العدد 5195 - السبت 26 نوفمبر 2016م الموافق 26 صفر 1438هـ

القوانين وصدرت... فلماذا لا نستفيد منها؟

أحمد صباح السلوم

رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

من الملاحظ للجميع خلال الفترة الأخيرة أن هناك عدداً لا بأس به، من القوانين والقرارات التي صدرت تتعلق بالأنشطة الاقتصادية والاستثمارية في مملكة البحرين، منها ما يتعلق بإصدار التراخيص والسجلات مثلاً، أو العمالة (النظام المرن)، أو ما يتعلق بفرض رسوم وغرامات وغير ذلك.

وبعيداً بالطبع عن موجة الانتقادات الواسعة التي شملت بعض هذه القوانين، وتطبيقها من جانب بعض الوزارات وهيئات الحكومة، أو عدم التمهيد لإصدارها وتوعية الناس بمضامينها ومزاياها، ففي النهاية نحن أمام واقع ملموس ومؤكد، وهو أن هذه القوانين قد صدرت فعلياً، بمعنى أنه «قضي الأمر الذي فيه تستفتيان».

ما أود التركيز عليه في هذا المقال بكل وضوح، هو كيفية الاستفادة من هذه القوانين على وضعها الراهن، وبصرف النظر أيضاً عن إمكانية تعديلها مستقبلاً بما يتوافق مع متطلبات الشعب سواءً من فئة التجار أو غيرهم، وبما يلبي أيضاً احتياجات الناس، لأن في النهاية «القانون ليس قرآناً منزلاً»، بل يمكن بكل أريحية تغييره وتعديله، بما يتوافق مع متطلبات الحياة والواقع العملي.

اليوم سنلقي الضوء على «تصريح العمل المرن» الذي استحدثته هيئة سوق العمل، ووافق عليه مجلس الوزراء حديثاً.

النظام باختصار يوفر بديلاً قانونياً لاستخدام العمالة غير النظامية، أو ما اصطلحنا على تسميته «العمالة السائبة»، ويخلق مرونة أمام القطاع التجاري لتوفير الأيدي العاملة المؤقتة، حسب الحاجة دون الإخلال بالنظام الاقتصادي المحلي العام. كما أنّه يُنظم الجهود لحصر هذه العمالة، بما يلبي مطالب التجار بصورة حضارية آمنة ونظامية. وهذا تقريباً ما ورد في تعريفه على لسان مسئولي الهيئة أنفسهم.

بنظرة تاجر، ماذا سنستفيد من هذا النظام؟

ببساطة سأستفيد عاملاً أنا لست مسئولاً عنه، وهذه ميزة كبيرة لمن لا يدركها، بمعنى أكثر بساطةً: أنا كتاجر سأوظّف هذا العامل سواء بدوام كامل أو جزئي، ولست مسئولاً عن تأمينه الصحي، ولا تذاكر طيرانه، ولا إقامته، ولا مسكنه، ولا مشاكله، ولا أي شيء يتعلق به. هو كفيل نفسه، تعاملاته مع جميع الجهات الحكومية تعاملات مباشرة ليس لي علاقة بها، وبالتالي سيرفع عن كاهل التاجر الكثير من الرسوم (مع الوضع في الاعتبار أنها ارتفعت حديثاً وبمعدلات كبيرة في بعض الأحيان)، والتكاليف التي يتحملها عند توظيف عامل نظامي بالشكل المعتادين عليه جميعاً... كل ما في الأمر أني سأتحسب لهذه المواصفات الجديدة في العامل الحر الذي سأوظفه، لا أوكل إليه مهام مالية مباشرة، ولا أطلعه على أسرار العمل، فهذه أمور يمكن حصرها في عدد محدود جداً من العمالة التي أثق بها.

الأمر الثاني: هذا النظام سيخلق تنافسية في سوق العمل، وفرصاً واسعة للاختيار أمام التاجر، بحيث إذا لم يعجبه العامل يتركه بسهولة، ويبحث عن غيره، ويمكن أن يستفيد التاجر أيضاً من حيث تجربة هذه العمالة بشكل عملي لفترة ما، ومن ثم إذا اقتنع بأداء العامل يمكن أن يعرض عليه نقله على كفالة الشركة بشكل دائم، وفي هذه الحالة أنت استفدت التجربة بدون تكاليف طيران أو إقامة.

ويسمح النظام للعامل بالالتحاق بأي صاحب عمل سواءً سجل تجاري أو فردي، وبالتعاقد ‏المباشر المؤقت، كما يمنح لأي صاحب عمل إمكانية التعاقد مع العامل المرن بصورة كلية ‏أو جزئية وبنظام الساعات أو الأيام أو الأسابيع‎.‎

الأمر الثالث: هذا القرار سيحد بشكل مؤكد من العمالة السائبة في السوق التي لا ندري (أو ندري) مصادرها، وسيلغي القانون كل ما يتعلق بشبهات الاتجار بالبشر في المملكة، أو ما يحاول بعض المنظمات الحقوقية والعمالية وغيرها من محاولات توجيه تهم في هذا الشأن.

الأمر الرابع: سيتم القضاء على الوسطاء وكل ما يتعلق بهذه الفئة من مشاكل سواء داخل البحرين أو خارجها في الدول المصدرة لهذه العمالة.

الأمر الخامس: أن العامل الذي سيقوم بهذه الخطوة ويتكلف تبعاتها، لابد أنه عامل مميز وكفؤ، لأنه يثق في قدراته بتعويض الأموال التي دفعها وإلا سيخسر، وأعتقد أن السوق سيمتلئ بنوعية مميزة من العمالة المتخصصة التي ستخدم القطاع بكل تأكيد، علماً بأن هذا التصريح لا يسمح به للعمالة الهاربة، كما لا يقبل هذا النظام انتقال العمال من صاحب عمل حالي ليصبح ضمن فئة العمالة المرنة.

بقي أن نقول إن هذا النظام الجديد سيدخل حيز التنفيذ بدءًا من الربع الثاني للعام المقبل 2017، وستصدر ‏تراخيص العمل في هذا النظام بمهنتين فقط هما «عامل مرن» و»عامل ضيافة مرن»، ‏حيث ‏أن الأخير يختص بالعمالة التي ستعمل في قطاع المطاعم والفنادق وغيرها من المهن ‏التي ‏تحتاج إلى فحص طبي خاص، وستصدر لهذه الفئة بطاقة تعريفية خاصة تتضمن ‏صورة ‏العامل وبياناته ونوع ترخيصه، ومدة سريان التصريح تمكّن التاجر والمواطن من ‏معرفة ‏إذا كان هذا العامل فعلاً من هذه الفئة ويمكن استخدامه دون مخالفة القانون.‎

العالم يتغيّر بشكل مذهل، ولابد من تطوير القوانين بشكل إيجابي لتواكب هذه التطورات، مع الحفاظ على حقنا في تعديل هذه القوانين حال تطلب الأمر ذلك، وكما ذكرت سابقاً هي ليست قرآناً منزلاً.

إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"

العدد 5195 - السبت 26 نوفمبر 2016م الموافق 26 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:13 ص

      العمالة السائبة مصدرها معروف
      ...

    • زائر 3 | 4:48 ص

      سيدى هذا القانون يزيد من البطالة و يضعف من الجوادة و الخدامات المقدمة

    • زائر 2 | 11:42 م

      القوانين وضعت لخدمة واضعيها...

    • زائر 1 | 11:28 م

      فائدتها للحكومة ولكم انتم التجار. ماذا استفدنا منها نحن المواطنين غير ارتفاع الاسعار؟

اقرأ ايضاً