العدد 5053 - الخميس 07 يوليو 2016م الموافق 02 شوال 1437هـ

جهود الكذب والعجز في أرض العرب

علي محمد فخرو comments [at] alwasatnews.com

مفكر بحريني

نحن نعيش في عالم قائم على الكذب والخداع، والدوران حول القضايا، ثم الادعاء بأن قادته يسعون لحل تلك القضايا.

لنأخذ موضوع العنف الإرهابي، الجهادي التكفيري في بلاد العرب والإسلام والعبثي الفردي في مجتمعات الغرب، والذي أصبح كابوساً يؤرق كل مجتمعات العالم، وحديثاً تتلهى به كل وسائل الإعلام ليل نهار بعرض فواجعه وأحزان ضحاياه، وخطاباً سياسياً يوميا لرئيس هذه الدولة أو تلك ليمارس أوهام البطولة، لكن موضوع العنف الشيطاني ذاك يظل قائماً ومترسخاً، بل ويتمدد ويتفنن في ابتداع صور الذبح والحرق التي لا تقف عند حدود.

أما عالمنا فإنه ينشغل بتحليل الظاهرة وبالتصنيف المضحك المبكي؛ فهذا إرهاب متطرف يجب أن يحارب، وذاك إرهاب معتدل يمكن التعايش معه، وتلك مجزرة يقوم بها فرد شاذ معتوه كانت وستكون معنا إلى الأبد.

الكل منشغل بذلك اللغو، وقليلون هم الذين يتحدثون عن أهم وأخطر عناصر وجوده: وصول ممارسيه السهل الميسر إلى الأدوات التي يرتكبون بها جرائمهم، واستمرار نشر الإيديولوجية التي تغذي وتربي عقول وأرواح أتباعه وجنوده وانتحارييه.

موضوع الوصول إلى الأدوات يصرخ في وجوه الجميع ويطرح السؤال الآتي: ما الذي يقتل الضحايا ويفجر الأسواق والمساجد والحسينيات ويرمل النساء وييتم الأطفال ويحيل المدن إلى أرض يباب؟ أليست هي البندقية والكلاشنكوف ومواد التفجير؟ وهذه، أليست تصنع في مصانع معروفة، وتباع من قبل جهات معروفة، وتشتريها أنظمة وقوى معروفة، لتوصلها بطرق معروفة إلى يد المجنون الذي يمارس الإجرام الهمجي؟

وإذاً، لماذا لا يستطيع هذا العالم، الذي نجح إلى أبعد الحدود في الحد من انتشار الأسلحة الذرية والكيميائية والجرثومية، لا يستطيع أن يفعل الأمر ذاته مع إنتاج وبيع الأسلحة، سواء للإرهاب الدولي أو الفرد المجنون، لتصبح عملية محكومة بضوابط دولية صارمة وسجلات شفافة ومقاييس أمنية وطنية فقط؟

لماذا لم يحصل هذا الموضوع بالذات، وبالرغم من كل مآسي الإرهاب الجماعي والفردي، بالدعوة إلى مؤتمر دولي واحد ليصار إلى النظر في إمكانية ضبط تصنيع وبيع السلاح؟ ألأن مصانع السلاح في دول الغرب وروسيا والصين والكيان الصهيوني وغيرها يجب ألا تمس مصالحها وتشغيلها لألوف الأيادي العاملة وجنيها الأرباح الهائلة؟ ألأن مؤسسات الاستخبارات ومؤسسات تجارة السلاح، والإعلام الذي يقف وراءهما، قد أصبحوا جميعاً أقوى من الدول ومن الإرادة الدولية؟

في هذا الموضوع تذرف يومياً دموع التماسيح ويمارس النفاق بصورة مكشوفة ويتم التآمر على الإنسانية، بينما تجري الدماء مدراراً.

الأمر نفسه ينطبق على موضوع الإيديولوجية التي تقف وراء العنف الجهادي التكفيري، وخصوصاً في أرض العرب والإسلام. الجميع يعلم بأنها إيديولوجية فقهية متخلفة متزمتة تعتمد على قراءات خاطئة تلفيقية لما جاء في القرآن الكريم، وأحاديث رسول الإسلام المؤكدة المتناغمة مع روح الرسالة السماوية العادلة المتسامحة الرحيمة.

فماذا تفعل المؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية والأهلية، التي تدعي بأنها وجدت لحماية سمعة ونقاء هذا الدين، تجاه إنتاج وتوزيع وممارسة تلك الإيديولوجية الفقهية؟

هل حقاً أن هذه المؤسسات جادة في محاربة الإيديولوجية التكفيرية عندما تكتفي بإصدار الإدانات الخجولة، التي تكاد تكون همساً خائفاً، لممارسات الجهاد التكفيري؟

هل حقاً أننا لم نصل بعد إلى الكارثة التي تستدعي أن تكون جميع تلك المؤسسات الدينية جبهة واحدة، متناسقة، تتكلم بصوت واحد جهوري لا غمغمة فيه، ضد كل ممارسات الجهاد التكفيري الإرهابية، تحت أي مسمى كان، وضد كل من يمد أصحابه بالسلاح والمال والدعم السياسي والمعنوي، وضد كل محاولات تشجيعية وتبريره باسم الانقسامات الطائفية؟

أليس الجحيم الذي يعيشه العرب المسلمون والمسيحيون كافيا وخطرا حتى تتوقف تلك المؤسسات الدينية عن التفكير الطائفي وتقفز فوق كل الخلافات المذهبية، وكثير منها عبث في عبث وسياسة في سياسة، لتبني موقفاً إسلامياً واحداً لإيقاف جنون هذه الإيديولوجية الفقهية؟

نحن أمام جهتين غير جادتين: دولية كاذبة لا يهمها إلا أن تبيع سلاحها وتجني الأرباح، وعربية إسلامية مترددة خائفة لا تريد أن تنقح وتصلح وتجدد وتطهر إيديولوجية فقهية حتى لا يختطف الإسلام باسمها وحتى لا يصبح الإسلام ديناً منبوذاً مفترى عليه.

وما يحز في النفس أن البطش الذي تعرض له المجتمع المدني العربي عبر القرون ولايزال يتعرض له يجعل التوجه إليه، ليقوم بالجهد المطلوب لإطفاء الحرائق، حديث خرافة يا أم عمرو. هنا تكمن المأساة، وهنا يكمن الحل الذي يأتي ولا يأتي.

إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"

العدد 5053 - الخميس 07 يوليو 2016م الموافق 02 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 12:42 م

      انه اريد فقط اخاطب الذين يقولون يحرقون الشارع بالتايرات اذا ارتونهم الى يحرقون لبو مطالبهم اولا افراج عن جميع المعتقلين عدم منعهم من المسيرات لانه الدستور سناها

    • زائر 18 | 12:35 م

      احسنت استاد اصدق استاد ماصدقو بعض الصحفيين الماجورين اصير ازمة حق ابثون كذبهم ونفاقهم من اجل مصالحهم كيف يطاوعهم ضميرهم اكل اولادهم افلوس حرام على دماء الشهداء والابرياء القابعين فى السجون وهم يعرفون انه هاده الشى مبغوض عند الله لاكن يفعلونه واخرتهم راح يصيحون مافعلوه المشتكى لله اذا الامة ابتليت بالجهل

    • زائر 17 | 7:00 ص

      الكل يعرف من صانع الاحداث

      الكل يعرف من وراء ما يجري لأن الأمر واضح وضوح الشمس لكن من يجرؤ على تسميتهم والإشارة لهم خوفا على مصالحهم الخاصة دول كانوا أو أفراد وإنما يحلق الكتاب في الفضاء على قاعدة يوجد فساد لكن أين المفسدين لا يرون.

    • زائر 16 | 6:16 ص

      تحليل في كثير من محطاته لامس الحقيقة وقد تكرر في كتابات متعددة بطريق او بآخر ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الى متى نظل نناقش الكارثة وتستغرق في التحليل النظري لها متى ينبري العزم الصادق للخلاص من هذا الدمار يا أيها المعنيين قليل من العزم والرأفة بهذه الأمة اما يكفى هذا الدمار

    • زائر 15 | 5:39 ص

      العرب والغرب كذابين يفكرون في الاستغناء على حساب الفقراء والمعدومين ويفكرون في مصالحهم فقط الشعوب لا تهمهم

    • زائر 14 | 4:06 ص

      لاني عربي

      يارب انقذني مما انا فيه

    • زائر 13 | 4:02 ص

      شيل من هل اللنقة وحط في هل اللنقة ...
      اموال .... لقتل . .. اصطفاف يدفع للدواعش .. واصطفاف يدفع ........ ولا احد يدفع المال لأطفال فلسطين لشراء السلاح بيد ان 800 الف فدائي بحاجة الى المال المبعثر على ايدي الجماعات العبثية الغبية .. بين ايديولوجيا ا........ .. اعاذنا الله منهم ..
      مجموعة الثعالب ..

    • زائر 10 | 2:47 ص

      لعبة الأجهزة المخابراتية الغربية بالتعاون مع....في خلق جو من الرعب والخوف من اجل جعل الشعوب تخاف من المطالبة بابسط حقوقها لأن مقابل ذلك الدمار.
      ألا ترى السؤال المتكرّر انظر الى البلد الفلاني والعلّاني هل تريد بلدنا ان تصبح نفسهم ؟ لذلك ارضخوا وابقوا على ما انتم عليه والله لا يغير علينا.
      بمعنى ان هناك مخطط للتدمير الهائل حتى بعد ذلك ترضى الشعوب بالفساد والظلم والاستحواذ الموجود لأنه اهون الشرّين

    • زائر 8 | 2:05 ص

      عصابات عصابات

      الدول التي تدعي محاربة هذا الفكر هم ..............هل عجز العالم بما يملك من تكنولوجيا أن يضرب هذا العبث والفكر المنحرف

    • زائر 12 زائر 8 | 3:22 ص

      ...

      حتما سيستمر هذا الى آخر دينار ودرهم وريال ومن ثم سيتوقف عند توقف الريال وسيبحث عن سرقة اخري وكيد وحيلة اخرى ، اما سمعت ذلك المسؤل ماذا يقول امة العرب والاسلام اصبحوا كم مليار يجب ان نقللمن اعدادهم ، هل يوجد غوغاء مثل هذا او تلك المسؤلة والتي يمكن ان تصبح رئيسة لما سألوها عن الاطفال في العراق هل هذا الحصار يساوي ثمنه هذا الكم الهائل لموت اطفال العراق ردت بكل سخف بنعم ؟؟؟

    • زائر 7 | 1:32 ص

      من اين والى اين من من وعلى من وفي ما من ما و بما على ما
      تاريخ العرب

    • زائر 6 | 1:07 ص

      الغريب في الامر الاشخاص الدين يستنكرون حرق الاطارات وقذف الملتف وهذا مرقوض طبعا وهم انفسهم من
      يدخل البلدا ن الاخرى من الخلف ...

    • زائر 4 | 12:03 ص

      الكاسر

      المصالح تأتي فوق كل ما ذكرت
      كل على حسب مصلحتة عالم الدين اذا يدخل في حسابة مبالغ هائلة فسوف ينطق بما تريد وأما مراقبة مصانع الأسلحة عن طريق الدول انت قطعت أرزاق ناس على حساب ناس ينظرون لهم انهم ليسو بشر

    • زائر 3 | 10:34 م

      الفهم والتمنطق لا يأخذ من ابواق الصحف و المجلات و القنوات , يأخذ من فم الشعوب ومن مخالب الذئاب ومن تشريح الضحايا ,

    • زائر 1 | 10:05 م

      قبل كم يوم إنتشر عن بن إفليس المسؤل الجزائري والمقرب من بو تفليقة كيف لما أرادت دولة عظمى توقف الذبح والمذابح في الجزائر اوزعت لدولة .. إيقاف تمويل الإرهابيين من مال وشراء السلاح لهم عن طريق إسرائيل وفرنسا .

اقرأ ايضاً