العدد 5007 - الأحد 22 مايو 2016م الموافق 15 شعبان 1437هـ

تجريف «الحزام الأخضر»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

سيدخل شهر مايو/ أيار 2016، التاريخ البحريني من أسود أبوابه، حيث شهد هذا الشهر تجريفاً لعددٍ كبيرٍ من الأراضي الزراعية في عددٍ من مناطق البحرين.

أمرّ يومياً مرتين على الأقل، على طريق عذاري الزراعي، الذي يصل الشارع العام بالبلاد القديم من الجهة الجنوبية، وقبل ثلاثة أسابيع، لاحظت حالة استنفارٍ لعددٍ كبيرٍ من العمّال الذين كانوا يقومون فيما مضى، برعاية أكبر مزرعةٍ ممتدةٍ في البلاد القديم، حيث بدأوا بإزالة السور/ الشبك الحديدي. وحاولت التغلب على هواجسي ومغالطة نفسي بأنها ربما تكون محاولة استبداله بجدار إسمنتي حفاظاً على ثروتنا الزراعية، إلا أن مخاوفي تأكدت في الأيام التالية، حيث بدأت الجرّافات تقتلع النخيل التي عاشت آمنة مطمئنةً لعدة قرون، في هذه الأرض الزراعية الخصبة.

هكذا أصبحت أتعذّب يومياً في بداية مشاويري الصباحية، وأنا أرى الجرّافات تمعن كل يوم في اقتلاع النخيل والأشجار، وتجريف الأرض الزراعية الغنية، وطمر القنوات المائية التي حفرتها السواعد السمراء منذ مئات السنين.

عمليات مشابهة حدثت في مناطق أخرى أيضاً، قرية «كرّانة» مثلاً، التي أزيلت مزارع كبيرة عمرها مئات السنين، والقضاء عليها خلال أيام. وعملية القتل غير الرحيم التي نشاهدها أمام أعيننا، هي بداية الإجهاز النهائي على ما تبقّى من زراعة في البحرين.

في منتصف السبعينيات، ومع أول موجة ارتفاعٍ شهدتها أسعار النفط، تلاها توسع عمراني كبير، أسال الكثير من لعاب الجشعين، لكن الجهات الرسمية يومها حافظت على جزءٍ من الأراضي الزراعية، تحت مسمى «الحزام الأخضر»، الذي بقي محمياً بالقانون. والمفارقة اليوم، أنه مع انهيار أسعار النفط، تعود رؤوس الأموال الجشعة للقضاء على ما تبقّى من زراعة، لتقتل النخيل والأشجار، وتقوم بتقطيع أوصال المزارع إلى أشلاء، وبيعها كقسائم بأغلى الأثمان.

لقد قتلنا البحر بعمليات الدفان قبل عقدين، وخرّبنا البيئة البحرية، وقضينا على الثروة السمكية الوفيرة على سواحلنا، حتى توقع الكثير من الباحثين قبل خمس سنوات، انتهاء الثروة السمكية خلال أعوام معدودة. وهو ما نشهده الآن من تدنّي المحصول السمكي، وارتفاع الأسعار، وزيادة اعتمادنا على استيراد الأسماك من الخارج. والآن، جاء الدور على الزراعة، لنقضي بأيدينا، على ما تبقّى من مساحات خضراء، ظلّت تنتج لنا الحد الأدنى من احتياجاتنا اليومية من المنتجات الزراعية. والسؤال: ماذا سيحدث بعدما ننتهي من الإجهاز على ما تبقّى من زراعة في هذا الوطن ونغسل أيدينا من دماء النخيل والأشجار؟

النخيل، التي اشتهرت بها جزرنا عبر التاريخ، باعتبارها بلد المليون نخلة، كانت وزارة الزراعة تقول إنها انخفضت إلى 500 ألف، مع أن الواقع يرجّح أنها لا تتجاوز حالياً 100 ألف في أحسن الحالات. وإذا استمرت هذه المذبحة، فلن يبقى من النخيل غير نخيل الزينة في الجزر الصناعية الجديدة والفلل الفاخرة. ستصبح جزءًا من التاريخ يخلّده لنا الفنانون التشكيليون في لوحاتهم الفنية، حيث لن يعرف أحفادنا معنى كلمة «نخلة»، بعد عشرين أو ثلاثين عاماً.

