العدد 5228 - الخميس 29 ديسمبر 2016م الموافق 29 ربيع الاول 1438هـ

الثورة السورية

شفيق الغبرا comments [at] alwasatnews.com

مكونات الاستمرار وتناقضات الحالة الإقليمية الدولية... ما وقع منذ 2011 حتى لحظة سقوط حلب الشرقية سيبقي الكتلة السورية الأكبر من السكان، والتي عانت من التشرد واللجوء وحرب النظام ضد الشعب، مؤمنة بحقوقها كاملة غير منقوصة. إن نزاع النظام السوري مع غالبية السكان في سورية سيترجم من قبله لتغيرات ديمغرافية وحالة من الفصل والاعتماد المبالغ به على القوى الخارجية. بنفس الوقت ستستمر الكتلة الأكبر من السوريين في سعيها لتحقيق العودة والكرامة والأمن وخضوع النظام السوري لآليات المساءلة وخروج الأسد من السلطة. هذه الأهداف لن تتحقق في المدى المنظور؛ وذلك بسبب سياسة النظام من جهة وبسبب دعم روسيا بوتين له، وبسبب سيطرة ميلشياته وميلشيات الداعمين الإيرانيين على الكثير من ساحات الحرب.

لهذا فإن كل استسلام أمام النظام سيعني عمليا القبول بنظام سوري ضعيف مرتبط بالخارج. هذا بحد ذاته انقلاب استراتيجي كبير من الصعب استمراره موضوعيا في السنة والسنتين المقبلتين. من المنطقي إذاً الاستنتاج بأن الظروف ستدفع لصالح استمرار الثورة السورية. فالسيناريو الأكثر منطقية في سورية مرتبط بإمكانية نشوء وضع أكثر تعقيدا من العراق بعد 2003. الحرب في سورية لم تصل بعد للنهاية، وهي في مكان ما في منتصف الطريق وما وقع في حلب سيؤدي لمعارضة مختلفة أكثر قوة وتنظيما واستقلالية.

لهذا فالمعارضة السياسية والمسلحة لن تختفي من المشهد؛ وذلك لأن الظروف التي أنتجتها مازالت قائمة. لكنها بحاجة لنقد تجربتها، وللسعي للاندماج بين فصائلها، وهي أيضا مضطرة لتأمين مصادر مالية مستقلة عن الداعمين. إن بناء وحدة بين «حركة أحرار الشام» و»جبهة فتح الشام» سيقدم زخما جديدا لمشروع المعارضة، فهو سيجمع قوى إسلامية ذات فاعلية كبيرة على الأرض. الاندماج قد يضع المعارضة المسلحة في خانة تهم الإرهاب؛ بسبب علاقات فتح الشام (النصرة سابقا) بـ»القاعدة». لكن بعد حلب ستتحول أطراف أكبر من المعارضة المسلحة لمزيد من الحزم والراديكالية في رؤيتها وتوجهاتها تجاه القضية السورية، وهي بالتالي لن تهتم كثيرا لتهم الإرهاب، طالما أنها لا تمارس عنفا خارج الأراضي السورية.

في الجوهر فعنف المعارضة السورية يبدو صغيرا نسبة لعنف النظام والميلشيات المتحالفة معه. وقد يكون من نتائج التصورات الجديدة أن تتفادى المعارضة خوض معارك مسلحة مع الأكراد، ومع «داعش» لصالح أطراف دولية أميركية وتركية. فالمعارضة السورية بحاجة لتكثيف قوتها في مواجهة النظام وحلفائه. هذا يعني بأن الشخصية المستقلة للمعارضة السورية قد تتطور من جراء ما وقع في حلب، ومن جراء إمكانية نزول قطاعات من المعارضة تحت الأرض، واتباع وسائل حرب عصابات في ظل حراك شعبي طويل المدى.

سيبقى السؤال مفتوحا بشأن حدود الدعم التركي للمعارضة، فتركيا ربما تخلت عن حلب لصالح صفقة مع روسيا، ولصالح قتالها الموجه ضد الأكراد والدولة الإسلامية، لكنها مازالت تريد سقوط نظام الأسد. لقد اعتبرت تركيا بأن الانسحاب الأميركي من الإقليم تركها مكشوفة الظهر من أكثر من جهة، كما أن موقفها من روسيا مرتبط بالانقلاب الذي كاد أن يطيح بحكومة أردوغان المنتخبة في الصيف الماضي، كما أن الوضع الداخلي التركي الكردي والتركي التركي قلق للغاية. كما أن موقف الولايات المتحدة وموقف الناتو من الانقلاب التركي لم يكن كما تتوقع تركيا ما دفعها للتحليق باتجاه روسيا. وقد تكون علاقة تركيا بروسيا مرحلية ومؤقتة، وهي كذلك على الغالب، فالعلاقة الروسية التركية ستكون مرهونة بسياسات الرئيس الأميركي ترامب تجاه سورية وإيران وروسيا وتركيا وتجاه الدور الأميركي في الشرق الأوسط. هذه الصورة لن تنضج قبل أواخر 2017 وبدايات 2018. وستكتشف تركيا بأنها دفعت ثمنا مضاعفا من جراء سقوط حلب، لكن ذلك ربما قدم لها غطاء كانت تفتقده، في النهاية ستضطر تركيا للدخول في عمق النزاع السوري الإقليمي. يبدو كل ما يقع على الحدود التركية تسخين لحرب أكبر.

