العدد 4744 - الأربعاء 02 سبتمبر 2015م الموافق 19 ذي القعدة 1436هـ

الحراك الجماهيري ضد الفساد... ينتقل إلى لبنان وماليزيا

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

كتبت سابقاً مقالاً بعنوان الفساد يفجر الاحتجاجات حول العالم، وتعرضت فيه لحركة احتجاجات جماهيرية واسعة في كل من العراق والبرازيل واليونان. ويبدو أننا نشهد بداية لحراك عالمي منطلق من الوطن العربي، مشابه لحراك الربيع العربي، وهذه المرة تحت شعار: «تنظيف السياسة من الفاسدين»! فإضافة إلى البلدان الثلاثة، فقد انطلقت حركة جماهيرية لا سابق لها في بلدين آخرين...هما لبنان وماليزيا.

تفجرت الحركة في لبنان، إثر أزمة الزبالة التي تراكمت في شوارع بيروت، بعد أن فاض مكبُّ الزبالة التقليدي جنوبي بيروت ولم يعد هناك مكبٌّ جديدٌ. وفي ظل أوضاع لبنانية تتسم بضعف شديد للدولة، وتسيب حكومي من أبرز تجلياته فراغ منصب الرئاسة لأكثر من عامين. وانقسام بين فريقي الحكومة 8 آذار و14 آذار، ما ترتب عليه أزمة جديدة هي أزمة نفايات بيروت. من هنا انطلقت حركة جماهيرية شعارها: «طلعت ريحتكم»، تحتشد كل يوم سبت في ساحة الشهداء ورياض الصلح وسط بيروت، مبتدئةً بالمطالبة بإقالة وزير البيئة، ثم استقالة الحكومة. لكنها تطورت للمطالبة برحيل الطبقة السياسية الفاسدة من كل الأحزاب والأطياف، والمطالبة بدولة تقوم بعيداً عن المحاصصة الطائفية، وبرلمان يقوم على قاعدة الصوت الواحد للناخب الواحد، ومرشحين عن كل الشعب اللبناني، وليس عن طوائفهم الستة عشرة كما هو قائم حاليّاً، وأن لا يمثل الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان) طوائفهم بل الشعب اللبناني، وكذلك الوزراء والنواب.

والمحتجون من مختلف المناطق والمذاهب والأديان اللبنانية، يحملون علماً واحداً هو علم لبنان، وشعارهم لبنان نظيف سياسيّاً وبيئيّاً. والطبقة السياسية المشغولة بمناكفاتها وتقاسم الكعكة، والمرتهنة لدول خارجية، فوجئت بالحراك وحجمه وبالاستجابة الجماهيرية الواسعة له، لكنها غير قادرة على استيعابه أو تنفيذ مطالبه، ولذلك فالتطورات مفتوحة على الاحتمالات كافة، وخصوصاً إذا قدّمت الوزارة استقالتها لمجلس النواب. ويواجه لبنان بذلك فراغاً سياسيّاً، المطلوب أن يملأه ممثلو الشعب اللبناني... ولكن كيف؟ على المحتجين أن يوجدوا هيئة تمثلهم أولاً، لتستعد لمواجهة التطورات.

أما البلد الثاني الذي بدأ يشهد حراكاً جماهيريّاً لا سابق له فهو ماليزيا، والذي سأتوجه إليه ضمن وفد الجمعية البحرينية للشفافية لحضور المؤتمر الدولي لمكافحة الفساد في كوالالمبور خلال الفترة من 2 إلى 5 سبتمبر/ أيلول الجاري، فيما الاحتجاجات ضد رئيس الوزراء نجيب عبدالرزاق، بعد تفجر فضيحة فساد لا سابق لها في استيلائه على ما يقارب 700 مليون دولار من الأموال العامة. وقد اتخذ المحتجون شعار: «بيريش» باللغة الملاوية، أي «نظيف»، عنواناً لحراكهم، واتخذوا من القمصان الصفر علامةً مميزةً لهم.

وقد اكتسبت الاحتجاجات والاعتصام في ساحة الاستقلال زخماً كبيراً بحضور باني نهضة ماليزيا مهاتير محمد إلى ساحة الاحتجاج يوم السبت الماضي ( 29 أغسطس/ آب) حيث طالب برحيل رئيس الوزراء، لكن الاحتجاجات تجاوزت المطالبة برحيل رئيس الوزراء، إلى المطالبة بتنظيف الدولة من الفاسدين، وإصلاح النظام السياسي الذي يتيح لحزب واحد، وهو المنظمة الوطنية لكل ماليزيا، الهيمنة على الحياة السياسية واحتكار تشكيل الحكومة منذ الاستقلال في 1957، على رغم النجاحات الكبيرة التي حققها، إذ أضحت ماليزيا عملاقاً اقتصاديّاً ناجحاً ودولة مستقرة، وسط الفوضى والتقلبات في منطقة جنوب شرق آسيا.

ولقد تابعنا في الجمعية في الأشهر الأخيرة اعتقال نشطاء من «جمعية الشفافية الماليزية»، ونشطاء سياسيين، بحيث طالب البعض بإلغاء مؤتمر الشفافية الدولية السنوي والمؤتمر العالمي لمكافحة الفساد الذي يتبعه والمقرّر عقدهما في كوالالمبور، لكن وبعد مشاورات مع الجمعية الماليزية للشفافية ورئيسها داتوك أكبر، اتفق على أنه على العكس من ذلك، فانعقاد المؤتمرين سيكون مناسبة لدعم حركة الشعب الماليزي لمكافحة الفساد والفاسدين وتنظيف الدولة الماليزية منهم. ومن تباشير ذلك مشاركة الوفود في الاعتصام الاحتجاجي في ساحة الاستقلال خلال 25 – 30 أغسطس المطالبة بنظام انتخابي عادل. وقد أصدر رئيس منظمة الشفافية الدولية جوزيه ايجاز بياناً من كوالالمبور في (29 مايو/ أيار2015) أكّد فيه حق الناس في التجمع السلمي دون استفزاز أو خوف من العقاب. وطالب باستماع حكومة ماليزيا لمطالب الناس، ونوّه إلى أن عزل المدعي العام الماليزي، والتلاعب بالهيئة الماليزية لمكافحة الفساد هي خطوات إلى الوراء. كما أن التحالف من أجل الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، والذي يشارك أيضاً في المؤتمرين، أصدر بياناً يؤكد فيه حق الماليزيين في التنظيم والتجمع والمشاركة السياسية وحرية التعبير ومكافحة الفساد.

يبدو أن حركة الاحتجاجات في لبنان وماليزيا ماضية قدماً إلى جانب البلدان الثلاثة السابقة، وهي: العراق والبرازيل واليونان، ويمكن أن تمتد العدوى إلى بلدان أخرى، في تجديد خلاَّق لربيع الديمقراطية الذي انطلق في 2011 ويتجدّد بإضافة حافز جديد، وهو مكافحة الفساد وتنظيف الحياة السياسية من الفاسدين والمفسدين.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4744 - الأربعاء 02 سبتمبر 2015م الموافق 19 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:42 ص

      علينا هالحركات؟ أولاد البارحة مفكرينا؟

      يعني ميشيل عون مسوي روحه ماله شغل بالإعتصامات و #طلعت_ريحتكم؟ لا يبه ... إذا الحزب الإيراني يفكر أنه راح يستفرد بلبنان و يعمل فراغ دستوري ... بعد ما عطل مجلس النواب و عطل انتخاب الرئيس ... أقول مشو بوزكم ... و إن شاء الله يظل لبنان زبالة ... سياسة لي الذراع هذي خلاص انتهت ... ميشل عون ما راح يصير رئيس للبنان.

    • زائر 1 | 12:37 ص

      يجب ان تباد الشعوب كلها لكي يبقى الحكام

      حكام معصومون ومنزلون من السماء تخرج عليهم شعوبهم الهمج الرعاع غريبة.
      لذلك يجب ابادة كل الشعوب لكي يرتاح الحكام

اقرأ ايضاً