العدد 5185 - الأربعاء 16 نوفمبر 2016م الموافق 16 صفر 1438هـ

أربعينية الإمام الحسين (ع) وفلسفتها الأخلاقية والإنسانية

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

حكى لنا التاريخ أنه بعد مرور أربعين يوماً على استشهاد الإمام الحسين (ع) الحفيد الثاني لرسول الله (ص) عاد ركب السبايا الحسيني إلى كربلاء، بعدما قاسوا مختلف أنواع الإساءة، النفسية والمعنوية، يقدمهم الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) وزينب الحوراء بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ومعهم رأس الإمام الحسين (ع) المهشم والمكسرة أضراسه، الذي طاف به الإرهاب البغيض في الكثير من البلدان إلى أن وصل به إلى دمشق، وتم دفنه مع الجسد الشريف في كربلاء.

في ذلك اليوم العصيب صادف قدوم الصحابي الجليل جابر الأنصاري (رض) لزيارة قبر الإمام الحسين (ع)، ومن ذلك الوقت بدأ أبناء الأمة الإسلامية من مختلف المذاهب المعتبرة يزورون قبره الشريف، فالبعض يسألون: ما هي فلسفة إحياء هذه الذكرى التاريخية الأليمة؟ ألم يحن الوقت أن تنسى أو تمسح من الذاكرة الإنسانية بعد مرور أكثر من 14 قرناً على وقوعها؟ يقولون إن إحياء أربعينية الإمام الحسين (ع) في كل عام باق، مادام هناك انتهاك للتعاليم الإسلامية، وهناك من ينسب الإرهاب والتجاوزات الخطيرة التي ترتكب في أنحاء متعددة في العالم ضد الإنسان وحضارته إلى الإسلام الحنيف، فإحياء هذه المناسبة الكبيرة التي أدمت قلب رسول الإنسانية، الهادي البشير المصطفى الأمجد محمد ابن عبدالله (ص) له فلسفة راقية، يراد منها أن تحقق الآتي:

أولاً: ترسيخ أخلاقيات وأدبيات أبي عبدالله الحسين (ع) الراقية، في أذهان أبناء الأمة الإسلامية في كل العصور والأزمان، وأن يزداد ترسيخها في اليوم الذي تملأ فيه الأرض قسطاً وعدلاً.

ثانياً: تحصين شباب ورجال ونساء وأطفال الأمة الإسلامية بالمثل الأخلاقية والإنسانية العليا، التي تحلى بها الشهيد الحسين (ع) في كل حركاته وسكناته حتى آخر لحظة في حياته، لقد شهد الإرهاب الحاقد للإمام الحسين (ع) في يوم العاشر من المحرم الحرام للعام 61 هجرية (680 ميلادية)، عندما رآه قوياً جلداً صلباً ثابتاً على مبادئه الحقة ومؤمناً ومطمئناً بقضاء الله وقدره، على رغم ما أصابه من جراحات كثيرة، وقال عباراته المشهورة فيه: «فوالله ما رأيت مثكولاً قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جناناً ولا أجرأ مقدماً منه والله ما رأيت قبله ولا بعده».

ثالثاً: إكساب أبناء الأمة الإسلامية المناعة الداخلية الكافية ضد الكراهية والحقد العنصري والطائفي والمذهبي، وجعلهم يميلون بعقولهم ووعيهم ومشاعرهم الإنسانية إلى المحبة والسلام، ونبذ الإرهاب بمختلف مسمياته البغيضة والتنديد به.

رابعاً: إكساب الروح حيوية ونشاطاً، وإحياء الضمائر والمشاعر الإنسانية وجعلها متزنة وعاقلة وغير منفلتة نحو التطرف والإرهاب.

خامساً: صناعة أجيال عربية وإسلامية مسالمة ومتقبلة للآخرين، مهما اختلفت معهم في وجهات نظرهم، أو في مواقفهم وقناعاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل الأحوال والظروف.

سادساً: إفشاء ثقافة الحب والود والتسامح والاحترام المتبادل بين مختلف مكونات المجتمعات الإنسانية.

سابعاً: الارتقاء بمجتمعاتنا العربية والإسلامية في مختلف المجالات، العلمية والتربوية والثقافية والفكرية، لكي يكونوا زيناً للإسلام ولا يكونوا شيناً له.

ثامناً: إطلاع الأمم الأخرى على مبادئ الإمام الحسين (ع) سبط رسول الإسلام محمد بن عبدالله (ص)، من أجل التمييز بين القيم الإسلامية السامية والرحمة المحمدية والإرهاب الذي يمارس في العالم باسم الإسلام زوراً وبهتاناً.

