العدد 5118 - السبت 10 سبتمبر 2016م الموافق 08 ذي الحجة 1437هـ

غزوة نيويورك وسيف الإرهاب

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

15 عاماً بالتمام والكمال، مرّت على هجمات نيويورك، التي وقعت في مثل هذا اليوم من العام 2001، وغيّرت إلى حدٍّ بعيد، وجه العالم.

الولايات المتحدة التي أصابتها الصدمة بحالةٍ من الهستيريا والهياج، اندفعت في حربٍ لها أول وليس لها آخر، فقامت بغزو بلد إسلامي (أفغانستان)، وآخر عربي (العراق)، ورابطت على حدود بلدين آخرين، سورية وإيران، تهدّدهما يوميّاً بالغزو والاحتلال، فقاما بدعم المقاومة لعرقلة مشروع الغزاة.

الغزو أدى إلى تفكيك أوصال المنطقة، وإضعافها واستنزافها في الحروب. ولم تمضِ عشرة أعوام حتى باتت المنطقة على مشارف إفلاس سياسي كامل، عبّرت عنه ثورات الربيع العربي، حيث انطلق الشباب إلى الميادين للتعبير عن سخطهم عمّا آلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية من تخلُّف وجمود. وهو ما واجهته الأنظمة بمزيد من القمع والثورات المضادة، والأخطر إقحام الحركات المتشددة والتكفيرية لتحريف بوصلة الشعوب، واستبدال حركتها من هدف الحرية والكرامة إلى الاقتتال المناطقي والطائفي.

اليوم، تتضح أكثر وأكثر، أسرار هذه الحركات التي تحرّكها الأجهزة التي تعمل في الخفاء. ويعود الكثير من المحللين إلى التذكير ببداياتها أيام «الجهاد» في أفغانستان، حيث تم تجنيد آلاف الشباب من مختلف البلدان العربية، للقتال ضد التدخل الروسي في أفغانستان، تحت ستار إعلامي كثيف. وانتهى المشهد بانقلاب تنظيم «القاعدة» على رعاته وداعميه، وشنّه غزوة نيويورك الشهيرة.

سيناريو انقلاب «الدعاة» على «الرعاة»، تكرّر مراراً وتكراراً، فلا هم يستفيقون ولا هم يذّكّرون. تكرّر أولاً في العراق، بعد الغزو الأميركي في 2002، وتكرّر في سورية بعد العام 2011، وفي ليبيا بعد إسقاط القذافي 2012، بحرق السفارة الأميركية الراعية في بنغازي، وقتل الدبلوماسيين، وأخيراً في تركيا صيف 2016.

بعد هجمات (سبتمبر/ أيلول)، أعلن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش «الحرب على الإرهاب»، لتحطيم تنظيم «القاعدة»، ولم يتمكّن الأميركيون من القضاء على زعيمه أسامة بن لادن، إلا بعد عشرة أعوام، في (مايو/ أيار 2011)، في عهد الرئيس باراك أوباما، الذي ضغط على الباكستانيين لرفع الغطاء عن التنظيم. وشاهدنا كيف تمَّ التخلص منه في بيت أمني متواضع على أطراف العاصمة، على مقربةٍ من مركز للأمن الباكستاني. وهو اليوم الذي اعتبره أوباما «اليوم الأهم خلال سنوات حكمه في البيت الأبيض».

نتيجة الحرب على الإرهاب، أنها نشرت المزيد من الحركات التكفيرية في المنطقة، وكان الأميركيون واعين تماماً لذلك، وكان مخططو اليمين الأميركي المتطرف يعملون على استدراج المقاتلين من مخابئهم في جبال تورا بورا إلى سهول العراق المفتوحة، للقضاء عليهم في تلك المحرقة، كما صرّح يوماً كولن باول.

تاريخ هذه الحركات أثبت أنها كانت أدواتٍ تُستخدم لأمدٍ ثم يتم الاستغناء عنها، ويعتمد مستخدموها على مخزون بشري لا ينضب، يمتد من جاكرتا إلى نيجيريا، ومن القوقاز إلى الصومال. ومن هذا الخزان خرجت فروع تنظيم القاعدة في «الجزيرة العربية» و«أرض الرافدين» و«اليمن»، انتهاء بعشرات الحركات التي انتشرت هذه الأيام في العراق والشام وشمال إفريقيا، حيث استوطنت أخيراً في ليبيا، وأصبح اسم «داعش» يتصدّر عناوين الأخبار، مقدّماً أبشع صور القتل والفتك والإرهاب.

في حديث قدسي يشير مضمونه إلى أن الظالم سيفي، أنتقم به وأنتقم منه، ومن شأن الأجهزة الخفية التي تحكم العالم، أن تتفاخر اليوم فتقول إن «الإرهاب سيفي أنتقم به... وأنتقم منه حين يبدأ بالانتقام مني والانقلاب عليّ»!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5118 - السبت 10 سبتمبر 2016م الموافق 08 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 6:23 م

      السيد الكاتب المحترم كلامك جميل ومقالك رائع هذه الجماعات الإرهابية المجرمه مثل القاعده وداعش معروفه ولايختلف عليها اثنين ..الإرهاب هو الإرهاب .

