العدد 4985 - السبت 30 أبريل 2016م الموافق 23 رجب 1437هـ

الفتن المصطنعة في العالم العربي والإسلامي... وأهدافها

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

الكثيرون من المفكرين والمثقفين والمحللين الاجتماعيين والنفسيين في العالم تحدثوا بإسهاب عن الأسباب التي جعلت جماعات متشددة في عالمنا العربي والإسلامي تستخدم الإرهاب، والعنف المفرط في فرض أيديولوجيتها على المجتمعات الإسلامية والإنسانية، ومن ضمن تلك الأسباب التي ذكروها في هذا الصدد، هي كالآتي:

أولاً: المغالطات الكثيرة التي تنسب إلى الإسلام زورا وبهتانا، ثانياً: التأويلات غير الصحيحة لبعض النصوص الدينية، ثالثاً: التفسيرات الخاطئة أحياناً والمبتورة أحيانا أخرى لبعض الأحداث التاريخية، رابعاً: العمل على ليّ أذرع بعض الثوابت الأخلاقية الإسلامية، خامساً: التعمد في تحريف أو طمس الفكر الإسلامي المستنير الذي يستوعب كل البشرية، بمختلف ألوانهم وأعراقهم وأديانهم ومذاهبهم وطوائفهم وتياراتهم السياسية والاجتماعية، وتحويله إلى فكر يدعو إلى إرهاب البلدان والعباد في كل بقاع الدنيا، ويرفض كل من يختلف معه في الرأي أو الثقافة أو المشرب الفقهي والعقائدي أو في الفكر الأيديولوجي الذي ينادي بأحقيته في الهيمنة الكاملة على مقدرات العالم، وإنهاء كل الوجودات الإنسانية والسياسية والدينية والطائفية والمذهبية غير المذعنة لتوجهاته ومعتقداته.

سادساً: العمل على تحقيق بعض المصالح الشخصية والفئوية الضيقة على حساب مصالح الأوطان، سابعاً: إفساح المجال لغير المتخصصين في العلوم الدينية بالإفتاء بغير علم ودراية بمتطلبات ومقتضيات الفتوى.

ويرون أن تلك الأسباب، مجتمعة أو متفرقة تنتج ثقافات مغلوطة في أوساط الشباب المسلم في مجتمعات الدول العربية والإسلامية والأوروبية، تؤثر سلبيا على أخلاقيات وسلوكيات وممارسات وعلاقات الشباب الإنسانية والاجتماعية بغيرهم ممن يختلفون معهم في الرأي والتوجه الأيديولوجي، وتنعكس سلبًا بصورة مباشرة أو غير مباشرة على حاضر ومستقبل الإسلام في العالم.

لا ريب أن تغلغل الفكر المبني على بعض الشبهات التي تخالف الثوابت الإسلامية والأخلاقية والإنسانية في بعض المؤسسات التي ترفع عناوين إسلامية منذ أكثر من ثلاثة عقود، قد أثر بصورة مباشرة على مستوى الفهم والاستيعاب لدى الشباب المسلم لأخلاقيات وسماحة الإسلام العظيم، فعلماء الدين من مختلف المذاهب الإسلامية والكثير من المراكز والمؤسسات الإسلامية المعتبرة في عالمنا الإسلامي قد بيّنوا بكل وضوح حرمة ممارسة القتل والإرهاب ضد الأبرياء الآمنين، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة في كل الأحوال والظروف، وأجمعوا على أن كل الأعمال التي تستهدف حياة الإنسان في كل أو بعض مناحيها الاقتصادية والإنسانية والاجتماعية والنفسية والمعنوية ينبذها الإسلام جملة وتفصيلا، ويتوعد كل مرتكبيها بالحساب الشديد في اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

