العدد 5346 - الأربعاء 26 أبريل 2017م الموافق 29 رجب 1438هـ

العمالة المنزلية واستغلال شركات الاستقدام للكسب المادي على حساب المواطنين

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عذراً عن متابعة الشئون الطبية اليوم لعدم اكتمال البيانات في مضمار اختفاء جمعية أطباء الأسنان على رغم أنها مازالت قائمة قانونياً، واخترت موضوعاً آنيّاً شُغلت به، ويعاني الكثيرون منه ومن واقع حياتنا اليومية والبيتية من شئون (العمالة المنزلية واستغلال شركات الاستقدام للكفلاء)، والتي تكون مواضيع خصبة في الغالب لأحاديث السمر والصبحيات لربات البيوت.

ولقد تصادف أن تعرضت إحدى قريباتي لقصصٍ ومشاكلٍ مُتكررة مع أحد مكاتب الاستقدام، على رغم تحرجي من الخوض في مثل هذه المواضيع الملوثة والمليئة بالمؤامرات والحيل من بعض الشركات الخدماتية للمساعدة المنزلية أو لرعاية مريض أو شخص كبير في السن أو للأطفال، والتي شعرت بالشفقة عليها لما فيها من تأثيرات نفسية وقلق ومعاناةٍ، وقررت أن أضع اهتمامي على بعض النقاط التالية، علَّه ُيثير انتباه الجهات المسئولة جزاها الله خيراً لما يجري في الدكاكين الغامضة لاصطياد احتياجات الناس المُلحة، وعلَّها تتحرك إيجاباً لحمايتهم من شر تلاعبها بالذمم الإنسانية، ورجوع الرقيق وعهوده للمتاجرة!

ودعوني أحكي لكم بعضاً من هذه الحكايات، وصدقوني أنها حوادث واقعية وليست من وحي خيالي، وتبدأ بعد أن فاجأتها العاملة المنزلية التي دفع الكفيل (زوجها) للشركه 1300 دينار علاوة على 200 دينار أخرى لزوم الفيزا والإقامة والكشف الطبي يعني (1500) دينار وليس دولاراً بالتمام والكمال للاهتمام بوالدته ومساعدة زوجته في شئون المنزل، وبمجرد انتهاء فترة التجربة (الثلاثة شهور) فاجأتهم صباحاً بأن والدتها قد توفيت بالأمس، وبدأت عاملة المنزل بالنواح والصريخ وشد الشعر كتعبيرٍ عن الحزن، ولم تعرف حينها السيدة ما تقوله وكيف تتصرف؟

وقام زوجها بأخذها للمركز وبإعطائها حقنة مهدئة، وطلبوا منها الجلوس في حجرتها لحين التصرف بما يعتقدونه مناسباً، وطلبت أن ترحل لعزاء والدتها، ولكن الزوج كان رافضاً تماماً للفكرة وأصر أن تدفع له المصاريف كافة التي (لم ينشف حبرها بعد) وأن راتبها بُعث أولاً بأول يعني (باتت خالية الوفاض)، وعادت لتعمل وببطء مُدعية الحزن والكآبة في المنزل لتعاود بعد يومين تماماً بأن والدها توفي أيضاً، وعادت لللطم والنحيب، حينها تأكد للعائلة أن هذه السيدة تكذب وأنها تتحايل؛ لكي تفتعل كل الأعذار لترحل، ويبدو أن ما قبضته من الراتب (360 ديناراً) للثلاثة أشهر، (نسيت أن أخبركم بأنها عملت في منازل أخرى خمسة أشهر أيضاً كافية لسد حاجتها، وهي تخطط وبغباء للعودة إلى بلادها).

وبذلك تخسر كل البيوت التي تركتها بعد ثلاثة أشهر المبالغ التي دفعتها لعاملة المنزل كعقدٍ لمدة سنتين، وفي حال إذا لم يرغب الكفيل بصرف تذكرة العودة لها يُعيدها للشركة كي يتخلص منها!

