العدد 4793 - الأربعاء 21 أكتوبر 2015م الموافق 07 محرم 1437هـ

العالم يحتفي بالحقوقيين والربيع العربي

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

خلال الأيام القليلة الماضية تتالت المفاجآت السارة بفوز عدد من المنظمات والشخصيات الحقوقية العربية تقديراً لدورها وتضحياتها من أجل الدفاع وتعزير حقوق الإنسان، أو لإسهامها في التحول الديمقراطي كما هو حال تونس، والغريب أن الفوز بجوائز عالمية شمل هذا العام منطقتين عربيتين متباعدتين هما الجزيرة العربية وتونس الخضراء.

يسهم هذا التكريم للحقوقيين في إلقاء الضوء على النضال من أجل الحرية والكرامة ونضال الحركة والشخصيات الحقوقية من أجل صون حقوق الإنسان بكل مهنية، ونكران ذات، فعسى أن يدفع ذلك الأنظمة الحاكمة للتخلي عن سياساتها وفتح الحوار مع شعوبها ونخبها الثقافية وفي مقدمتها الحركة الحقوقية، بدءاً بإطلاق سراح الحقوقيين ورفع القيود عنهم وعن منظماتهم.

ونأتي إلى فوز رباعي الحوار التونسي ويتكون من الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وهي أول منظمة عربية لحقوق الإنسان وقد تأسست في 1977 والاتحاد التونسي للشغل وهو أيضاً من أقدم الاتحادات النقابية العربية وقد أسهم في معركة الاستقلال ثم في النضال من أجل الحريات العامة والنقابية خصوصاً واستقلالية الحركة النقابية وحقوق العمال في ظل حكمي الاستبداد المديد في عهدي الرئيسين الأسبقين الحبيب بورقية وزين العابدين بن علي من 1947 حتى 2011، والهيئة الوطنية للمحامين والتي تمثل تنسيقية جمعيات المحامين الجهوية في تونس، والتي يشهد تاريخها على نضالها خلال العهد البائد في الدفاع عن استقلالية مهنة المحاماة وقيمها في ظل إكراهات عديدة، وأخيراً منظمة الأعراف وهي أيضاً هيئة تنسيقية لجمعيات أرباب الأعمال والحرف التقليدية في تونس، والتي وإن لم يكن لها دور بارز خلال العهد البائد، إلا أن دورها برز في العهد الجديد لثورة الياسمين شديدة التقلبات. لقد لعب التحالف الرباعي دوراً حاسماً في إخراج تونس من عنق الزجاجة وتجنب خطر انتكاسة ثورتها ودخول البلاد حالة الحرب الأهلية.

فقد أسهمت الرباعية في التوسط لمحادثات ماراثونية مع مختلف الأحزاب إثر انتشار موجة العنف والاغتيالات من قبل المنظمات التكفيرية بحق المناضلين الديمقراطيين وخصوصاً إثر اغتيال محمد البراهمي في 25 يوليو/ تموز 2013، وخطورة انزلاق البلاد الى حرب أهلية. ويعود الفضل لرباعي الحوار في إقناع التحالف الحاكم الذي يقوده حزب النهضة الإسلامي بزعامة الغنوشي، باستقالة حكومته برئاسة البشير العريضي وتشكيل حكومة تكنوقراط، أشرفت على إجراء انتخابات نيابية ورئاسية، أفرزت سلطة تشريعية ورئاسية الفائز الأول فيها حزب نداء تونس بزعامة القائد السبسي الذي يمثل تحالفاً ليبرالياً واسعاً، عمد بدوره إلى تشكيل حكومة ائتلافية تضم خصمه حزب النهضة وأحزاب أخرى، والأهم إقرار دستور عصري، به ضمانات قوية للحريات العامة والحقوق ومساواة الجنسين. بل إن رئيس الحكومة هو شخصية توافقيه مستقلة.

هذه المنظمات الأربع تجسد في بنيتها وآلياتها ودورها الاستقلالية والديمقراطية والتعددية ليس الآن؛ بل على امتداد عقود في ظل عهد الاستبداد المديد، وهي تعكس قدرة المجتمع المدني التونسي ودوره النشط في الدفاع عن الحريات في ظل العهد البائد، والدور البناء في خلق توافق فيما بين مكونات المجتمع التونسي، في ظل حرب تشنها المنظمات التكفيرية حيث نفذت عمليات دموية في متحف باردو ومنتجع سوسة، لضرب قطاع السياحة الحيوي، وبذا فإن هذه المنظمات الأربع ومنظمات المجتمع المدني الأخرى تسهم في عبور تونس لتقطف ثمرات ثورة الياسمين. وبهذا فإنّ تونس تقدم النموذج الناجح للانتقال من مرحلة الثورة الى مرحلة بناء الدولة الديمقراطية المدنية بأقل قدر من الخسائر خلافاً لما حدث في باقي الساحات العربية.

من هنا فإنّ فوز رباعي الحوار التونسي هو اعتراف وتقدير للربيع العربي وطليعته تونس. وأخيراً التفت العالم إلى مناضلين ومنظمات مناضلة عربية تسهم في وضع التاريخ الجديد لعالم عربي خال من الاستبداد والكراهية والتمييز والتكفير إلى عالم الحرية والكرامة والتسامح الرحب.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4793 - الأربعاء 21 أكتوبر 2015م الموافق 07 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 5:33 ص

      دول سخرت عائدات النفط للقضاء على تطلعات الشعوب

      ستأتي نقمة شعبية اخرى لكن هذه المرة لن تكون كسابقتها وسوف تنتقم من كل حاول وضع العصى بالدولاب

    • زائر 5 | 2:31 ص

      إلى زائر 1أحترم رايك ولكن

      لم تكن مع التوانسة الفقراء والمعدمين في زمن بن علي الذين لا تصلهم الكاميرا
      لم تكن مع التوانسة في سنوات الجمر وقمع الحريات
      لم تكن مع التوانسة حين تعذبت نخبتهم السياسية والعلمية والثقافية والفكرية في غياهب سجون بن علي
      ثق أن من يطلب عودة بن علي وأمثاله هي فقط جماعة المنتفعين والأدوات الخارجية التي تحركهم

    • زائر 3 | 12:41 ص

      العرب سيحتفلون بيوم قتل الحقوق

      اعتقد انه يوم قادم فهناك دول تعمل على قتل الحقوق الانسانية وهم يطمحون ليوم تكون الحقوق الانسانية معدومة .
      لكن العجب ان هذه الدول التي تحارب الحقوق تتدخّل في بعض البلدان باسم الديمقراطية والحقوق والشرعية ويعطون لأنفسهم الحقّ في تثبيت حاكم واقالة آخر

    • زائر 2 | 11:02 م

      الديمقراطية ترف لا تحتاجه الدول العربية ... أرجوكم تجاوزوا تلك الكليشيهات الغربية!

      الديمقراطية لا تنجح إلا في مجتمع رأسمالي صناعي علماني، ليس لدينا رأسمالية و لسنا مجتمع صناعي و نحن أبعد ما نكون عن العلمانية.
      إذهب و إقرأ أخبار الأمس في صحيفتكم الوسط عن لبنان، البرلمان اللبناني يفشل في انتخاب رئيس للمرة الثلاثين .... ثلاثين مرة لم يستطع البرلمان اللبناني انتخاب رئيس للجمهورية! حتى النفايات و القمامة لم يجدوا لها أي حل في لبنان، أي عبثية أكثر من هذه العبثية! برلمانيين لا يمثلون الشعب الذي انتخبهم، و إنما يمثلون الدول التي تمولهم، هكذا تصبح الديمقراطية في مجتمع متخلف.

    • زائر 1 | 10:56 م

      أي ربيع عربي و أي خرابيط الله يهديك!

      ماذا فعل زين العابدين بن علي حتى تكرهونه كل هذا الكره؟ سجن شوية إسلاميين و عذب شوية و نفى شوية؟ زين بس عاش ملايين التونسيين بسلام و أمان، السياحة كانت أحلى ما يكون، التعليم الجامعي وصل لمراحل أكثر من ممتازة، تونس ليس لديها أي بترول أو غاز، لكن حياة شعبها أحسن من ليبيا و الجزائر في ذلك الوقت.
      ماذا جنت تونس من ربيعكم؟ وصل الإسلاميين للحكم، فشلوا في الحكم، و جاؤوا بالقاعدة التي لم تكن أصلا موجودة في تونس، دمروا الإقتصاد التونسي ... و صار الناس بعد ذلك يطالبون برفاق زين العابدين لكي يحكمونهم!

    • زائر 7 زائر 1 | 5:31 ص

      حين يدافع شخص عن المجرمين

      امة وصفها نبيها باوصاف غيبية وهاهو ما اخبر به النبي كله يظهر حقيقة تلو اخرى.
      تقديس زعماء سفكوا الدماء وقتلوا الابرياء ورهنوا البلاد للاجنبي وباعوا قضايا الامة حتى اصبحت اسوأ الأمم

اقرأ ايضاً