العدد 5095 - الخميس 18 أغسطس 2016م الموافق 15 ذي القعدة 1437هـ

العاطلون الجامعيون بين تخصصاتهم ومؤهلاتهم وإنهاء بطالتهم

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في كل يوم الكثير من الشباب والشابات من العاطلين الجامعيين البحرينيين، يخرجون مبكرين من بيوتهم، لكي يبحثوا عن وظائف أو مهن تتناسب ولو بنسبة 10 في المئة مع تخصصاتهم الأكاديمية أو المهنية، ليخدموا من خلالها أنفسهم وأهلهم ووطنهم، ولتخلصهم من معاناة ومهانة البطالة القاتلة لمعنوياتهم والمحطمة لنفسياتهم والمدمرة لطموحاتهم والحاطة من كرامتهم والمعطلة لحياتهم المعيشية والأسرية.

غالبيتهم يرجعون بعد الظهر إلى بيوتهم وهم منهكون جسدياً ونفسياً، ومحمّلون حكايات طويلة ومواقف متنوعة مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والجهات التي أرشدتهم الوزارة لمراجعتها، وفي أحايين كثيرة تكون حكاياتهم والمواقف التي يتعرضون إليها مبكية ومضحكة في آن.

في الأصل يذهب الشاب الجامعي العاطل إلى الوزارة بقصد مساعدته للحصول على وظيفة أو مهنة، تناسب مؤهلاته العلمية وقدراته المهنية ولو بنسبة معينة، ولكنه مع الأسف لا يجد إلا الصدود تارةً، أو اللامبالاة تارةً ثانية، أو التملص من تقديم أية مساعدة مفيدة تارة ثالثة، أو مقابلته في الكثير من الأحيان بوجوه مكفهرة تارة رابعة. وهنا لا نعني موظفي وموظفات الوزارة الكرام، الذين يمتلكون نسبة معقولة من فن التعامل مع مراجعيهم من العاطلين والعاطلات من شباب الوطن، ويستحقون الشكر والتقدير، ولكن الطامة الكبرى إذا ما عرضت عليه الموظفة وظيفة أو عملاً لا يتناسب ولو بنسبة واحد في المئة مع تخصصه الأكاديمي. على سبيل المثال لا الحصر، شاب حاصل على بكالوريوس في نظم معلومات، يُعرض عليه 52 فرصة عمل كما يطلق عليها! وجلها ليست حقيقية، وجميعها ليس لها علاقة من قريب ولا من بعيد بتخصصه، ومن تلك الفرص المضحكة المبكية، مخلص بضائع، مقدم أطعمة ومشروبات، دلال عقارات وأملاك، حارس أمن مؤسسة، طحّان قهوة، سائق سيارة صغيرة في المؤسسات التجارية، طبّاخ، مشغل آلات ميكانيكية عام، موظف استقبال ومراسل، مروج بيع السلع، سائق شاحنة ثقيلة، كهربائي مباني ولحام، مشغل رافعة شوكية وميكانيكي سيارات، مزارع عام وسباك (بايب فيتر). وكل مهنة في القائمة حدّد لها راتب شهري قدره 270 ديناراً، الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، وسط قسوة الحياة المعيشية وارتفاع الأسعار الجنوني.

ورغم أن المهن المذكورة غير متناسبة كلياً مع تخصص الشاب الجامعي العاطل، إلا أنه يسعى ليحصل على واحدة منها، ليثبت لنفسه ولغيره أنه موجود في الحياة ولو بالحد الأدنى. وأحدهم تحدّث لنا بالتفصيل عن جولته بين 15 مؤسسة تجارية من المؤسسات الـ 52 مؤسسة التي تسلّمها من وزارة العمل، لم يخرج من هذه التجربة القاسية إلا بمزيدٍ من الحزن والأسى والإحباط. وفي طريقه إلى بيته يرى الدنيا وكأنها تحوّلت إلى دخان خانق.

