العدد 5127 - الإثنين 19 سبتمبر 2016م الموافق 17 ذي الحجة 1437هـ

قطوف من حدائق المثنوي

نبيل حسن تمام comments [at] alwasatnews.com

طبيب بحريني

«إن الجمال الذي تراه فيّ هو انعكاس لك» الرومي وصلني قبل عدة أسابيع إعلان لورشة عمل بعنوان: «قطوف من حدائق المثنوي»، من مجموعة من الأصدقاء المهتمين بعالم الروحانيات والتصوف بشكل عام، والمهتمين بكتابات مولانا جلال الدين الرومي بشكل خاص وعلاقته برفيق دربه شمس الدين التبريزي، حيث بدأت الورشة يوم (31 أغسطس/آب 2016) واستمرت لأيام أربعة، وكانت في الفترة المسائية ليتسنى لأكبر عدد ممكن للراغبين حضورها.

لعب خالد محمد عبده الدور الرئيسي في قيادة تلك الورشة وهو باحث مصري، متخصص في الإسلاميات والتصوف، مؤسس ومدير مركز طواسين في القاهرة «مركز مستقل هدفه تكوين نافذة معرفية على التصوف الإسلامي».

ناقشت الورشة وعلى مدى أيامها الأربعة الكثير من المواضيع التي أوجزها على شكل عناوين، حيث بدأ اليوم الأول بـ «رحلة من الله وفي الله وإلى الله»، حيث تم إعطاء إطلالة عامة على عالم الروحانيات والتصوف ومعنى أن يكون المرء صوفيًّا والفارق بين استغلال واستثمار التصوف، وأثر ذلك في صنع العالم الأكبر. وفي يومها الثاني والذي كان تحت عنوان «كنت ثلجا وتحت أشعتك ذبت»، حيث تم استعراض رحلة الترقي والنضج والسمع، وتم تناول فكر وتعاليم مولانا جلال الدين الرومي وشرح بعض الرمزيات.

وناقشت الورشة في يومها الثالث «فسيفساء التصوف»، حيث تم التطرق إلى كتاب «فيه ما فيه» وهو كتاب فيه إحدى وسبعون محاضرة ألقاها الرومي على صحبه في مناسبات مختلفة، وهو من تجميع مريديه وليس من كتابته، إلى جانب الأجزاء الأول والثاني والثالث من ديوان المثنوي. واختتمت الورشة في يومها الرابع الذي كان حمل عنوان: «أحجار في البحيرة»، حيث تم الحديث عن حقيقة شمس تبريزي وشرح جزء من مقالاته، كما تم الحديث عن التلقي العربي للرومي والمولوية في صورتيه الإيجابية والسلبية.

أخذت الورشة طابعا تداخليا ولم تكن حالها حال الورش الاعتيادية فيما يخص التلقي والشرح أحادي الجانب، بل كانت ذات طابع تفاعلي، فقد حرصت منسقة البرنامج حصة عبدالحميد على إدخال السماع والموسيقى الروحية التي اقترنت بتلاوة بعض أشعار مولانا الرومي، وكثيراً ما نظمها في المجالس الصوفية، فتخللتها فقرات الإنشاد الدعائي، والذي برعت فيه الأخت كارمل رفاعي، إلى جانب المنشد برآء عقدة، وهو طبيب متخصص في أمراض الأنف والأذن والحنجرة، وأضفى تداخل العزف من كل من أحمد النعيمي على آلة الغيتار وخالد كوالا على آلة الناي صورة كمالية وجمالاً مريحاً للأذن والذهن وكأنهما يتراقصان بالأنغام.

المثنوي أو «مثنوي معنوي» هو ديوان شعري باللغة الفارسية لمولانا جلال الدين الرومي، ويعني بالعربية «النظم المزدوج» الذي يتحد فيه شطرا البيت الواحد، ويكون لكل بيت قافيته الخاصة، وللمثنوي طبعات متعددة وفيه 424 قصة تشرح معاناة الإنسان للوصول إلى حبه الأكمل الذي هو الله، ويسلط ديوان المثنوي الضوء على الجوانب الخفية المتعددة في الصوفية وعلاقتها بالحياة الدنيوية، حيث يتمحور الموضوع الرئيسي للعمل بشأن علاقة الإنسان بخالقه من ناحية وبعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان من ناحية أخرى.

بقي أن نعرّف بشخصية مولانا جلال الدين الرومي وهو محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي «604 - 672 هجري، 1207 - 1273 ميلادي»، نسبة إلى بلخ في أفغانستان، لكنه غادرها بصحبة والده واستقر في قونيه، وهو شاعر وعالم ديني متفقّه، ثم متصوف، وأشهر كتبه «المثنوي» الذي يتكون من ستة أجزاء وديوان شمس تبريز «الديوان الكبير» الذي بث فيه لواعج الشوق والمحبة و صارت كلماته متصدرة على رسائل الغزل في الولايات المتحدة بعد ان ترجمها الكثير من المستشرقين إلى لغات عدة. استطاع الرومي وهو مسلم عاشق للنبي جذب أشخاص من ديانات وملل أخرى بسبب خطابه المتسامح، فطريقته تشجع على التفاهم والتعاطي مع كل المعتقدات والأفكار، حيث آمن الرومي بالتوحيد في حبه لله عز وجل، وكان الرومي يستعمل الموسيقى والشعر والذكر كسبيل أكيد للوصول إلى الله عز وجل، فالموسيقى الروحية بالنسبة له تساعد على تعرف الله والتعلق به.

طوبى لمن حضر، وجزيل الشكر للمبادرين والقائمين على ورش كهذه.

إقرأ أيضا لـ "نبيل حسن تمام"

العدد 5127 - الإثنين 19 سبتمبر 2016م الموافق 17 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:04 م

      ورشة رائعة وشكراً لمن سعى لنشر علم وفلسفة الرومي

    • زائر 2 | 6:33 ص

      الترجمة و خاصة النظم لا ينقل روح الشعر. لو تعرف القارئ بالرومي باللغة الأصلية لافتتن به. ما كتبته هو ما حصل خلال العقد الأخير بعد ما تعرف الغرب علي مولانا جلال الدين الرومي. لا يوجد في اللغات الغربية مرادف لكلمة العرفان (المعرفة و التصوف) لذلك يجب عليهم قراءة فقرة كاملة لكل مصرع مترجم من الرومي.

    • زائر 1 | 5:05 ص

      ياريت كنا نعرف عن هذه الدورة أنا من محبي الرومي وقد قراءة الكثير من كتبه

اقرأ ايضاً