العدد 4798 - الإثنين 26 أكتوبر 2015م الموافق 12 محرم 1437هـ

أعلام في التسامح والسلام... منظمة أديان من أجل السلام

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

لايزال الحديث عن تقارب أتباع الأديان محلّ تشكيك ومزايدات، بل وتوظيف سياسي أحيانًا لخدمة أجندات محددة هنا وهناك. لكن على رغم ذلك يستمرّ العمل حثيثًا في العديد من المنظمات والجمعيات والحركات المؤمنة بضرورة التقارب في عصر صار فيه الاختلاف الديني والمذهبي يوظّف توظيفًا خبيثًا في زرع الفتن وشنّ الحروب وتخريب العمران.

وليس عنّا ببعيد ما وقع في بعض البلدان الإفريقية (أوغندا) في تسعينات القرن الماضي أو في أوروبا (البوسنة والهرسك)، أوما يحصل في بعض بلداننا العربية في العقدين الأول والثاني من هذا القرن وتحديداً في العراق وسورية. من أجل ذلك تستمر حركات التقريب في مساعيها لعلّها تخفف من حدة التوتر الناجم عن الاختلاف الديني أو المذهبي في العالم.

ومن أجل ذلك أيضاً، تأسست حركة أديان من أجل السلام في العام 1970 على شكل ائتلاف متعدد الأديان للنهوض بالعمل المشترك من أجل السلام، والتي نتخذها اليوم نموذجًا وعلمًا من أعلام التسامح والسلام. وتعود بدايات حركة أديان من أجل السلام إلى العام 1961، عندما قامت مجموعة صغيرة من قادة الأديان الرئيسية باستكشاف إمكانية تنظيم «قمة دينية». وفعلاً، وبعد جهد كبير، انعقد المؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام لأول مرة في مدينة كيوتو Kyoto في اليابان ما بين (16و21) من (نوفمبر/ تشرين ثاني 1970)، ويتواصل عملها إلى اليوم لجمع المؤمنين حول العالم للتعاون من أجل السلام.

ولا يختلف عاقلان في مكانة العامل الديني في تحريك البشر نحو أهدافهم؛ إذْ لا يقل عن خمسة مليارات نسمة في العالم ينتمون إلى ديانة ما، سماوية كانت أو وضعية وهم يعيشون في مجتمعات دينية تصغر وتكبر بحسب انتشارها الجغرافي. وعليه فإنّ التحرّك نحو هذه الفئات بخطاب رصين ينبذ العنف وتعزيز العمل المشترك بين المجتمعات الدينية من خلال الحث على السلام والعيش المشترك هو رسالة منظمة أديان من أجل السلام.

وتتألف شبكة أديان من أجل السلام من مجلس عالمي يتألّف من كبار قادة الأديان من جميع أنحاء العالم، بالاضافة إلى ستة مجالس دينية إقليمية، وأكثر من تسعين مجلساً قطريّاً؛ إضافة إلى شبكة النساء المؤمنات العالمية والشبكة العالميّة للشباب المتديّن. وقد اتخذت «أديان من أجل السلام» من مدينة نيويورك مقرًّا رئيسيًّا لها، وقد تمّ اعتمادها لدى الأمم المتحدة كحركة دولية تسعى إلى تعزيز الحوار بين الأديان في جميع أرجاء العالم.

وقد أكّد موقع حركة أديان من أجل السلام ضرورة احترام الاختلافات الدينية، وأضاف: «إننا نعمل بشكل آني متزامن على مختلف الصعد المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية لبناء السلام، وذلك اعتماداً على المعتقدات الراسخة والمشتركة على نطاق واسع بين المنتمين إلى مجتمعات دينية مختلفة حول العالم. إننا نرفض إساءة استخدام الأديان، كما نعمل على تعزيز مسئولياتنا المشتركة لحماية ورعاية بعضنا بعضاً، ولاسيما الفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً بيننا».

ومن المبادئ التوجيهية لمنظمة «أديان من أجل السلام» احترام اختلاف الأديان، والعمل في مضمار القيم الراسخة والمشتركة على نطاق واسع، والمحافظة على هوية كل مجتمع ديني، واحترام الطرق المختلفة التي يتم من خلالها تنظيم المجتمعات الدينية، وأخيراً دعم الهياكل متعددة الأديان ذات القيادة المحلية.

وقد استرشدت حركة أديان من أجل السلام منذ تأسيسها برؤية للعالم تتعاون فيها المجتمعات الدينية بشكل فعّال من أجل السلام، وذلك من خلال العمل المشترك المحسوس، وهي إلى ذلك تلتزم بالجهود الرامية إلى تعزيز التعاون الفاعل للأديان من أجل السلام على المستوى العالمي، والوطني والمحلي.

وقد عقدت أديان من أجل السلام ثمانية تجمّعات عالمية في خمس قارات؛ حيث تمّ التباحث في أساليب المساهمة التي يمكن أن تقدمها المجتمعات الدينية في إحلال السلام، وقد ركزت الاجتماعات الأخيرة (عمّان 1999) و(كيوتو 2006) و(فيننا 2013) على البحث عن الفرص المتجددة لطرح نماذج للسلام والمصالحة أمام عالم متعدد، والترحيب بالآخر: العمل من أجل الكرامة الانسانية، المواطنة، الخير والسعادة للجميع، ورفض اختطاف الأديان من أجل العنف.

وأخيراً وليس آخراً وتحديداً في أبوظبي (ديسمبر/ كانون الأول 2014) دعت أديان من أجل السلام الحكومات إلى التوقف والامتناع عن تمويل ومساندة المجموعات الدينية المتطرفة؛ لأن ذلك يتيح لها أن تنمو وترتكب المزيد من الأعمال الإرهابية. كما شددت على الرفض القطعي للتطرف الديني العنيف وجميع تبريراته، إذ إنّ الدين يشكل قوة روحية وأخلاقية سامية، هدفها إصلاح المجتمعات الإنسانية، وتحقيق الأمن والسلام بين الناس، واحترام حقوقهم وصيانة كرامتهم.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4798 - الإثنين 26 أكتوبر 2015م الموافق 12 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:12 م

      تحرك ضروري

      وعليه فإنّ التحرّك نحو هذه الفئات بخطاب رصين ينبذ العنف وتعزيز العمل المشترك بين المجتمعات الدينية من خلال الحث على السلام والعيش المشترك هو رسالة منظمة أديان من أجل السلام

    • زائر 1 | 12:48 ص

      متى تعود هذه الوظيفة الأصيلة للدين

      إنّ الدين يشكل قوة روحية وأخلاقية سامية، هدفها إصلاح المجتمعات الإنسانية، وتحقيق الأمن والسلام بين الناس، واحترام حقوقهم وصيانة كرامتهم

اقرأ ايضاً