    • زائر 13 | 5:53 م

      أمريكا غزت العراق وحولت هذا البلد الي بلد ضعيف منقسم شبه دولة لا قانون لا نظام لا مستقبل لشعب وتركته مدمر تتصارع فية أحزاب فاشلة تحول هذا البلد العربي الغني بثرواته الي بلد فقير رغم وجود كل المقومات الاقتصادية لهذا البلد الشعب العراقي أصبح من أفقر الشعوب انتشرت الطائفية البقيضه بعد ماكان العراقي لا يعرف من أي طائفه إنما هو عراقي كان الشعب العراقي مثالا للتعايش بينه مكوانته انظر الآن قتل على الهوية وفساد ليس له نظير بالعالم كل ذلك بسبب أحزاب طائفية فاسده أتى بها المحتل قتل أكثر من مليون من أبناء العراق وتشرد الملاين في مختلف بلدان العالم هجرت العقول والعلماء العراقين وقتل منهم الكثير هذا هو ماصنعته امريكا بالعراق اليوم تقسم العراق واصبح قراره تتحكم به دول إقليمية هي من تديره هذا هو حال العراق أصبح في ترتيب الدول حسب تقارير الأمم المتحده في نهاية الذيل مع الصومال.

    • زائر 12 | 4:34 م

      لا تخلطوا بين العراق و بقية دول العالم امريكا لم تغزو العراق بل حررته من ابشع نظام دموي مجرم اعتدى على الكويت وايران ودمر العراق بحروبه العبثية مجرم كان من قوانينه منع الانترنت والستلايت و الكومبيوتر والموبايل وقطع اللسان والاذن و وسم الجباه و سجن اقارب المتهم من الدرجة الرابعة

    • زائر 11 | 8:13 ص

      الشاعر يقول ويخاطب الريس اوباما ...مدري هو مدري إنتا مدرى أنا مدري هاذا اللي بالقدس يرمي بسهامهما علينا

    • زائر 9 | 3:47 ص

      المشكلة يكفرون بقية المسلمين ويحتكرون الجنة التي عرضها السماوات والارض لأنفسهم.
      غرور وحماقة.

    • زائر 7 | 2:25 ص

      التشدد الديني قاد الناس إلى الهلاك

    • زائر 6 | 12:54 ص

      بعض الأفكار المذهبية جعلت من أتباعها قطيع تتلاعب بها امريكا وغيرهاـ تسيّره وفق سياستها الاستعماريّة. آلاف من هؤلاء الشباب ذهبوا في حروب عبثية سميّ بعضها جهاد ضد الروس أو مسمى اخر
      كلها محارق للشباب المسلم تحت مسميّات مغرية ووعود بالحور العين والغداء في الجنّة، تصوروا الدرجة من التخلّف التي وصل اليها بعض هؤلاء

    • زائر 5 | 12:47 ص

      غزوة نيويورك واستغلالها: الأمريكان يحسنون استغلال كل شاردة وواردة وكل صغيرة وكبيرة. احسنوا استغلال جهل الفكر لبعض المذاهب الاسلامية واستغلّوا أولئك لتحقيق مآرب امريكية في أفغانستان، ثم نقل الأمريكان دماهم (جمع دمية ) والعابهم من هذه الجماعات لتدمير سوريا وليبيا وغيرها من البلاد العربية

    • زائر 3 | 11:09 م

      المقال جميل كتسلسل تاريخي لأحداث المنطقة لكنه ينقصه الدقّة في التحليل ، فهو يجعل الأمر وكأن ( الحرب على الإرهاب ) من قبل أمريكا هي العامل الأساس في كلّ الأزمات ، ولا يشير من قريب أو بعيد للعوامل الداخلية التي تنبع من داخل ثقافة وتاريخ هذه المنطقة . صحيح أن التدخل الخارجي هو عامل مؤثر فيما حدث لكن تصوير الأمر وكأن هناك كما يقول الكاتب أجهزة تحرّك الحركات الإرهابيّة في الخفاء دون وجود عوامل داخليّة مهيئة ، هذا التصوير هو تصوير ساذج وتبسيطي لما حدث ويجر التحليل نحو خانة نظريات المؤمراة .

    • زائر 2 | 10:08 م

      طلعت مسرحية للحصول على النفط باقل الاسعار وهذا واضح الغرب يخطط واحنا نصدق

    • زائر 1 | 10:02 م

      لا أعتقد بأنهم قد انقلبوا عليهم بتاتا و هم تحت سيطرتهم بالكامل و انما تغيرت الاجندة و وجهوهم لافناء اناس آخرين لكي يصوروهم بأنهم قد انقلبوا عليهم و لم يعودوا تحت سيطرتهم و هذا هو الدجال بعينه الواحده.
      المهم هو تدميير الاسسلام باسم الاسسلام و تحقيق اجندة الدجال و ليس المهم من يعيش او يمووت و من اي طرف.
      لاحظ ان 3 الاف شخص من فئة واحدة لم يذهبوا الى بررج التتجارة يوم الحدث فما هو اصلهم و من اخبرهم يا ترى؟

اقرأ ايضاً