في المرحلة القادمة ستخضع سورية لحرب تحرير معقدة ضد النظام وضد القوى الإيرانية والروسية الداعمة له والساعية لحسم معركة سورية ضد الشعب ولصالح نظام لا يمتلك إلا القليل من المكانة الدولية والشرعية الداخلية. ستكون سورية عصية على الهضم طوال العام 2017 وستستمر وجوديا في قلب العاصفة العربية- الإقليمية- العالمية.

إقرأ أيضا لـ "شفيق الغبرا"

العدد 5228 - الخميس 29 ديسمبر 2016م الموافق 29 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 24 | 4:01 م

      ماذا نفعل نحن السوريون بلانا الله بهذا النظام وهو يفتخر بالطائرات الروسية تقصف أطفال سوريا وقراها ومدنها وبموافقه أميركية وإسرائيلية.
      خرج الشعب السوري مطالبا بالحرية من أجهزة المخابرات ولم يجد من معين الا بعض البواريد البسيطه.
      تعالوا يااخوتي السوريون ندعوا الى انتخابات نزيهة وحلال علي بيربح 51% لمدة خمس سنوات.
      أي التناوب السلمي على السلطه .
      تحيا سوريا الوطن بكل مكوناتها من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب . فهل من مجيب ???????

    • زائر 23 | 2:47 م

      ماذا سيحدث لو انهارت الدولة السورية ؟ ماذا يحل محل عبارة (على الأسد ان يرحل) ؟ على داعش ان تأتي

    • زائر 21 | 10:15 م

      ... نحن مع حق الشعب السوري في تقرير مصيره وهذا لا جدال فيه، إلا ان ما يحدث في سوريا هو لعبة دولية لتفتيت الدولة وتدمير البنية التحتية، وحرب بكل ما تعني الكلمه.

    • زائر 19 | 9:57 ص

      سماحة بشار صمد 6سنوات امام عاصفة الإرهاب والتكفير وامام مجموعة دول عربية وغربية منها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل واعداء الداخل في حرب عالمية بالوكالة وانتصر في حلب مع حلفاء صادقون وان كانت لهم ماارب مهما تكن هو لم يهرب لم يترك الوطن حافظ عليه هو بهذا سماحة بشار الأسد ولو لم يعينوا الإرهاب لقدر عليه لوحده وبجيشه بشار امة في فرد الرئيس الرمز الأوحد في الوطن العربي يحل محل جمال عبد الناصر بلا منازع ومن المع قادة العالم

    • زائر 17 | 6:14 ص

      آخر زمن الإرهابي الي يحمل سلاح ضد الحكومة صار ثائر؟!!

    • زائر 15 | 5:25 ص

      يا اخي فيق من سباتك نحن فعلا صدقنا هناك ثورات في العالم العربي ... ولكن الفضائيات العربيه الكادبه شوهت هادا الحراك السلمي في بعض البلدان دهبت وصفتها بالثوره وبعض وصفتها الخروج علي ولئ الامر بعض الدول جائز رفع السلاح في وجهه الجيش و الدوله وفي بعض الدول حرام التعبير والظهور في مسيرات سلميه لمطالبه بالحقوق الشرعيه فتحرير حلب اليوم غير حلب الامس لقد سقطت كبار الاصنام واحد تلو الاخر سوريا داهبه الي مصالحات جذيه ومصير الاسد يقرره شرفاء سوريا وليس علب مغلفه تباع من الخارج ...

    • زائر 14 | 5:20 ص

      النظام السوري له أخطائه وهو ليس بملاك وللشعب السوري الحق في تقرير مصيره كباقي الشعوب وان يحكمه فلان او علان لكن للاسف المطالب الحقة للسوريين ذهبت أدراج الرياح بسبب عسكرة الثورة وأشياء أخرى.
      للاسف ضيعتم ثورتكم بعسكرتها والاسد أصبح للكثيرين اقل سوء من التكفيريين.

    • زائر 12 | 4:22 ص

      كلما قرأت تحليلاتك انصدم من كونك... كيف تسمي ما يجري في سوريا ثورة ان من يحمل السلاح على دولته هل هو معارض او ثائر من يأتي من الخارج ويوجه سلاحه على الدولة هل هو ثائر؟ماذا تريد من سوريا ان تقف ترحب بمن يرفع السلاح ان بشار في نظري بطل عالمي استطاع ان يحافظ على الدولة امام حرب كونية هو رجل اسطوري

    • زائر 16 زائر 12 | 6:08 ص

      لا يوجد شيء أسمه معارضة مسلحة عندما تحمل السلاح تتحول إلى تمرد وعندما ترتكب جرائم بحق الشعب تتحول إلى إرهاب، أي إما أن تكون تمرد أو إرهاب. يحق للدولة قمعه وفق القانون الإنساني الدولي.

