العدد 5188 - السبت 19 نوفمبر 2016م الموافق 19 صفر 1438هـ

#أنا_متبري_من_المجتمع... تحدٍّ بحرينيٌّ جريءٌ يتكلم واقعاً!

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

بعد العام 2011 انتشرت لغة الكراهية والفرقة داخل المجتمعات العربية، والبحرين ليست مستثناة من ذلك. إذ تزامنت الانكسارات والتحركات الشعبية بممارسات أساءت للأسف لشكل ومضمون ما خرجت إليه شعوب المنطقة في ربيع عربي تحول فيما بعد إلى خريف قمع ودم وفرقة وانقسام وطائفية لخدمة مصالح أنانية ودكتاتورية، ولإبعاد المنطقة عن تأثيرات أفكار الديمقراطية.

لقد ازدهر خطاب «أنتم» و «نحن» مصحوباً بأسلوب استفزازي مريض يصنّف الناس والشرائح والطوائف والأعراق خارج حقوق الإنسان، وخارج البعد الإنساني. التاريخ سجل مآسي حلت بمجتمعات عبر الزمن، وذلك عندما استخدمت خطابات تتخذ من الدين أو العرق سبباً لارتكاب وتبرير جرائم ضد الانسانية، كما حدث مع السكان الأصليين في الأميركيتين وصولاً إلى الممارسات المنتهكة، سواء من قبل التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» على الأقليات والأعراق والمذاهب الأخرى، أو التي استخدمتها الأنظمة لسحق الشعوب.

إن محرّك هذا الخطاب كان دوماً هو التعصّب الأعمى الذي تستثيره ثقافةٌ طارئةٌ أو بالية في المجتمع، تغذيها التربية في المنزل والمدرسة وتنجلي آثارها في مرحلة الجامعة، ونذكر هنا على سبيل المثال عندما ذكرت لي إحدى طالبات جامعة البحرين أنه بعد أحداث العام 2011 أصبح الطلبة يجلسون في غرف المحاضرات في مجموعتين كل مجموعة تمثل الطائفة التي ينتمي إليها الطالب، وأن إلقاء التحية لم يكن بالأمر الوارد... وعلى رغم أن الأمور تغيّرت قليلاً في الفترة الأخيرة، لكنها ليست كما كانت قبل أن تخيم على بلادنا ثقافة الكراهية. التعصب يحفّز الكراهية في فكر الصغار قبل الكبار... ويلعب الإعلام والصحافة ودور العبادة والمنظمات الرسمية والأهلية أدواراً قد تحفّز على نقل صورة نمطية خاطئة عن الطرف الآخر.

وعندما نتحدث عن الإعلام فنقصد هنا الصحافة والتواصل الاجتماعيّ بشتى أنواعها. أما المنظمات فالمقصود الأحزاب السياسية والجمعيات التي تتكوّن على أساس دينيّ أو إقليميّ أو عنصريّ أو طائفيّ أو عرقيّ. لن يقف الأمر عند هذا الحد، فخطاب الكراهية يتراوح بين طائفي معلن وآخر غير معلن، وهو مبطن. الخطاب الطائفي صريح وهو يعتبر إسلام طائفة دون سواها صحيحاً، بينما الآخرين مجرد كفار، واصبح الآن هناك من يعتبر المناسبات التي يفرح فيها الناس خروجاً عن الدين. وهناك من يعتلي المنبر كل جمعة لتكفير الآخرين لمجرد الاختلاف، وصولاً إلى التقليل والتصغير من قدر المرأة تحت أعذار واهية لصالح الهيمنة الذكورية.

كل ما جاء ذكره يقود إلى ما طرح في فيديو بحريني حمل رسالة ذكية وجريئة تتكلم واقعاً عن شكل المجتمع البحريني الحالي من بعد العام 2011، وهو فيديو أنتجه مخرج شاب يدعى عمر فاروق العوضي. الفيديو الذي حمل عنوان «أنا متبري من المجتمع» في رسالة لم تزد عن ثلاث دقائق، حصد أكثر من مئة ألف مشاهدة خلال يوم واحد فقط. والمخرج الذي يعرف نفسه بعمر فاروق في حساب الـ «يوتيوب» تبنى فكرة «التفكير النقدي» للمجتمع البحريني، وذلك بحسب معتقدات وأيديولوجيات الناس الفكرية من خلال استخدام أسلوب «تحدي المانيكان» الذي أصبح منتشراً بكثرة في شبكات التواصل الاجتماعي.

نحتاج إلى مثل هذه الرسائل الصريحة والناقدة للمجتمع البحريني الذي هو جزء من المجتمع العربي، إذ تغيّر مجتمعنا مع العام 2011 وتعالت معه صيحات التخوين والكراهية والتحقير والأصوات المتعصبة بكافة تلاوينها وأشكالها محفزة معها مفاهيم عنصرية تقسم المجتمع ولا ترضى بالتعددية حلاً. وربما التغيير الحقيقي يأتي عندما تنكشف عورات المجتمع ويبدأ الآخرون في الاستماع لبعضهم البعض. وهذا تماماً ما حاول نقله هذا الفيديو القصير في ظل استمرار إنكار المجتمع لواقعه الذي غدا كريهاً في جميع ملامحه بعد أن هجر قيمه وانزلق في خطابات الكراهية.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 5188 - السبت 19 نوفمبر 2016م الموافق 19 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 7:58 م

      كم أتمنى أن ترجع البحرين إلى سابق عهدها.