من يرجع إلى حقيقة التعاليم الإسلامية لن يجد إلا الرحمة والرأفة على بني الإنسان، وعلى كل الموجودات الحيوانية والنباتية في كل جنباتها، ولن يجدوا دينا سماويا ولا قانونا وضعيا يحترم حياة الإنسان وعرضه وماله وكل ممتلكاته الخاصة كالاسلام، فلهذا أثر إيجابيا وبقوة في نفوس وسلوك المجتمعات الإنسانية التي دخلها الإسلام بأخلاقياته الراقية ومعاملاته الصادقة وأدبياته العالية، فالإسلام كرم أصحاب الخلق الرفيع، ورفع شأن كل عمل فيه منفعة للناس، وأجلَّ وقدَّر كل النفوس الخيّرة التي تسعى بكل الوسائل إلى إسعاد البشر، وحث كل من ينتمون إليه على أن يخاطبوا غيرهم بخطاب ليّن وسلس، وأن يحترموا مشاعرهم الإنسانية، وألا يتعمدوا خدشها ناهيك عن جرحها، وأن يبحثوا عن الأسباب التي يتحقق من خلالها التآلف والتآخي والوئام والتعاون والتنسيق وتبادل المصالح والمنافع الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والتربوية والتعليمية والثقافية والفنية والرياضية بين المجتمعات العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء، ونهاهم عن اختلاق الفتن العرقية أو الطائفية أو المذهبية في أوساط المجتمعات.

فالإسلام العظيم الذي يرتكز على أسس عقائدية وأخلاقية وإنسانية رصينة، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان سامية، لا يحتاج إلى الأساليب الملتوية والمنافية للخلق السوي، لكي يثبت وجوده في قلوب الناس، فهو بتعاليمه وتشريعاته وأخلاقياته المتميزة، كفيل بأن يكون محل تقدير واحترام كبيرين من جميع العقلاء، فمحاولات الدوائر الصهيونية العالمية المستميتة، لتشويه سمعة الإسلام في أعين الشباب الأوروبي، والتي ازدادت في السنوات العشر الأخيرة لم تأت من فراغ، وإنما جاءت بعد دخول أعداد كبيرة جدا من مختلف الدول الغربية ومن فئات عمرية وثقافية وفكرية مختلفة في الدين الإسلامي، وهذه الظاهرة اللافتة شكلت ضغطا نفسيا ومعنويا وسياسيا واجتماعيا على الكيان الغاصب لفلسطين الحبيبة في وقت من الأوقات، لم تستطع الصهيونية العالمية تجاهل هذه الظاهرة أوالتغافل عنها.

فلهذا جعلت الإسلام هدفا رئيسيا لها في كل الاتجاهات، بغية تحجيمه في كل المجتمعات الأوروبية، وإضعاف تأثيره في الفئات الشبابية والمثقفة، وأزعجها كثيرا التوجه العام للشباب العربي والمسلم نحو المسجد الأقصى بفلسطين الحبيبة، فلهذا عملت جاهدة على تغيير وجهتهم، وجعلتهم مكونات طائفية ومذهبية وعرقية، وأشاعت بينهم البغض والكراهية والخصام، التي أدت إلى الفتن، لكي ينشغلوا بأنفسهم عن انشغالهم بتحرير أرض الإسراء والمعراج، وقد نجحت بنسبة معينة مع الأسف في افتعال الفتن الطائفية والمذهبية في مناطق عديدة في وطننا العربي والإسلامي، نسأل الله أن يلتفت شباب أمتنا العربية والإسلامية إلى ما يحاك لأمتهم في الغرف الصهيونية المظلمة قبل فوات الأوان، وتكون وجهتهم نحو المسجد الأقصى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، لتخليصه من سيطرة الكيان الغاصب لفلسطين العزيزة.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4985 - السبت 30 أبريل 2016م الموافق 23 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:39 ص

      هؤلاء من شبو الفتن لايفيد معهم النصائح صم بكم لو كانو يخافون الله فى امور المسلمين شان الناس عايشه بسعاده وكل واحد اعيش ويه طقوس مذهبه الله يصلح امور المسلمين ويبعد عنهم الشيطان امريكا وحلفائها

اقرأ ايضاً