العدد 4816 - الجمعة 13 نوفمبر 2015م الموافق 30 محرم 1437هـ

انطلاقة المؤسسات الصغيرة... من يوقفها؟! (1)

أحمد صباح السلوم

رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عصب أي اقتصاد عالمي قوي، وهي المفتاح وراء نجاح اقتصاديات عملاقة مثل الاقتصاد الأميركي والصيني والبرازيلي والتركي وغيرها، على عكس ما قد يعتقده البعض بأن الشركات العملاقة هي الداعم الأول لمثل هذه الاقتصادات، ولعل الاعتماد على المؤسسات الصغيرة في النهوض باقتصاديات الدول العظمى أثبت نجاحا كبيرا لأن وجود عدد هائل من هذه الشركات يرفد الاقتصاد بعوامل النجاح والتطور لا يؤثر عليه سلبا عندما تقع واحدة أو عشرة أو مئة شركة منهم في أحلك الظروف الاقتصادية، ولكن لك أن تتخيل أن اقتصاد دولة يعتمد بشكل أساسي على 10 شركات عملاقة فقط، ماذا يحدث لو سقطت واحدة منهم أو اثنتان؟ وماذا يحدث لو سقطت خمس أو سبع شركات منهم؟!!

أعتقد أن العواقب ستكون وخيمة وحادة الأثر السلبي، لذا فإن كل الدراسات المقارنة التي أجريت بين الاعتماد على هذين النوعين من الشركات في بناء اقتصاد وطني قوي ومرن لديه القدرة على امتصاص الصدمات بقدر ما هو متنوع وفعال، كانت جميعها تصب في صالح الاقتصاديات القائمة على الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وما يهمني حقيقة في هذا المقال أن أحاول سبر أغوار أسباب تعثر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البحرين خلال السنوات الأخيرة على رغم حرص الدولة –وفقا لتصريحات المسئولين –على دعمها، وإن كان الأداء الفعلي لهذا الدعم لم يرتق حتى الآن إلى المستوى المأمول من قبل أصحاب هذه المؤسسات، ولنكون أكثر تحديدا في وضع كل مسئول أمام مسئوليته، سنحاول في إيجاز التركيز على أسباب تعثر هذه المؤسسات منذ بدايات الانطلاق في نقاط محددة، وهي كالآتي:

-صعوبة استخراج السجلات وتعنت بعض الجهات الحكومية التي تصر على استكمال ومعاينة المشروع تماما قبل انطلاقه، رغم أنه في بعض الأحيان يكون التمويل اللازم لانطلاق المشروع متوقف على موافقة هذه السجلات، وهو ما يضع آمال رائد العمل أو صغار التجار في دائرة مفرغة بين الحصول على التمويل والحصول على الترخيص، ونحن نأمل من وزير الصناعة والتجارة السيد زايد الزياني أن يدرس هذه الإجراءات على أمل المزيد من التسهيل الذي عهدناه منه في الفترة الأخيرة.

-التأخير في استخراج التراخيص يترتب عليه مشكلة أخرى لأصحاب المؤسسات الصغيرة وهي تراكم الديون، لأن التأخير الذي يستمر أسابيع وربما أشهر يعطل افتتاح المؤسسة أو الشركة وبالتالي فإن الالتزامات المادية المترتبة عليها سواء كانت قروضا أو غير ذلك تبدأ في التراكم، فالعقود الموقعة مع جهات التمويل أصبحت سارية المفعول في حين أن العائدات للمشروع «الذي لم يفتتح بعد» لازالت صفرا، وهو ما يمكن أن ينسحب أيضا على رواتب العمال ورسوم التشغيل من كهرباء وهيئة سوق العمل وغيرها.. لذا فإنه من الظلم الفادح أن يبدأ رائد العمل حياته العملية بديون «متراكمة»، فأصبحت الحكومة في هذه الحالة كمن يكبل رجلي «الفتى» ويقول له «انطلق بأقصى سرعتك».

-نقطة أخرى في غاية الأهمية يجب أن تلتفت إليها الحكومة وخاصة الوزارات المعنية بالتراخيص وعلى رأسها البلديات والصحة، وهي أن التعامل من منطلق أن «صاحب العمل مجرم حتى تثبت براءته» هو أخطر ما يمكن أن ينطوي عليه التعامل بين أي جهة حكومية وبين أصحاب الأعمال، لأن هذا المبدأ يحمل في طياته تدمير الاقتصاد الوطني بأكمله، والأصح والأفضل للبحرين ولاقتصادها أن يكون صاحب العمل جادا محبا للوطن حتى يثبت أنه مهمل أو مقصر فتعاقبه، والأمر حقيقة في منتهى اليسر لأن أدوات العقاب جميعها بيد هذه الجهات! وللحديث بقية في المقال المقبل.

إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"

العدد 4816 - الجمعة 13 نوفمبر 2015م الموافق 30 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:52 م

      الى الاستاذ احمد السلوم مع التحية

      لو كان الكلام والكتابة دواء لشفينا من امراضنا منذ زمن طويل ... كلما ذكرته صحيح وعانيت منه وكنت أخاف اكلم احد الموظفين حتي لا يؤخر المعاملة او يرفضه ليومك هذا توجد عندي أفكار جيدة لكن لا احد يسعدك والشروط الموضعة من كل الجهات صعبة جداً شروط السجل التجاري شروط بنوك التمويل اصحاب العقارات وووو حتي تفد الأمل وتنسحب وتموت .. هناك كلام كثي ولكن لا فائدة في قول بل فعل ولكم التحية ونتمنى المساندة من جميع الأطراف وحتي الغرفة لا ننسي تجهلهم لنا

    • زائر 2 زائر 1 | 3:53 م

      مرض الموظفين وليس عجز التشريعات

      لي في التجارة اكثر من 15 عام ولي اكثر من 8 شركات ولم تقيدني التشريعات والقوانين ابدا ولكن لطالما قيدني موظف الكونتر في هذة الوزارة او تلك الهيئة !مساكين هؤلاء يعتقدون ان وظيفتهم تقتضي عرقلة وتعقيد الطلبات !ولا يكترثون بالمدة التي يتتظرها المستثمر ولا يهتمون بمقدار الخسائر وكانك تتوسلهم لتطبيق،ما هو حق اصيل لك ... وكثيرا ما يسالون اسئلة فضولية عن مشروعك وتفاصيلة وكثيرا ما افشو اسرار مستثمرين آخرين خصوصا من قد تاتيهم احكام قضائية وقتية سرعان ما يحلها المستثمر ولكن تبقى حدوثة الموظف المسكين

اقرأ ايضاً