العدد 5047 - الجمعة 01 يوليو 2016م الموافق 26 رمضان 1437هـ

قنوات فضائية بين الإفراط والتفريط

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في شهر رمضان الفضيل نشطت وتنافست الكثير من الفضائيات الناطقة باللغة العربية في إعداد وإخراج وتقديم البرامج غير النافعة، فكرياً وثقافياً واجتماعياً في مجملها، وتفنّنت في إنتاجها للبرامج الخادشة لمكانة الشهر الكريم، وكأنّ كل ما يهمها وهي تعد برامجها للشهر المعظم، أن تكون جاذبةً لأكبر عددٍ من المشاهدين الشباب والشابات، خاصة المراهقين والمراهقات، سواءً كان في تصميم الديكور أو اختيار الملابس أو نوع المكياج أو طرق قصات الشعر وتصفيفه، أو تنوع الأزياء الفاضحة أو في طريقة التقديم أو المغريات المادية والعينية الثمينة والكثيرة التي تقدّمها لمشاهديها بثمن بخس .

لقد استطاعت ببرامجها المبتذلة اصطياد الكثير من الشباب والشابات في شباكها وحبائلها الشيطانية، وجعلهم يسرحون ويسيحون في أوهامها وخزعبلاتها البعيدة عن متطلبات شهر الله المكرم، والمصيبة الكبرى إذا ما ادعت تلك الفضائيات زوراً وبهتاناً أن البرامج والمسلسلات غير الهادفة والمسابقات الخادشة للحياء، التي تبثّها بصورةٍ مركزةٍ ومتواصلة، من أذان المغرب حتى أذان الفجر، لم تقصد من ورائها إلا تكريم الشهر الكريم، رغم علم القائمين عليها أنها بهذه البرامج غير المتزنة يختلفون فيه جملة وتفصيلا مع التكريم الحقيقي الذي أراده الله تعالى ورسوله (ص) لهذا الشهر المقدس، وأن إفراطها في تقديم الإهانة لهذا الشهر، جعل لقنوات التطرف فرصة سانحة لتقديم ما تراه عن «الإسلام» لشباب الأمة العربية والإسلامية، بصورة مغايرة تماماً عن الإسلام قدّمه رسول الله (ص) وأصحابه النجباء وفدوه بكل غالٍ ونفيس، فقدّمته هذه القنوات كأنه دين جاء من أجل قتل وذبح الإنسان وهتك أعراضه وتدمير حضارته الإنسانية ورفض كل من يخالفه حتى في الأذكار.

وقد نجحت بنسبة كبيرة في جعل شباب الأمة الذي لم تسنح له الفرصة للتعرف على حقيقة الإسلام وسماحته الراقية، يساهمون بصورة مباشرة في إغراق الأمة في الفتن التي ليس لها أول ولا آخر.

والكثير من القنوات الفضائية الناطقة بالعربية، أفرطت في الابتذال وبعضها أفرطت في التطرف الديني، وكان لها الدور البارز في إحداث الخلافات المصطنعة والأزمات الدينية والطائفية والمذهبية في العالم الإسلامي، وكأن بينها اتفاقاً، بأن تجعل شباب عالمنا العربي والإسلامي في مهب الريح، لا يعرفون حقيقة وجودهم في هذه الدنيا. وتذهب القنوات الفضائية المبتذلة بهم إلى الإنحراف الأخلاقي، بينما تقودهم القنوات المتطرفة إلى تشويه دينهم، وكلتاهما تعملان على ضياع شبابنا العربي والإسلامي وتضييع طاقاتهم وإمكانياتهم العقلية والمعنوية .

ولإفساح المجال لإعمار بلدانهم اقتصادياً وعلمياً وتربوياً وصناعياً، فلابد للعالم الإسلامي أن يضع لنفسه خطة استراتيجية للإعلام المرئي، يستطيع من خلاله أن يقدّم للشباب والشابات المراهقين والمراهقات البرامج النافعة، أخلاقياً واجتماعياً وإنسانياً ونفسياً، ولتبعدهم عن المنزلقات الأخلاقية والدينية الخطيرة. ولا شك أن تحقيق هذا المطلب المهم يحتاج إلى تضافر الجهود العربية والإسلامية، والعمل بجد لإيجاد صناعة سينمائية هادفة ومتطورة وإنتاج أفلام ذات قيمة أخلاقية راقية، بدلاً من الأفلام المبتذلة التي ليس لها قيمة أخلاقية تذكر. نسأله ذا الجلال والإكرام، أن يحفظ شباب وشابات أمتنا من سوء القنوات الفضائية، التي تسيء في كل عام لقدسية هذا الشهر الفضيل.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5047 - الجمعة 01 يوليو 2016م الموافق 26 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 11:09 ص

      المسلسلات الخليجيه كلها عرض ازياء ومكياج والموضه والحش فى سيرة الناس مسلسلاتهم كلها نفس الشى غيبه ونميمه وقتل ومقاتل ولا فيه اى شى يرضى الله المشتكى لله الغرب انسى المسلمين الله المشتكى لله

    • زائر 4 | 6:07 ص

      مدرسون متقاعدون بين الجمبزة والسياسة
      والاستاذ سلمان مثال للمدرس الذي لعلنا لو نعود لزمن كان مدرسنا للرياضيات وقد تقاعد لأقمنا الاحتفالات

    • زائر 3 | 4:28 ص

      المشاهد غير بعيد عن النقد

      هذه التوافه والنواقص لو لم ترى لها زبائن ومتابعين ومصفقين لما راجت ولما توسعت وللاسف كلها محسوبة على المسلمين وهي في الاساس حرب ناعمة على كل ما يمت للاسلام والفضيلة والعادات والتقاليد

    • زائر 2 | 4:25 ص

      مفارقة

      ينقفون الملايين في برامج ومسلسلات تحاكي الواقع ولو انفقوا جزء منها على الواقع لتغير للافضل

    • زائر 1 | 4:24 ص

      احسنت استاذي

      الحمد لله ان وفقني الله ولا اتابع الشاشه ولكن نادرا مااتابع وارى العجب هناك افراط في المنكرات هناك مستوى لم يسبق من الانحدار الاخلاقي والبعد عن القيم والاسلام هناك تظليل اقوى من كل كلمة حرة وشريفه وهناك وهناك وكلها لها هدف مرسوم وواضح وليست عبثية

اقرأ ايضاً