العدد 5201 - الجمعة 02 ديسمبر 2016م الموافق 02 ربيع الاول 1438هـ

وزارات ودوائر حكومية ليست بمستوى طموحات الوطن في الانضباط الوظيفي... لماذا؟

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

حديثنا اليوم عن الانضباط الوظيفي في الالتزام بالوقت الرسمي المحدد لبدء العمل، في الوزارات والدوائر الحكومية، والذي يعتبر من أهم الجوانب التي من خلالها يقاس مستوى الرقابة في هذه الوزارة أو في تلك الدائرة الحكومية. من المعلوم لدى كل الموظفين والعمال في الوزارات والدوائر الحكومية، أن الدوام فيها يبدأ في تمام الساعة السابعة صباحا، فإذا رأينا في وزارة أو دائرة حكومية معينة، جل موظفيها لا يلتزمون التزاما دقيقا بوقت بدء الدوام، ومكاتبهم خالية منهم حتى الساعة 7:15 صباحا، مع وجود عشرات المراجعين الذين قدموا إلى هذه الوزارة أو إلى تلك الدائرة قبل الساعة السابعة صباحا، من أجل تخليص معاملاتهم مبكرا، ليتمكنوا من الرجوع إلى أماكن أعمالهم سريعا، ولكن نجدهم ينتظرون مدة طويلة موظفيها غير المنضبطين وظيفيا لكي ينجزوا معاملاتهم.

ما نتحدث عنه اليوم هو حديث كل مواطن لديه معاملة من المعاملات الخدمية في مختلف الوزارات والدوائر الحكومية، ما نقوله عن السادة الموظفين غير الملتزمين بأوقات دوامهم الوظيفي ليس من نسج الخيال أو بعيدا عن الحقيقة، باستطاعة كل من يريد التأكد من هذه الظاهرة غير السليمة عليه أن يقوم بزيارة إلى مثل تلك الدوائر في أي يوم من أيام الدوام الرسمي، سيرى العجب العجاب في التلاعب بوقت العمل، وأوقات المراجعين بصورة لا تخطر على بال أحد، سيرى الموظف المتأخر عن وقت الدوام يدخل متبخترا كالطاووس، ويمشي بخطوات بطيئة كالسلحفاة، بكل اطمئنان وراحة بال كالذي لا يتوقع أي محاسبة أو مساءلة عن تأخيره، فيقوم قبل وصوله إلى مكتبه، بتوزيع التحايا والابتسامات وتبادل الأحاديث مع زملائه الذين يماثلونه في التأخير، من دون أن يلتفت للمراجعين الذين ينتظرون قدومه المبارك والميمون.

سأعطى مثالا واحدا على هذه الظاهرة السلبية، في أحد أيام الأسبوع الثالث من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، وبالتحديد في يوم الأربعاء الموافق 16 نوفمبر 2016، كنا في الساعة السابعة صباحا في إحدى الدوائر الحكومية التي من مهامها تقديم خدماتها لمراجعيها بشكل يومي، لتخليص معاملة بسيطة، لا يتجاوز زمن انجازها أكثر من 3 دقائق، وكنا على أمل الانتهاء من انجازها إذا ما بالغنا في مدة لا تزيد عن 10 دقائق، هذا الأمل قد تبدد فور وصولنا إلى تلك الدائرة، لماذا؟ لأن أملنا بنيناه في حال التزام موظفيها بالوقت المحدد للدوام، وليس في حال عدم التزامهم به، 20 موظفا في تلك الدائرة، مكاتبهم جميعها خالية في الوقت المحدد لبدء الدوام الرسمي. عند الساعة 7:12 صباحا اثنان من موظفيها قد حضرا إلى موقع عملهما، وفي الساعة 7:18 صباحا زاد عدد الموظفين الذين داوموا على مكاتبهم ليصبحوا بحمد الله 6 موظفين، وفي وقت الانتهاء من إنجاز معاملتنا البسيطة، كانت الساعة تشير إلى 7:25 صباحا، و8 مكاتب كانت خالية من أصحابها، على رغم أن أهم مهام مثل هذه الدائرة الخدمية هي تسهيل انجاز معاملات المواطنين والوافدين وغيرهم من المقيمين، وليس تصعيب وتعقيد كل ما هو سهل وبسيط.

