العدد 4769 - الأحد 27 سبتمبر 2015م الموافق 13 ذي الحجة 1436هـ

طاقات شبابية واعدة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من أفضل ما تكشّف عنه مهرجان «أصوات» السينمائي الذي سلّط الأضواء على الأفلام الإنسانية التي تتناول قضايا ذوي الإعاقة، هو وجود كل هذه الطاقات البحرينية الشابة المستعدة للانخراط في العمل التطوعي.

كثيراً ما كنّا نتكلّم عن انحسار العمل التطوعي، واقتصاره في السنوات الأخيرة على الجيل الأربعيني والخمسيني، ممن تلقى تنشئة اجتماعية دينية أو فكرية معينة في الغالب، إلا أن الأنشطة الجديدة تكشف عن وجود أعداد كبيرة من الشباب مستعدة للعمل والعطاء، وإن في مجالاتٍ أخرى.

قبل ثلاثين عاماً، كانت الأكثرية تنخرط في الجمعيات الدينية والخيرية والأهلية، تزامناً مع صعود ما كان يعرف حينها بـ «الصحوة» الإسلامية. وقبل خمسة عشر عاماً، اتجه الكثيرون للالتحاق بالجمعيات السياسية والمؤسسات الحقوقية، التي تعرّضت مؤخراً للقمع والملاحقة والتضييق. ويبدو أن المرحلة الجديدة ستشهد إقبالاً واسعاً على الفنون، مثل التصوير والتمثيل والسينما. والنشاط الأخير يفتح باباً واسعاً للإبداع والتعبير عن الذات أو الشأن العام، فضلاً عمّا يجلبه من شهرة، على خلاف العمل التطوعي الخيري الذي يتم غالباً بعيداً عن الأضواء.

في مهرجان «أصوات»، الذي نظّمته «جمعية الصم البحرينية» بالتعاون مع «مؤسسة نقش للأفلام»، في الفترة ما بين 10- 12 سبتمبر 2015، شارك فيه أكثر من 170 متطوعاً أغلبهم من الشباب الواعد. وتشكّل الفتيات 70 في المئة من المتطوعين، الذين توزّعوا على لجان تنظيمية عدة للعمل من دون مقابل، مثل لجنة الاستقبال، والتشريفات، والإعلام، وفرق التصوير والتنظيم. كما كان لأعضاء نادي «التوستماستر» المهتم بالخطابة، مشاركةٌ في هذا المهرجان السينمائي أيضاً.

المسابقة تقدّم لها 229 فيلماً من 52 دولة، من بينها 7 أفلام بحرينية من إنتاج شبابي، مثل «زينب»، لمحمد إبراهيم عن فتاة كفيفة، و «صدقة» لعبدالهادي أمان، و «على الضفاف» لحسين الجمري، وقد شاهدت بعضها في ندوةٍٍ نظمتها «الوسط» قبل أشهر، احتفاءً بهذا الجيل الشبابي وتعريفاً بإبداعاته، حيث حضر يومها بعض الفنانين والكتّاب المعروفين والمهتمين بـ «الفن السابع». ومن الأفلام الجديدة فيلم «إشارة وإحساس»، الذي مثّله عددٌ من الصم البحرينيين للتعبير عن معاناتهم في التواصل مع مجتمع الناطقين، حيث يحتاج الشاب بائع السمك إلى «فكّة» من بائع البرادة، الذي لم يفهم طلبه إلا بعد شقّ الأنفس.

المتطوعون أغلبهم من مجموعات شبابية تحبّ العمل التطوعي، وتقوم بمبادراتٍ ومشاركات مع الجمعيات الأخرى، وكثيرٌ منهم يعتمد على إمكانياته الذاتية المحدودة، حيث أكثرهم لا يعملون لأنهم طلبة مدارس أو جامعات، مع قلة الرعاة والداعمين لمثل هذه الفعاليات نتيجة ازدياد تراجع الوضع الاقتصادي.

قبل سنوات كتبت متمنياً على الجمعيات الكبرى ألا يقتصر عملها على الجانب السياسي، وأن تهتم بتوجيه الشباب للانخراط في الأعمال التطوعية، فهو الوجه الأنصع والأجمل والأكثر عطاءً ومردوداً في صحراء السياسة العربية التي لا تثمر إلا الحنظل. وكان واضحاً قلة توجّه الشباب للعمل التطوعي، حيث كان يحضرني دائماً أوضاع الصناديق الخيرية التي كانت تعاني من زهد الشباب في الإقبال عليها. وهي حالةٌ مازالت مستمرةً حتى الآن، ما يدعو لتجديد الدعوة للشباب لولوج هذا الباب الذي فتحه الله للمخلصين الباحثين عن خدمة الناس في الدنيا وثواب الآخرة.

نحن فخورون بهذه الطاقات الشبابية، والدنيا مازالت بخير بفضل وجودكم والتحاقكم بالعمل التطوعي حباً ورغبةً ومن دون مقابل. وهي ميزةٌ أصيلةٌ قلّما تجدونها في بلدان أخرى مجاورة، فهذه هي سجايا شعب البحرين الذي فُطر على العطاء وعمل الخير وخدمة المجتمع.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4769 - الأحد 27 سبتمبر 2015م الموافق 13 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:26 ص

      كلمة تشجيع

      يستحقها الشباب المجتهد صاحب الافكار الابداعية

    • زائر 1 | 2:58 ص

      ابو عبدالله البلادي

      سيدنا البلد مليء بالشباب المعطاء والمبدع ينقصه التوجيه والدعم، وخصوصا انخراطه في الامور الفنية والتقنية بدرجات احترافية وبصورة (تبيّض الوجه)
      العمل المؤسساتي (المعقد) ضمن الجمعيات الخيرية او الصناديق يقيد هذي النوعية من الشباب النشيط والحركي، لنا تجارب مع مؤسسات باءت بالفشل وأنت تعلم ذلك...... بسبب احتكار وهيمنة عقلية معينة وفردية على جميع مفاصل هذه الجمعية واقصاء دور الشباب بصورة مباشرة -وغير مباشرة- وصدّه لمقترحاتهم بصورة مقصودة -وغير مقصودة-.. مما يؤوول بالختام الى تقاعس الشباب وانزوائهم

اقرأ ايضاً