سيُذكر العام 2016 بأنه عام قتل النخيل في البحرين، وسيذكر جيلنا التعيس، بما فيه من مثقفين يمينيين ويساريين وإسلاميين؛ ومن جمعيات حماية بيئة وناشطين بيئيين؛ بأنه الجيل الذي شهد المذبحة ولزم الصمت.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5007 - الأحد 22 مايو 2016م الموافق 15 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 27 | 10:34 ص

      في دمتكم الحين لو واحد عنده أرض قيمة القدم ٥ دينار تصنيف زراعي أكيد يبغاها تصير ١٦ و ١٧ دينار ، كلنا اللي في التعليقات وحتى صاحب المقال نفسة أكيد نبغي ، وفي أماكن ثانية انجرفت الأراضي الزراعسة ولم ستم ذكرها ربما لإعتبار الملاك ، فكيف أرض زراعية وسط أراضي أخرى يعاد تصنيفها والتي حواليها لا يعاد تصنيفها , غير متناسين أراضي الأوقاف اللي .....

    • زائر 26 | 6:18 ص

      ضدهم
      قبل كانت ام المليون نخلة اما الان ام المليون ....
      التوسعة صارت بسبب كثرة ....وتفريخهم المهول الذي ادى الى طلب السكن لهم وتقليص المساحات الخضراء في البلد والله كريم

    • زائر 25 | 4:42 ص

      لو جمعية الرفق بالحيوان فقط سمعوا عن چلب عض طفلاً وقتله، وقام الضحية بمحاولة الدفاع عن نفسه لارتفع صراخهم، دع الچلب يأكل طفلك ولا تنهره.... أما بالنسبة للنخيل والبحر وكل المقدرات، فلا بأس لو ذهبت كلها هباء فلا أحد منهم يهتم في وطنكم، لأن وطنهم المال فقط وفقط

    • زائر 22 | 3:51 ص

      كرانة البلاد القديم المالكية كرزكان اين هو الحزام الأخضر لمااذا لا يوجد قانون لتوقيف هذه المهزلة هناك تجار لا يهمها لا حزام اخضر ولا هم يحزنون ما يهمهم الفلووووووووووووووووس الى عمة عيونهم ولا يهتمون الى مستقبل البلد الزراعي والتأثير البيئي ولا شي سوى النقد الفلووووووووس

    • زائر 21 | 3:24 ص

      قانون الحزام الأخضر ساهم في الحفاظ علي الرقعة الخضراء في البحرين، وهو قانون و ضع منذ ايام الإنجليز ومشابهة لقوانين المحافظة علي الرقعة الخضراء في كل المدن الأوربية و الآسيوية ، و هو جزء مهم في التشريع المنظم لاستخدامات الاراضي. لكن للأسف أعضاء المجلس البلدي للمحافظة الشمالية هم من قامو بإلغاء القانون بدون مصادقة مجلسي النواب و الشوري و بالتالي السماح شرعيا لتجريف الاراضي الزراعية. اتمني من الأخ حسين مواصلة هذا الموضوع الهام ، و تسليط الضوء علي الناحية القانونية لتجريف الاراضي.

    • زائر 20 | 2:44 ص

      لا يفيد معهم النصائح اهمشى مصالحهم الشعب عساه يموت والدليل 200 شهيد و4 الاف معتقل لاينفع معهم النصائح لقد قتلو الصناعة اليدويه المشتكى لله وصبرا ياشعب البحرين الابي الطيب كل الكلام الي قاله ابراهيم شريف حصل

    • زائر 19 | 2:14 ص

      شح المياه

      نعيش في منطقة زراعية .....قبل عشر سنوات كانت جنة خضراء ....والعين الإرتوازي تحتاج إلى تصليح (بسبعة آلاف دينار) لا توجد مياه معالجة .....الآن هي مكان لأعجاز نخل خاوية....مخلفات الأشجار وجذوع النخيل .....نعيش في خرائب .....كل شئ بفلوس

    • زائر 15 | 1:40 ص

      بلد المليون نخله اصبح بس في كتب الدراسة اﻻبتدائيه فقط.

    • زائر 14 | 1:33 ص

      وش تبي يسوون يعني .. البحرين صغيرة لازم الزرايع بتقل نتيجة العمران .. تبي القرى كلها زرايع مثل الاول والبيت الواحد فيه مليون نفر

    • زائر 16 زائر 14 | 1:58 ص

      ههههههههه اكبد عيونك مخيطة ما تشوف من قلة الاراضي بالبحرين بابا الاراضي راحت للمتنفذين وانتون قاعدين تتفلسفون ويش يسوون وويش يسوون
      ويش خوك عطوك فيلا في امواج والا درة ، الي يسمعكم يوم سكروا البحور علينا عطوا الشعب الفلل مو كلها لللاجانب والمتنفذين صدق شر البلية ما يضحك
      شعب تعبان ماخود حقه ويصفق للحكومة بايده واسنانه

    • زائر 23 زائر 16 | 4:13 ص

      ياحبيبي الزرايع مملوكة لأشخاص حالهم من حالك .. ينجفون عن الزراعة ويكنسلونها ويقسمونها أراضي ويبيعونها حق ارباح .. كمثال في قريتنا تكنسلت العديد من الزرايع من اصحابها وتقسمت اراضي وانباعت .. المالك هو صاحب القرار ..