أما حكاية الشابة البحرينية العاطلة عن العمل، والحاصلة على بكالوريوس في الحقوق من جامعة البحرين بمعدل 3.52، ولديها شهادة في التحكيم القانوني على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، بسبب عدم وجود استراتيجية واضحة لتوظيف الشباب البحرين العاطل، نجد كأن الوزارة لا تهتم ولا تكترث بالمؤهلات أو التفوق أو التخصص في حال اختيار الوظيفة لهم. وقد عرضت الوزارة على خريجة الحقوق بعض فرص العمل، ومنها منسقة ورد وبائعة ملابس وما شابه، ما يدل دلالةً واضحةً على غياب الاستراتيجية في توظيف الخريجين الشباب.

الأكثر من هذا وذاك، أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ليس لديها فرق في محاضراتها الإرشادية بين مؤهلات الثانوية العامة والجامعية (البكالوريوس والماجستير)، فالخطاب واحد، والمعاملة واحدة، والفرص المعروضة واحدة. وقد رأينا جلّ العاطلات والعاطلين يخرجون من الوزارة وهم يائسون ومتذمرون كثيراً من التعامل والتعاطي السلبي غير المفهوم مع مؤهلاتهم وتخصصاتهم، والكثيرون منهم يشعرون بالمهانة عندما يتعامل معهم وكأنهم شحّاذون وليسوا مواطنين لهم حق العمل وشرف الخدمة في بلدهم. فلهذا نجدهم يتساءلون إلى أين يتجهون وإلى أين يتوجهون للحصول على حقهم في العمل. فالكثير منهم ضاع من عمره سنوات طويلة في طابور العاطلين، ولا أمل يلوح أمامهم، ولا يرون إلا سراباً. وتراهم باجتهاداتهم الذاتية يطرقون كل الأبواب التي يجدونها مؤصدة في وجوههم، ولم تتوقف محاولاتهم في البحث عن عمل، كل ذلك من أجل إنقاذ أنفسهم من الضياع ومن وضعهم المأساوي، الذي يضغط بقوة على نفوسهم وأعصابهم. أليس من حق الشباب البحرينيين العاطلين عن العمل أن يسألوا الجهات المعنية بمستقبل أبناء البلد، متى سيعطونهم الفرصة الكاملة لكي يخدموا وطنهم ويشاركوا في مسيرة العمل والإنتاج والتنمية لرفعة بلدهم في كل المجالات والميادين؟

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5095 - الخميس 18 أغسطس 2016م الموافق 15 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:09 ص

      لاسف التعطل ينتشر بشكل رهيب في مجتمعنا ....و هناك تقصير واضح جدا من قبل ديوان الخدمة المدنية وزارة العمل...يجب ان يحس الوزراء بمأساة العاطلين و العاطلات.. القيادة الرشيد على الدوام توجه و تنصح و تتابع كل صغيرة و كبيرة في البلد لذا فالمسؤولين تحت المراقبة في انجازاتهم و عملهم لخدمة المواطنيين ....الأمور ببساطة هناك موظفون أجانب في البلد كثر لا يقلون عن 400 الف موظف أجنبي مقابل 20 الف مواطن عاطل فهل يصعب على وزارة العمل و ديوان الخدمة أحتضان هؤلاء الفئة من المواطنيين

    • زائر 3 | 1:55 ص

      لماذا العاطلون الجامعيون من فئة واحدة ؟؟؟اذا عرف السبب بطل العجب

    • زائر 2 | 12:06 ص

      كتبت : يبحثون عن وظائف. نعم ولكن لا يريدون العمل. بعد الحصول علي الوظيفة و الهروب من إنجاز الواجب و تأخر مصالح المواطنين لا يشعرون بالخجل او النقص. لان عدم العمل و الراحة الدائمة معايير للرفاه و التباهي. كيف لا توجد اعمال والبلدفيها مئات الآلاف من الأجانب العاملون؟ عندمااري البحرينيون يعملون اقترب منهم وأشجعهم و اقدر إنجازهم. الذين نراهم في كل مكان و نمر عليهم دون ان نلاحظهم. بمعايير اجتماعية صنفنا الاعمال و قذرناها. ال... كانوا و لايزالون بيننا. نكتب عنهم و نجلهم لكن بعد وفاتهم. غيرواالقيم.

    • زائر 1 | 11:08 م

      هل ثمة اضطهاد ديني وراء البطالة في جنوب إفريقبا

اقرأ ايضاً