاسة والسهولة. مثال سمح وأسمح: أي جاد وأعطى عن كرم وسخاء وسهولة ذلك عليه. السماح والسماحة: الجود، وسمح به: أي جاد به، وسمح لي: أي أعطاني، والمسامحة: المساهلة، وتسامحوا: تساهلوا.

والتسامح اصطلاحاً، يعني «العفو عند المقدرة»، وعدم رد الإساءة بالإساءة والترفع عن الصغائر والسمو بالنفس البشرية إلى مرتبة أخلاقية عالية. والتسامح أخلاقياً واجتماعياً، له دور وأهمية كبرى في تحقيق وحدة وتماسك المجتمعات والقضاء على الخلافات والصراعات بين الأفراد والجماعات.

والتسامح حقوقياً وإنسانياً، يعتبر ركيزة أساسية لحقوق الإنسان والديمقراطية والعدل والحريات الإنسانية العامة، وتم التطرق إليه في ميثاق الأمم المتحدة حيث تم الإعلان عن مبادئ التسامح في المؤتمر العام لليونيسكو العام 1995، وكان العام 1996 عاماً دولياً للتسامح.

وفي الشعر نقرأ ما جاء عن التسامح في الأبيات الجميلة التالية:

لأن التسامح نقطة ضعفي

فمازلت تحظى بودّي ولطفي

ومازلت تطعنني كل يوم

فلا يتصدى لطعنك سيفي

لأنك لا تستطيع الصمود

إذا غاب عنك حناني ولطفي

وقدر ورد التسامح في القرآن الكريم في عدة سُوَر، نذكر منها سورة «المائدة» في قوله تعالى: «فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرّفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً ممّا ذُكّروا به ولا تزال تطلع على خائنةٍ منهم إلا قليلاً منهم، فاعفوا واصفحوا، إن الله يحب المحسنين».

وفي سيرة الرسول الأعظم تمثل التسامح في أحد مشاهده الرائعة يوم فتح مكة، حيث كان أهل قريش ينتظرون حكم الرسول محمد فيهم، فقال: «ما تظنون أني فاعل بكم؟»، فقالوا: «خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريم»، فقال: «لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم»، حيث ترتّب على هذا العفو العام حفظ الأنفس من القتل والسبي وإبقاء الأموال المنقولة والأراضي بيد أصحابها وعدم فرض الخراج عليها. ولقد قال الشاعر أحمد شوقي في مدح تسامح الرسول:

وإذا عفوت فقادراً ومقدراً

لا يستهين بعفوك الجهلاء

وإذا رحمت فأنت أمٌ أو أب

هذان في الدنيا هما الرحماء

وفي حياة السيد المسيح عيسى (ع)، سأله القديس بطرس يوماً قائلاً: هل إلى سبع مرات يخطئ إليَّ أخي وأسامحه، فأجاب المخلّص: لا، بل إلى سبعين مرة. وجاء في الكتاب المقدس، الإنجيل، (لوقا، 37): «لا تدينوا فلا تدانوا، لا تقضوا على أحد فلا يقضى عليكم، إغفروا يغفر لكم». وجاء في (متى، 5: 9): «طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون».

والتسامح الديني مصطلحٌ يُقصد منه التسامح بين أتباع الأديان، بحيث يحترم الحرية الشخصية لكل شخص يؤدي شعائره وطقوسه الدينية، ويقوم على مبدأ قبول الآخر باختلافه وتباينه. إنه الاعتراف الهادئ بوجود التباينات، ومن ثم احترام هذه التباينات باعتبارها إثراءً للوجود البشري ودعوة إلى التعارف والتثاقف: «يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم».

أما في السياسة، فيتمثل التسامح في استعداد المرء لتحمل آراء الآخرين وممارستهم لحريتهم، كأحد أساسيات مبادئ الديمقراطية، ما يقتضي ضمان الحريات السياسية للأفراد والجماعات.

إقرأ أيضا لـ "نبيل حسن تمام"

العدد 4685 - الأحد 05 يوليو 2015م الموافق 18 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:02 م

      لامس‏ ‏روحي

      مقال‏ ‏جميل‏ ‏
      سأحاول‏ ‏ان‏ ‏اتخذ‏ ‏من‏ ‏التسامح‏ ‏مبدأ‏ .

    • زائر 3 زائر 1 | 2:15 ص

      بارك الله.فيه أحلى التسامح ؟

      احسنت دكتور بارك الله فيك.. لو كل الناس سامحت وتسامحت لعم الحب بين الجميع . يقول تعالى: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم .. نعم للحب والتسامح ..تحياتي لك ابو فاطمة ..

اقرأ ايضاً