هذا الفيلم العالمي الكبير للفنّانة الراحلة فاتن حمّامة الذي قدّمته للشاشة العربية نهاية السبعينات، كان من أفضل وأشجع الأفلام على الساحة العربية، الذي يتناول قضيّة الفقر والحاجة والراتب الذي لا يلبّي متطلّبات المعيشة، وهي من أهم القضايا بالنسبة لكل أسرة في العالم.

«أفواه وأرانب» فيلم يعالج قضية الفقر والغنى وعدم التخطيط الأسري. ففاتن حمامة تعيش مع شقيقتها الكبرى وأسرتها المكونة من زوجها عبدالمجيد وأولادهم التسعة، وعبد المجيد سكير يعمل في سكة الحديد، مهمل لأسرته، وللخلاص من وضعهم المزري يرى عبدالمجيد وزوجته أن تقبل فاتن حمامة من زواج المعلم البطاوى، وترفضه وتهرب إلى المنصورة.

في هذه الأثناء يعقد البطاوي الزواج بها بأوراق مزورة قدّمها عبدالمجيد، وتجد فاتن عملاً في المنصورة في مزرعة محمود بيه، الذي سرعان ما يكتشف مهارتها وحسن تصرفها فيقربها منه حتى يقع في حبها، خصوصاً بعد انفصاله عن خطيبته، وتعارض شقيقته الزواج منها، ولكنه لم يكن مهتماً بالفوارق الاجتماعية أو الثقافية، وتعود فاتن حمامة لتخبر أختها بنية محمود بيه الزواج منها لتكتشف ما حصل بعد هروبها، ولكن حين يحضر محمود بيه تتفاقم المشكلة لتنتهي بطعن البطاوي، ويعترف عبدالمجيد بغلطته فتعود فاتن حمامة لمحمود، والذي يتولى رعاية أسرتها. هذا باختصار فيلم «أفواه وأرانب».

هذا الفيلم يتكلّم عن واقع تعيشه الكثير من الأسر إن لم نقل %70 من الأسر في العالم العربي، تعيش تحت خط الفقر، ويحاول أعضاء الأسرة الأمرين من أجل توفير لقمة العيش، والسعي وراء حلم الغنى، علماً بأنّ جميع الدول العربية غنيّة بشعوبها وغنية بثرواتها، إلاّ إن الفساد المستشري هو المانع بين الغنى والفقر للشعوب، وهو الآفة التي تنخر في جسد الأمّة العربية.

الفساد في الدول العربية واضح وضوح الشمس، ولا يحتاج إلى تعريف، فأغلب الوزراء وأصحاب النفوذ يعيشون برفاهية وبذخ لا مثيل لهما من أموال الشعب، والشعب يعيش على الفتات والكفاف، أي معادلة هذه بين الشعب وبين الوزراء وأصحاب النفوذ؟ وكيف أصبح الوزير أو المتنفّذ يملك مئات الملايين من لا شيء؟ وأيضاً كيف وصل إلى هذه الأرقام الخيالية لو كان اعتماده على راتبه فقط؟ نعلم بأنّه سيحتاج إلى مئات السنين من أجل جمع مئات الملايين!

الفقر، والعياذ بالله منه، علاجه العدالة الاجتماعية، وغيابها معناه تدمير شعوب بأكملها وإغضابها، وتعلمون معنى غضب الشعوب، أي وصولهم حد الانفجار، وعندما تنفجر الشعوب ينتهي كلّ شيء ويخسر الجميع. وجمعة مباركة.