العدد 5083 - السبت 06 أغسطس 2016م الموافق 03 ذي القعدة 1437هـ

مقالات أشبه ما تكون بالزيت الذي يصب على النار!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في أحايين كثيرة نجد بعض المقالات والأعمدة في بعض الصحف المحلية والعربية، لا يهتم أصحابها بأمن وسلامة واستقرار أوطانهم، كل ما يهمهم تحقيق أكبر قدر ممكن من مصالحهم الشخصية، المصيبة الكبرى أنهم يعتقدون أن أحلامهم وطموحاتهم الشخصية لا يمكنهم تحقيقها إلا بتحويل كتاباتهم إلى زيت يصب على النار، ويختارون وقت الاختلافات والخلافات التي تحدث بين بعض الأطراف في الكثير من المجتمعات الإنسانية، لصب الزيت عليها، لتفاقمها وتوسيعها، بدلاً من أن يقوموا بتضييق الاختلافات والخلافات بين تلك الأطراف المختلفة.

نجدهم مع الأسف يعملون على المبالغة في توسيعها وتكبيرها، وكما يقال يعملون من الحبة قبة، باستخدامهم الكثير من المصطلحات والعناوين، والنعوت غير الحقيقية، و يقصدون من وراء استخدامها زيادة الاحتقان بين الأطراف المتخاصمة، فكأنهم وصلوا إلى قناعة أنهم لا يمكنهم تحقيق مآربهم الشخصية إلا بالإكثار من كتابة المقالات المؤججة للاختلافات والخلافات، وليس لتحقيق التقارب بين الأطراف المختلفة، لاشك لو فكروا لحظة واحدة في وطنهم الذي ترعرعوا، وتنعموا بخيراته لما تعاملوا مع الاختلافات بين بعض الأطراف في مجتمعهم بهذا الأسلوب المقيت، فإشاعة المعلومات المغلوطة، وإشعال نار الفتن في مجتمعاتهم ليس له مبرر إلا إحداث الإرباك في بلدانهم لكل الاتجاهات.

فالكاتب الذي يقدر وطنه، ويحترم مكوناته الدينية والطائفية والمذهبية والعرقية، تجده راقياً في كتاباته، ويسعى في تقريب وجهات النظر، ويبتعد كليّاً عن كتابة المقالات التي تحدث الفتن بين أبناء الوطن الواحد، ما نراه في بعض المجتمعات من احتراب واقتتال وتباعد بين فئات متعددة فيها، لم يكن يحدث لولا الأقلام المؤججة لمشاعر ونفوس الفئات المختلفة، فالكاتب الذي يعمل بمهنية ويتقيد بأخلاقيات وأدبيات المهنة، تراه دائماً يكون تفكيره وقت الكتابة الصحافية ينصب في كيفية حل المشكلات والقضايا والاختلافات والخلافات التي تحدث في مجتمعاتهم، والبحث عن الإجراءات العملية المؤدية لحلها حلاً جذريّاً ومرضياً للجميع، ويعتبرون الكاتب الذي يتعمد في صب الزيت على النار في كتاباته، إنما يعمل لتحقيق مصالحه الشخصية التي تتعارض أخلاقيّاً وإنسانيّاً وقانونيّاً مع مصالح وطنه العليا.

وعادة الكاتب الذي يسخر قلمه للإيقاع بمن يختلف معه إيديولوجيّاً أو ثقافيّاً أو فكريّاً بصورة واضحة وجلية، لا يجد عاقلاً في مجتمعه يوافقه على الأسلوب الذي يتبعه في كتاباته الصحافية، والشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة، فالكاتب الواعي المتجرد من كل المؤثرات النفسية يترفع عن الكتابات التأجيجية، والمستفزة للناس في كل الأحوال والظروف، لأنه يعلم أن اللجوء إلى مثل هذه الأساليب السلبية لن يفيد وطنه، وأن الاستمرار فيها يضرُّ حتماً بوحدة وتلاحم أبناء مجتمعه، ويعلم أيضاً أن الكاتب الذي يذهب إلى مثل هذه الكتابات المؤججة لا ينطلق من فراغ، وإنما ينطلق من جوانب نفسية ليس لها علاقة بواقع مجتمعه لا من بعيد ولا من قريب.

