العدد 5014 - الأحد 29 مايو 2016م الموافق 22 شعبان 1437هـ

انقذوا محمية «رأس سند»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كانت دعوةً من بعض الأهالي للاطلاع على ما آلت إليه أوضاع منطقة سند الغنية بنبات القرم، المطلة على خليج توبلي.

هذه المنطقة زرناها قبل عشرة أعوام، بقاربٍ صغيرٍ وفّره لنا أحد البحارة، حيث أبحر بنا بين أشجار القرم في أعماق هذا الجيب البحري الجميل.

كان المنظر خلاباً، والماء رائقاً، والجو جميلاً، وكانت الرائحة الطيبة تنبعث من هذه الشجيرات التي يبلغ ارتفاع بعضها ثلاثة أمتار، بحيث تغطّي القارب وكأنه بين أشجار غابةٍ صغيرة. وكلما توغلنا داخلها، قل ارتفاع الماء، وحين توسطنا المنطقة، نزل مرافقنا إلى الماء ليدفع القارب، حيث يصل الماء إلى منتصف جسمه. وقبل الوصول إلى خط النهاية، أدار القارب لعدم إمكانية الاستمرار بسبب انخفاض منسوب المياه.

كانت هذه هي الصورة الجميلة التي احتفظت بها قبل عشر سنين، لـ «رأس سند»، وحين عدنا إليها قبل أسبوع - وليتنا ما عدنا - شاهدنا منطقةً منكوبةً تشارف على الاحتضار، تشكو بأبلغ لسان، تقصير الجهات الرسمية وسياسة الإهمال.

هذه المنطقة «رأس سند»، رسمياً «محمية طبيعية»، حسب القانون رقم 53 لسنة 2006م، وتقع ضمن خليج توبلي المسجّل بدوره ضمن قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية، بموجب اتفاقية الأراضي الرطبة «رامسار»، التي صدّقت عليها حكومة البحرين. هذا هو القانون رسمياً، بينما الواقع أنها لم تكن محميةً إلا على الورق، وهي مهدّدة اليوم بالزوال، وإذا لم تقم الجهات الرسمية المسئولة بواجبها ومسئوليتها الوطنية، فلن تمرّ غير سنوات قلائل حتى تختفي هذه «المحمية» نهائياً من الوجود.

المجلس الأعلى للبيئة أعلن مشكوراً العام الماضي، الانتهاء من مسودة نهائية لـ «مشروع رأس سند»، الذي يهدف إلى حماية «أشجار القرم» في رأس سند، واستثماره لأغراض علمية وتعليمية بصورة مستدامة. وذهب المقترح بعيداً للحلم بتشييد مركز للزوّار، يتألف من قاعة محاضرات ومتحف تاريخ طبيعي ومشتل لنبات القرم، مع ممشى معلق وبرج لمراقبة الطيور. وأشار الرئيس التنفيذي للمجلس محمد بن دينة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، إلى أن كلفة المشروع «عالية جداً»، ولا يستطيع المجلس تنفيذه لمحدودية موازنته.

لو كانت مثل هذه البيئة الجميلة، في إحدى دول الخليج الأخرى، هل كانوا سيبخلون على تنفيذ مثل هذا المشروع؟ ولو امتلكوا خليجاً داخلياً جميلاً مثل خليج توبلي، تطلّ عليه عشرات القرى والمناطق السكنية، ويسكن على ضفافه عشرات الآلاف من المواطنين، هل كانوا سيسمحون بتدميره وردم أطرافه، وتحويله إلى مستنقعٍ كبيرٍ تصبّ فيه مياه المجاري ليل نهار؟

حين تزور «رأس سند»، تصدمك حجم الكارثة، فمنسوب الماء بات ضحلاً، حتى بات المجرى مهدَّداً بالجفاف، والطحالب تغطي أكثر الأشجار، والأوساخ بمختلف أنواعها، من مخلّفات البناء والأحجار وقطع الطابوق، وأكياس البلاستيك... وإطارات السيارات والأخشاب مبعثرة هنا وهناك.

«رأس سند» الذي يمتد لأكثر من 500 متر، «محمية» بموجب الاتفاقية الدولية التي صدّقت عليها البحرين، وهي كنزٌ طبيعي، وثروةٌ وطنيةٌ ينبغي المحافظة عليها، ويمكن تحويلها إلى معلم سياحي بعد تنظيفه وإقامة ممشى ومظلات وتشجير، وذلك لن يكلف الكثير. لكنه يحتاج إلى حملة وطنية وجهد مخلص كبير، تقودها الجهات المعنية المقصّرة منذ سنوات، من وزارة البلديات والأشغال وشئون الزراعة، إلى الهيئة العامة لحماية الثروة السمكية والبيئة والحياة الفطرية، إلى المجلس الأعلى للبيئة، فضلاً عن المنظمات الأهلية العاملة في مجال حماية البيئة، والمجتمع المحلي.

الشعب لا يريد متحفاً طبيعياً ولا قاعة محاضرات، في هذه الفترة على الأقل، ولا يريد ممشى معلقاً أو برجاً لمراقبة الطيور، وإنما إنقاذ أشجار القرم وتنظيف المجرى المائي لإنقاذ محمية «رأس سند».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5014 - الأحد 29 مايو 2016م الموافق 22 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 7:04 ص

      من هو لك سيد محد يسمع و الجهات المعنية يا كثر الفساد فيها فاضين حق 500 متر و شوي شجر حتى النواب ما يهمهم هذه المواضيع ﻻكن لو هذه المحمية موجوده في مسقط او دبي لكان هناك كﻻم ثاني.

