العدد 5084 - الأحد 07 أغسطس 2016م الموافق 04 ذي القعدة 1437هـ

لماذا يكرهون غاندي ومانديلا؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الطريف أن تكتشف وجود جماعةٍ من الناس، تكره كراهية عمياء، الحديث عن رموز الحرية والعدالة والمساواة في العالم.

من الممكن أن تتفهم انحياز البعض إلى مواقف معادية لغالبية الناس، حرصاً على مصالحهم ومنافعهم، ولكن ما لا تفهمه لماذا يظهرون كل هذه الحساسية والكراهية لرموز الحرية في العالم. فهؤلاء، وبفعل الانحياز المصلحي أو الطبقي، يتخذون مواقف معادية لكل فكر أو شخص أو موقف إنساني، حتى أصبحوا نماذج للروح الشوفينية المنغلقة على الذات.

من المستحيل أن تجد لدى هذه الثلة، الجرأة أو حتى القدرة على الحديث عن شخصٍ ملهمٍ مثل غاندي، الذي استطاع أن يقاوم امبراطورية الشر البريطانية، التي استنزفت قوى الهند لأكثر من قرنين، ومزّقت الشعب الهندي، واستطاع أن يحقّق استقلال ووحدة بلاده بطريقةٍ سلميةٍ تماماً، دون حروب أو نزاعات دموية. مثل هذه الشخصية العالمية الحرة تستعصي على أقلام بقايا العنصريين في هذا العصر.

من المستحيل أن يكتب أحدهم مقالاً عن مارتن لوثركنغ، داعية الحقوق المدنية الأشهر، الذي قاوم العنصرية في عز دارها، وقوة قرارها، حتى أحدث تحولاً كبيراً في مجرى التاريخ الأميركي، باتجاهٍ أكثر مساواةً وإنسانيةً، ما فتح الباب أمام صعود الكفاءات من الأميركيين السود إلى أعلى المناصب والوزارات، حتى أصبح أحدهم سيد البيت الأبيض، وأصبح ذلك مفخرةً للأميركيين جميعاً.

مارتن لوثركنغ قاد نضالاً إنسانياً كبيراً، استقطب كل الأحرار، بيضاً وسوداً، بما صحّح انحرافات السياسة الأميركية في الداخل، ودفعها باتجاهٍ أكثر عدلاً. ومثل هؤلاء العنصريين الانعزاليين لا يمكنهم أن ينسجموا أو يقبلوا أو يقتنعوا أو يتفاعلوا مع أي شخص يدعوهم إلى استنشاق نسائم الحرية، أو يذكّرهم بواقع الاستعباد الذي يعيشونه، ولذلك يكرهون أن يورد أحدٌ سيرة المصلحين على مسامعهم.

مثل هؤلاء، يكرهون أن تذكر اسم مناضل أممي، مثل نلسون مانديلا، ويصابون بنوعٍ من الارتيكاريا فيهرشون جلودهم غضباً، لماذا تذكر مانديلا؟

مانديلا الذي كافح في سبيل نيل شعب جنوب إفريقيا حقوقه الطبيعية، دون تمييزٍ أو عنصريةٍ أو اضطهاد، وسُجن سبعة وعشرين عاماً، من أجل المساواة بين جميع الأعراق، لإيمانه بمبادئ العدل وتكافؤ الفرص وسيادة القانون على الجميع. هذه الشخصية السياسية التي أجمع كل ساسة العالم، شرقاً وغرباً، على احترامها، يعترض مثل هذا الانعزالي على الكتابة عنها. والسؤال يجب ألا يوجّه لمن يكتب عن مانديلا، وإنّما يجب أن يوجّه لمن لا يجدون الجرأة أو الأهلية أو النزاهة للكتابة عنه: لماذا تكرهونه إلى هذا الحد؟

في المثل العربي: «شبيه الشيء منجذبٌ إليه»، ولذلك لا يستطيع المهرّجون أن يكتبوا عن قممٍ إنسانيةٍ شامخةٍ، مثل غاندي أو لوثركنغ أو مانديلا.

إن الثقافة العنصرية المريضة لا تنتج إلا مرضى نفسانيين. ومن يعيش في أجواء الحانات الملوثة لا يمكن أن يتحمّل الهواء النقي. والذين يستنفعون من الأوضاع البائسة ليعيشوا في رفاهيةٍ على حساب عذابات الآخرين، لا يمكن أن يكتبوا بنزاهةٍ عن المصلحين في التاريخ.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5084 - الأحد 07 أغسطس 2016م الموافق 04 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 7:28 ص

      هنالك الكثير من من ينادي بالحرية والعدل والمساواة في بلدي العزيز وأغلبهم في زنازين مغلقه

    • زائر 21 | 4:38 ص

      صباح الخير

      وفي بلد صغير يوجد فيه كثيرين على شاكله لوثر كنج ونيلسون وغاندي أو ربما يتمتعون بشعبية تفوق بعض الأحيان ولكن أين هم حالهم حال العظماء الذين رحلوا من الدنيا ولم يرحلوا من عقول وظمير الشرفاء في العالم

    • زائر 20 | 4:04 ص

      مقال ممتاز ..
      بس ممكن احد يوضح لي الصورة اكثر لأني ما قابلت في حياتي احد يكره شخصيات مثل مانديلا و لوثر كنغ او غاندي .. مافي احد ضد هؤلاء الى سيد في قومه و متنعم في خيرات الارض و غارق في ترف المعيشة ويسأل الله ان لا يغير عليه .. استغرب من الردود و كأنها تصف العبيد و المستضعفين بأنهم هم المعادين لطلاب العدل و المساواة. او المقصود هي فئة او مذهب؟ أفيدونا رحمكم الله.

