العدد 5072 - الثلثاء 26 يوليو 2016م الموافق 21 شوال 1437هـ

«التنمية الاجتماعية» والتخلص من إرثها البيروقراطي الثقيل

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وزارة العمل والتنمية الاجتماعية من أكثر الوزارات التصاقاً بالجمهور، وخصوصاً الطبقات الكادحة والعمال وذوي الدخل المحدود، فضلاً عن الجمعيات الخيرية الأهلية، ولذلك فإن أية قرارات أو إجراءات خاطئة تعمّ فئات واسعة من الجمهور.

اليوم، ترزح الوزارة تحت ثقل إجراءات وقرارات سابقة غير مدروسة جيداً، تكدّست خلال سنوات طويلة، أثقلت عملها وأبطأت حركتها وزادت درجة البيروقراطية فيها تكلساً. وبالتالي هي في أمس الحاجة لمراجعة هذه الإجراءات والقرارات من أجل ترشيق عملها، لتكون عوناً للجمعيات والفئات التي تشملها بخدماتها.

أحد أكبر الإجراءات تلبُّكاً، ما فُرض على الجمعيات والصناديق الخيرية، خلال الحقبة الماضية، من قراراتٍ بشأن تسجيل الترخيص لجمع الأموال، وهي لم تكن عملية تنظيمية أو قانونية كما كنا نأمل، بل كان لها دوافع أخرى في ذلك العام (2006). فقد كانت هناك مطالباتٌ من دول أجنبية بضبط مسار التبرعات للخارج، في سياق سياسة تجفيف منابع الإرهاب، وقطع تمويل المنظمات الإرهابية. ولم يكن للصناديق الخيرية في مجملها صلةٌ بهذا الموضوع من قريبٍ ولا بعيد، ولكنها أصبحت ضحيةً لإجراءات وقرارات، أثّرت سلباً على أدائها وعملها، وقلّصت مواردها التي كانت تُنفق أساساً على الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود داخل البحرين.

إن مسيرة العمل الخيري في البحرين تتم تحت الضوء، منذ أكثر من ثلاثين عاماً، دون أن تتورط أية جمعية أو صندوق خيري واحد بدعم أي جهة إرهابية. وكان الكثير من هذه الجمعيات الخيرية تنشر تقاريرها للجمهور، متضمنة الإيرادات والمصروفات، سواءً في الصحف أو عبر التقارير المالية والأدبية مع نهاية كل دورة انتخابية، والتي تسلم نسخةٌ منها إلى الوزارة رسمياً. من هنا لم يكن هناك داعٍ للهوس الذي أصاب الوزارة سابقاً، للتشديد على عملية جمع المال، خصوصاً أنها عملية معروفة المصدر والمصرف، وجزء مهم من إيراداتها (المحدودة عموماً)، يتم عبر الحصالات الصغيرة الموزعة على البرادات ومحلات السوبرماركت، وتوفّر دخلاً شهرياً شبه منتظم تستفيد منه الأسر المعوزة.

طاقم الوزارة السابق، تشدّد في هذه الإجراءات، وتصرّف وكأنه يلاحق عصابات مافيا لتهريب الأموال، وليس مع أعضاء متطوّعين من أخيار البلد، يكرّسون جزءاً كبيراً من أوقاتهم لخدمة المجتمع، ويضحّون براحتهم الشخصية والأسرية من أجل الفقراء. وهي عمليةٌ سيئةٌ، قادت إلى «تطفيش» الكثير من العاملين في ميدان العمل الخيري، وإشاعة مشاعر الإحباط بينهم، جراء هذا التعامل والعقوق.

هذه الحالة حذّرنا منها قبل سنوات، وطالبنا بتصحيح القرارات الخاطئة والتخلص من الإجراءات البيروقراطية المعقّدة. وقد كتب عنها اثنان من الأساتذة المهتمين بالعمل التطوعي، خلال هذا الأسبوع في هذه الصفحة، بما يؤكّد الحاجة مجدداً إلى إعادة النظر في هذا الإرث البيروقراطي المتخلف، المليء بالشكوك والظنون.

الوزارة بحاجةٍ إلى إعادة النظر في رؤيتها السلبية للجمعيات والصناديق الخيرية، فهذه مؤسسات مجتمع مدني، تمثل رديفاً وعوناً ومساعداً للوزارة في أكبر مهماتها، ليس فقط في إغاثة الطبقات الفقيرة ورفع العوز عنها، حيث يزيد إنفاقها على ما تنفقه الوزارة نفسها، بل حتى في تنمية المجتمع، بما تقدّمه من برامج ومساعدات ومنح دراسية لأبناء هذه الأسر، التي لا تصل إليها الدولة، فضلاً عن عمليات الترميم وشراء ما ينقصها من ثلاجات وأدوات كهربائية ضرورية.

إن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بحاجةٍ إلى وقفةٍ صادقةٍ مع النفس، للتخلص من هذه القيود الزائدة عن الحاجة، والتي تشكو منها الجمعيات الخيرية والعاملون المتطوعون فيها، فهؤلاء عونٌ لكم في عملكم، وشركاء في كل نجاحٍ تحقّقونه، ومكمّلون لبرامجكم في مجال تنمية المجتمع المحلي.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5072 - الثلثاء 26 يوليو 2016م الموافق 21 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 12:01 م

      التنميه بس !

      مصايب التنميه لاشئ امام وزارة الصحه وبلاوي التربيه وفساد البلديات
      أصلا البلديات والصحة لايمكن تنصلح هذا الشعور العام لجميع المواطنين

    • زائر 12 | 7:05 ص

      زائر 11...يالحبيب الظاهر ماقريت المقال...الكاتب قاعد ينتقد الزمن أللي أنت تتحسف عليه وتبيه يرجع...

