العدد 5079 - الثلثاء 02 أغسطس 2016م الموافق 28 شوال 1437هـ

احذروا من شيطنة وسائل التواصل الاجتماعي!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لا أحد ينكر أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا اليومية، فهي بلا شك استطاعت تقريب البعيد، وإبعاد القريب في وقت واحد، وتمكنت في إيصال الأخبار والمعلومات إلينا في ثوانٍ معدودات، وساعدت الطلاب والطالبات والباحثين والصحافيين في الحصول على المعلومات المفيدة، وساهمت في تسويق منتجات التجار والشركات والمصانع، وأصبحت وسيلة مهمة للتواصل الاجتماعي والعائلي وللنقاش الحر في مختلف القضايا، السياسية والاقتصادية والإنسانية والخيرية، ووسيلة جيدة للدعوة إلى الله، وقد ساعدت على ظهور صحافة المواطن، وانتشار الإعلام الرقمي والتسويق الإلكتروني، ولكن لا يمكننا تجاهل شيطنتها، في نشر الأفكار المنحرفة والهدامة، وعرض المواد الإباحية التي تخدش الأخلاقيات السوية.

لقد استخدمت للتحايل والتزوير والتزييف ونشر الشائعات والأكاذيب، وانتهاك الخصوصيات والحقوق الخاصة والعامة، وانتحال الشخصيات، وإثارة المشاكل الزوجية والاجتماعية والطائفية والمذهبية والعرقية، بسبب غياب الرقابة الذاتية وعدم الإحساس بالمسئولية، غير هذا وذاك أنها تساهم في هدر الوقت بلا فائدة، فهي كما يقولون أصبحت شرّاً لابد منه، لا يمكن للأفراد والجماعات التخلي عنها ولو لمدة قصيرة جدّاً، على رغم ما تحدثه من المشاكل الكبيرة في مختلف المجتمعات، فالإدمان المفرط في استخدامها أدَّى في أحايين كثيرة إلى الطلاق والتفكك الأسري والاجتماعي، كم من الاختلافات والخلافات التي نشأت وترعرعت وتفاقمت وتوسعت في وسائل التواصل الاجتماعي؟ وكم من الأخبار المغلوطة التي أدَّت إلى إحداث الفتن والاضطرابات والقطيعة بين فئات المجتمعات؟ وكم من القضايا الخاصة تم ترويجها عبرها؟ وكم من الشباب العربي والمسلم الذين التحقوا بالإرهابيين عن طريق مختلف وسائل التواصل الاجتماعي؟ وكم من الأفكار المنحرفة والإلحادية التي كانت سبباً في غواية الكثيرين من الشباب والشابات؟ أليس المتهم الأول والأخير في كل ما يحدث في العالم من إرهاب وتقتيل وهدم للحضارات الإنسانية وهتك الأعراض وسلب الأموال، هي وسائل التواصل الاجتماعي؟

قبل وجودها في حياتنا لم نشاهد كل تلك الفظائع التي تدمي القلوب، وتدمع العيون الإنسانية، لم نعنِ من هذا الكلام أننا لسنا بحاجة إلى مختلف وسائل التواصل الإجتماعي، ولم نتمنَّ الرجوع إلى ما قبل الوسائل الإلكترونية، بل نريد تطوراً دائماً في استخداماتها، لأنها ليست هي المسئولة عن كل ما يجري في العالم من أحداث مؤلمة، فهي وضعت الإنسان المستخدم لها أمام خيارين، إما توظيفها توظيفاً خيِّراً، وإما يجعلها من أخطر الوسائل الشريرة، كل ما نتمنَّاه أن يكون الإنسان المستخدم لمختلف الوسائل الإلكترونية متعقلاً وغير مستغل لها استغلالاً سيِّئاً يضر بمصالح العباد والبلاد، وأن يلتفت الشباب العربي والمسلم جيداً إلى كل ما يرد إليهم عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وأن يميزوا بين الغث والسمين من الأخبار والمعلومات المتداولة فيها بصورة مفرطة، وأن لا يتناقلوها إلا بعد تحديد المصلحة منها، وإن وجدوا في نشرها وتداولها مضرَّة لوطنهم ولخلق الله يسارعون بحذفها من جهازهم ولن يساهموا في تناقلها، لأن الإساءة في استخدام مختلف وسائل التواصل الاجتماعي لها تداعيات خطيرة على كل المستويات، الإنسانية والاجتماعية والأمنية.

فليعلموا أن مساهمتهم في تناقل وتداول وترويج الأخبار المغلوطة، والمعلومات الخاطئة، أخطر بكثير من الذين قاموا بصناعتها وإنتاجها، فعدم تداولها يفسدها أويقلل من خطورتها وانعكاساتها السلبية على المجتمع، وهذا يحتاج من كل فرد يستخدم وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي أن لا ينسخ وينقل لغيره الأخبار والمعلومات إلا بعد التأكد من صحتها ومصدرها، أن يحذف من ذهنه كليّاً العبارات التي تدل على عدم التعقل، مثل حسب ما وصلني أو كما جاءني، لو فكر كل واحد منا لحظة واحدة في تأثيرات وانعكاسات الأخبار أو المعلومات قبل إرسالها للأفراد في حساباتهم الخاصة أو للمجموعات المشارك فيها، لما صار للشائعات والأكاذيب والإفتراءات والفتن والمغالطات أية قيمة في واقعنا الاجتماعي.

فالمجتمع الواعي، والمدرك لخطورة الاستخدام السلبي لمختلف وسائل التواصل الإلكتروني، نأمل أن نجعل من الأجهزة الإلكترونية وسائل خير وفائدة للجميع، وأن لا نجعلها نقمة على المجتمعات الإنسانية، ووبالاً على مكوناتها العرقية والطائفية والمذهبية، بإرادة المجتمع، أفراداً وجماعات تجنب كل الاستخدامات لوسائل التواصل الإلكتروني، التي تساهم ولو بنسبة ضئيلة في إفساد الأخلاق والقيم الإنسانية، وجعلها واحة للحوار الرصين، والفكر النيّر، والثقافة النظيفة، ومكاناً مناسباً لتبادل الآراء الراقية في مختلف القضايا التي تهم المجتمع، ومناراً لإفشاء وترسيخ المفاهيم العقلائية، كالتسامح والتعايش والتآخي، وقبول الآخر في مختلف الظروف والأحوال.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5079 - الثلثاء 02 أغسطس 2016م الموافق 28 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 8:45 م

      من قبل موجود الانحراف ابليس ما يعوقه شيء تكا ثروا الإرهابيين من قبل عبر الطيارات والمجلات والتلفزيون والمناهج الدراسية

    • زائر 1 | 11:26 ص

      مقال راح رائع ...سلمت أنامللك

اقرأ ايضاً