العدد 4888 - الأحد 24 يناير 2016م الموافق 14 ربيع الثاني 1437هـ

الأزمة المالية... كما يراها أهل الاختصاص

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في كل يوم يمر على المواطن منذ رفع سعر لتر البنزين، يزداد خوفا وقلقا على مستقبل بلاده المالي، كيف لا وهو يسمع تحذيرات الاقتصاديين المتكررة عن خطورة الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد، وقد وصفوها بالمرحلة الحرجة التي تواجه المنظومة المالية، التي ينتج عنها خلل أو توقف في بعض الوظائف الحيوية لهذه المنظومة أو كلها. ويصاحبه تطور سريع في الأحداث، ولايزالون يؤكدون على ضرورة التدخل السريع لنجدتها، ولإعادة التوازن لهذا النظام، ودائما يقولون، إذا لم يتم نجدتها سريعا فلا يستبعدون حدوث كارثة اقتصادية كبيرة، لا يعلم مداها إلا الله تعالى، ويضيفون قائلين، ان البلدان التي تتعرض إلى أزمات مالية خانقة، تجمع كل طاقاتها وكفاءاتها وخبراتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والوطنية، للعمل جميعا في وضع الخطط الإستراتيجية المحكمة، للخروج من الأزمة بأقل الخسائر المالية.

في هذه المرحلة الحساسة التي يكتنفها الكثير من الغموض والضبابية وعدم الوضوح والمليئة بالمفاجآت الصادمة، تتضاعف تخوفات المواطن وتوجساته على الأجيال القادمة، وخصوصا إذا ما استمع إلى رأي أهل الاختصاص في هذه المسألة، الذين هم يعلمون أكثر من غيرهم بماهية الأزمة المالية وخطورتها، وهم الذين حددوا خصائصها وتحدثوا عن الحالات التي تصاحبها، وهم الذين حذروا من حدوثها، لما فيها من مفاجآت قاسية عند تفاقمها، ولما فيها من تعقيدات وتشابكات وتداخلات وتعددات في عناصرها وعواملها وأسبابها وقوى المصالح المتعلقة بها، ولما فيها من ضبابية شديدة ونقص في المعلومات وعدم القدرة على تحديد الاتجاهات التي يجب الذهاب إليها، ولما تحدثه من خوف شديد، يصل في أحايين كثيرة إلى حد الرعب من المجاهيل التي تحيط بالأزمة، قبل مدة ليست بالقصيرة وقد سبق لهم أن تحدثوا بإسهاب عن أهم المؤشرات التي تسبق الأزمة المالية، ومن أهمها:

ـ ارتفاع في معدل البطالة ومعدلات التضخم والمستوى العام للأسعار.

ـ ارتفاع معدلات الفائدة على الودائع والقروض المحلية.

ـ انخفاض قيمة الاحتياطي النقدي من العملات الحرة.

ـ انخفاض نسبة النمو الاقتصادي، بتراجع الناتج المحلي الإجمالي.

ـ ارتفاع الرقم القياسي للعجز في الحسابات الجارية إلى إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.

ـ غلبة الأصول المالية عالية المخاطر.

ـ غياب الشفافية والإفصاح اللتين يستلزمهما التطبيق السليم لمعايير المحاسبة الدولية عند عرض القوائم المالية للمؤسسات الإقتصادية، مما يحجب عن المستثمرين الظروف التي تساعدهم على تقييم أصول هذه المؤسسات بصورتها الحقيقية.

وقالوا عن الأزمة المالية أنها توجد عدم الثقة لدى المستثمرين على تحقيق طموحاتهم الاستثمارية، وهم يرون أن الأزمة لا ينحصر سبب حدوثها في انخفاض سعر برميل النفط إلى أقل من 30 دولارا، فهناك أسباب أخرى لها الدور الكبير في إيجادها وفي تفاقمها أيضا، ومن ضمنها، ضعف رقابة السلطة التشريعية على المال العام، وعدم التنوع المالي والاقتصادي، وعدم وجود صندوق مالي احتياطي حقيقي لضمان مستقبل الأجيال، جميعها تؤدي كما يقولون إلى حدوث أزمة مالية خطيرة، عاجلا أو آجلا.