فالمتابع للشأن الصحافي يقول، إذا كان هناك نقد أو عتاب لمثل تلك الكتابات الصحافية لا يكون لكتّابها، بقدر ما يكون للصحيفة أو المجلة التي سمحت بأن يكتب في صفحاتها موضوعات مضرَّة للبلاد والعباد، لا يوجد كاتب صحافي عاقل يمتلك قدراً، ولو كان بسيطاً من الوعي، يقول إن الصحافي الذي يعمل جاهداً في تفتيت مجتمعه وتقسيمه إلى طوائف ومذاهب وأعراق أنه يقّوي وطنه اجتماعيّاً واقتصاديّاً وأمنيّاً، فكل العقلاء الواعين المتجردين عن كل المؤثرات النفسية والأيديولوجية يجمعون على عدم احترام وتقدير المقالات التي يقصد كتّابها إضعاف العلاقات الإنسانية بين مختلف مكونات أوطانهم، ولهذا نجدهم يحذرون الناس من انعكاساتها وتداعياتها الخطيرة التي لا يحمد عقباها.

فالمجتمع الواعي لا يعطي أدنى اهتمام بتلك المقالات السلبية، لأنه علم أن أولئك الكتّاب لم يكتبوا مقالاتهم المؤججة للنفوس والمشاعر إلا لأنهم يسخرون بعقول أبناء مجتمعهم، نأمل أن يرجع كل كاتب لا يراعي في كتاباته الصحافية مصلحة بلده، أن يعيد النظر في أسلوبه وعباراته، وأن يحكم عقله وضميره قبل عرضه على الناس، فالتاريخ الذي سيكتب للأجيال القادمة لن يتجاهله أو يتناساه، فإنه سيكتب عنه في صفحاته الكالحة، وعليه أن يتذكر قول الله تعالى «فمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة - 7 و8)، فالعاقل لا يقبل لنفسه أن يكون في اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، في موقف محرج أمام العدل الإلهي الذي سيحاسبه حساباً دقيقاً.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5083 - السبت 06 أغسطس 2016م الموافق 03 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 6:35 ص

      يا استاذ خل يعبرون عما في دواخلهم لم يتركوا خط رجعة مع الطرف الأخر ( وكل اناء بما فيه ينضح ) ان كان خيرا او شر والجماعة ما قصروا في السب ولا في الشتم اخذوا كفايتهم ووصلوا الى النهايات لم يتركوا مصطلح فيه ازدراء ولا كلمة فيها تجييش ضد الأخر الا واستخدموها . ولكن نسألهم ماذا بعد ؟؟؟ وما هو رد فعلهم اذا فرض الحل التوافقي وكيف سيكون تصرفهم ساعتها ؟ هل سينسى الطرف الأخر الأساءة ؟؟ اجابتي الشخصية لا لن ينسى من شهر بهم وسبوهم وازدروا بهم ماذا سيفعلون الزمن كفيل بالرد .

    • زائر 10 | 5:50 ص

      مقال

      مقال روعة وهادف. ..

    • زائر 9 | 5:41 ص

      مثال بسيط الكاتب المرحوم خالد البسام مثال وشاهد للكاتب المحترم والقلم النزيه، يخط يراعه في كل ماهو مفيد ومسلي بعيدا عن المهاترات والمماحكات

    • زائر 7 | 4:30 ص

      اقول

      تناقض نفسك تسب على المعلمين الاجانب والوافدين والحين تقول احترام ومراعاه مكون المجتمع .

    • زائر 6 | 3:39 ص

      اقول تأدن في خرابه

    • زائر 2 | 1:27 ص

      احسنت استاذي الفاضل

      كما قلت الكاتب الواعي وليس الكاتب المجرد من الاحساس او الذي يعتاش على ظلم الاخرين والازرداء بهم وب رموزهم ومعتقداتهم

    • زائر 8 زائر 2 | 5:33 ص

      لم يكن كلامنا عن المعلم الأجنبي والوافد بصورة مطلقة ،كل كلامنا عن المعلم الذي لا يؤدي واجبه التربوي و التعليمي ،ونعتقد أن كل العقلاء لا يقرون عمل المعلم الوافد أو الأجنبي غير المخلص ، ويقرون عمل المعلم البحريني أو الأجنبي أو الوافد المخلص في أدائه

اقرأ ايضاً