العدد 534 - السبت 21 فبراير 2004م الموافق 29 ذي الحجة 1424هـ

الهجمات الانتحارية تنبع من «استراتيجية الترويع والتفريق»

بعد مقتل العراقيين في هجوم انتحاري على البولنديين

تتواصل دورة العنف في العراق مع استمرار الهجمات الانتحارية لتحصد مزيدا من أرواح العراقيين المدنيين وتضع مستقبل العراق على مفترق طرق. وكان يوم الثلثاء الماضي قد شهد إضافة جديدة لهذه الهجمات الانتحارية التي استهدفت هذه المرة قاعدة تمويل وامداد للقوات البولندية التي تقود القوات المتعددة الجنسية في محور وسط جنوب البلاد والتي تتخذ من منطقة بابل الاثرية الى الجنوب من بغداد مركزا رئيسيا لها. اذ تسببت شاحنتان مفخختان في مقتل 11 عراقيا واصابة 44 مدنيا آخرين بجروح فضلا عن اصابة 58 جنديا من قوات التحالف بينهم جنود بولنديون ومجريون وأميركيون.

وكانت الايام الماضية قد شهدت اتساعا في الهجمات الانتحارية. وتقول سلطة التحالف في العراق من ان الهجمات الانتحارية انما تقوم بها عناصر ارهابية تستهدف تخريب انتقال العراق الى الديمقراطية، ولكن واشنطن الماضية في حربها على الارهاب سترد بالاصرار على احلال الديمقراطية، وبالتالي ستعمل على نقل السلطة الى العراقيين بحلول الثلاثين من يونيو/حزيران المقبل.

ولكن الشيء المؤكد ان سلسلة التفجيرات الانتحارية التي يذهب ضحيتها عدد اكبر من المدنيين تدخل العراق ومهمة واشنطن فيه الى منعطفها المميت. ليس بسبب ان هذه التفجيرات ستؤخر الانتقال السياسي للبلاد، لكون المؤسسات العراقية الوليدة مازالت غير قادرة على تحمل المزيد من المسئولية من أجل تأمين سلامة استقرار البلد والاعتماد بصورة اقل على الاميركيين، وبالتالي فانه في ظل تصاعد هذه الهجمات الانتحارية يتوجب على الولايات المتحدة اما ان تبقي سيطرتها على البلاد لفترة اطول - او مواجهة احتمال غرق العراق في حرب اهلية فالهجمات الانتحارية خططت ليس فقط من اجل تحويل العراقيين ليس فقط ضد المحتلين الاميركيين وانما ايضا ضد بعضهم بعضا.

والواضح بالنسبة إلى المراقبين ان الهجمات الانتحارية تنبع من «استراتيجية الترويع والتفريق»، إذ انها تؤدي الى تحويل المدنيين، الغاضبين اصلا من الاحتلال، الى معارضين ايضا ضد مؤسسات نقل السلطة، فضلا عما تتسبب به هذه التفجيرات من اتساع الهوة بين الولايات المتحدة والشعب العراقي، فإنها ايضا تزيل الثقة المهزوزة بين الشعب والطبقة الحاكمة الجديدة التي وفدت مع الاحتلال او بزغت في ظله.

فالعراقيون لم يألفوا هذا الوضع الامني غير المستقر سابقا، وهم مع استمرار هذه التفجيرات الانتحارية باتوا يشعرون ان الاحتلال قد حول بلدهم الى ساحة رئيسية الى ما يسميه الحرب على الارهاب، وان كلفة هذه الحرب بات العراقيون انفسهم يدفعونها... فقد قتل أكثر من 10 آلاف مدني حتى الآن، كثير منهم نساء وأطفال في الحرب على العراق منذ بداية الحرب في العام الماضي وحتى الآن.

هذا وبالاضافة الى الهجوم في الحلة فقد أعلن متحدث باسم الجيش الاميركي عن مقتل ثلاثة عراقيين من بينهم طفل يبلغ من العمر عشر سنوات في تكريت عندما سقطت قذيفة هاون أطلقتها القوات الأميركية في حديقة منزل بالقرب من قاعدة أميركية رئيسية في المدينة.

وقال متحدث: إن العراقيين الثلاثة قتلوا أثناء عمليات تبادل لإطلاق النيران عبر نهر دجلة عقب هجمات وقعت أخيرا واستهدفت القاعدة الأميركية.

وجاء الهجوم الانتحاري في الحلة بعد ساعات من نشر الجيش الأميركي قائمة بأسماء من يعتقد أنهم يقودون العمليات المسلحة في العراق.

وتضم القائمة 32 شخصا من بينهم زعماء خلايا وأعضاء سابقون في نظام صدام حسين يشتبه في أنهم يساعدون في تنظيم الهجمات.

وعلى قمة اللائحة محمد يونس الأحمد وهو مسئول بارز سابق في حزب البعث وأعلن الجيش الأميركي عن مكافأة قدرها مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تقود لاعتقاله.

كما أعلن الجيش عن مكافآت تتراوح قيمتها بين 50 ألف دولار و200 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض على الآخرين.

ووصف الجنرال مارك كيميت نائب قائد عمليات قوات التحالف في العراق الأحمد بأنه مسئول في النظام السابق يشتبه في أن له «نشاطات كبيرة مناهضة للتحالف».

وأضاف: «لدينا ما يدعونا للاعتقاد بأنه يدير خلايا في أجزاء معينة من البلاد».

وقال الجنرال كيميت للصحافيين: إن الجيش وضع القائمة بعد أن تلقى معلومات توضح البناء الهيكلي للعمليات المسلحة.

وأكد أن القائمة لا تعني أن الجيش يعتقد أن العمليات المسلحة يتم تنظيمها من قبل سلطة مركزية. وأضاف: «لم نر قيادة مركزية قوية أو نظام تحكم قوي. إنها مثل سلسلة من الخلايا يوجد بينها صلات فضفاضة»

العدد 534 - السبت 21 فبراير 2004م الموافق 29 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً