العدد 4950 - السبت 26 مارس 2016م الموافق 17 جمادى الآخرة 1437هـ

ولماذا 100 دينار؟

أحمد صباح السلوم

رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

مقترح النائب عيسى الكوهجي الخاص بخفض رواتب النواب إلى 100 دينار بحريني فقط أصاب الشارع البحريني بحالةٍ من الحراك الممزوج بالدهشة والذهول في أحيان، والتقدير والاستنكار في أحيان أخرى، ما بين مؤيد ومعارض، ومتسائل أيضاً. فلماذا أقدم الرجل على هذه الخطوة؟ ولماذا 100 دينار تحديداً؟ ولماذا لم يقترح بخفضها إلى ألف دينار وهي مكافأة ربما تكون أكثر واقعية؟ وهل لو كان الكوهجي من عائلة بسيطة الحال أو متوسطة لقدّم نفس الاقتراح؟ وما رد فعل زملائه على المقترح... والأهم ما هو رد فعل الشارع البحريني؟

قبل أن ندخل في مزيد من التفاصيل، لقد سبق أن أوضحت رأيي في مقال سابق، وعبّرت عن عدم قناعتي بشكل شخصي بما يتخذه النواب من إجراءات ويصدرونه من قوانين تصب في صالحهم بشكل أو بآخر، وخاصةً فيما يتعلق بالراتب التقاعدي الذي أقرّوه، وأنه ليس مقبولاً بأي حال من الأحوال أن يتساوى نائبٌ قضى في منصبه 4 أو 8 سنوات فقط، بأي بحريني آخر خدم الدولة في أي قطاع من القطاعات الحكومية الحيوية لأكثر من 40 أو 45 سنة، فهذا من باب الإنصاف والعدل ليس مقبولاً، ولازلت أكرّر أنه ليس من أجل هذا أتينا بنوابنا الأفاضل.

بالطبع انهالت المكالمات والرسائل بعد المقال، كان أغلبها يصبّ في خانة التأييد المطلق لكل كلمة وردت فيه، إلى الحد الذي بدأت فيه جماعات وطنية عديدة تفكر جدياً في رفع قضايا بعدم دستورية هذه القوانين التي صدرت بخصوص التقاعد والجوازات الخاصة للعائلة والأبناء، وأنها تتنافى مع مبادئ الدستور الأساسية بالمساواة والعدالة بين جميع مواطني البحرين.

أعتقد أن مبادرة النائب الموقر عيسى الكوهجي كانت ترجمة عملية لنبض الشارع البحريني بأهمية مشاركة النواب في تحمل مسئوليتهم الأدبية تجاه الوطن في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وهي مساهمة بسيطة منه رداً لجميل الوطن المستمر، لا علاقة لها بثرائه أو فقره بقدر ما لها علاقة وطيدة بالقيم والأصول التي تربّى عليها، وهي كذلك مبادرة عملية ليكون النواب في طليعة المواطنين المطالبين بالتقشف تارة، وتحمّل رفع الدعم تارةً عن الغذاء وتارة عن البنزين، ولا ندري على أي «تارة» سترسي القرارات القادمة.

ونحن إذ نشكر النائب الكوهجي على مبادرته التي اعتبرها هو خدمةً للوطن والمواطنين، ومنبعها ومصبها في صالح البحرين بهدف تخفيف الأعباء المالية عن ميزانية الدولة والتقليل من عمليات التقشف الحكومي التي يخسر فيها المواطن البحريني المكتسبات المادية التي حصل عليها سابقاً، فإننا نأسف في الواقع لكل من تناولها بالاستنكار أو البعد عن التطبيق، لأن في الواقع هناك العديد من دول العالم التي لا تقر أبداً هذه المكافآت لنوابها، ومن يقرّها فإنه لا يقرّ بهذا السخاء الحاتمي المتزايد. لذا فإنها فكرة فعالة وقابلة للتطبيق، وأعتقد أن من يرفض لديه أسباب خاصة به وحده.