ويبقى المستفيد صاحب الشركة الذي يعاود تأجيرها من جديد إلى كفيلِ آخر... وهكذا تستمر التجارة وعملية الابتزاز لمن يقع في الفخ، ويبدو أن الشركة قد حددت البعض من هؤلاء (كالدجاجة التي تبيض ذهباً) وهي إحدى الطرق للنصب والاحتيال من الشركات بالاتفاق مع عاملات المنزل على الكفلاء، ولابد لهن بعض النصيب، المهم وقبل أن أتعرف نتيجة كل تلك الأكاذيب البائنة، اتصلت بي إحدى صديقاتي على إثر ما سمعته عن قريبتي، وبأنني في صدد أن أكتب عن مشكلتها وأضافت لي قصة أخرى تتلخص بأنها قامت بجلب إحدى عاملات المنزل المُرجَعات من أحد البيوتِ أيضاً من الجنسية والتي ادعت بأنها عملت في بيتٍ واحد ولمدة خمسة أشهر؛ ولكنها لم تكن سعيدة بسبب كثرة الأطفال، وأنها كانت تعمل لساعاتٍ طويلة.

المهم بأن صديقتي صدقت كذبتها وأخذتها، لتكتشف وبمجرد إنهاء الثلاثة أشهر أيضاً، وإرسال رواتبها كافة لبلادها، قررت عاملة المنزل أنها تريد العودة لبلادها، وادعت أنها مجرد زهقانة وحصلت كفايتها من الأموال، وليس ذلك فحسب؛ بل واكتشفوا أنها قد عملت في خمسة بيوت مختلفة قبلاً، وأنها والشركة أخفوا عنها الحقيقة، وبعد تفتيش حقائبها وجدوا أنها سرقت الكثير من موجودات الثياب والاكسسوارات التي ظنتها ذهباً، والمصيبة أيضاً أنه عليهم إرجاعها؛ لأن الشركة غير مستعدة لتعويضهم، وسيخسرون ما دفعوه لها كافة من مصاريف الفيزا والإقامة، وعليهم البدء من جديد إذا ما أرادوا عاملة منزل أخرى.

إن هذه باختصار بعض من القصص المحزنة والتي أرويها وفي حلقي غصة على المسئولين في الدولة، من لا ينتبهون لتجديد القرارات في هذه الشركات الخدماتية والتي بالكاد تحمي المواطنين من ألاعيبهم والمستوى المتدني في تعاملاتهم في أخذ 10 في المئة أو 20 في المئة من المبلغ الإجمالي، إذا ما رفضت عاملة المنزل العمل أو رفَضَها الكفيل وللأسباب المتعددة، حتى لأيامٍ معدودة، وكيف أنهم يكذبون ولا يقولون الحقيقة عن أسباب تنَقُّلها ما بين البيوت، والمؤامرات التي تُحاك ضد الكفيل والعذاب والإنهاك، إضافةً إلى الخسائر المادية من كل صوب وحدب، ومن ناحية أخرى المكسب المادي المتضاعف بعد كل انتقال للعاملة، والتي تَصُبُ في جيوب الشركة كاملة ومن دون رقيبٍ أو حسيبٍ لحماية المتضررين من جشع هؤلاء.

وإنني أرى أنه آن الأوان لتصحيح عقود هذه الشركات وعمل بنود واضحة وعادلة تحمي الطرفين في حال عدم التوافق، وأن تُقدم الشركة بيانات واضحة للوزارة المعنية وللكفيل الجديد، وعن كل عاملة منزل في حال الانتقال من منزلِ لآخر، وأن تُعطى التليفونات لتلك الأُسر للاستفسار عن سلوكها وأسباب تركها العمل بذلك البيت، والمدة التي عملت فيها لديهم، وأن تُجبر الوزارة المعنية بأن تضع الشركة ضماناتٍ خاصة لدى الوزارة (كصندوق لعدم صلاحية البعض للعمل في البيوت) لإرجاع من لا يصلحون للعمل في البيوت، وأن يكون على حساب الشركه نفسها، والتي لم تُحسن اختيار العمالة المهاجرة سواء مهنياً أو أخلاقياً، وأن يكون الحد الأقصى لتنقلهم ما بين البيوت هو عدد ثلاثة بيوت فقط، وألَّا يُتركوا للتسلي من بيت لآخر والإنهاك والابتزاز المادي للكفلاء، وألَّا تقف في صف الأضعف (العاملة) فقط والتي قد يستغلونها كأبشع استغلال والنصب من تتصنع المرض أو موت الأقرباء أو الاتهام بالتجويع والضرب للحصول على التعاطف الكاذب.

وكمثل كل الأشياء في هذه الحياة قد يكون هنالك نسبة قليلة من المتضررين من سوء المعاملة قد لا تتجاوز فئة أقلية لا تزيد على 20 في المئة، وألَّا ندع اهتمامنا يتركز عليها وننسى الـ 80 في المئة من الأسوياء المتضررين يومياً من الاحتيال والنصب، وعسى أن تنتبه وزارة العمل لهذا الموضوع الشديد الأهمية للجميع، ومراجعة واستحداث قوانينها لحماية مواطنيها.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 5346 - الأربعاء 26 أبريل 2017م الموافق 29 رجب 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 5:12 م

      السلام عليكم
      انا صاحب مكتب و اكتب لكم لا دفاعا عن المكاتب و لكن اولا الأخت الكاتبة ذكرت انها فاضية و كتبت هذا الموضوع و واضح من الاتهامات الموزعة مجانا انها لم تكلف نفسها و البحث عن ابسط الأشياء و هو العقد الاسترشادي للمكاتب الملزم به من قبل الجهة المختصة و هي هيئة تنظيم سوق العمل
      ثانيا هناك ضمان بنكي قيمته ١٠ الف دينار يدفعا كل مكتب الى الجهة المختصة و من الممكن الى الزبون رفع شكوة و يوجد قسم في الهيئة به موظفون اكفاء ملمين بالقانون يقتصون من المكتب ان كان ناصب على الكفيل

    • زائر 7 | 3:55 م

      خيانة الامانه
      لارم الدوله تتدخل وتضع قوانين صارمه للحماية خاصة الناس اللي عندهم معوقين واطفال وهاي عمل انسانى ومن واجبات الدولة ان لاتتركهم يكسبون من الجهتين بتسخير الخادمة او التآمر معاها على خيانة الكفيل والتنقل

    • زائر 6 | 3:47 م

      اخبار الوزارة
      بس لازم الدوله تحمي المواطن من الحراميه والا الحياة تصبح جحيم والكل ينهب الثاني وياغافل الك الله ولازم تتأكد من تحرك الخادمات في البيوت وان صاحب العمل يبلغ الوزارة كلما انتقلت الخادمة ويذكر فيها اسباب الانتقال وبعد ثلاث بيوت يرجعها لديرتها لانها لاتصلح للعمل وعلى حسابه

    • زائر 5 | 8:54 ص

      القصه الاولى دكتورة نفس قصتي بالضبط ويا مكتب خدم. خدعني المكتب مرتين وأني على نياتي ماكنت أعرف شالسالفه. وبعدها خلاص قلت توبه ما أخلي شغاله تدخل بيتي. الحين صار ليي 15 سنه بدون خدامه ومرتاحه . أجيب خدم اللي يشتغلون بالساعات وقلبي مرتاح بلا مكاتب خدم بلا وجع راس

    • زائر 4 | 8:08 ص

      وللدعارة شئون
      وماخفى كان اعظم تعلمهم الشركه اشلون يهربون وبعدين يشغلونهم في الدعارة

    • زائر 2 | 2:54 ص

      آه لقد ضربت على الوتر الحساس عندي أبناء معاقين وسنويا تجلب خادمة بمبالغ باهظة جداا????????????????????

    • زائر 1 | 12:04 ص

      السلام عليكم...ضربت على الوتر الحساس دكتورة ...من يدخل في دهاليز هذا الموضوع لابد أن يصاب باكتئاب و تعجب لأن كل الأطراف تقف مع العاملة المسكينة و الكفيل ضاعت فلوسك يا صابر ..تعب سنين و لولا الحاجة الماسة لهن لما ادخلتهن بيتي خاصة أن عندي حالة خاصة و تحتاج لرعاية ..جلبت خادمتين واحدة لرعاية ابنتي و الأخرى للشؤون البيت فرت الأولى و وقفت معها سفارتها و جهات داخلية و اضطرينا نستغني عن خدماتها بلا مقابل و هي لم تكمل ما في ذمتها لنا ..و تبعتها الأخرى بطلب إنهاء عملها و لأن لها سلوكيات خطرة سفرها زوجي.

اقرأ ايضاً