    • زائر 11 | 4:12 ص

      انت تقول حرب النظام ضد الشعب الحكومة السورية لم تحارب الشعب انها تحارب الإرهاب سواء كان من سوريا او من خارجها ان كانت ثورة فلماذا نرى الدعم لها من الخارج بالمال والسلاح انفقت مليارات لسقوط بشار وحكومته من العرب وامريكا وبريطانيا تمدهم بالسلاح باموال العرب

    • زائر 10 | 4:04 ص

      الميه تكذب الغطاس : كلامك توقعات وتحليلات قد يكون وقد لا يكون -وهم- اسميتها ثورة والثورة من الشعب فهل هي من الشعب ؟ 93تسعين دولة اقبل منها الإرهابيين فهل هذا الشعب السوري انت تدعي ان الشعب سيستمر في ثورته فهل هناك استفتاء ان الشعب لا يريد حكومته الحالية بقيادة بشار ؟ الشعب لوخير بين حكومته الحالية وبين هذه الثورة المدعومة من كل إرهابي هنا وهناك لاختار بشار وخكومته يقينا

    • زائر 8 | 1:47 ص

      ثورة الشيشان والقوقاز والجهلة الأشبه بالبدو نصرة دواعش .... وتقولي دولة اسلامية

    • زائر 6 | 11:39 م

      أعجبني تصريح وزير الخارجية الجزائري عن تحرير حلب الذي اغضب ما يسمى "المعارضة السورية"،
      نحن مع حكومة الدكتور بشار الأسد الشرعية في سوريا، الأوهام لن تصنع نصراً للإرهابيين والعملاء.

    • زائر 5 | 11:18 م

      احلم يابابا احلم

    • زائر 4 | 11:09 م

      الكاتب يصف داعش بـ"الدولة الإسلامية"، هل هو داعشي؟!! ويحاول بهاذا المقال الخيالي الذي لا يصلح لقصة أطفال قبل النوم، تلميع صورة الفصائل الإرهابية بشتى السبل بما لم تفعله حتى المعارضات السورية! وأقول له ياخي أهتم ببلدك أحسن وأبرك لك حتى لو ضدنا ماعليه بس مو تدعم الإرهاب.

    • زائر 3 | 11:08 م

      كل الشعوب تتوق للحرية والكرامة والحرية .. والخطأ الذي وقع فيه السوريون الثائرون ان جعلوا ا..لتنظيمات الارهابية حلفائهم ..فشوهت هذه التنظيمات التكفيريه فكرة الثورة السورية و واقع الحال يقول لا بد من وقف هذه الثورة الآن وبعد 5 او 10 سنوات نفكر بثورة حقيقية للاصلاح وليست بوجوه هذه الفئات التكفيرية

    • زائر 20 زائر 3 | 5:01 م

      علم النفس الاجتماعي يقر بانه لا يمكن للفرد الخروج من جلده أبدا مهما ادعي العلم و التفكير و الحيادية.
      لا يوجد شخص يتمكن من إصدار حكم خارج إطار ما ادخل في مخه منذ الولادة.
      لذلك يجب قراءة اي مقال كفكرة صادرة من اتجاه معين و ليس غير ذلك.
      بمعني اخر لا تتوقع ان يكون الكاتب كما تريد. او يكتب خارج إطاره الفكري.

    • زائر 2 | 10:56 م

      غريب جدا أن يكون كاتب بحجم شفيق الغبرا مازال متيقنا أن ما يسمى الثورة السورية هي فعلا ثورة تجمع أهل سوريا ، ألا ترى الجحافل القادمة من الشيشان والصين والأمريكان والترك والأفغان والخليجين وكل بقاع الأرض ومن ورائهم إسرائيل قدموا ليهدموا سوريا العظيمة سوريا التاريخ والتراث وليس لتغيير النظام أو نشر الديمقراطية ، غريب أمرك يا غبرا، أين قيادة ما يسمى بالثورة السورية؟ إنهم في دبي وباريس ولندن يتمتعون بالأموال المرسلة لهم من... لدعم ثورتهم ، إنهم تجار حرب وليسوا ثوار سوريين.

    • زائر 1 | 10:04 م

      مقال من نسج الخيال ومبني على تنبؤات ولايحكي الواقع الميداني ولا الدولي والبدء في التطبيع مع سوريا من دول عربية او اوربيه لو فازت هيلاري سيصبح قليل منه لكن مع فوز ترامب وحزم الروس وحلفاء الاسد سوريا سوف تتظف حفلتها

    • زائر 18 زائر 1 | 6:36 ص

      الكاتب يرى أن ما يجري في سوريا ثورة تقودها تركيا وداعش والنصرة أي ثورة هذه وأي مثقفين أنتم الذين تدعمون شذاذ الافاق وقتلة العباد والبلاد ثم هل لتركيا الحق بالدخول لسوريا وحرام على روسيا وإيران أين المنطق

اقرأ ايضاً