العدد 5125 - السبت 17 سبتمبر 2016م الموافق 15 ذي الحجة 1437هـ

المجالس الأهلية ودورها الوطني في تلاحم المجتمع البحريني

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لو حاولنا إحصاء المجالس الأهلية على مستوى مدن وقرى البحرين، لما وصلنا إلى عددها الحقيقي بدقة، ولو قلنا إنها تقدر بالمئات لما بالغنا في ذلك، لقد كانت ومازالت تمثل الحلقة الأقوى في مجتمعنا البحريني، لما لها الدور الكبير في تواصل وتلاحم المجتمعات البحرينية، ثقافيّاً واجتماعيّاً وإنسانيّاً، بعض المجالس الأهلية تفتح أبوابها لمرتاديها طوال ليالي السنة، وبعضها تستقبل زوارها أسبوعيّاً، وبعضها تفتح أبوابها في ليالي شهر رمضان المبارك وفي يومي عيد الفطر والأضحى المباركين.

لا أحد يختلف أن وجود المجالس الأهلية في كل منطقة لها أهمية كبرى في تخفيف القلق والضغوط النفسية والمعنوية والمادية، التي يعاني منها الكثيرون من أبناء المجتمع البحريني، فتنفيس الناس عن معاناتهم المعيشية ومشاكلهم المهنية والوظيفية في مجالسهم الأهلية، لاشك أنه يخفف عليهم من قسوتها وشدتها ولو بنسبة معينة، فالكثير منهم يقولون إنهم إذا ما ضاقت بهم الدنيا بما رحبت يذهبون إلى مجالسهم الأهلية، لينفسوا عن ضيقهم ومعاناتهم ويطلعوا على تجارب الآخرين، وليستمعوا إلى مشاكل ومعاناة غيرهم التي أحياناً تتشابه في فصولها وحيثياتها مع مشاكلهم، ويطلعوا على الآليات والأساليب المشروعة التي تساعدهم على الخروج منها أو التقليل من حدتها، وأحياناً أخرى يجدون مشاكل غيرهم تفوق كثيراً في قسوتها وشدتها مشاكلهم، على رغم كل هذا يتعاملون معها بنفسيات هادئة، لكي تهون معاناتهم وآلامهم.

فكثير من الناس وجدوا ضالتهم واهتدوا إلى حل مشاكلهم أو التقليل من قسوتها في المجالس الأهلية التي اعتادوا التردد عليها، وعلى رغم قلة ما في أيدي الأجداد والآباء وضعف أحوالهم الاقتصادية، فإنهم يحرصون كل الحرص على استمرار مجالسهم الأهلية، ويكفيهم في تلك الأزمان السالفة توفير التمر والقهوة لتضييف مرتاديها، ولم يجعلوا الفقر وسوء الأحوال المعيشية سبباً لإغلاقها وتعطيل دورها الاجتماعي والإنساني، فكثير من العوائل توارثوها جيلاً بعد جيل، وطوروا في الأطروحات والنقاشات التي تعرض فيها، فهي بلاشك واحة لتداول وتبادل الأخبار والأفكار والموضوعات الثقافية والاجتماعية المتنوعة، والملاحظ أن الأشخاص الذين يضعون ضمن برنامجهم الأسبوعي أو اليومي زيارة المجالس الأهلية الموجودة في مناطقهم، تجدهم أكثر هدوءاً واطلاعاً من الذين لا يهتمون بهذا الجانب ولم يضعوه في برنامجهم الاجتماعي.

بطبيعة الحال في هذا الموضوع لا نتحدث عن المجالس الأهلية التي تمارس الغيبة والنميمة وقذف الآخرين بشتى أنواع النعوت الساقطة أخلاقيّاً، ما نتحدث عنه هو المجالس الأهلية الراقية في أخلاقياتها وإنسانيتها، التي يكون لها الدور البارز بصورة مباشرة أو غير مباشرة في رفع مستوى الوعي الثقافي الاجتماعي وتقريب وجهات النظر بين مرتاديها في مختلف الموضوعات المطروحة فيها، والتي تعمل بكل جد في تقليل التشنجات والتحسسات والتوجسات المصطنعة، التي تطرأ على المجتمع بين وقت وآخر، فالظن الغالب لدى الناس الطيبين في البحرين هو ظن الخير بجل المجالس الأهلية المنتشرة في مختلف مناطق البلاد، مادامت تستوعب كل الناس بقلوب طيبة، وتعمل على تضييق مساحات الاختلافات والخلافات التي تحدث في المجتمع، وخصوصاً في وقت الأزمات.

بالتأكيد أن المجالس الأهلية التي تتعاطى مع القضايا بنفس طائفي أو مذهبي، والتي يكون لها الدور الكبير في توسيع الخلافات غير الحقيقية في المجتمع، لا يمكنها في أي حال من الأحوال أن تكون رؤيتها ورسالتها وأهدافها إيجابية بكل المقاييس الأخلاقية والإنسانية، نأمل أن تأخذ جميع مجالسنا الأهلية دورها الاجتماعي الحقيقي في تأليف قلوب أبناء البلد بمختلف مشاربهم الاعتقادية والفقهية والسياسية والإنسانية، وأن يكون لها خطوات عملية جادة في لم شمل كل الأطراف المعنية بالشأن الاجتماعي والسياسي والإنساني، ونظن أن أكثرها قادرة على القيام بهذا الدور الوطني المهم، الذي يصب في مصلحة الوطن والمواطن معاً.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5125 - السبت 17 سبتمبر 2016م الموافق 15 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً