العدد 4974 - الثلثاء 19 أبريل 2016م الموافق 12 رجب 1437هـ

الإرهاب... لماذا يستهدف عظمة الإسلام بقتل الأبرياء والآمنين؟

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لم يحدث في العصور السالفة أن تعرّض الإسلام للتشويه المتعمد كالذي يتعرّض إليه في هذه الأيام، فالكل يسأل عن ماهية هذا الإرهاب المريب الذي يجتاح الكثير من الدول العربية والإسلامية والأفريقية والآسيوية، من يوفّر له السلاح والعتاد وكل الوسائل التكنولوجية والتقنية المتطورة جداً؟ ومن يدعم هذه الجماعات المقاتلة مادياً وسياسياً وإعلامياً بصورة مباشرة أو غير مباشرة؟ والكل في العالم يقول إنه ليس من المعقول أن هذه الجماعات نمت وتمددت وانتشرت بهذه السرعة التي تفوق كل التوقعات والتصورات من غير أن يكون لها دعم كبير بهذا الحجم الذي لم يستطع أحد في العالم تقديره؟

الكثير من الآراء تشير إلى بعض الجهات العالمية التي أزعجها كثيراً وصول مسلمين للمؤسسات العلمية والرسمية والبرلمانية في الغرب في العقود الثلاثة الأخيرة. تلك الجهات لم تستطع تقليص زخمه في مختلف المناطق، لا بالحملات الإعلامية والفكرية والثقافية، ولا بالتدليس والأكاذيب والإفتراءات، ولا بالتهديدات والمؤامرات الدنيئة، ولا بممارسة الضغوطات، ولم تجد سبيلاً لتحقيق أهدافها الخبيثة إلا بضربة قاصمة توجّهها إليه في عقر داره. ويجب أن تبدأ بضربات عنيفة ومتتالية في كل الاتجاهات والميادين، لتحصد أكبر عدد من البشر الأبرياء من كل الطوائف والمذاهب والملل والأعراق، لكي تعم الفوضى والهلع في أوساط المجتمع في البلدان الإسلامية، دون أن تخسر تلك الجهات المشبوهة فرداً واحداً من عناصرها. وهذا يتطلب منها أن تبذل مليارات الدولارات لصناعة فكر يبيح كل المحرمات، ويتجاوز كل الخطوط الإنسانية والأخلاقية، المانعة من ارتكاب مثل هذه المآسي والنكبات. ويحتاج منها أيضاً لإيجاد الأرضية والمناخات المناسبة لخلخلة المجتمعات العربية والإسلامية أولاً، ثم نقل الإرهاب المصطنع شعاراً لافتاً وبراقاً، ليستهوي بعض قطاعات الشباب العربي والمسلم، ولم تجد إلا راية الإسلام وشعار الجهاد ضد الكفر.

وتحت هذا العنوان يكون كل إنسان لا يؤمن بمنهجها التكفيري فهو كافر، يجوز هدر دمه وانتهاك عرضه وسلب ماله، ومن وراء كل تلك الأفعال والممارسات العنيفة ادعاء الدخول للجنة سريعاً دون حساب! والذين يعتقدون أن قتل أنفسهم وغيرهم من البشر هو السبيل الأسرع لدخول الجنة، لن يكون لديهم أي مانع من تنفيذ تفجيراتهم الإرهابية في المساجد وقتل وإصابة مئات المصلين الذين يدعون ربهم في كل صلاة: «إياك نعبد وإياك نستعين»، وليس لديهم مشكلة أن يقتلوا ويصيبوا الأبرياء في الأسواق أو المطارات أو محطات القطارات أو الملاعب والحدائق العامة لتتناثر أشلاء الأطفال، لأنهم يعتقدون أن الإكثار من الضحايا الأبرياء يزيد في الأجر والثواب ونيل المواقع المتقدمة في الجنة!

لم يخطر ببالهم أنهم سيطول وقوفهم أمام المحكمة الإلهية يوم القيامة لمحاسبتهم على كل الأعمال الشريرة التي نفّذوها، والتي أدت إلى إزهاق أرواح عشرات الألوف من البشر، وهتك أعراض المحصنات، وسلب أموال آلاف الناس ظلماً وعدواناً. هؤلاء الذين يقتلون الأبرياء الآمنين ويدمّرون الإرث الإنساني هم دمى تتلاعب بها الجهات الخاسرة للانتقام من الإسلام العظيم، وتشويهه في كل بقاع الدنيا.

والفكر الذي يدعو إلى الفتك بالناس، تجمع كل المراكز والهيئات الإسلامية على بطلانه وابتعاده عن الخلق الإسلامي القويم، فالأزهر الشريف بيّن بكل وضوح رأيه الشرعي في الجماعة التي أباحت لنفسها القتل والتنكيل بخلق الله الأبرياء الآمنين، وقال إن أفعال الجماعات الإرهابية وغلظتهم وشدتهم وتكفير عباد الله يحرمها ويدينها ويستنكرها ويشجبها الدين الإسلامي جملة وتفصيلاً؛ وأن نسب أعمالهم الشنيعة للإسلام إثم كبير لا يغتفر، علموا بذلك أم لم يعلموا، ألم يسمعوا قول الله تعالى لحبيبه رسول الله (ص)؟ قال تعالى: «فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك»، (آل عمران، 159). وألم يسمعوا امتداح الله تعالى لنبيه المصطفى (ص) في القرآن الكريم بقوله: «وإنك لعلى خلقٍ عظيم»، (سورة القلم، 4). ألم يسمعوا دعاء رسول الله (ص) على المشركين الذين جاءوا لقتله والتنكيل به: «اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون»؟.

كل هذه النفحات النورانية الربانية والنبوية تؤكد أن رحمة الإسلام العظيم على الإنسانية جمعاء، وحرصه الشديد على سلامة وأمان كل مخلوق واسعةٌ جداً، لأن القصد الإلهي من وراء الرسالة المحمدية هو الهداية الكبرى، بإفشاء الرحمة والسلام والتسامح والوئام والتكافل والخلق الكريم والكلمة الطيبة بين الناس. ولو وضع كل إرهابي فظّ أمامه الآية الكريمة التي تتحدّث عن القيمة المعنوية والوجدانية للإنسان، لما أقدم على خدش مشاعر أي إنسان في العالم، ناهيك عن قتله والفتك به، ونهب ممتلكاته. قال تعالى «من قتل نفساً بغير نفس، أو فسادٍ في الأرضِ فكأنّما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً»، (المائدة، 32)

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4974 - الثلثاء 19 أبريل 2016م الموافق 12 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:07 ص

      قال الله تعالى: {من أجْلِ ذلك كتبنا على بني إسرائِيلَ أنَّه من قتلَ نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنَّما قتلَ النَّاس جميعاً ومن أحياها فكأنَّما أحيا النَّاسَ جميعاً ولقد جاءتهُم رسُلُنا بالبيِّناتِ ثمَّ إنَّ كثيراً منهُم بعد ذلك في الأرض لمسرِفونَ(32)}
      ومضات:
      ـ الشريعة الإسلامية شديدة الحرص على توجيه سلوك الإنسان وأخلاقه، وحماية حياته من أي اعتداء، لذلك فهي تشدِّد على ضرورة اتحاد المنظومة البشرية في وجه أية عملية قتل غير مبررة شرعاً.

اقرأ ايضاً