    • زائر 18 زائر 14 | 2:10 ص

      المفروض يعمرون الصحاري
      نصف مساحة البحرين صحراء جنوب البلد.
      بدل ما يدمرون الزراعة خلهم يعمرون الصحاري يا عبقري.

    • زائر 12 | 1:11 ص

      حسب علمي و بحسب الوسط أنه سيتم انشاء شارع يربط بين شارعي الشيخ سلمان و الشيخ عيسى و ربما هذا هو الهدف من التجريف نتمنى أن يتم المحافظة على الأراضي الزراعية بقدر الامكان حتى لو كان ذلك من أجل تسهيل الحركة المرورية

    • زائر 11 | 1:04 ص

      و إذا تولى

      سعى ليفسد الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد

    • زائر 10 | 12:57 ص

      النخلة مثل البحر بس في الصور نجوفه

    • زائر 9 | 12:55 ص

      استغربت مثلك يا سيد عند مروري على شارع النخيل الرابط بين قرى الشمالية حيث اختفت واحدة من اجمل المزارع المطله على البحر (المدفون) و تحولت لمخطط سيطرح للبيع قريباً!! ما يحدث مأساة تشترك فيها الجهات الرسمية و النتائج نلمسها اليوم و لا حاجة للتبشير بها غداً.

    • زائر 8 | 12:50 ص

      المشاريع الإسكانية التي تقام في منطقة عالي وسلماباد كلها تقام على أراضي زراعية لو تم استصلاحها لكانت واحة خضراء واستفادت منها الاقتصاد الوطني.عجبي لماذا تقام المعارض الزراعية،هذه البلد تريد ان تقطع كل شي بالماضي

    • زائر 7 | 12:36 ص

      سيدنا هذه املا ك خاصه يملكها أهالي القري وهم الوحيدين الي يعرفون مصلحتهم وثانيا شنو فايده النخل احسن من البزنز ماميش

    • زائر 13 زائر 7 | 1:28 ص

      غير صحيح. من يعملون فيها يعملون كعمال وليسوا مالكين.
      لا داعي للمغالطات. كل الدول تحافظ على زراعتها إلا نحن ندمرها بأيدينا وبفعل سياساتنا. دمرنا البحر و الآن البر . هذه هي الكارثة.

    • زائر 17 زائر 7 | 2:01 ص

      لا والله صدق يعني يوم رفضوا مال عالي وسلماباد ان يبيعون اراضيهم للحكومة بثمن بخس غصبا عنهم الحكومة اخذتها ما كانوا راضيين على هالشي قال ويش بزنز اي بزنز اي بطيخ
      مساكين دفعوا ليهم ربع قيمتها الحالية بلا بزنز بلا بطيخ بلا هرار قصوا على روحكم

    • زائر 6 | 12:30 ص

      إلى أين نحن سائرون..يخربون بيوتهم بأيديهم .

    • زائر 5 | 11:57 م

      قرأة وتألمت .. الله المستعان

    • زائر 4 | 11:05 م

      صدقت ماذا بعد......

    • زائر 3 | 11:04 م

      مزرعة ومخطط ريا

      ازالة مزرعة ريا وانشاء مخطط ريا كانت صافرة البداية ولن تتوقف حتى تزال كل مزارع البحرين، بالامس ايضا تم عرض قسائم سكنية ستقام على انقاض احد المزارع العامرة في المالكية

    • زائر 2 | 10:37 م

      تينار غرب البلاد تم تجريف بعض نخيلها وأشيع راح تكون وحدات إسكانية وكل ذلك الكلام ليس له أساس من الصحة كأن رايحين يسونها مخطط لابيع بعد تخريب المساحات الخضراء حسبنا الله.

    • زائر 1 | 10:07 م

      سيد وأنا مثلك ظننت إستبدال الشبك بسور آخر ولكن الطامة بعدها بكم يوم لعبت الأيدي والنية السيئة و الآثمة قبل الجرافات بتلك النخيل والمساحة الخضرا بتجريف تلك المزرعة وقبلها زراعة الحاج عباس وأخيه الحاج جمة أبناء عبد الرسول رحمهم الله وتم قتل تلك المساحات الممتدة إلى عذاري وكلها خطط ممنهجة لقتل الناس لقتل تىناس قبل النبات حسبنا الله.

اقرأ ايضاً