العدد 5210 - الأحد 11 ديسمبر 2016م الموافق 11 ربيع الاول 1438هـ

أحوال الأمة الإسلامية في الذكرى الشريفة لمولد نبيها المصطفى (ص)

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في ذكرى مولد خاتم الأنبياء والمرسلين وأشرف خلق من الأولين والآخرين، محمد بن عبدالله (ص)، يشرفنا أن نرسل خطاباً مفتوحاً إلى مقامه الشريف، نقول فيه، يا سيدنا ومولانا ومقتدانا وقدوتنا الحسنة في دنيانا وشفيعنا في آخرتنا يا رسول الله (ص)، نعتذر إليك في شهر مولدك الميمون شهر ربيع الأول، عن عدم القيام بالواجب الأخلاقي والإحتفال والإحتفاء بمولدك الطاهر كما يجب، لكثرة البلايا والمصائب والنكبات التي صنعها البعض القليل من أبناء أمتك، التي كنت يا رسول الله (ص) تريد لها أن تكون خير أمة أخرجت للناس، في كل المجالات العلمية والعملية والأخلاقية والإنسانية.

فكنت تطلب منهم التكاثر والتناسل، لتباهي بهم الأمم يوم القيامة، سيدنا لم يكن البعض يروق لهم اعتصام أمتك بحبل الله المتين، فراحوا يحيكون في الظلام الخطط الشيطانية لإثارة الفتن في أوساط أمتك، وليشيعوا القتل والذبح والتشريد على الهوية ، ويعملون بكل الوسائل المتاحة لهم، لتخريب وتدمير الحضارات الإنسانية، وينسبون إليك يا سيدنا زوراً وبهاتاً، كل تلك الأعمال الشنيعة المنافية لأبسط المبادئ التي قدمت من أجل كل غال ونفيس، لقد جعلوا الأمم الأخرى تتكالب على أمتك، كما قلت ياسيدنا، يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، وعندما سئلت، ومن قلة نحن يومئذ، قلت بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله من قلوبكم الوهن.

يا سيدنا هذه أمتك في وقتنا الحاضر أوصلت حالها إلى الحال الذي نبأت عنه قبل أكثر من 14 قرناً، البعض من أبنائها يتعاونون على الأثم والعدوان، لتشويه سمعة إسلامهم في أعين غير المسلمين، ولإضعاف أمتهم في كل المواقع السياسية والإقتصادية والإنسانية والأمنية، فلم تعد كلمتها ياسيدي مسموعة في المحافل الدولية ، حتى أصبحت يا سيدنا بضعة ملايين من الصهاينة يتحدون كثرتها ولم يكترثوا بعددها وعدتها، لم يمر على أمتك يا سيدنا زمان قاس كالذي تمر به في هذا الزمان الكئيب، كل يوم ياسيدنا يأتي على أمتك يكون أقسى وأعنف من سابقه، نعلم يا سيدنا أن حال أمتك المأسوي يدمي قلبك ويدمع عينك، ولكن ليس لنا بداً إلا نشكو حال أمتك لك سيدنا، لعل وعسى أن يتفضل عليها ربك بنعمة الأمن والآمان والسلام، ويمن عليها بإصلاح نفسها وهداية غيرها، وتكون كما كنت تريد لها، متوحدة في كلمتها ومواقفها الخيّرة، وملتحمة تحت راية الإسلام الحنيف، ورائدة في الرحمة والرأفة والأخلاق والعلم النافع، ومنفتحة على كل الحضارات الإنسانية لتأخذ منها العبر، وتتعامل مع خلق الله كما قال تلميذك وباب مدينة علمك، الإمام علي بن أبي طالب (ع)، في عهده لواليه في مصر، مالك الأشتر النخعي (رض)، وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم واللطف بهم، وفي مقطع آخر قال له (إما أخ لك في الدين ، وإما نظير لك في الخلق).

هذا العهد جعل الأمين العام للأمم المتحدة السابق، كوفي عنان ينادي بأن تدرس الأجهزة الحقوقية والقانونية عهد الإمام لمالك الأشتر، وترشيحه لكي يكون أحد مصادر التشريع للقانون الدولي، وبعد سنتين من النقاش والتداول في الأمم المتحدة صوّتت غالبية دول العالم على كون عهد الإمام علي (ع) لمالك الأشتر كأحد مصادر التشريع للقانون الدولي، لكونه من أوائل الرسائل الحقوقية، التي تحدد الحقوق والواجبات الإنسانية والسياسية والاقتصادية، يا سيدنا يا رسول الله البعض القليل من أمتك جعلوا البطش بإخوانهم في الدين ونظائرهم في الإنسانية قربة لله تعالى، وقد أفهموا يا سيدنا الشعوب الغربية، عملياً وإعلامياً وبمختلف وسائط التواصل الإجتماعي، أن إرهاب الناس الذين يختلفون معهم في المشارب الإعتقادية والفقهية والأخلاقية وقتلهم وذبحهم من أبرز الأعمال الممدوحة في الإسلام، والتي بسببها يدخل المسلم إلى الجنة من أوسع أبوابها، ويكون في المقام المحمود، مع الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء، هذا ما جعل الكثير من الدول والشعوب الأوروبية أن تتخذ الإجراءات الإحترازية، من أجل حماية نفسها من الفكر الإسلامي، وهذا ما شجع بعض الأطراف المعادية للإسلام في أميركا وأوروبا استغلال الفرصة للمطالبة بالتضييق والإعتداء على المسلمين في دولها.

يا سيد الخلق وأشرفهم، فإن أوضاع وأحوال أمتك لا تسرك، لقد أجهضتها الفتن وكثرة الاقتتال، حتى أصبحت لا حول لها ولا قوة في الكثير من الميادين الدولية، كل ما نتمناه لأمتنا الإسلامية أن تدرس سيرة نبيها المصطفى (ص) دراسة حقيقية ومعمقة، وأن تأخذ منها العبرة والرحمة، لكي تكون كريمة وعزيزة وفاضلة ورائدة في كل الاتجاهات، كما أراد لها (ص)، وهذا التمني لا يتحقق إلا إذا ما غيّروا من أنفسهم، تغييراً حقيقياً، قال تعالى «إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم» -( سورة الرعد آية رقم 11).

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5210 - الأحد 11 ديسمبر 2016م الموافق 11 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً