العدد 5058 - الثلثاء 12 يوليو 2016م الموافق 07 شوال 1437هـ

«ساق البامبو»... الحديث عن أمراضنا الخليجية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حين لمحت مخرج مسلسل «ساق البامبو» جالساً مع أحد الزملاء في واحة الصحفيين، بمبنى «الوسط»، أواخر رمضان المبارك، قلت في نفسي: هذه فرصةٌ جاءتك إلى بابك دون أن تذهب إليها، لتعرف الإجابة على بعض أسئلتك.

استأذنت للدخول عليهما، وبعد التحية بادرته مصارحاً: أنا لا أتابع المسلسلات، إلا أن ساق البامبو شدّني لمتابعته، ومن حسن الحظ أنه كان يُعرض وقت تناول السحور. فقال المخرج محمد القفاص: هذا ما كنّا نتحدّث عنه توّاً، حيث استقطب المسلسل شرائح مختلفة من المثقفين.

كانت لدي أسئلةٌ كثيرة عن «ساق البامبو»، فالعمل يتعلّق بمضامين إنسانية نتناولها في كتاباتنا طوال العام، كالعنصرية والطائفية والطبقية والتمييز والهوية الوطنية، وقضايا الحرية والعدل والمساواة وحقوق الإنسان. وأول هذه التساؤلات التي ربما كان بعضها ساذجاً، لكنّي كنت أبحث بصدقٍ عن إجاباتها: كيف لممثل كوري، أمّه فيتنامية، أن يتكلّم الفلبينية بإتقان؟ (واكتشفت أنه عاش في الأردن حيث تلقّى دراسته الجامعية ويتكلّم العربية بطلاقة)، فأجاب مخرجنا البحريني موضِّحاً أن «لدينا ملقّنِين للغات الأجنبية يساعدون الممثل على أداء الكلمات واللفظ الصحيح». بدا لي ذلك أصعب بكثيرٍ من عمل الملقنين في إرشاد الممثلين في المسرحيات لأنه يتم بلغةٍ ثالثة، ولأداء مقاطع ذات مسحةٍ أدبية كالمونولوج والتأملات الذاتية.

كنت أتمنّى لو أنني قرأت «ساق البامبو» من قبل، ليكون لي تقييمي الخاص فيما يتعلق بأيّهما تقدّم على الآخر: الرواية أم المسلسل؛ فسألته: كم أضفتَ على ما جاء في الرواية من أحداث؟ واستغربت حين أجاب أن ما قدّم في العمل لا يعادل نصف ما تضمنته الرواية. سألته ثانيةً: كم عدد صفحات الرواية وكم هو مجموع ما أُعِدّ للمسلسل؟ فأجاب: الرواية في 400 صفحة، وما أعددناه أكثر من 1200 صفحة. سألته مرةً أخرى: هل كان ممكناً اختصار وقت المسلسل، ولماذا الإصرار على 30 يوماً (طوال رمضان)؟ فأجاب إن ما تتحدّث عنه أعرافٌ تم تثبيتها.

أثناء حديثه مع زميلنا، أشار المخرج لما تشكّله الأعمال الكبرى من تحدٍّ مستقبلي أو «لعنة» للمخرجين أو الممثلين، فسألته: ألن يشكل «ساق البامبو» لعنةً بالنسبة لك؟ فأجاب: لا، لعدم رضاه عمّا قدّمه، وأضاف: «لدينا في الخليج قضايا كثيرة لو سُمح لنا بطرحها لتمكنت الدراما الخليجية من الإسهام في علاجها». وهو محقٌّ جداً في ذلك، فدائرة الممنوعات السياسية والاجتماعية تتسع يوماً بعد يوم، والتضييق على الحريات العامة يشتد، وملاحقة الناشطين الحقوقيين تزداد، مع محاولات فرض «مراقبةٍ لصيقةٍ» على مواقع التواصل الاجتماعي كما يحدث في كرة القدم. وبات المغرّدون يستشعرون زيادة تدخل مجموعاتٍ مبرمجةٍ للتعليق على الآراء وأحداث الساعة، حيث يُراد منها الإيحاء بتمثيلها لرأي عام. وهو انطباعٌ كاذب، خصوصاً إنها تمثل جهات معينة، ذات مستوى أخلاقي متردٍّ، تتستر بلغة طائفية، وتستخدم لغةً بذيئةً، تدلّ على انعدام التربية والأخلاق.

