العدد 4943 - السبت 19 مارس 2016م الموافق 10 جمادى الآخرة 1437هـ

الكراهية المنفلتة أداة خطيرة لتمزيق كل الوشائج الإنسانية

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لا أحد يستطيع مهما كان مستواه التعليمي والثقافي والفكري أن يدعي أنه لا يعلم أن بث الكراهية في أوساط المجتمعات الإنسانية تؤدي إلى تحطيم كل الوشائج الإنسانية والعلاقات الاجتماعية، وأنها تساهم بصورة مباشرة في إضعاف الأوطان ومرتكزاتها الرئيسية، فكل حالات الكراهية (المكبوتة والمنفلتة) منبوذة لدى العقلاء في العالم، لأنها لو تفشت في أي مجتمع ستكون تداعياتها خطيرة جداً على كل مكوناته، شاءت أم تشأ.

فالكراهية المكبوتة هي التي تكون محبوسة في داخل الإنسان لاعتبارات مختلفة، فالمبتلي بهذا المرض النفسي يحاول جاهداً أن ينقل كراهيته إلى أفراد أسرته بصورة مباشرة أو غير مباشرة، من خلال استخدامه بعض العبارات الدالة على كراهيته إلى هذه الفئة أو تلك لأسباب طائفية أو عرقية، فمتى ما تسمح الأجواء الخارجية إظهار الكراهية للعلن، نجدها تنشط بنسبة كبيرة وتتحول من كراهية مكبوتة إلى كراهية منفلتة، وفي هذا الحال نرى أصحابها يتفننون ويتسابقون في إيذاء خلق الله، الذين يختلفون معهم في وجهات النظر، مستخدمين في نشرها كل الوسائل المتاحة لديهم.

وفي الغالب ينتج هذا النوع من الكراهية عداوات بين أبناء مكونات الوطن الواحد، وقد تتحول إلى تمييز بين الناس وإلى فتن طائفية أو مذهبية وممارسات عدائية غير مبررة، إذا لم يسارع عقلاء المجتمع في معالجة هذه المسألة الخطيرة، لا ريب أن من يذهبون في هذا الاتجاه المريب، لا يفكرون لحظة واحدة في مصالح أوطانهم، فكل ما يفكرون فيه الاستجابة الكاملة لنزواتهم الشخصية النابعة من أنانياتهم المفرطة، كل الدراسات الاجتماعية تقول إن الكراهية تنتج غالباً من شعور الشخص بالنقص، سواء كان النقص الذي يعاني منه نفسياً أو معنوياً أو فكرياً أو ثقافياً أو علمياً أو تأهيلياً، فبعضها أو كلها كفيلة بأن تجعل الشخص غير متفق وأن تحوله إلى كتلة ملتهبة من الكراهية تتحرك في كل الاتجاهات في المجتمع الإنساني، قد ترى هذه الصفة السلبية في خطيب يرتقي منبر الجمعة، وقد تراها في كتاب أعمدة أو مقالات صحافية، وقد تراها في محطة فضائية أو إذاعية، وقد تراها في رسام كاريكاتير، وقد تراها في موظف في موقع معين، وقد تراها في معلم أو معلمة، وأقبح كراهية وأبغضها تلك التي يتبناها من يسمون أنفسهم بالمثقفين، لأن أصحابها يستخدمون قدراتهم الثقافية والمعرفية لتحقيق بعض المكاسب الشخصية لأنفسهم، من خلال إلهاء أبناء أوطانهم بترهات وخزعبلات وقصص خيالية لا أساس لها في الواقع، مستغلين بساطة بعض الناس وحسن الظن بهم.

مثل هؤلاء لا يعيشون إلا في المياه الآسنة والعكرة، وتراهم يشعرون بالضيق النفسي الشديد إذا ما شعروا أن أبناء المجتمع يتجهون إلى الثقة ببعضهم البعض، والتعاون في بناء الوطن، وأكثر ما يؤذيهم المبادرات التصالحية التآلفية بين أبناء الوطن الواحد، فلهذا تجدهم يبذلون الجهود الكبيرة من أجل إفشالها قبل ولادتها أو وأدها في مهدها، ويحاولون التشكيك في جدواها ونتائجها، وإذا لم ينجحوا تجدهم يمارسون الضغوط النفسية والمعنوية على كل من يميل إلى فكرة التلاحم الوطني، لأنهم يعتقدون لو تصالح الناس وتآلفوا لن يكون في صالحهم، ولن يكون لهم أي موقع بينهم، ويخافون أن يكونوا منبوذين في أوساط مجتمعاتهم، فبدلاً من أن يتجهوا إلى إصلاح نفوسهم وأحوالهم، تراهم يجتهدون في استخدام مختلف الأساليب التي تحقق لهم أهدافهم غير الطيبة، جل ما نراه في بعض بقاع العالم العربي والإسلامي من أحداث مؤلمة غير مسبوقة، ناتج من الكراهية المنفلتة التي انطلقت بسرعة فائقة في أوساط المجتمعات العربية والإسلامية، لتهدم بمعاولها الشيطانية وحسدها وحقدها على الإنسانية السوية العاقلة كل العلاقات الاجتماعية وتخريب وتدمير الحضارات الإنسانية الممتدة إلى أعماق التاريخ البشري، لقد وفرت الكراهية المنفلتة على الكيان الصهيوني الكثير من الجهود التي كان يبذلها لمحاربة الأمة العربية، وحققت له الكثير من أهدافه الدنيئة.

منذ زمن طويل والكيان الصهيوني يعمل على تفتيت أمتنا العربية، في السنوات الخمس الأخيرة كثف جهوده في تخريب العلاقات الإنسانية والاجتماعية في عالمنا العربي خاصة، نأمل أن نجد وطننا العربي والإسلامي في حال أفضل من هذا الحال، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً واجتماعياً، وأن يتجه الجميع إلى تصحيح علاقاتهم الإنسانية، وإعادة الثقة بينهم، وفتح أبواب الحوار والتفاوض على مصراعيها، للوصول إلى توافقات بين الأطراف المعنية على مختلف الملفات السياسية والاقتصادية وعلى غيرها من القضايا الحساسة.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4943 - السبت 19 مارس 2016م الموافق 10 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 1:28 ص

      فكر متخلّف يسلب الناس حقوقهم في طريقة تعبدهم ، بل وضع نفسه مكان الخالق واستغفر الله من هذا الكلام لكن هذا هو الواقع المرير ان هؤلاء جعلوا من انفسهم وكلاء على الجنّة والنار يدخلون هذا ويخرجون ذاك.
      من يقرأ الفاتحة على قبر ميت فهو مبتدع مشرك كافر فاسق .
      لقد تسببوا للسخرية من الدين الاسلامي بسبب تخلفهم

    • زائر 3 | 12:59 ص

      هذا الفكر هو أشدّ من القنبلة النووية او الذريّة لأن القنبلة يمكن التحكم فيها والسيطرة عليها ، لكن هذا الفكر يدمّر الأخضر واليابس ويجور ويرتد حتى على صانعيه.
      هذا ما تلمسّه العالم ورآه خلال هذه السنوات الماضية وكم تطاول حتى اصبح يهدّد الدول التي أعدّته وانشأته واستغلته بل سوف يكون تدميره القادم أكثر

    • زائر 1 | 10:58 م

      الطائفيون سوو شوشرة على قراءة الفاتحة على لميت والسلطة تتفرج ألحين لوتغريدة على واحد سارق فرضة وإلا ساحل أومخطط لتقرير مثير تقشعر الأبدان جان المغرد راح في داهية .

اقرأ ايضاً