العدد 5153 - السبت 15 أكتوبر 2016م الموافق 14 محرم 1438هـ

لقاء الوزراء والتجار... الزمن غير الزمن (1)

أحمد صباح السلوم

رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

حاولت أن أوفق مواعيدي لحضور الندوة التي عقدت في «بيت التجار» مع 3 من أهم الوزراء المعنيين بالشأن الاقتصادي في البحرين؛ لكن حالت بعض الارتباطات المهمة والمرتبة سلفاً دون ذلك، وكان حرصي في الواقع ينبع من أهمية ارتباط هؤلاء الوزراء الثلاثة بالشأن التجاري الوطني، فكل واحد منهم تقريباً يحمل على عاتقه 3 حقائب وزارية ترتبط بشكل أو بآخر مع القطاع التجاري البحريني، فيمكن أن تقول بموضوعية إنه لقاء مع «مجموعة العمل الاقتصادية في الحكومة»، فالسيد زايد الزياني يحمل حقائب الصناعة والتجارة والسياحة، والسيد جميل حميدان يحمل حقائب العمل والتنمية الاجتماعية إلى جانب هيئة سوق العمل، والمهندس عصام خلف يحمل حقائب البلديات والأشغال والتخطيط العمراني. هذا بالطبع إلى جانب وجود السيد خالد الرميحي الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية.

ما قرأته بالصحف عن هذه الندوة، وما تحصلت عليه شخصياً من معلومات وفيديوهات عمّا جرى بها، يجعلني أؤكد أن فكرة المساعدات الجاهزة، ومنح الأموال ومحاولة الحصول بشتى السبل على منافع وقتية أو مصالح خاصة لم تعد تتناسب مع وضع البحرين من جهة، ومع الوضع الاقتصادي العام في الخليج والمنطقة بأسرها من جهة أخرى. البلد في احتياج شديد للعمل الجاد المبدع من كافة أطراف المنظومة الحكومية، بوزاراتها وهيئاتها ومؤسساتها، والتجار بكل فئاتهم، وغرفة التجارة ومجلس التنمية الاقتصادية والجمعيات الأهلية والقطاعية المعنية بالشأن التجاري والاقتصادي.

وأوافق وزير التجارة الرأي، في أن الزمن تغيّر، والأدوات تغيّرت، والظروف تغيّرت، وما كان يصلح من 40 سنة أو أكثر لم يعد يصلح حالياً، وأن التاجر عليه أن يطوّر من نفسه مثلما الحكومة عليها أن تطوّر تشريعاتها وقوانينها لمواكبة العصر. الشخص الآن يشتري بضاعته من متاجر نيويورك ولندن وباريس وميونيخ وهو جالس في بيته بالمحرق أو الرفاع أو مدينة عيسى، وتصله لحد البيت أيضاً، والبعض تكسو تجارته الأتربة في محله العتيق، والبعض الآخر بضائعه مقلّدة أو رديئة الجودة ويريد المستهلك أن يأتيه ليشتري! هل يعقل هذا؟

وكما ذكر الحضور في الندوة، أن أجدادنا وآباءنا في البحرين جدّوا واجتهدوا في زمن افتقدت فيه كل وسائل الراحة والرفاهية، التي أتاحتها التكنولوجيا في عصرنا هذا، فلم يكن لديهم لا طائرات حديثة ولا موبايلات ولا فاكسات ولا انترنت ولا كل هذه الوسائل التي باتت تربط العالم أجمع في ثوانٍ، وعلى رغم ذلك ركبوا البحار واعتلوا الأمواج والصعاب وذهبوا إلى الصين والهند ومصر وأفريقيا وبلاد فارس، سعياً للرزق وطلباً للعيش الكريم، ونجحوا وأسّسوا شركاتهم وأمجادهم، والآن في ظلّ كل وسائل الحداثة الرهيبة هذه، يبحث قلةٌ من التجار عن الحكومة تمنحهم أموالاً جاهزة دون كلل أو تعب.

انتمائي للأسرة التجارية لا يجعلني أحيد عن الحق، وأخجل من مطالبة التجار بالمزيد من الجد والاجتهاد في سبيل تحقيق مصالحهم، والكفّ عن محاولات الحصول على مصالح وقتية لن تغني عنهم شيئاً، اللهم إلا «حلاً وقتياً» ليس أكثر لمشاكل ستظل قائمةً إن لم يتغيّر الأسلوب في التفكير أولاً، والتعامل ثانياً مع هذه المشكلات.. والقدرة على المنافسة وليس الخوف منها.

لا يعني هذا أنه لا توجد أخطاء أو قرارات غير صحيحة من جانب الطرف الحكومي، بل يوجد بالطبع وهناك حاجة حقيقية للتواصل بين الجهتين لتصحيح هذه الأخطاء من دون النظر إليها من زاوية المصلحة الخاصة أو الوقتية. ويجب أن يشارك كل التجار في النقاش، وليس فئة بعينها أو قلة منهم، حتى يكون هناك نظرة إجمالية وشمولية للمشاكل وحلولها.

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى دعم قوي من الحكومة لا أحبّذ أن يكون مادياً بحتاً، بل هناك وسائل كثيرة لمساعدة هذه المؤسسات في بداية طريقها، أهمها مساعدة الشركات الكبيرة من خلال دعمها داخلياً وإسناد بعض الأعمال، أو من خلال مساعدتها على الانطلاق خارجياً ودعمها في الأسواق الخليجية والعالمية.

أعتقد أن وزارة الصناعة والتجارة تسعى بجدية في اتجاه توفير بعض هذه الحلول، وتطبيق الأفكار الداعمة إلى واقع ملموس، ألمح الوزير في حديثه بالندوة إلى قانون إفلاس الشركات وهي خطوة جداً مهمة، كما أشار إلى مركزٍ لدعم الصادرات البحرينية وتشجيع الشركات على الانطلاق إقليمياً وعالمياً، كل حسب تخصصه ونشاطه، وهناك أيضاً مركز لاحتضان الشركات الناشئة، أعلم أن الوزارة بصدد خطوات جدية لإعلانه قريباً جداً.

الشركات الوطنية صغيرةً وكبيرةً، يجب أن تمنح بعض «الامتيازات» الخاصة في قانون المناقصات والمزايدات، لأن من يعين البلد بتشغيل أبنائها وتوفير فرص عمل كريمة لشبابها، لا يجب أن يتم مساواته مع الشركات القادمة من الخارج لاقتناص الفرص والأموال ومن ثم الخروج. تشجيع الشركات الوطنية بميزة كهذه – وأقترح أن تكون في حدود 5 إلى 10 في المئة فارق في السعر المقدم - سيكون له أثر كبير بتوفير الدعم لشركاتنا المحلية من جهة، وإعادة تدوير هذه الأموال في السوق من جهة أخرى، بخلاف الشركات الأجنبية التي ستحوّل هذه الأموال للخارج، كما أن أغلب طاقم عملها من العمّال الأجانب.

وبالطبع يمكن وضع بعض الضوابط الأخرى مثل زيادة نسبة «الامتياز» كلما زادت نسبة العمالة بحيث لا يتساوى أيضاً من يوظّف 3 بحرينيين بمن يوظف 300، وهكذا. دعم الشركات الوطنية له أساليب عدة «محترمة» بخلاف بعثرة بعض الأموال هنا وهناك، وللحديث بقية الأسبوع القادم.

إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"

العدد 5153 - السبت 15 أكتوبر 2016م الموافق 14 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:24 م

      انا فهمت من كلام أستاذ احمد انك خلاص ما عندك امل في اي حل في مواضوع دعم المؤسسات الصغيرة او التاجر البحراني يعني الافلاس قريب قريب المحاكم فيه كل تاجر صغير الله بس عالم بي الحال

اقرأ ايضاً