    • زائر 23 | 9:26 ص

      مقال يعكس المشهد الحالي في البحرين

    • زائر 22 | 7:08 ص

      كم نحتاج ان يفكر الطرفان الكبيران بتعمق ، الكراهية و الحقد على شخص مختلف معك لن يفيد احد بشيء ، و بصير همك شلون احتقر هالشخص و أتغلب عليه ، رغم اننا كلنا شركاء في هذا البلد، تخوين الناس او الإسقاط عليهم بإسقاطات تاريخية لن تفيد احد ، بدل سماع الطرف الاخر وأخذه بالاحضان او كف الاذى عنه على الأقل ، في النهاية الاختلافات رحمة ، والتعايش مع الناس بسلام يجعل الجميع مرتاح و يعيش برفاهية، وعلى قولة المصري : حبوا بعض

    • زائر 17 | 12:41 ص

      فيديو رائع يعكس التعصب الفكري الذي ساد في المجتمع من مختلف الفئات

    • زائر 16 | 12:34 ص

      المجتمع ..من فعل به هو من عمل على فساده وافساده واشعال الفتن بين طوائفه كفاية لحد كده

    • زائر 13 | 12:01 ص

      كنا و من زمن بعيد نسمع صيحات التفرقه و مواجات التفرقه بين الحين و الاخر و لكن الحب و التسامح و الالفه بين اطياف المجتمع تتغلب على هذه الصيحات و سرعان ما تندثر و الحمدلله.
      الان وبعد 2011 اصبح الفرقه تتغلب على الحب و التسامح و كل واحد (نفسي نفسي ) و الخفايا التى كانت مكبوته بين اضلاع الجهال و الحاقدين لهذا البلد تعالت أصواتهم زرعوا مازرعو من الم و مرض بين المجتمع و تفكيك الوحده الالفه.
      اصبح لكل ناعق مؤيد و معارض و كذلك الاعلام و ما ادراك ما الاعلام و كم حقيقه ضاعت و ضيّعت و ضاعت من بعدها حقوق.

    • زائر 12 | 11:37 م

      لقد اصبح النقد يؤدي للاعتقال والسجن ...

    • زائر 11 | 11:29 م

      من حفر حفرة الفتنة والاحتراب الطائفي لينجوا بنفسه عن الاستحقاق الشعبي سيرى نتيجة الفتن ما هو مردودها

    • زائر 9 | 11:20 م

      أنا لم أشاهد الفيديو ولا اريد الحكم على ما لم اشاهده لكنّي أقول ان الوضع عاد لما كان عليه قبل 14 فبراير وهي مسألة تكميم الأفواه والتي من نتائجها الحتمية انفجار الشارع غضبا لكثرة الكبت.
      مسألة ملاحقة الناس على كل تصريح وكل كلمة نقد والزجّ بهم في السجون سيخلق احتقانا شديدا ينتظر شرارة بسيطة لكي ينفجر..
      البلبلة التي تحدث الآن بين الناس ومحاولة خنقها له مخاطر اعتقد ان التجارب اثبتت ذلك

    • زائر 8 | 11:19 م

      لن يتم ذلك الا بالتعليم

      نحن ابناء الجيل السابق لم تكن لدينا أيه تفرقة على أساس مذهبي او طائفي ،الظروف السياسية في المنطقة أفرزت هذه المشكلة التي اصبحت تتجذر ، التفرقة على أساس مذهبي و لن يتم تغيير ذلك الا بالتعليم

    • زائر 7 | 11:19 م

      لن يتم ذلك الا بالتعليم

      نحن ابناء الجيل السابق لم تكن لدينا أيه تفرقة على أساس مذهبي او طائفي ،الظروف السياسية في المنطقة أفرزت هذه المشكلة التي اصبحت تتجذر ، التفرقة على أساس مذهبي و لن يتم تغيير ذلك الا بالتعليم

    • زائر 6 | 11:00 م

      نعم بالفعل أهل البحرين انزلقوا إلى مستنقع الكراهية .أتمنى أن نرجع إلى الزمن الجميل

    • زائر 10 زائر 6 | 11:24 م

      نبقى او نرجع ...البركة في حكومتنا

    • زائر 5 | 10:52 م

      مقال جميل يعطيك العافية

    • زائر 4 | 10:45 م

      خطابات الكراهية والطائفية مفتعلة حتى تبقى مصالح الطفيليين والمتسلقين الذين تجردوا من الأنسانية فبعد أحداث٢٠١١ أحس بعض المتمصلحين بقرب أنتهاء مصالحهم التي أخذوها من غير وجه حق فأشعلوا نار الفتنة حتى يعيشوا بدفئ حطب جهنم (الأموال)

    • زائر 2 | 9:54 م

      المضحك المُبكي يا سيدة ريم، أنَّ البعض يستنكر ويشجب ويتبرأ من ما تقوم به تنظيمات داعش وجبهة النصرة الإرهابية وفي نفس الوقت يمارس أفعالها! من تكفير وإلغاء الآخر، بل ورفع شعاراتها كـ"تطبيق الشريعة" و"محاربة الكفار"...، لذلك أنا لا أرى فرقاً بين داعش وأخواتها وطريقة تفكير جزء كبير مجتمعنا، ستكون الضحية الأجيال القادمة إذا ظل المجتمع رهينة الرجعية وثقافة الإلغاء.

    • زائر 25 زائر 2 | 9:29 ص

      لا تبراء طرف وتتهم الطرف الاخر الطرفين غلطانين والعصبية والتطرف في كل مذهب وكل دين

    • زائر 1 | 9:44 م

      عجبني الفيديو الله يوفق الشباب البحريني يستاهلون كل خير

اقرأ ايضاً