العدد 4828 - الأربعاء 25 نوفمبر 2015م الموافق 12 صفر 1437هـ

بعد اللحم... جاء دور الكهرباء!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لاشك أننا نمر جميعاً، حكومةً وشعباً، بمرحلةٍ اقتصادية صعبة، جرّاء انهيار أسعار النفط منتصف العام الجاري، من 90 إلى 40 دولاراً، فيما تشير بعض التوقعات لاحتمال تدهورها مجدَّداً إلى العشرين.

الحكومة من جانبها اتخذت خطواتٍ لمواجهة الوضع المستجد، من بينها تشكيل فرق عمل لتقليص المصروفات في كل وزارة ومرفق حكومي، وتقليل ساعات العمل الإضافي، والشروع بتطبيق سياسة رفع الدعم عن السلع والخدمات الحكومية. وكلها خطوات يمكن امتصاصها من قبل الجمهور، ما عدا رفع الدعم الذي واجه ردود فعل مختلفة.

رفع الدعم كان أحد الشروط التقليدية التي تفرضها مؤسسات النقد الدولية، وقد أثبتت تجارب الكثير من البلدان، أن هذه الإجراءات لم تعالج الأوضاع الاقتصادية الصعبة وإنّما زادتها تعقيداً، وتسبّبت في إثارة ردود فعل سلبية لتبنيها سياسات غير شعبية اصطدمت بمصالح الطبقات والشرائح الأوسع في المجتمع. والمؤسسات النقدية الدولية تسير وفق نظريات وفلسفات اقتصادية لا تضع أي اعتبار للجانب الإنساني، وبالتالي لا تتضمن سياساتها وحلولها المقترحة أي اهتمام بمصالح الناس أو قوتهم أو معاناتهم. إنهم مجرد أرقام يتم إدخالها في أجهزة الحاسوب للخروج بإحصائيات.

في الأسابيع الأولى لانهيار أسعار النفط، كان همّنا الوحيد أن نرسل «رسائل طمأنة» بأن الأمور كانت وستبقى بخير، ولن يطرأ أي تغيير على حياتنا، وكأننا نعيش في جزيرةٍ معزولةٍ لا تتأثر بالتقلبات الاقتصادية التي تضرب العالم. وفي الأسابيع التالية أخذنا نلمّح للناس بضرورة تطبيق سياسة رفع الدعم، ونشرت بعض الصحف أنها ستشمل 14 سلعة وخدمة، تبدأ باللحوم وتسري إلى الكهرباء والوقود... وتنتهي عند رغيف الخبز.

كانت أزمةً لم نتحسب لحدوثها أو نستعد لها، ولذلك شاب طرق مواجهتنا لها الكثير من التخبط والتناقض والإرباك.

لقد بدأنا برفع الدعم عن اللحوم البيضاء والحمراء، ومع رفع الدعم ارتفع الغطاء عن مشاكل أخرى تتعلق بتكلفة استيرادها ومصدرها ونوعيتها، مما لم يكن المواطن العادي يفكر بها. لقد كانت صدمة كبيرة أن يكتشف الكثيرون منّا، أن الشاورما التي نأكلها كانت من لحوم الجواميس؛ وأن لحوم المائدة من خرافٍ استراليةٍ هرمة، كانت تُربى أساساً لجزّ الصوف.

رفع الدعم عن اللحوم واجه اعتراضات سريعة، خصوصاً لأن الأسعار سترتفع بنسبة تقارب الضعفين. والمفاجأة غير المتوقعة أن أول الضحايا كانوا هم القصابين في سوقي اللحم بالمنامة والمحرق، ومن يتعامل معهم من محلات في المناطق الأخرى. وبحكم التركيبة السكانية، أسرعت الجهات الحكومية إلى السوق الأكبر لردع القصابين حين امتنعوا عن استلام الذبائح بالأسعار الجديدة. لقد حسبته اعتصاماً أو تحدياً ينبغي مواجهته، لكنه كان رد فعل تلقائياً لتجنب الضرر وتقليص الخسائر المرتقبة، واضطروا بعد شهرٍ لاستقبال عددٍ محدودٍ من الذبائح مع قلة الإقبال من المشترين.

أما في المحرق، حيث السوق يمثل ربع حجم سوق المنامة، فتمّ الإغضاء عنه، وتركه لعامل الوقت. وخلال هذه الفترة اهتمت الصحف بمتابعة تغطيته، حيث كان القصّابون يبعثون برسائل للمسئولين أملاً بمراجعة القرار، ومن بينها اللجوء إلى بيع الدجاج. بعد مرور شهرين، عادوا لاستقبال ذبائح محدودة كما جرى في المنامة، رغم قلة الطلب.