ماذا يمكننا أن نسمي مثل هذه الحالة التي تتكرر بنسب متفاوتة في أماكن رسمية كثيرة؟ أليس هذا الوضع بالتسيب والتلاعب في أداء العمل؟ أليس هذا السلوك غير الحسن يؤثر بشكل مباشر على جودة العمل وعلى مصالح الوطن والمواطنين وكل المقيمين والوافدين؟ أليس هذا يسمى هدرا في أوقات الناس والعمل بصورة صريحة؟ والسؤال الذي كان يدور في ذهني وفي أذهان من كانوا ينتظرون مجيء موظفي تلك الدائرة، لماذا يحدث كل هذا التأخير الفاحش من الموظفين؟ أليس هناك رقابة في هذه الدائرة أو تلك حتى يحدث كل هذا التسيب والتلاعب بأوقات العمل؟ والطامة الكبرى عندما نجد أن الموظف المسئول الذي من المفترض أن يكون قدوة حسنة لموظفيه في الحضور المبكر للعمل، لا يختلف عن موظفيه في التأخير عن عمله، وهذا ما وجدناه بالفعل في تلك الدائرة، رأينا بعض المسئولين في تلك الدائرة يتجهون إلى جهاز البصمة ليثبتوا حضورهم في الساعة 7:15 صباحا، أي بعد 15 دقيقة من بدء الدوام، وكأنهم غير عابئين بما يسجله الجهاز عليهم من تأخير، على رغم أنهم يعلمون أنهم بتأخيرهم عن العمل يضربون القانون عرض الحائط، ويعلمون أيضا أن سبب وضع الجهاز هو الحرص على ضبط حضورهم للعمل.

ليس لدينا العلم اليقيني بالأسباب التي تجعلهم لا يكترثون بهذه الصورة الواضحة بما يسجله عليهم جهاز البصمة من تأخير، والمصيبة الكبرى إذا ما كان انجاز المعاملة مرتبطا بصورة مباشرة بموظف معين، فإذا تأخر أو تغيب ذلك الموظف المعني بإنجاز المعاملة لأي سبب من الأسباب، تتعطل المعاملة حتى عودة الموظف المتغيب إلى عمله، وقد يستمر تعطيل المعاملة إلى أيام أو أسابيع أو أكثر أو أقل من ذلك، ليس في كلامنا مبالغة ولا زيادة أو نقصان، هذا مع الأسف الشديد نراه في بعض الوزارات والدوائر الحكومية، وخصوصا تلك التي تتعامل مع الناس بشكل يومي، من أجل أن يكون كلامنا موضوعيا وواقعيا، نقول قد يكون هناك بعض الدوائر الحكومية تتمتع بانضباط موظفيها في الحضور إلى أعمالهم في الوقت المحدد.

بالتأكيد هذا التلاعب بوقت العمل وبأوقات الناس لم يحصل لو كانت الرقابة والمحاسبة الحقيقية والقدوة في الالتزام والانضباط في الحضور المبكر حاضرة حضورا فاعلا في تلك الدوائر المعنية، التي تعاني كثيرا من عدم التقيد بوقت الدوام الرسمي المحدد، لم نتحدث عن هذه الظاهرة غير المقبولة عند الموظفين العقلاء، الذين يحرصون كل الحرص على أداء عملهم بأحسن صورة، لأن الالتزام بتحقيق أفضل الخدمات للناس له أبعاد إنسانية وأخلاقية واجتماعية ووطنية متعددة، في اعتقادنا أن الموظف المخلص العاقل الواعي لا يقبل لنفسه أن يكون سببا في تعطيل مصالح البلاد والعباد في أي ظرف من الظروف، ولن يسمح له ضميره أن يفرط في أوقات عمله، لأنه ليس ملكا له.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5201 - الجمعة 02 ديسمبر 2016م الموافق 02 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 8:03 ص

      احسنت أستاذ قبل يومين رحت اخلص معامله العصر في دائره حكوميه ذخلت الساعه 2:45 خلصت الساعه 4:30 ؟؟ لان هلمكان المعامله اتروح كذا قسم وكذا موظف وانتا ونصيبك معاهم تاخد لك ساعتين ؟؟ ولا من مجيب

    • زائر 3 | 2:20 ص

      عادي كل الوزارات الخدمية اﻻلتزام بالدوام غير موجود

    • زائر 1 | 12:09 ص

      من ناحية التاخير عن العمل ربع ساعة قانونيا عادي ولايتم خصم من الراتب وقد يكون سبب التاخير زحمة الشوارع والكل يعلم ماهي زحمة الشوارع ، اتفق معك بسؤء معاملة بعض الموظفين وغرورهم وعدم اهتمامهم بالمراجعين .

    • زائر 2 زائر 1 | 12:28 ص

      هل من الممكن ان تبرز لي هذه المادة ؟
      بالنسبة الى التاخير هناك نوعان من الادارات ... ادارات تتشدد في ذلك وتحاسب حتى على الدقيقة و الدقيقتين وتترك نوع الانجاز الذي يؤديه الموظف وهناك من تتساهل كثيرا حتى في النصف ساعة او اكثر و كلهما خاطئ وخير الأمور الوسط .. فلا يجب ان يحاسب الموظف اذا ماكان تاخيره بسيطا وليس مضرا بالعمل او كان لديه ظرف طارئ .. و لايترك الموظف الذي ديدنه التأخير بما يضر العمل ويؤثر في نوعيته

    • زائر 4 زائر 1 | 5:33 ص

      في نظام النوبات نحن محاسبون حتى على الدقيقة و يتم تجميعها و خصمها مالم تكن بعذر بينما زملائنا في نفس الوزارة و القسم ممن هم ليسو على نظام النوبات فلهم أن يتأخروا حتى 15 دقيقة...لا اعلم مالسبب؟!

اقرأ ايضاً