تاسعاً: تبيان للأمة الإسلامية والإنسانية الانعكاسات الإنسانية الخطيرة التي حدثت بعد ارتكاب الإرهاب المجنون الجرائم الفظيعة في يوم عاشوراء، ولمدة 40 يوماً متواصلة، بصورة تفصيلية وتحليلية.

عاشراً: تنبيه الشباب العربي والمسلم من جرهم إلى التطرف الديني، الذي يجعلهم أدوات بطش وقتل للإنسانية البريئة، ولتدمير حضاراتها الممتدة إلى أعماق التاريخ، من دون أن يشعروا أنهم بعملهم هذا يحاربون الإسلام في مبادئه وقيمه وتعاليمه العظيمة.

لا أحد يقول إن إحياء هذه المناسبة الكبيرة في معانيها الإنسانية من غير هدف سامٍ، فكل الذين يحيون أربعينية الإمام الحسين (ع) أو يشاركون بأية صورة كانت في الإحياء، يرجون أن يروا العالم كله يعيش في أمن وسلام ومحبة، خالياً من كل المنغصات المصطنعة، لأنهم يعلمون علماً يقينياً ليس فيه شك ولو بنسبة واحد في المئة، أن الاختلافات والخلافات التي تؤدي إلى الاقتتال بين أبناء الدين أو المذهب الواحد، تجعل الأمة الإسلامية بعيدة كل البعد عن التنمية والتطور في مختلف المجالات.

فإن استيعاب الشباب لماهية المبادئ والقيم الحسينية التي استمدها الإمام الحسين (ع) بصورة كاملة من القيم المحمدية السمحاء، إنها جاءت لتكون رحمة للعالمين، نسأل الله تعالى أن يحقق للأمة العربية والإسلامية ولجميع الإنسانية النماء والأمن والسلام والرخاء الاقتصادي، السلام على الحسين وعلى أبناء الحسين وعلى إخوان الحسين وعلى أصحاب الحسين، يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثون أحياء.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5185 - الأربعاء 16 نوفمبر 2016م الموافق 16 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 6:32 ص

      من الذي قال عباراته المشهورة فيه ، لم تذكر القائل ؟؟،،

      عندما رآه قوياً جلداً صلباً ثابتاً على مبادئه الحقة ومؤمناً ومطمئناً بقضاء الله وقدره، على رغم ما أصابه من جراحات كثيرة، وقال عباراته المشهورة فيه: «فوالله ما رأيت مثكولاً قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جناناً ولا أجرأ مقدماً منه والله ما رأيت قبله ولا بعده».

    • زائر 6 | 2:26 ص

      سنة وأربعون يوماً

      المدة الزمنية لرحوع رأس الحسين لكربلاء هي سنة وأربعين يوماً....إذ أن المسافة بين كربلاء والشام آلاف الكيلومترات ،،،،فمدة أربعين يوماً لا تكفي ذهاباً وإياباً،،،،شكراً للكاتب وصحيفة الوسط على المواضيع المتميزة ،،،وإلى الأمام

    • زائر 5 | 1:48 ص

      خلك

      خلك عالمعلمين الاجانب وانهم سيئين ابرك ليك يالحبيب.

    • زائر 2 | 10:12 م

      السلام على الحسين ع
      مؤسف أن تصبح ثورته ملهم للبدع و التخاريف والممارسات الغير لائقة كل يوم بدعة وهرار اصبح المشي عبادة بذمتكم يرضي الحسين ع والكل يتفاخر بالمشي هي ثار الحسين ع من اجل المضايف والمشي والآكل و الاسراف و اذى النفس والبدن وووووو حرام سكون الفقهاء حتى اصبحت بعض الممارسات له احكام شرعية مستحب وواجب ووو
      الله يهدي الجميع

    • زائر 4 زائر 2 | 12:28 ص

      من قال لك الفقهاء ساكتين؟!!!
      بل يشجعونا ويحثونا حثا حثيثا على هذه الزيارة وعلى المشي لزيارة الحسين عليه السلام ويطالبون الجميع بتوفير الأمن الآزم والخدمات اللازمة لجميع الزوار والمشاية لكي تزداد هذه الشعيرة في كل عام توهجا وتألقا.

    • زائر 8 زائر 4 | 1:32 م

      الحسين (ع) قيم ومبادىء سامية ضحى من اجل عزة الانسان والكرامة فهو ابي الضيم. والمشي والمضايف هدر للعقل والوقت والمال، وليس مهم قاله الفقهاء او غيرهم، فالغثاء لاينفع الناس

اقرأ ايضاً