    • زائر 11 | 4:27 ص

      ياريت ترجع أيام الوزير ةالفاضلة المخلصة في عملها والمتواضعة الدكتورة فاطمة البلوشي

    • زائر 15 زائر 11 | 11:33 ص

      مو كل المشاكل والبلاوي من وراها. هذا هو الحصاد من زراعتها.

    • زائر 10 | 3:52 ص

      هذا موضوع مهم يستحق النظر اليه ومعالجته.ولكن المشكلة ان الوزارة المعنية أضعف من ان تتخد قرار تصحيح تعامل وزارة التنمية سابقا مع منظمات المجتمع المدني. بعض موظفي الوزارة يتعامل مع العاملين في هذه الجمعيات كطراروة، والبعض الآخر يتعامل معهم بتعالي والبعض يتعامل معهم كأنهم منافسين لهم سيستولون على وظائفهم. وجميع هذه الطرق في التعامل دليل على نقص كبير في فهم العمل التطوعي والمدني. وهذا ما يحتاج اليه موظفي الوزارة إن أرادوا انجاز شيئ حقيقي للبحرين

    • زائر 9 | 2:39 ص

      ما ذكره الاستاذ الفاضل هو عين الصواب فالمجتمع باسط يديه للعمل الخيري ومساعدة الناس على قضاء حوائجهم وخدمة لهذا الوطن المعطاء باهله وللاسف الشديد من تقوم بالمشاركة معه ومساعدته في حل بعض القضايا الاجتماعية يقطع يدك ليمنعك من ذلك وهذه خدمة لمن لا يريد خيرا لهذا البلد واهله

    • زائر 8 | 2:17 ص

      فعلا (حيث يزيد إنفاقها على ما تنفقه الوزارة نفسها، بل حتى في تنمية المجتمع، بما تقدّمه من برامج ومساعدات ومنح دراسية لأبناء هذه الأسر، التي لا تصل إليها الدولة، فضلاً عن عمليات الترميم وشراء ما ينقصها من ثلاجات وأدوات كهربائية ضرورية).
      صدقت وفعلا الصناديق الخيرية تشتري الثلاجات والمكيفات الضرورية للناس هذه الأيام وهو ما لا تفعله الوزارة نفسها.

    • زائر 7 | 2:09 ص

      إن مسيرة العمل الخيري في البحرين تتم تحت الضوء، منذ أكثر من ثلاثين عاماً، دون أن تتورط أية جمعية أو صندوق خيري واحد بدعم أي جهة إرهابية.... ما عدا من ذهبوا في حملة ......... وتدلخوا في شؤون دلو اخرى ودعموا تنظيمات ارهابية هناك.

    • زائر 6 | 1:29 ص

      هنالك الكثير من القرارات الدولية التي يتم تطبيقها داخليا بشكل معوج للإستفادة منها سياسيا أو للسيطرة على من يعترض على أمور حياتية...

    • زائر 4 | 12:22 ص

      يقولون الان الوزارة افضل من قبل سبحان الله مامداة الوزير يسوي شي علشان تمدحونة ...

    • زائر 17 زائر 4 | 12:00 م

      اي افضل ؟

      ولا سوى شي مازالت المدراء تُمارس طغيانها علي الموظفين انا احد الأشخاص اللي تم فطع راتبي سبعة أشهر والسبب يقولون نزلو لي دبل راتب اخدت السليب ورحت الخدمة المدنيه والبنك وطلعت كل الإثباتات اني ماعندي رواتب زياده طبعا الوزير يدون رد من خمسة أشهر والمدير العام ماعطاني وجه ولارد علي رسالتي ولا استقبلني وين الوزراء احسن وش رايك حسبي الله عليهم كلهم

    • زائر 3 | 11:02 م

      زائر

      شكرا لك ا. قاسم نعم ان قرارات جاءت مقيده لعمل الجمعيات الخيرية التى هي في الواقع عون للوزارة تصور أن ترخيص لجمع المال يحتاج أشهر ! هل من الممكن ان تستمر جمعيات خيرية أو العاملين في ظل التعقيدات والقيود
      كما تفضلت أن كل شئ واضح في التاريخ الماليه والأدبية فلماذا كل هذا الهواجس والخوف ؟

    • زائر 5 زائر 3 | 12:29 ص

      شكرًا سيد قاسم على اثارت هذا الموضوع الهام ، علينا ان نفرق بين الصناديق الخيرية التى تعمل في القرى والمدن والتى تم تحويلها الى جمعيات فيما بعد وبين الجمعيات التى هى امتداد لتيارات دينية تعمل على المستوى الدولي مثل تنظيمات السلف الدينية وتنظيمات الاخوان المسلمين الدينية والتى لها قدرات مالية تشهد عليه مقراتها وفروعها وحساباتها البنكية وبين تلك الصناديق التى يشهد على حالها واقع حالها و مقراتها والتى تعمل تحت وقابه مجتمعية لأنها بنت بيئتها وهى تخدم أبناء الديرة وتحت نظر الرقابة من كل أبناء القرية

    • زائر 2 | 10:58 م

      هذة الوزارة محتاجة تراقب البحريينين الجدد الي يتقدمون للطلبات عندهم للحصول على المعاش الشهري على أساس مطلقات وهم مو مطلقات وتزوير في أوراقهم والبحرينية عشان مبلغ تقاعد تافه تستلمه يقطعون عنها.حسبي الله ونعم الوكيل فيهم.

    • زائر 1 | 10:09 م

      الكاسر
      سوء الظن والخوف والمبالغة جعلهم يضيقون على الصناديق الخيرية

اقرأ ايضاً