وأضافوا، أن في حال تفاقم الأزمة المالية، ستكون تداعياتها قاسية جدا على المواطن، ومن ضمن تداعياتها المباشرة عليه، القريبة والبعيدة، ثبات دخله الشهري من جانب، وارتفاع الأسعار بنسب عالية من جانب آخر، بسبب رفع الدعم عن السلع الاستهلاكية المدعومة؛ بالأمس رفع الدعم عن اللحوم (الحمراء والبيضاء)، واليوم رفع عن البنزين، وغدا سيرفع عن الماء والكهرباء، وفي المستقبل القريب والبعيد سيرفع الدعم عن بقية السلع المدعومة، وارتفاع بعض الرسوم وفرض بعض الضرائب. وتوقعوا أيضا، رفع الدعم يجعل الأسر الفقيرة أكثر فقرا، والأسر المتوسطة تكون فقيرة أو تقترب منه كثيرا، وتتحول الأسر الميسورة إلى أسر يكون حالها الاقتصادي أقرب إلى الجيد أو أقل منه بقليل، ولا ريب أن مثل هذه الأحوال الصعبة، قد تؤدي إلى عجز المؤسسات والجمعيات الخيرية والإنسانية عن القيام بدورها بالقدر المطلوب؛ لأن التبرعات الخيرية التي تأتيها من المحسنين الطيبين من مختلف الطبقات الاجتماعية ستقل بنسبة كبيرة، وعدد المحتاجين للمساعدات العينية والمادية سيزيد بنسبة معينة، وهذا سيؤثر على تمويل مشاريعها الخيرية. كلام الاقتصاديين في هذه الأيام يخوف الذين لا يخافون كما يقولون، فلهذا نجدهم يقدمون النصائح المخلصة للسلطة في البلاد وللمواطن، فيقولون بحسب تشخيصهم ورؤيتهم الأمور، لا سبيل للتغلب على هذه الأزمة إلا بالذهاب إلى خطوات عملية جادة نحو الشراكة الحقيقية، ويطالبون المواطن أن يكون أكثر وعيا وإدراكا لخطورة الوضع المالي في البلاد، ولا بد له العمل بجد على تغيير سياسته في الإنفاق، وأن يحرص على الاحتفاظ بجزء من دخله الشهري، ليستفيد منه في أيام الشدة المقبلة، وأن يتعود على الاقتصاد في كل شئون حياته، والمثل الشعبي يقول (من أكل ولا حسب خرب بيته وما درى). نسأل الله أن يخرج وطننا الغالي عاجلا من كل أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويمن على الوطن والمواطن معا بوضع اقتصادي أفضل وأكثر إنماء وازدهارا.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4888 - الأحد 24 يناير 2016م الموافق 14 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 2:19 م

      بحطون مستشارين مصريين كالعادة وبطبعون البلد زيادة

    • زائر 4 | 8:27 ص

      الازمة الاقتصادية ستكون هي الحل للأزمة السياسية.

    • زائر 3 | 1:33 ص

      والله حاله يوم كان النفط مرتفع ما شفنا منه شي ويوم نزل سعره يبون يضبطون احسابتهم في لبنوك من فلوسنا بس مانقول اله حسبي الله عليهم ونعم الوكيل...
      التوقيع:::::::::::
      (مواطن مهزوز)

    • زائر 2 | 11:09 م

      أحسنت ياأستاذ والخافي أعظم

      وأزيدك لو أن هناك جدية في الرقابة المالية لقل الفساد في معظم الوزارات والهيئات التابعة للحكومة وأقرب مثال تمسك الحكومة بالمستشارين في الوزارات والهيئات الذين ليس لهم عطاء سوى بذخ الرواتب والمميزات لهم وهم يداومون ويخرجون في اي وقت يعجبهم لقراءة الصحيفة فوق مكاتبهم وتخليص أعمالهم الخاصة فقط والخافي أعظم.

اقرأ ايضاً