العدد 5006 - السبت 21 مايو 2016م الموافق 14 شعبان 1437هـ

ملف «اللاجئين»... ورقة ضغط سياسي على تركيا

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

الاتفاق التركي- الأوروبي الذي سعت إليه بروكسل لم يكن ينوي يوماً تحرير تأشيرة «الشينغن» كما تريد تركيا، وإنما لحل ملف اللاجئين الذي يؤرق الأوروبيين.

لقد شهد العام الجاري ردود فعل مفزعة للدول الأوروبية التي رأت في تدفق اللاجئين تهديداً لمصالحها وأمنها القومي، وكانت هناك محاولات من بعض الدول لوضع أسوار مزوّدة بالأسلاك الشائكة وصولاً إلى تمرير قوانين محلية تقيّد اللاجئين، أضف إلى ذلك الإجراءات التي تتحدث عن إعادة جميع اللاجئين الجدد إلى اليونان من خلال اتفاق لم يبرم مع تركيا بعد.

وعليه، فقد هدّد بعض المسئولين الأوروبيين في اجتماع البرلمان الأوروبي الأخير بدعم اليونان مالياً – بدلاً من تركيا- لتحمل عبء اللاجئين، ولعب دور الدولة العازل لهم، إضافةً إلى اقتراح بعض الدول تجميد أو إلغاء الاتفاق مع تركيا التي يرون أنها تتلاعب بورقة اللاجئين من أجل الحصول على مصالح محددة.

التخوف الأوروبي من وجود الأتراك داخل القارة الأوروبية أصبح الآن له ما يعزّزه، وذلك بعد الاتهامات التي توجّه لتركيا بشأن دورها غير البناء في سورية ومع اللاجئين، وفي طريقة التعامل مع ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية داخل تركيا، ونزوع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نحو التفرّد بالرأي. وعليه، يرى بعض الأوروبيين أن منح تركيا صلاحيات وتمويلاً، سيفاقم الدور السلبي الذي تمارسه تركيا، وستنقل هذا التأثير إلى داخل العواصم والمدن الأوروبية.

هذا في الوقت الذي مازالت تنتقد فيه منظمات حقوق الإنسان في العالم، طريقة تعامل أوروبا السيئة مع طالبي اللجوء، لأنه يمثل تراجعاً في التزامات الدول بتوفير الحماية لطالبي اللجوء. فعندما قرّرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التمسّك بالتزامات بلادها تجاه طالبي اللجوء، وُجّهت لها اتهامات واسعة النطاق بأنها تهمل واجباتها في السيطرة على المهاجرين. وبينما ركّزت الدول الأوروبية الأخرى على القيام بذلك، استقبلت ألمانيا والسويد في نهاية المطاف عدداً غير متناسب من اللاجئين في العام 2015.

في ظل كل هذه التطورات، يطرح الحقوقيون سؤالاً جوهرياً: هل يمكن إرجاع أي شخص فرّ من جحيم الأوضاع في مكان ما إلى المكان الذي فرّ منه؟

القوانين الأوروبية تطرح أنها تلتزم بحقوق الإنسان وبمواد القانون الإنساني الدولي، ولذا فإن إعادة أي شخص لا يمكن أن تتم إلا إذا تم تصنيفه ضمن «المهاجرين غير الشرعيين». وعليه، فإن إعادة المهاجرين إلى تركيا بموجب اتفاق ينتظر التنفيذ في يونيو/ حزيران 2016، يجب أن يحدّد بالضبط كيف يمكن اعتبار شخصٍ ما من فئة المهاجرين غير الشرعيين.

أما الجانب الآخر، فيتعلق بالأفراد الذين يقدّمون طلبات لجوء، وفي هذه الحال فإن القوانين الأوروبية ملزمة بتوفير الحماية لهم، ولكن الاتفاق المقترح قد يفسح المجال لإعادة طالب اللجوء إلى المكان الذي فرّ منه، وهذا سيخالف المعايير التي تتحدث عن عدم السماح بالإعادة القسرية.

ومع كل الاحترازات، فإن هناك شكاً فيما إذا كانت تركيا ستلبّي المعايير المتعلقة بمعنى «البلد الآمن» بالنسبة لطالبي اللجوء. ففي فبراير/ شباط 2016، وصل أكثر من 57 ألف لاجئ إلى الجزر اليونانية، 52 في المئة منهم كانوا من المواطنين السوريين، في حين أن 41 في المئة أخرى من المواطنين الأفغان والعراقيين (25 و16 في المئة، على التوالي)، وجميعهم بحاجةٍ إلى احتياجات حماية كبيرة.

من ناحية أخرى، تشير توصية المفوضية الأوروبية إلى «تجميد» عملية تحرير تأشيرة «شينغن» إلى البعد السياسي في القرار. ومما يدعم هذه الفرضية أن القرار أتى بعد قرار رئيس الوزراء التركي (السابق) أحمد داود أوغلو بترك رئاسة الحكومة والحزب الحاكم.

المهم في هذا الإطار أن موضوع تحرير التأشيرة للأتراك مدرجٌ على ملف المفاوضات التركية - الأوروبية منذ العام 2013. غير أن الأمر لم ينته، بينما رأت تركيا الشروط الأوروبية مجحفة بحقها بما فيه موضوع الإرهاب، إذ تشترط إعادة تعريف الإرهاب قانونياً، والنظر إلى الأمر مع الأخذ بعين الاعتبار ظروفها الداخلية.

ولهذا فإن الاتفاق التركي – الأوروبي مازال يتعرض لانتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان الدولية، ومن الأمم المتحدة خاصةً من زوايا أخلاقية وقانونية، لكنه أيضاً يحمل في طياته ألغاماً موقوتة تحول الاتفاق إلى وسيلة ضغط سياسية بدلاً من معالجة كارثة إنسانية.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 5006 - السبت 21 مايو 2016م الموافق 14 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:41 م

      يقولون للمفوضية الأوروبية اني ارتجف مجزرررة وكل شي يصير تمام

اقرأ ايضاً