هذه القضية باتت قضيةً خليجيةً مسكوتاً عنها، لأهداف سياسية، إلى جانب القضايا الأخرى المؤرقة، مثل البدون في الكويت، وتجنيس الأجانب في البحرين. و»ساق البامبو» لامس بعض أمراضنا الاجتماعية هذه، وفي مقدمتها النظرة الدونية للأجانب، والآسيويين منهم خصوصاً، بالذات العمالة الوافدة أو المنزلية. وهؤلاء يقومون اليوم بأغلب الأعمال التي ترتبط بها حياتنا، ولو امتنعوا عن العمل لأصيبت حياتنا بالشلل، ومع ذلك يعملون لساعاتٍ طويلة، ولا يتمتعون بحقوقٍ في إجازة أسبوعية، ويُمنَعون حتى من ممارسة طقوسهم الدينية، في الوقت الذي نوزع عليهم كتيباتٍ مترجمة للغاتهم بأغلفةٍ لمّاعة، تتحدّث عن عظمة ديننا، بينما يرون تصرفاتنا الوضيعة ومعاملتنا الفظّة وغير الإنسانية كل يوم وليلة.

لقد عاد بطل الفيلم، عيسى الطاروف، إلى بلاده بعد أن يئس من الاعتراف بـ»كويتيته»، لأنه يحمل سحنة وجه أمّه الفلبينية جوزفين، في مجتمعٍ يعاني من عنصرية دفينة، منعته من الاعتراف به كإنسان.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5058 - الثلثاء 12 يوليو 2016م الموافق 07 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 1:48 م

      أني أقول كفاية , بلا فلبينيات موناقصين , يا محلى ولد البلد وبت البلد وكفاية غربال بالعادات والتقاليد والحضارة والاصل , ولا تزيدوا العنوسة ف الديرة , وحلاة الثوب رقعة منه وفيه والله ويش رايكم يا جماعة ؟ .

    • زائر 19 | 5:51 ص

      لا أجد المسلسل يعالج أي قضية بل يطرحها وحسب، ولا أجده محبوكا في طرح القضايا أيضا، وللأسف من يقرأ الرواية يكتشف حجم الزيف والتطويل والمبالغة التي جاء بها المسلسل. بعض الروايات المقروءة لا يمكن إخراجها وتمثيلها على الشاشة لا سيما إن مسحت الجانب الأدبي فيها واستبدلته بصراخ ونعيق الممثلين.

    • زائر 18 | 5:45 ص

      الطائفيه سلاح استخدمتها امريكا لتدمير الشعوب العربيه ونجحت لانه العرب كرب واكثرياتهم تبع السياسة جهل ولايفهمون فى السياسة اى شى يعرفون فقط المصلحة الذاتيه قاتل الله الجهل والمشتكى لله

    • زائر 24 زائر 18 | 1:34 ص

      خلينا اليك المعرفة اصلا الانسان العارف المتعلم ما يقول الكلام الي قلته ولا يساوي البشر تحت اي منظور مثل ما في الشين في الزين وترى انتون واجد ماخدتنكم خدعة الدول الاوربية وغيرها استيقضوا من نومكم واظن الي يتكلم بهذا المنطق يكون اضعف منه ما في دام انت عندك مصلة الجماعة والمجتمع اطرح انجازاتك بالمجتمع وشنو حاولت تغير فيه اما النعيق الي ما منه فايدة لا بيفيدك ولا بيفيد اي احد بس قاعد تنشر لينه الطاقات السلبية

    • زائر 17 | 5:35 ص

      اي هالمشكلة موجودة في البحرين واجد، رجال واجد خذو ليهم فليبينيات شغالات ولما جابو ليهم عيال يالشغالة هربت وقطت الجهال ، يا الرجال يقطها بولدها ولا يدري عنها عقب مازوجته تكتشفه . والعيال هم الضحية دايماً

    • زائر 11 | 2:32 ص

      عاد بطل المسلسل

    • زائر 9 | 1:41 ص

      مشكلة المسلسلات الخليجية أنها تطرح المشكلة بطريقة و كأنها تشجع عليها. مثلا مسلسل عن مشكلة الشذوذ عند النساء (البويات ) و تتفاجأ بعد المسلسل ان المشكلة تفاقمت بشكل ملحوظ بعد المسلسل و هذا مثال واحد فقط
      و هذا ان دل على شيء فإنما يدل على ضرورة تغيير طريقة الطرح

    • زائر 8 | 1:33 ص

      واحد يمكن ياخذ من سوريا او دول عربية كالمغرب وينجب منها اولاد لكن فلبين صعبة للغاية في هذه الزمن انا ليس عنصري لكن الاولاد بيتعقدون اهمشي الاولاد

    • زائر 6 | 12:56 ص

      اخالفك يا استاذ حسين

      موضوعك يدل على ان ﻻ مانع ان نتزوج من الاجنبيات ان كانوا ذو الوجوه الاسيويه او الاوروبية و ننسى بنات ديرتنا !!!!!!

