العدد 5030 - الثلثاء 14 يونيو 2016م الموافق 09 رمضان 1437هـ

مذبحة أورلاندو والجيل الجديد

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كشفت آخر التقارير الواردة من الولايات المتحدة أن منفذ مذبحة النادي الليلي في فلوريدا الأميركية، كان يرتاد النادي بانتظام لفترة طويلة.

صحف أميركية نقلت عن زبائن النادي قولهم إنهم كانوا يشاهدون الجاني الأفغاني الأصل في النادي الليلي وهو يحتسي الخمر بكثرة، بينما كشفت السلطات السعودية عن زيارته مرتين لأداء العمرة في العامين 2011 و2012.

مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) كشف أن الجاني أعلن في اتصال هاتفي مع الشرطة عن مبايعته تنظيم «داعش»، بينما سارع التنظيم إلى نشر صورته معلناً تبنّي العملية، التي أودت بحياة 49 وأدّت إلى إصابة 53. وحاول المرشح الجمهوري المتطرف دونالد ترامب استغلالها، بدعوة الرئيس باراك أوباما للاستقالة، وتوعّد بمنع هجرة المسلمين للولايات المتحدة في حال انتخابه. أما منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون فوعدت بمنع وقوع مثل هذه الحوادث، فصفّق لها الجمهور من مناصريها، دون أن يسألها أحدهم: كيف؟ أما أوباما نفسه، فاستغلها على طريقته، بتجديد دعوته لمنع بيع الأسلحة التي لقيت معارضة شديدة طوال فترة ولايته.

حتى الآن، وعلى رغم تبجح تنظيم «داعش» بتبنّي العملية، لا يوجد دليل مؤكد أن المهاجم تلقّى أية مساعدة أو توجيه من الخارج، كما قال أوباما، وهو ما يثير المزيد من المخاوف والشكوك في ملايين المسلمين، الذين يعيشون في الغرب. فكلٌّ منهم يمكن النظر إليه على أنه قنبلة موقوتة، أو مشروع «ذئب» بشري، يمكن أن يحمل مسدساً ويستغل أية فرصة لقتل أكبر عددٍ من الغافلين، في أي موقع مكشوف. وتنفيذ مثل هذه العملية لا يحتاج إلا إلى سلاح يمكن الحصول عليه بسهولة، واتخاذ قرار القتل، ضد أية مجموعة بشرية يعتبرها كافرة، مدجّجاً بعقيدة منغلقة تقوم على الكراهية والحقد الأعمى، وتكفير الآخرين والاستخفاف بأرواح البشر.

في الجيل السابق للمتطرّفين، كان يجري إلحاقهم بتلك الحركات وفق معايير محدّدة، من بينها الاطمئنان لمسلكهم الديني، حتى لو كانوا من ذوي السوابق أو شاربي الخمر. أما الجيل الجديد من هذه التنظيمات فلا يخضع لأية معايير، فهناك نوع جديد من الانغماسيين المنفلتين. فمنفذ هجوم أورلاندو، كان من مرتادي نادي المثليين، وكان يشرب الخمرة بكثرة، وخلّف طفلاً من فتاةٍ لم يتزوجها. وبعد هجوم شارل ايبدو نشرت صور المنفذين ومن بينهم فتاة شبه عارية على الساحل.

هذه التنظيمات مخترَقةٌ من الأعلى، ومستباحةٌ من الأسفل، وكثيرٌ من قياداتها ذات خلفيات وارتباطات مشبوهة، لا تقيم وزناً للأخلاق والحدود الحمراء، بدليل ما نفذته من مجازر في منتهى البشاعة، وخصوصاً في العراق وسورية وليبيا وتونس. وقد شاهد العالم طرق تفنّنها بالقتل، ذبحاً وسحلاً وقطعاً للرؤوس، وإغراقاً وحرقاً في أقفاص، بما تقشعر له الأبدان. وكانت هذه التنظيمات تصوّر جرائمها وتبثها على شبكة الإنترنت، بإخراج هوليوودي على طريقة ألفرد هيتشكوك، لبث الرعب في القلوب، كما حدث في قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً.

المشكلة لم تعد خاصةً بالشرق الأوسط، بل باتت تواجه دول العالم وخصوصاً تلك المتورطة بأحداث المنطقة وإشاعة الفوضى فيها، فبعد خمسة أعوامٍ من العبث بأمن الشرق الأوسط لمصلحة أمن «إسرائيل» المطلق، بات البركان يقذف بحممه مسافات بعيدة، على بعد آلاف الكيلومترات، من أستراليا شرقاً، إلى الولايات المتحدة غرباً، مروراً بفرنسا وبريطانيا وبلجيكا، مقر الاتحاد الأوروبي.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5030 - الثلثاء 14 يونيو 2016م الموافق 09 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 4:41 ص

      جيل جديد من الذئاب البشرية
      وكله باسم الله
      يقتلون وهم يكبّرون

    • زائر 4 | 4:26 ص

      سادية مفرطة ووحشية لا تصدق..... كانت هذه التنظيمات تصوّر جرائمها وتبثها على شبكة الإنترنت، بإخراج هوليوودي على طريقة ألفرد هيتشكوك، لبث الرعب في القلوب، كما حدث في قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً.

    • زائر 2 | 2:13 ص

      وهذا دليل على انحراف هؤلاء

      المؤيدين للجماعات المتطرفة التي تستغل اسم الدين شعارا لها..فيلعبون بتعاليم الدين يحرمون ويحللون وينتهكون تعاليم الاسلام
      ...

    • زائر 1 | 12:41 ص

      من عيوب العقل البشري عزم دركه للتناقضات في تفكيره و تصرفاته. هذا المجرم نموذج من هذا العقل.

    • زائر 3 زائر 1 | 2:45 ص

      المشكلة ان هذا العيب هو السمة الأساسية للجماعات التكفيرية

اقرأ ايضاً