    • زائر 22 زائر 20 | 4:45 ص

      اللهم أصلح خبيءةسراءرنا. ..

      اللهم أصلح لنا المعاش و أصلح لنا المعاد...فرص إصلاح المعاش لا يتساوى فيها الناس ولكن فرص إصلاح المعاد يتساوى فيها الكل .الفقير و الغني. ..يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. ص.

    • زائر 24 زائر 20 | 5:48 ص

      تتبادر الى الذهن شخصية الفرد الفقير الذي لا حول له و لا قوة عند لفظ كلمة عبد و لكن اذا ما نظرنا الى الامور من زاوية اخرى فإن صاحب الاموال و المناصب الذي لا يتورع عن ارتكاب الشنائع في سبيل المحافظة على امواله هو عبد حقيقي لامواله و لمنصبه و العكس صحيح

    • زائر 27 زائر 20 | 11:30 ص

      اكيد موجود جماعة مفكرينروحهم عباقرة واباتشي

    • زائر 19 | 3:49 ص

      هؤلاء من الذين قيل فيهم (( لو أمطرت السماء حرية لخرجوا حاملين مظلاتهم))

    • زائر 17 | 3:16 ص

      ان العبيد لا يستطيعون الا ان يدافعوا عن العبودية لانهم لا يعشقون الحرية .

      ان العبد المعجون بالعبودية والعبودية ممزوجة وتسري في دمه لا يستطع الا ان يدافع عن عبوديته ، لانه لا يعشق الحرية والانعتاق .

    • زائر 16 | 2:59 ص

      الشخصيات

      من يكره الشخصيات المطالبة بالحرية والعدالة والمساواة فهو يكره كل مبادئ الإنسانية التي يعيش عليها الإنسان الحر الذي يرفض كل أشكال الذل والعبودية لغير الله سبحانه وتعالى.

    • زائر 15 | 2:00 ص

      كل مصلح له من يكرهه
      كل من يطالب بالحقوق له من يكرهه
      كل من يطالب بالعدل والمساواة له من يكرهه
      حتى الرسالات السماوية التي جاء بها الرسل ويؤمن بها المسلمون كلها تأمر بما طالب به هؤلاء واكثر
      لكن هل عندما جاء الرسل وجدوا طريقهم معبّدا؟
      انه طريق ذات الشوكة

    • زائر 14 | 1:55 ص

      عندما جاء الرسول الأكرم ص برسالة السماء وهي الاصلاح المجتمعي ومحاربة الطبقية والعبودية لغير الله وتصحيح مسار البشرية، ايضا وجد الكثير ممن حاربه من المنتفعين من اوضاع الفساد والاستئثار والطبقية.
      وكما قال الإمام علي ع لا تستوحشوا من طريق الحقّ لقلّة سالكيه . فطريق الاصلاح في أي مجتمع لا بد له من معارضين يرون الحياة لهم انفسهم فقط ولا حياة لغيرهم، وهذه انانية

    • زائر 13 | 1:50 ص

      كره البعض لهذين الشخصين هو كره لمبدأ العدالة والمساواة اللذان جاءت بهما كل الرسالات السماويّة وهذا يعني بكلمة أخرى هو كره لمبدأ السماء وإرادة الله في طريقة العيش السليم بين خلق الله

    • زائر 12 | 1:42 ص

      من هؤلاء الذين يكرهون هؤلاء؟
      ما نوعيّة الناس التي تكره المطالبين بالعدالة والحريّة والمساواة؟
      نوعية من الناس لا تجد مكانا لنفسها إلا في تفشي الظلم والاضطهاد والبغضاء مثلها مثل بعض الحشرات التي لا تستطيع العيش في جوّ صحّي فهي دائما تفضل الأجواء والأماكن الموبوءة.

    • زائر 11 | 1:04 ص

      الجواب بكل بساطه يبون الناس عبيد ليهم . وسياسة التجهيل ماشية . والله المستعان .

    • زائر 9 | 12:44 ص

      هؤلاء أشخاص تجردوا من الأنسانية وغرتهم الدنيا وأتبعوا الشيطان ويرون الحق باطل والباطل حق والمعروف منكر والمنكر معروف فلا ترتجي منهم خير أو قول الحق وهم منغمسون في الزور لأجل مصالح ستبقيهم خارج أنسانيتهم لا أكثر، أن هم إلا كالأنعام*بل هم أضل

    • زائر 8 | 11:51 م

      غاندي ومانديلا محبوبان من جميع الشعوب بغض النظر عن دياناتهم وطواءفهم أو انتماءاتهم العرقية أو ألوانهم لأنهم ناضلو للجميع لذلك جميع فئات شعبهم وقفوا معاكم لهذا أثناء نضالهم زادة وحدة شعبهم

    • زائر 7 | 11:46 م

      ..

      لأنهم يكرهون معنى الديمقراطية رغم أنهم يكتبونها ويرددونها باستمرار

    • زائر 6 | 11:44 م

      وهل اذا انت تحب شخص يجب على ان احبه

    • زائر 5 | 11:15 م

      صدقت اخى . فلدينا الكثير الكثير من هؤلاء المنسلخين من جلدتهم الاصليه.

    • زائر 3 | 11:01 م

      سيدنة العزيز:
      كل انسان طماع واناني ومريض يكرة هذة النماذج ولكن اذا كان القانون عادلا وقوية ومحترما من من سن وشرع القانون فلا تستطيع هذة الاشكال الصراخ او الظهور بتاتا.
      س.ط.ك

    • زائر 2 | 10:49 م

      تسلم :
      احسنت سيدنة ورحم الله والديك

اقرأ ايضاً