ولعل من أغرب التعليقات التي سمعتها أنه إذا توقفت هذه المكافآت من أين سينفق النائب ومن أين سيأكل ومن أين يعيش؟ وفي الواقع أن الإجابة بسيطة، لأن أغلب هؤلاء النواب لديهم أعمال حرة أو متقاعدون، وبالتالي فهم سيأكلون ويشربون ويعيشون على خير ما يرام مثلما كانوا يفعلون تماماً قبل أن يكونوا نواباً، أما الذين تركوا أعمالهم في الحكومة فربما تعديل الرقم بإضافة «صفر» آخر سيكون عادلاً جداً للجميع، لا إفراط ولا تفريط. ينالون مقابلاً موضوعياً عن حجم الجهد الذي يبذلونه، والذي يرونه عظيماً وذا فائدة كبيرة ويراه الناس في الشارع «شيئاً آخر».

أما الذين تساءلوا عمّا إذا كان الراتب مئة دينار فكيف يكون الراتب التقاعدي؟ فنحن نقول لهم إن الأمر «محل كلام»، وحق النواب في هذه الرواتب التقاعدية الكبيرة التي أقرّوها لأنفسهم من دون استشارة أو تفويض ممن انتخبهم، ربما يكون طرحاً قريباً في أروقة المحاكم ليقول القضاء كلمته في مثل هذه القضايا الحساسة.

أما الشعب فأعتقد أنه سيقول كلمته بمنتهى القوة في الانتخابات القادمة لهؤلاء النواب الذين مرّروا كل ما هو مع مصلحتهم من عينة «الراتب التقاعدي وجوازات السفر الخاصة لزوجاتهم وأبنائهم»، وتغاضوا في نفس الوقت عن كافة القرارات التي مسّت المواطنين وعلى رأسها الدعم، وبالطبع لا ننسى أن الأخوة في الشورى رفضوا زيادة راتب المتقاعدين مثلما فعلت تماماً لجنة الخدمات بمجلس النواب، قبل أن يسترد المجلس شيئاً من ماء وجهه ويصرّ على طلب الزيادة للمتقاعدين بنسبة 7 في المئة.

أتمنّى أن تجد مبادرة النائب الكوهجي استجابة عملية لدى النواب، كما أتمنى أن يتم مراجعة القرار الخاص بجوازات السفر الخاصة، وأن يعود النواب «نواباً للشعب» فعلاً، وليسوا نواباً لأنفسهم في البرلمان!

إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"

العدد 4950 - السبت 26 مارس 2016م الموافق 17 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 10:22 ص

      اعتقد ان النائب يجب الا يعمل براتب لان عمله يعتبر تطوعي من اجل الوطن والراتب لا يميز النائب عن اي موظف في الدولة فهو يستلم راتب من الدولة يعتبر موظف لدي الدولة كما هي الجمعيات السياسية التي تستلم مساعدات مادية من الدولة تعتبر تعمل لدي الدولة للاسف الى الان لم يستطيع الشارع البحريني ان يعرف معنى العمل التطوعي من غيره وهذا دليل عالى ان ليس لدينا سياسييين

    • زائر 3 | 12:36 ص

      لماذا لم يكن اقتراح النائب واقعيا؟ أنا اجيبك لأنهم في مجلس خرطي ولو عرف انه في مجلس عدل وسنع لما تركوا قضايا الوطن الشائكة وذهبوا لمناقشة تفلة المواطن

    • زائر 2 | 10:50 م

      الحكمة

      الحكمة من الراتب الراهي هو تحصين النائب من طلب الرشاوي ولكن لو كانوا يستحقونه فعلا ولو كانوا كفاءات منتجة والواقع غير ذلك فهم لا يستحقون حتى ال100

    • زائر 1 | 10:40 م

      أعتقد تكفير !!!!

      100 دينار يعني لا شيء رواتبهم . ولكن كما ذكر الكاتب 1000 دينار معقول و منطقي وتكفيرا عن تقصيرهم. .. وهذا أقل القليل 1000 دينار ...
      د

    • زائر 5 زائر 1 | 8:04 ص

      محد ايرشح روحه

      اذا صارت رواتب النواب على 1000 دينار محد بيرشح روحه و انا اول واحد

اقرأ ايضاً