حسابات الحكومة كانت مختلفة عمّا جرى، فقد كانت تتوقع ردود فعل محدودة، وتحسبت لذلك بفتح باب تسجيل للأسر لتلقي دعم اللحوم. والمفاجأة غير المتوقعة، أنه بعد مرور شهرين، وصرف التعويض للأسر المسجّلة بواقع 118 ألف أسرة، إلا أن الطلب لم يسجل ارتفاعاً. لقد تغيّرت الحسابات بما يشير إلى إخفاق السياسات.

اليوم، تلوّح الحكومة برفع الدعم عن الكهرباء، وهي سلعةٌ ضروريةٌ في بلدٍ حارٍّ يحتاج لتشغيل المكيّفات طوال تسعة أشهر من العام. وقد دأبت الحكومة منذ سنوات على تذكير المستهلكين شهرياً بما تغطّيه من تكلفة الدعم في فواتير الماء والكهرباء، ربما تحسباً لهذه اللحظة الصعبة.

في جرس الإنذار الأول الذي أطلقته الحكومة، حاولتْ إرسال «رسالة طمأنة»، بأن رفع الدعم عن الكهرباء لن يشمل المواطنين وإنّما سيقتصر على الأجانب والشركات. فهل تصل الرسائل للجمهور المستهدَف وتتحقق الطمأنات؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4828 - الأربعاء 25 نوفمبر 2015م الموافق 12 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 4:05 م

      كل ذلك

      كل ذلك صحيح اذا الراتب في القطاع الخاص والعام بيرتفع

    • زائر 13 | 2:35 م

      بتموت الناس

      الفقير بموت واللي حالة متوسط بصير فقير والغني بصير متوسط والعوض على الله
      اللي يبي يطلع من الازمة الاقتصادية لازم يسوي حلول سياسية جذرية ، علشان الناس تعيش والاقتصاد ينتعش .

    • زائر 12 | 11:34 ص

      احم احم

      يا اخينا الكريم ؟
      الحدث سبق الدولة والمنطقة ؟ افترض ان الدولة اتجهت للاقتراض من بنوك محلية هذا راح ايسبب ازمة اتمان وراح اتسبب مشاكل
      الحين مافي حل غير التقشف وخفض الرواتب ؟ هناك مشكلة ثانية لو اتجه البنك المركزي لخفض سعر العملة لسبب تضرر المصارف ومشكلة التضخم و و و ؟
      هناك حلول تخرجك من تحت الرماد لكن وتجعلك حتى من الدول الغنية والمانحة لكن هذا مو بالمجان ولا تكلفته بسيطة ؟
      انا شخصيا عندي الف الحلول بس اشلون تترتب لبناء اقتصاد بقيمة 5 الى سبعة مليار دينار وتستغني عن النفظ للابد

    • زائر 9 | 1:19 ص

      البركة في ممثلون الشعب المزعومين

      عجيب على نواب منتخبون شعبيا يكونون واجهة لكل هذه الإجراءات المقررة من رفع للكهرباء والبنزين وقبلها اللحم وأقول مستواهم محاربة الوشم وإنشاء مكان لتفحيط الإطارات وأقول احمد ربي ثلاثة بأنني لم انتخب احد ولن

    • زائر 10 زائر 9 | 2:42 ص

      صح

      كلامك عدل محد بهدلنا غير النواب الي ما منهم فايدة

    • زائر 7 | 12:47 ص

      سابوا الحمار ومسكوا البردعة

      مثل مصري ومعناه ان الجماعة تركوا الأمور أهم الأمور ومسكوا القشور لكي يتقشفّوا فيها
      مصاريف بمئات الملايين تركوها كلها جانبا ولم يعرفوا الا قوت الناس

    • زائر 6 | 12:34 ص

      خريط في خريط: كل ما يقومون به خريط في خريط

      من يبحث عن الحلول في قوت المواطن فإنما يحاول ازالة جبل ضخم بشوكة طعام.
      البلد يعجّ بالفساد في كل نواحيه والبذخ اللامحدود في الصرف في كل النواحي فقط قوت المواطن الطوفة الهبيطة

    • زائر 5 | 12:12 ص

      من خطط ترشيد الأنفاق الناجحة

      في وزارات اوقفت شراء المال والشاي للموظفين للترشيد وقد نجحت في توفير مبالغ واصبح لهم فائص في الميزانية

    • زائر 4 | 11:30 م

      الله لا يقير علينا

      لا تستغرب لان الطحين والخبز جاي في الطريق بعد

    • زائر 3 | 11:27 م

      ثورة الجياع

      والصبر له حدود

    • زائر 1 | 10:18 م

      شهالظلم

      انا عندي مشروع صغير بعد بترفعون الدعم عن المكهرباا مايصير جديه المشاريع الصغيره بتبند ..ارحموا من في الارض

اقرأ ايضاً