    • زائر 16 | 4:11 ص

      صح الله لسانك البلدان المحيطة بنا يبنون بأعلى التكاليف محميات و خليج اصطناعي للترفيه عن شعوبهم و للسياحة و نحن وللأسف الشديد لدينا محميات طبيعية مهملة و سواحل ممكن بميزانية بسيطة نجعل منها جنة و يستفيد منها المواطن و السائح. هذه مسؤلية الجهات المعنية في الحفاظ عليها نتمنى منهم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ عليها. البحرين كانت جنة الخليج بمياهها الطبيعية و العيون و النخيل حالها من حال جزر شرق آسيا من الخيرات و الطبيعة الخلابة لماذا الجزر الأخرى ما زالت على حالها و جزيرتنا أصبحت صحراء ؟؟؟؟؟؟

    • زائر 14 | 3:29 ص

      الاهمال ،،،

      و اقترحنا بتظيف الخليج اكثر من مره في الصحف المحليه لوضع خطة لتجديد مياة البحر وتنظيف ممرات المياة لشجر القرم ومنع وضع الحضرات صيد السمك فيه لتكاثر صغار الاسماك و وضع بيوت متوزعه في البحر لتكاثر الاسماك واعادة الحياة البحرية والبيئة كما كانت ،،،

    • زائر 13 | 3:02 ص

      اهمال ،،،

      تعتبر محمية شجر القرم من المحميات الطبيعية في المملكة ولان الاهمال الشديد الذي حل في هذه المحمية من كثرة الانقاض والاوساخ ومخلفات المصانع والزحف السكاني نتج عن هذا كله موت بعض الاشجار القرم وبسبب الانسداد الممرات المائية فيه والاوساخ ورمي مياة المجاوي ولوحظ في الاونة الأخيرة كثرة الثعابين واخر مرة شاهدة ثعبان بطول متر و نصف مما يدل وجود مستنقعات وكثرة الحشرات والزواحف والقوارض.

    • زائر 11 | 2:33 ص

      شكرا للطرح وشكرا على اهتمامك في أمور البيئة والسياحة

    • زائر 10 | 2:11 ص

      جنة سند المفقودة نعم محمية في غاية الروعةةتحولت الى وحل وروائح كريهة

    • زائر 12 زائر 10 | 2:54 ص

      اه

      انت لست في دوحه عراد انت في سند؟؟؟

    • زائر 9 | 1:45 ص

      صرخة في وادي عساهم يسمعونها

    • زائر 8 | 1:40 ص

      يا سيد ، يا سيد لا تقلّب لنا المواجع فألم البحرين كبير وموجع، فأين ما تشيح بوجهك يؤلمك وضعها وحالها .
      يا سيد من عاش تلك السنين الجميلة ورأى البحرين جنّات من الأشجار والزراعة يبكيه حالها ويدمي قلبه.
      يا سيد لا تنكأ جروحا مؤلمة نحاول نسيانها فأين كانت بلدنا وأين اصبحت ؟
      في قرية ابوصيبع توجد بعض المزارع التي اصبحت نوعا من المشاتل تساهم في تمويل البحرين ببعض النخيل وغيرها من الأشجار نرى العيون تحوم حولها لكي يسلبوها ما تبقّى لها من اللون الأخضر فهناك اعداء لهذا اللون لا يريدون رؤيته على وجه الارض

    • زائر 7 | 1:28 ص

      مافي أيدينا زهيد. نمعن النظر إلى مافي أيدي الدول اﻷخرى على أنه مفخرة ومكان جميل وأما الذي في أيدينا ﻻ نعبئ به ... ما السبب ياترى؟ هل نحن أقل منهم معرفة؟

    • زائر 6 | 1:16 ص

      انا معك في هذا الاقتراح فقد زرت المنطقة قبل عدة أيام وأذهلني ما رأيت فالمنطقة أصبحت مجرد مستنقع مليئ بالطحالب ولا بد من النظر في ذلك.

    • زائر 5 | 1:15 ص

      هههههههههههههههههههههههههههههه
      يا سيدنا هم واخلوا لا بشر ولاحجر ولا مدر الى خربوة وباعوة وقتلوة وحبسوة وانتهكوة وسحلوة ودهسوة وباقوة
      تبين يفتكرون في زرع يطلع في الخمق .
      طول بالك اخويي لا تنحرف البوصله

    • زائر 4 | 1:10 ص

      المثير للسخرية انهم يستأجرون اراضي زراعية في الخارج ليستثمرونها كما يدعون في حين انهم يدمرون الزراعة والبحر وكل الثروات الطبيعية في البلاد اشباعا لجشعهم وانفسهم الاجرامية الغير وطنية

    • زائر 1 | 11:00 م

      لا يهتمون بالبشر فيكيف تراهم يهتمون بالشجر

    • زائر 3 زائر 1 | 1:02 ص

      يهتمون بالبشر بس خل قلبك أبيض مثل باقي البشر أولا وتالي يصير خير !!

    • زائر 15 زائر 3 | 4:02 ص

      وليش ما اهتموا بالحجر؟ بعد قلبه أسود؟
      وليش دمروا البحر؟
      وليش دمروا البر؟

اقرأ ايضاً