العدد 5133 - الأحد 25 سبتمبر 2016م الموافق 23 ذي الحجة 1437هـ

دور القطاع المالي والمصارف في الاقتصاد

صالح حسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«إني أعتقد أن المؤسسات المصرفية هي أكثر خطراً على حرياتنا من الجيوش المتأهبة. إذا سمح الشعب الأميركي في أي وقت للبنوك الخاصة بالسيطرة على إصدار عملاته، أولاً عن طريق التضخم، ثم الانكماش، فإن البنوك والشركات التي ستنمو حول هذه البنوك ستحرم الشعب من جميع ممتلكاته إلى أن يستيقظ الأطفال يوماً ليجدوا أنفسهم بلا مأوى في القارة التي فتحها آباؤهم».

توماس جيفرسون العام 1802.

كلمات توماس جيفرسون (من أوائل الرؤساء الأميركيين) أعلاه تقول كل شيء. إن العمل المصرفي هو قطاع الأعمال الصعبة التي تؤثر على جميع القطاعات الأخرى في أي بلد، والطريقة التي يتصرف بها القطاع المصرفي في أي بلد تؤثر على اقتصاد ذلك البلد إما سلباً أو إيجاباً. بل أكثر من ذلك، فبفضل العولمة فإن مثل هذا التأثير لم يعد يقتصر على البلد المعني فقط، حيث إن نتائج أعمال المؤسسات المصرفية قد تؤثر على العالم أجمع سلباً أو إيجاباً.

إن الأزمة المالية التي بدأت من العام 2008 ولاتزال تبعاتها مستمرة حتى وقت كتابة هذا المقال، تشهد بشكل قاطع على الدور الذي يقوم به القطاع المالي والمصرفي في جميع أنحاء العالم. هناك الآن قضايا مرفوعة حول العالم بما في ذلك في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، ضد بعض البنوك الكبيرة والمؤسسات المالية عن دورها في المساهمة بشكل كبير في التسبب في حدوث الأزمة. تشمل الادعاءات في قضايا المحاكم هذه، الإقراض بشكل مفرط، تقاضي أسعار فائدة وعمولات فاحشة، وعدم اتباع الحكمة والحذر بما يكفي في المعاملات المصرفية، وإدارة المخاطر، وغياب الالتزام بمتطلبات الحوكمة. وعلى رغم أن الأزمة المالية قد بدأت في الولايات المتحدة الأميركية بسبب قروض الرهن العقاري ومنتجات مصرفية أخرى، إلا أن تأثيرها لم يتوقف عند حدود الولايات المتحدة الأميركية. لقد تأثرت دول العالم أجمع بتلك الأزمة، ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الولايات المتحدة هي قوة اقتصادية كبرى، وجميع الدول الأخرى لديها تعاملات تجارية معها بشكل أو بآخر. إن القطاع المصرفي هو القناة أو الحلقة التي تربط بين اقتصادات دول العالم الأخرى واقتصاد الولايات المتحدة الأميركية، وهذا هو السبب في أن جميع الدول قد تضررت ومازالت تعاني من الأزمة ومن تبعاتها. إن الغرامات التي فرض دفعها على مجموعة من المصارف وشركات التدقيق العالمية من قبل المحاكم المعنية في أميركا وأوروبا للفترة من 2008 إلى 2014 بلغت 235 مليار دولار أميركي، وهذا المبلغ يعادل مجموع الناتج القومي لبعض البلدان لعدد من السنين. بالنسبة للبحرين ومن باب المقارنة فقط، هذا المبلغ يعادل الدخل القومي لعشر سنوات تقريباً.

كما أن القضايا المرفوعة أمام المحاكم ولاتزال تحت المداولات متوقع لها أن تضيف ما يزيد على 100 مليار دولار (عن القضايا المرفوعة من 2015 و2016)، كغرامات عن مخالفات من قبل المصارف والمؤسسات المالية في أميركا وأوروبا . والصحف والمجلات مليئة هذه الأيام بقضايا جديدة كثيرة تتعلق بممارسات خاطئة لبعض المصارف، تسببت تلك الممارسات بخسائر كبيرة للمستثمرين والعملاء.

إن للمصارف والمؤسسات المالية ثقلاً اقتصادياً تحدد نتائجه التصرفات والممارسات التي تقوم بها. وخلال الأعوام الكثيرة التي قضيتها كمصرفي، عشت في خضم التغييرات الكبيرة في عالم المصارف، وأملي أن تتاح الفرصة لمشاركة القارئ الكريم بتسليط الضوء على الجانب الإداري والحوكمة في عالم المصارف، وطريقة الاستفادة والتعلم مما تم من ممارسات لتحسين وتطوير العمل المصرفي. ثقة العملاء في المصارف تنبع من اعتقادهم بأن المصارف تتبع اساليب مهنية عالية، تحافظ عن طريقها على أموال المساهمين والمودعين وحتى المقترضين. وتهتز تلك الثقة عندما تغيب المهنية، وتتجه بعض المصارف نحو القيام بأعمال قد لا تكون من صلب تخصصها، وتتناسى دراسة المخاطر المصاحبة لتلك الأعمال. والنتيجة تكون حتماً معروفة، وهي في الغالب تكبد خسائر كبيرة قد تطيح بالمصارف أنفسها. بعد الأزمة المالية في العام 2008 ظهرت بعض التقديرات لمجموع المصارف والشركات المالية التى اختفت بعد إفلاسها في أميركا وأوروبا بنحو عشرة آلاف شركة، ساهمت بشكل مباشر في خسارة الملايين من العاملين لوظائفهم.

إقرأ أيضا لـ "صالح حسين"

العدد 5133 - الأحد 25 سبتمبر 2016م الموافق 23 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 6:03 ص

      شكرا
      .لكنك لم تلخص كيف تم التصرف بقروض الرهن العقاري وكم فائدته وماذا تم فعلا من آثار

    • زائر 1 | 2:59 ص

      شكرا أخي الكريم، وهذا ما يحدث مع بعض البنوك في منطقة الخليج، في اعتقادي يجب وضع قيود مدروسه لعمليه الإقراض والفوائد التي تأخذها البنوك

اقرأ ايضاً