    • زائر 5 | 12:52 ص

      اصلا المسلسل مبالغ فيه وغير واقعى ... ولافيه اية اضافات او حلول ..... رمضان خلص والمسلسل صار من الماضي المنسي ... يا كتاب ركزوا على المواضيع المفيده.

    • زائر 10 زائر 5 | 2:31 ص

      بالعكس المسلسل يعرض قصص حقيقية في مجتمعاتنا المختلف العادات و الثقافات ....اجزم انك لم تتابع و ﻻ حلقة.

    • زائر 16 زائر 10 | 3:51 ص

      فعلا هناك حالات كثيرة في البحرين وبعض دول الخليج الأخرى كالكويت. وهناك اولاد بعضهم تخرج من المدرسة من زواجات من هذا النوع. لماذا ننكر الواقع؟ هذه هي الحقيقة.

    • زائر 15 زائر 5 | 3:27 ص

      ما اعتقد انه أصبح من الماضي. والدليل إن (هذه القضية باتت قضيةً خليجيةً مسكوتاً عنها، لأهداف سياسية، إلى جانب القضايا الأخرى المؤرقة، مثل البدون في الكويت، وتجنيس الأجانب في البحرين).

    • زائر 21 زائر 5 | 7:47 ص

      احنه ما عندنا مشكلة في هالنوع من الزواجات عادي صار بالبحرين يمكن الاول اي ماادري بس الي اشوفه عادي ويعترفون فيهم وعايشين حياتهم كانهم البخت يمكن الكويت ودول اخرى يواجهون هالمشكلة بس هني ابدا ما في مشكلة حتى بالنسبة لزواج اولاد الغير بحرينية مثلا الفلبينية او غيرهم يتزوجون من بحرينين وبحرينيات عادي لان بعضهم اولاد عم وابناء عم احنه جيرانه معظمهم ماخدين فلبينيات وعايشين لا احد كلمهم ولا قال ليهم شي مشكل اصلا المسلسل كلش ما يمت لينا بصلة احنه فريقنا فريق الفلبينيات هههههه كل فلبينيات تشوف

    • زائر 4 | 12:34 ص

      أحى الاخ العزيز مخرج العمل القفاص والممثل المبدع عيسى الطارروف وعجبى وايد اخر مقطع وهو يودع جدتة ماما غنية خلانى أحسن انه بصيح من قلب مو تمثيل أبدا .....صراحة عمل رائع بمعنى الكلمة

    • زائر 3 | 10:54 م

      المشكلة في دول كثيرة تجد فئة من الشعب يعتبرون نفسهم هم الاصل ويريدون هم من يتحكمون في الدول وتجدهم يسكتون اذا الجنسية منحت لدولة ويقومون القيامة اذا منحت لمواطنيين لدولة لا يحبونها

    • زائر 14 زائر 3 | 3:11 ص

      لابهريني ويأخذ وظيفتك وبيتك وأولاك أكادميين عاطلين بعضهم 7و11سنة ويتم جلب الأجنبي وإحلاله محل ولد البلد

    • زائر 2 | 10:07 م

      الكاسر

      الله يلعن العنصرية ويلعن كل من يطبقها

    • زائر 1 | 10:07 م

      للاسف الشديد هناك البعض يحكم على شكل الانسان رغم ان بعض الدول المتقدمة لا تكترث بهذا

    • زائر 12 زائر 1 | 2:43 ص

      كل حجي فاضي يعترفون الدول الاوربية على مضض لان هم سنوا قوانيين ما يقدرون يرجعون فيها انا سافرت اروبا وخاصة فرنسا وبعض الدول الاوربية لغير معروفة بالسياحة وجدت الطائفية والعنصرية بشكل كبير جدا لا يغركم الشعارات الرنانة بس الزين الي فيهم ان عندهم قانون دولة هو يحفظ لك حقك عشان جذي مااحد يقدر يتجاوز الخطوط الحمراء وخير مثال احين الي حاصل بامريكا مظاهرات السود ضد عنصرية الشرطة هذا دليل على كذب ادعاءات الدول متقدمة بس ارجع واقول ان القانون عندهم هو الي يحفظ حقك اما الشعوب للاشف فيها طائفية بشكل كبير

    • زائر 20 زائر 12 | 6:54 ص

      الروائي سعود السنعوسي الحاصل على جائزة البوكر لهذه الرواية .. ابدع جداً في كتابة القصة ذات السرد الرائع أتمنى من الكل يقرأ القصه وأشوف مدى الفرق بين المسلسل والراوية .. والموضوع المطروح حقيقه موجوده في كل المجتمعات العنصرية التي ترفض الواقع المر الذي تعيشه مجتمعاته الخليجية..

اقرأ ايضاً