العدد 5344 - الإثنين 24 أبريل 2017م الموافق 27 رجب 1438هـ

إدخال السرور بمسائل المرور

وسام السبع wesam.alsebea [at] alwasatnews.com

بالإذن من صاحب كتاب (قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور) أبي إسحاق إبراهيم بن القاسم المعروف بالرقيق النديم (ت 425هـ) الذي يدل اسم كتابه على موضوعه، استوحينا من كتابه ما يُلائم وضعنا الحالي، فالبحرينيون هذه الأيام سُكارى وما هُم بسكارى، فالقانون الجديد للمرور تصدّر لائحة الاهتمامات لما له من صلة بجيوبهم ووضعهم المعيشي في وقت صار على الجميع أن يشدّ الأحزمة، وينتهج أسلوباً تقشفياً لمواجهة الأعباء المتصاعدة والغلاء الفاحش، مضافاً إليه هذه المرة أجهزة الرصد الذكية التي تسمع دبيب النملة وتتعقب حركة القملة.

الفترة الأخيرة شهدت تبادلاً ملحوظاً في وسائل التواصل الاجتماعية لأسابيع خلت لنكاتٍ وتعليقاتٍ ساخرة تدور بشأن قانون المرور الجديد الذي دخل حيز التنفيذ منذ مطلع العام الماضي، والأنظمة الذكية لرصد مخالفات السرعة، وتجاوز الإشارة الضوئية والمخالفات الباهظة التي قد يُفاجأ بها المواطنون عند مراجعتهم لإدارة المرور بدون سابق تنبيه وإعلام. مبالغ خيالية لمخالفات قد تؤدّي لذبحة صدرية مفاجئة لذوي الدخل المحدود وما أكثرهم.

أحد الأصدقاء أرسل لي قبل أيام عبر الواتس أب صورة كارتونية طريفة لـ «حمار» جديد (2017)، يمتاز بميزات لا تتوافر في غيره، فهو (بدون مخالفات، بدون تأمين، بدون حزام، بدون سيرفس، والأهم: بدون بترول)!

البحرينيون حوّلوا موضوع قانون المرور الجديد لمادة مثيرة للنكتة والتندر، ربما لطرد حالة الكآبة الخانقة التي يعيشونها سلفاً، وهي سجية الشعوب التي لا تملك حقها الكامل في الكلام والاعتراض، فتلجأ غالباً إلى الرمز والنكتة لتمرير رسائلها الساخرة وتنفس عن احتقاناتها المكبوتة، فهناك نكتة تأتي في صيغة نصيحة رجل شهم موجهة للشباب المقبل على الزواج: «عزيزي الشاب... إذا تقدمت حق وحدة جميلة وزينة وبنت أجاويد وأهلها طلبوا منك مهرا قليلا ورخيصا، فلا تستعجل... ترى احتمال انه «فخ» وعليها (البنت) مخالفات بـ 2000 دينار»!

نكتة أخرى بطلتها هذه المرة زوجة تقول لزوجها: عطني 500 دينار.

الزوج: ماعندي من وين أجيب لك 500 دينار؟

الزوجة: وأنت كله ماعندك! والله لا أطلع ساعة بالسيارة وأخلي عليك 1500 دينار مخالفات.

الزوج: قلت لك الحين ما عندي، بروح اسحب من البنك... يعني ما يصير الواحد يتغشمر معاك!

وتستمر معاناة البحريني المسحوق تحت وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف المعيشة، هنا يذهب بحريني إلى «عرّافة» ليسألها عن مستقبله، فقالت له العرافة: ستمر عليك أول سنتين تعاسة وفقر وجوع وقلة حظ ونحس ومخالفات مرورية وديون متراكمة!

فيقول لها مستسلماً: أوكي، وبعدين؟

فترد عليه العرّافة: خلاص... وبعدين بتتعود!

في السياق نفسه، تأتي طرفة أخرى تخاطب فيها الزوجة زوجها: بتروح تشتري عشا والا أخبر المرور أن سيارتك مو مسجلة ولا «مبيمة»؟

فيرد الزوج: سويها وبحط صورتك في الإنستغرام وبكتب شنطتها الشانيل من سوق واقف!

الجدل الشعبي كبير بشأن هذا الموضوع، غير أن ما أعلنته الإدارة العامة للمرور عن انخفاض الحوادث المرورية التي ينتج عنها حالات وفاة خلال العام الماضي 2016 بنسبة تصل إلى 40 في المئة مقارنة بالعام 2015، قد لا يكون كافياً لإقناع المواطنين بأن خلف كل هذه التدابير الحرص على سلامة المواطن... المواطن فقط ولاشيء غير ذلك.

مدير الإدارة العامة للمرور العقيد الشيخ عبدالرحمن بن عبدالوهاب آل خليفة، كان قد ذكر أن عدد الحوادث التي نتج عنها وفيات قد بلغت في العام الماضي 47 حادثا، في حين كانت قد بلغت في العام 2015 نحو 76 حادثا. قال أيضاً أن تطبيق قانون المرور الجديد الذي دخل حيز التنفيذ منذ مطلع العام الماضي قد أسهم في تحقيق هذه النسبة.

لا نشكك أبداً في الجهود المشكورة التي يقوم بها رجال المرور وكل منتسبي الإدارة العامة للمرور في القيام بمسئوليتهم في مواجهة الاختناقات المرورية اليومية في بلد صغير عدد المركبات فيه يتضاعف بشكل مخيف وبإيقاع أسرع بكثير من مقدرة البلد على تحملها، غير أن المطلوب معالجة أكثر واقعية للمخالفات المرورية من حيث «القيمة» وآليات التواصل «الفوري» مع المخالفين وإعلامهم بنوع وقيمة المخالفة المترتبة عليهم، مطلوب معالجة تُرسخ القناعة والاطمئنان لدى المواطن، بأن روحه وكرامته فعلاً غالية وأنه فعلاً «مَحميّ» وليس «مُستهدفا».

إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"

العدد 5344 - الإثنين 24 أبريل 2017م الموافق 27 رجب 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:00 ص

      ولا مئة سنة قدام نقتنع ان سلامة مستخدمي الطرق مهمة عندهم اني أشوف كل النخيل وأعمدة الانارة في الشوارع كيمرات

    • زائر 3 | 1:44 ص

      المرور يبي افلوسنا مو ابسلامتنا

اقرأ ايضاً